الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العيب والحرام: فكي الكماشة!

ماهر رزوق

2020 / 11 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ترتكز المجتمعات العربية على مبدأين أساسيين وهما : «العيب والحرام» ، حيث تقوم بضبط أفعال و رغبات أفرادها وطموحاتهم من خلال السعي الدؤوب إلى زراعة وتنمية هذين المبدأين ، وكذلك التأكد باستمرار من نجاح هذه العمليات وتحصيلها لثمارها ...

العيب _ وميدانه الوسط الاجتماعي ككل _ هو المبدأ الأهم ، لأنه الأكثر تشعباً والأسهل تطبيقاً ، كما أنه قابل بشكل دائم إلى التمدد ليشمل أموراً جديدة .

الحرام _ وميدانه الحصري : الوسط الشخصي _ يأتي في المرتبة الثانية ، لكنه يتجاوز أهمية العيب على المستوى اللاواعي ، فهو يلعب دوراً مهماً في تحديد شخصية الفرد ودائرة معارفه وكيفية تعامله مع الواقع والآخرين!!

غالباً ما يكون الرجال أكثر قدرة على التعايش مع هذين المبدأين واستغلالهما لخدمة مصالحهم ، بعكس النساء اللواتي يقعن ضحية الإيمان الأعمى بهذين المبدأين ، بحكم كونهن أكثر حساسية تجاه مسائل الدين والأخلاق ، لافتقارهن لعامل القوة الجسدية الذي يجعل الحاجة إلى عالم أكثر عدالة وانتظام لديهن أكبر بكثير من الرجال ... لذلك سأركز في تحليلي على النساء دون الرجال ...

قد ترى امرأة تضحي بحريتها الشخصية ، وأحلامها وأبسط رغباتها ، في سبيل الالتزام بمبدأ العيب ، لكنها مع أول إحساس لديها بهشاشة هذا المبدأ ، أو إمكانية التحايل عليه ، فإنها تُقدِم على ذلك بشراهة وعبثية الجائعين ، متجاهلة مبدأ الحرام تماماً ...

كذلك قد ترى امرأة تسعى نحو أحلامها متحدية مبدأ العيب الاجتماعي ولكنها تبقى ضعيفة ومقيدة بالتزامها بمبدأ الحرام الشخصي ، الذي يجعلها تابعة للنظام ككل بشكل لاواعي ، حتى لو كانت تظن على المستوى الواعي ، بأنها تثور عليه !!

ما الذي يجعل بعض الفتيات أكثر قدرة على تجاوز مبدأ الحرام ، عند الإحساس بإمكانية تجاوز مبدأ العيب ، بينما البعض الآخر لا يستطعن تجاوز مبدأ الحرام أبداً ؟؟

الأمر ببساطة يتوقف على علاقة الفتاة بوالديها ، فكلما كانت العلاقة مبنية على الأوامر التعسفية دون تبرير ، كلما كانت الفتاة أقل ثقة بمبدأ الحرام ، و بالعكس أيضاً ، كلما كانت العلاقة مبنية على التبرير والتخويف من الخارج المتوحش _ بحيث تشعر الفتاة أن حضن الأهل برغم ضيق آفاقه ، إلا أنه أكثر أماناً _ كلما كانت هذه الفتاة أكثر ثقة بمبدأ الحرام ...

لنبسط الأمر أكثر : الطفل يثق في عائلته (أمه وأبيه) و بالتالي فهو يصدق كل ما ينقلونه له من اعتقادات وتعاليم (دينية كانت أم اجتماعية) ، وتعتمد قوة ثقته بهذه الاعتقادات على علاقته بهم ، فكلما كانوا أكثر قرباً وأكثر قدرة على تبرير أفعالهم ، كلما زادت ثقته بهم و بالتالي ثقته بتلك التعاليم ... و بالعكس كلما كان الوالدين أكثر قسوة وأقل تبريراً لأفعالهم واعتقاداتهم ، كلما كانت ثقة الطفل أقل بهم وباعتقاداتهم ...

لذلك فإن الفتاة في المجتمع العربي عندما تكبر في كنف عائلة ذات علاقات دافئة (إذا أمكنني القول) ، كلما كانت أقل قدرة على تخطي مبدأي العيب والحرام ، فحتى لو وصلت إلى أعلى درجات الشجاعة لتتمكن من تخطي مبدأ العيب الذي يحكمها من الخارج ، فإنه يستحيل عليها أن تتخطى مبدأ الحرام الذي يحكمها من الداخل !!

#Maher_Razouk
#ماهررزوق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب.. قطط مجمدة في حاوية للقمامة! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. موريتانيا: مع تزايد حضور روسيا بالساحل.. أوكرانيا تفتتح سفار




.. إسرائيل تحذر من تصعيد خطير له -عواقب مدمرة- بسبب -تزايد اعتد


.. هدوء نسبي مع إعلان الجيش الإسرائيلي عن -هدنة تكتيكية- انتقده




.. البيان الختامي لقمة سويسرا يحث على -إشراك جميع الأطراف- لإنه