الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما العمل للأنتقال من ثقافة البداوة الى ثقافة التمدن والتحديث؟

محمد نضال دروزه

2020 / 11 / 6
المجتمع المدني


ما العمل للانتقال من ثقافة البداوة الى ثقافة التمدن والتحديث؟
محمد نضال دروزه.
ما العمل للانتقال من ثقافة البداوة الى ثقافة التمدن والتحديث
الثقافة هي شبكة منظومات القيم والعادات والتقاليد، ومنظومات معرفية ومعلوماتية، تكون ذهنيات أفراد المجتمع.تسيطر على تفكيرهم وسلوكهم، وتحدد مفاهيمهم الشمولية الدالة على نظرتهم إلى الكون والحياة والموت والإنسان، ومهامه وقدراته وحدوده، وما ينبغي أن يعمل وما لا ينبغي أن يعمل. وهي مجموعة من المنظومات المتداخلة يمكن تصنيفها كما يلي:
1. منظومات أساليب التفكير والتمثلات، وتضم مجموع التصورات والرموز التي يستعملها الأفراد والمجموعات داخل ثقافة معينة، للتعرف إلى أنفسهم وإلى بعضهم البعض، وإلى العالم الذي من حولهم، والتي يوظفونها بالتالي في إنتاج المعرفة وإخصابها.
2. منظومات المعايير وتشمل كل ما يتعلق بالقيم الأخلاقية والدينية والجمالية، التي يستند عليها الناس، داخل ثقافة معينة، في الحكم على الأفعال والسلوك.
3. منظومات التعبير، وتشمل الكيفيات المادية والصورية(الرمزية) التي يتم بها الإفصاح عن التصورات والقيم والتعبير عن الإحساسات والأفكار.
4. منظومات العمل، وتشمل الوسائط التقنية التي تمكن من السيطرة بصورة ملائمة، بدرجة ما، على الوسط الذي يعيش فيه الناس داخل ثقافة معينة.
تعرضت الثقافات في المجتمعات الحية،لتغيير جذري متواصل،أدى إلى تطوير العناصر الايجابية فيها، بعد تنقيتها من العناصر السلبية التي رافقتها في أزمنة الانحطاط والسيطرة الخارجية، والأنظمة الاستبدادية، وانتقلت من ثقافة التخلف والفوضى والفساد والإعاقة، الى ثقافة الإحياء والتنمية والتطور.
يتجلى المشهد الثقافي في حياة المجتمع، في الأنساق الثقافية التي تظهر في أساليب العمل والتعامل بين الأفراد، في جميع المؤسسات الحكومية والأهلية، في المدن و الأرياف وفي الإنتاج الاقتصادي والزراعي وفي الإنتاج الفكري العلمي والأدبي والفني في الشعر والغناء والقصص والروايات والمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، في هذا المشهد تبدو بوضوح نوعية القيم والمفاهيم السائدة، ويظهر المستوى التعليمي والثقافي والحضاري للمجتمع.
فإذا كانت المنظومات الثقافية لمجتمع ما غير متجانسة، تكون شبكة الذهنيات بين أفراد هذا المجتمع مهلهلة ومتضاربة.... وتكون ثقافته راكده، وثقافة راكدة، عاجزة عن النمو والتطور مما يجعل أفراده معاقين ثقافيا.فالوضعية الثقافية العامة للعرب والفلسطينيين، ولليسار الديمقراطي والمجتمع المدني، في حالة ضعف وأزمة شاملة، تستدعي أقصى درجة من العقلية النقدية التحليلية، لإبراز عناصر القوة والضعف في داخلها، حيث أنها مازالت تنتج حياة اجتماعية متخلفة، وأجيالا معاقة ثقافيا وحضاريا.
فكيف ظهرت الثقافة العربية وما هي مكوناتها؟
إن الوحدة الجدلية في الحراك الاجتماعي، بين التاريخ والحاضر في المجتمعات العربية، على أراضيها الصحراوية وشبه الصحراوية التي تعاني من ندرة المياه والموارد الطبيعية، كونت المفاهيم والمنظومات الثقافية في واقع الحياة المعاشة.
فقانون الندرة، وعدم قدرة الفرد الحصول على حاجاته إلا بالقليل ولد الخوف وعدم الشعور بالأمان، ففقد العقل قدرته على حب المعرفة والتجريب. فنشأ التكتل القبلي والعشائري، والاستسلام للقضاء والقدر. فتكرست قيم ومفاهيم الجهل والخوف والفقر والخرافة والنفاق والفوضى والفساد، والإتكالية، في البنية الثقافية لهذه التجمعات القبلية المتناثرة المتناحرة الغير مستقرة. هذه البنية الثقافية البدوية، تشد الفرد والجماعة للمحافظة على التقليدي والقديم لسهولته، ونبذ الجديد والتجديد وعدم المغامرة في التغيير لصعوبته، والخوف من خسارة التقليدي والقديم لندرته والتعود عليه، ولشعوره ببعض الأمن والأمان بحوزته.
فاستغلت السلطة الأبوية( القبلية والطائفية) حرص الأغلبية على محاربة التجديد والتطور والتغيير، وسيلة للحكم والتسلط والقمع والاستبداد. بأنظمة سياسية واقتصادية واجتماعية وفكرية قهرية لتدجين الرعية لخدمة مصالح السلطة الحاكمة، فارتمت الرعية في الركود الثقافي، وهي عاجزة عن التخلص من مستنقعات وقيود ثقافة البداوة.
فكلما ظهرت محاولات لاستعمال العقل والعلم والتمدن تكون ثقافة البداوة لها بالمرصاد، تنقض عليها في أقرب فرصة، فتضعف فاعليتها إن لم تقضي عليها. لان قانون الندرة والحاجة يغذي ويقوي ويحرك ثقافة البداوة المدمرة لأي تقدم مدني أو حضاري. فمن أهم مكونات ثقافة البداوة ذهنيات الخوف والعجز والقصور.
وبالتحليل العلمي لأنساق الخطاب الثقافي المتداول، نكتشف أنه مكون من شبكة من ذهنيات الجهل والتخمين، والتردد والكسل والخوف والخرافة. وذهنيات الاضطهاد والاستبداد وذهنيات الفوضى والفساد والنفاق، وذهنيات التبرير والوهم والإتكالية، وذهنيات التطويع والتدجين. وهذه الذهنيات هي أهم مكونات ثقافة البداوة السائدة.
وليس فخرا أن المجتمعات العربية، مجتمعات عاطفية، يحركها انفعال عشوائي أو غوغائي، فهي لم ترب على استعمال العقل المعرفي والسببي والنقدي، وإنما تربت وتثقفت على التخويف من عقاب السلطان، وغواية الشيطان، وعقاب الرحمن، والتسليم بالقضاء والقدر، والقناعة بما تيسر من الأرزاق الشحيحة، والرضا بالجهل والخرافة، وتقديم فروض الطاعة لأولياء الأمور، ونبذ حرية التفكير وحرية التعبير وحق الاعتراض. فأصبحت مجتمعات عاطفية، دون عقل سببي أو تجريبي، ودون إرادة فاعلة، تعمل بالمؤثر والاستجابة.
فكيف تستطيع مؤسسات المجتمع المدني وعلى رأسها الأسر والمدارس والجامعات تخريج أجيال تحمل خطابا ثقافيا تقدميا؟ ينقل المجتمع من ثقافة البداوة والتخلف الحضاري الى ثقافة التمدن والتغيير والتطور والتحديث؟
محمد نضال دروزه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - خارطة العمل
نور الحرية ( 2020 / 11 / 6 - 20:48 )
توصيف دقيق وشامل ومختصر بما نحن فيه حقيقة من تخلف وبداوة حضارية .غير أن الموضوع أريقت فيه محيطات من الحبر وأستهلكت فيه أطنان من الورق والكاغط .شعوبنا تنتظر من مثقفيها التنويريين من أمثالكم أن يوصف لها وصفة الدواء الشاملة أي خارطة طريق الفعلية تبدأ بها حالا مسيرة التحرر والنمو والانعتاق من البداوة والتصحر.سلام

اخر الافلام

.. فلسطيني يصنع المنظفات يدويا لتلبية احتياجات سكان رفح والنازح


.. ??مراسلة الجزيرة: آلاف الإسرائيليين يتظاهرون أمام وزارة الدف




.. -لتضامنهم مع غزة-.. كتابة عبارات شكر لطلاب الجامعات الأميركي


.. برنامج الأغذية العالمي: الشاحنات التي تدخل غزة ليست كافية




.. كاميرا العربية ترصد نقل قوارب المهاجرين غير الشرعيين عبر الق