الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في التوجس من التنظير و الفلسفة و علوم الانسان عربيا و اسلاميا

حمزة بلحاج صالح

2020 / 11 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ان التحسس و التوجس العربي و الاسلامي من التنظير و التجريد و الفلسفة لرهيب و مفزع و له تبعاته و كلفته الباهظة على كل مفاصل الحياة و الاقتصاد و التنمية و الاجتماع و السياسة و الثقافة و الدين...


ترى ما بين " التجريد " و " الواقعية" ..كيف يعجز العقل العربي النظر إلى عمق مشكلاته..

هنالك مغالطات كثيرة ترتبط بالذهنية العربية تندرج تحت عنوان " الإسراف في التجريد " و الإنفصال عن الواقع ...

هنالك من يتسائل ما جدوى الحديث عن "نيتشه " و غيره و هل نكتفي عربيا و اسلاميا ب"مالك بن نبي" مثلا باعتباره قد طرح رؤية حضارية عملية من خلال ما يفهمون من نص مالك بن نبي ...

و قد يغفل الكثير مثلاا عن طرح السؤال لماذا لم تكن ل"مالك بن نبي" حساسية سلبية من " نيتشه " و غيره بل كان عائدا إليه و إلى هيجل و غيرهما في محطات تفكيره المختلفة...

هذا إن منحنا نحن نص مالك بن نبي الحصرية في تقديم خلاص لحالة التخلف التي تعيشها امتنا الاسلامية و الامر غير ذلك ...

قد يتسرب اليأس إلى الجامعي طالبا و باحثا و مثقفا و رجل تربية و هو يقع في حالات من الإلتباس و الإستقطاب و تأثير فهوم الديني السطحية و الشائعة عليه مستخفا و منتقصا من مكانة و دور الفلسفي في صناعة العقل و تحريره ...

إن عجز العقل عن إدراك قيمة بعض ما يتوهمه تجريدا و حديثا منفصلا عن مشكلات التخلف هو من يدفع ببعض من ذكرت من شرائح المتعلمين العرب إلى عدم رؤية تناسق و تعاضد و جدوى قضايا فلسفية مختلفة و كم هائل من المعارف التي تقع في قلب
مشكلة التخلف أهمية...

بل جهلا بمكانة الفلسفي في مشاريع النهوض الغربية و مفاصل الدولة الحيوية في الغرب من تربية و مقاربات تعليمية لمختلف العلوم و المواد الدراسية و علوم تربوية و بحث علمي و حقوق انسانية و نماذج تنموية و اجتماعية ...

إن الحديث عن التخلف يلامس حتما مشكلة التعليم و التربية و التكوين و البحث العلمي الجامعي و برامج التكوين الجامعي و الثقافة و كل قطاعات الحياة المفصلية و الاستراتيجية ...

إنه يلامسها من حيث طبيعة و ملامح المخرجات النهائية التي نريد و دور هذه المخرجات في بناء المواطن الذي نريد و الذي يشارك حضاريا في عملية الاقلاع ....

ترى ما موقع و مكانة مواد التدريس في انظمتنا التعليمية التي تسمى بمواد إيقاظ العقل و صناعته و بناءه من استراتيجيات التربية و التعليم و الجامعة و البحث العلمي و المواطنة و الحوكمة في عالمنا العربي و الإسلامي...

ما مكانة الفلسفة و العلوم الإنسانية و العلوم العقلية و العلوم التجريبية و العلوم الاسلامية في استراتيجية صناعة العقل و إيقاظه من سباته...

عندما نكتب عن قضايا أساسية مثلا في الخطاب الفلسفي الغربي و العربي و نتناول مثلا " نيتشه " و كيفية قراءته و فحص مقولاته المركزية ..الخ إنما نتناول مشكلة أساسية تتعلق بالقول الفلسفي تهم طلاب الفلسفة و المثقفين و رجال التربية و أسأتذة الجامعات ..الخ و تحررهم من ارتهانات و استلابات القول الفلسفي الغربي و اختراقاته للوعي الجمعي العربي و الاسلامي..

أن لا يقف العقل العربي على أهمية و قيمة و جدوى " نيتشه " والفلسفة عموما و كل ما ذكرت فليس العيب في كون ما يسميه البعض ترفا فكريا و تجريدا هو مفصول عن الواقع....

بل العيب في العقل الذي عجز عن تلمس مخاطر كبيرة و رهيبة في القول الفلسفي و الإناسي و العلم إنساني الغربي و دوره في بيئته الحضارية و أثره علينا و ظن توهما أن هذا مجرد تجريد و ترف عرفي..

و لا عذر لمن اشتغل بخطاب ما بعد الحداثة و مخرجاته الأدبية و الفنية و الثقافية و التربوية و تداعياته على تشظي المعنى و القيمة و الحقيقة أن يجهل و يتجاهل قيمة الفلسفة و الإناسة و علوم الانسان و الفكر و الثقافة ..الخ ا و لا يرى انعكاس و أثر ذلك في برامج التربية و التعليم و الخطاب الناقد للمقدس و للدين ...

إن عجز العقل مرده الى محدودية أفق النظر و حالة اليأس و الإخفاق التي تعترض طريق العقل و تتسرب الى النفس العربية و الاسلامية و ليس إلى لا واقعية الخطاب أو تجريده أو إغراقه في النظري و كم نحن فقراء الى التنظير و التأسيس و رؤية حضارية عميقة ...

ناهيك عن تمترس بعض عقول من ذكرت حول كسبهم و أرائهم و ظنهم أنهم يملكون الحقيقة النهائية و تعاليهم إلى حد يفضلون التلميح على التصريح و الهروب إلى حصونهم المغلقة و عند من يشبهونهم و لا يصدمون مسلماتهم...

بدل الإفادة في حصون الغير و المختلفين و من يخلخلون اوهامهم و اعتقاد الأستاذ و الجامعي أن السؤال و التعلم من غيره جريمة و انتقاص قيمة من شخصه و قد يراه طلابه سائلا فيرمونه بالعجز ...

إن الطلاب جزء كبير منهم يتفاعل ظرفيا مع أساتذتهم لمصلحة و غاية و حاجة عندهم فيصنعون لديهم اوهاما فإذا حصلوا الشهادات هجروا و أنكروا أنهم يوما ما كانوا طلابا عندهم و يمارسون هم بدورهم نفس الادوار ..

و من أسباب ذلك تدميرنا للمنظومة القيمية الرمزية و العرفية و الاخلاقية و تراتبية و هرمية تداول العلم و أخلاق التعلم...

إن العقل الذي سقفه و مبلغه من العلم مثلا هو " مالك بن نبي" يعتبره اقصى عتبات الابداع و الفكر النهضوي العملي و بديلا خلاصيا حصريا يمثل نهاية البدائل و خلاصتها لأنه يلامس الواقع هو عقل اختزل مشكلات التخلف و النهضة و انخرط في تمترسه حول ذاته و تصنيم مالك بن نبي او غيره و قد يكون محمد اركون لا يهم و الخلاصة واحدة هو انه سجن نفسه داخل اقنوم مغلق و وضع للمعارف عنده سقفا و للابداع نهاية ...

و لن يكون بهذه الذهنية باحثا و لا فيلسوفا و لا عالم اجتماع أو إناسي أو مفكر مرموق كما هي بعض القامات العالمية التي أنتجها الغرب و ساهمت اليوم و أمس و في إطار سيرورة حضارية في تبديل قيم العالم و محاصرة المقدس...

إن فلاسفة الغرب و زجال الفكر لا يهرفون فلسفيا و فكريا و معرفيا عندما نحكم عليهم بالترف المعرفي بل يساهمون في التحولات العالمية و يشغل منجزهم حضورا مركزيا في كل مناحي الحياة و نظام الحكم ...

إن جل الحراك العالمي في حقل التربية و التعليم و الإصلاحات التي نلزم بها في أنظمتنا التربوية العربية و التي ترتسم في إطار و تحت عنوان " عولمة القيم " هي نتاج العقل الفلسفي الغربي...

إن مشكلة المساواة بالنسبة للمرأة و مكافحة ما يسمى بالنمذجة lutter contre les stériotypes ..théorie du genre..ونظرية الجندر..وموضوع الحرية و الحرية الجنسية و تبديل قيم العائلة و الإنقلاب على تعريف نواة المجتمع الأسرة و تعريف الزواج و مؤسسة الزواج و إباحة الزواج المثلي ..الخ....

و عولمة قضية الحق في الإعتقاد و الكفر و حرية سب المقدس و الله باعتبارها من الحريات ...

و حق التدخل الأجنبي بعنوان حماية الحق الإنساني المنتهك و طرح بديل عن المقدس الديني هو المقدس الأرضي الذي ينبغي أن يعم العالم كدين أرضي إنساني مكان و تعويضا للدين المتهم بالطائفي الذي عجز عن بسط الأمن و التعايش بين الانسانية ....

و كان وراء العنف و الارهاب و قضايا الدين و الحكم و السياسة و في الفضاء العام و قضايا الهوية و الخصوصية التي تجتاح باسم العولمة و الكونية حميمياتنا التي نتهم فيها بانها اقانيم مغلقة و قضايا اللغة و اللسان و التعدد اللغوي و اعادة تعريف الهوية ...

و سيل من القضايا التي تطرح اليوم كبدائل للنظام التربوي و الإعلامي و الثقافي و الحضاري و الحقوقي ...الخ هي من صميم الخطاب الفلسفي التي تناولها الفلاسفة الغربيون و من صميم الموضوعات التي تناولها مثلا لا حصرا " نيتشه" و " دريدا " و "فوكو" و "دولوز" و " دو سارتو" و " هابرماس" و "سيمون دي بوفوار" و "بورديو" و "ما بعد بورديو" على نحو ما تتبناه نجاة فالو بلقاسم و تيارات الحركات النسوية في نقدها لأطروحة " الهيمنة الذكورية " عند بورديو و هي من صميم القضايا التي تناولها بقوة القول الفلسفي الغربي الحداثي و ما بعد الحداثي ...

يعجز العقل العربي والمسلم اليوم و الذي هجر التنظير و المفهمة و التأسيس الفلسفي و الإنساني و ترك هذا الواجب العيني و قلل من شأنه و انتقص من قيمته في فهم كل ما يحدث في العالم و تقدير أهميته ..

إن مهام الشرائح المتعلمة تنقسم إلى قسمين قسم تنظيري أكاديمي معرفي مركب و دقيق و قسم وسيط يعمم الخطاب و يبسطه للناس لإيقاظ العقل السبات الذي يقلل من مكانة ما يسميه هو التجريدي أو هو يظنه تجريدي...
إن للأنظمة العربية و الاسلامية المسؤولية الكبرى في منح هذه القضايا أهمية استراتيجية ....

بل إن قلة الإنفاق المالي الرسمي من الانظمة الحاكمة عربيا و اسلاميا او من اصحاب رؤوس المال و المستثمرين طوعيا في هذا الحقل و مأسسته و تعميمه و تعبئة النخب حوله هو عين التقصير و العجز و السقوط و الإثم بل هو دينيا من الكبائر المستحدثة...

فلا فلسفة بل و لا علم إنساني اليوم معلقين بين سماء و هواء من غير معالم بل كل التفلسف الغربي له إحداثياته و معالمه و أسسه و مرتكزاته و قواعده الجيوسياسية و الجيو إستراتيجية و مرتكزاته الضاربة جذورها في التاريخ و المتشكلة في السيرورة التاريخية كذلك الحال بالنسبة للعلوم الإنسانية ...

كم ظلم مثلا لا حصرا مالك بن نبي من طرف محتكري خطابه و فهمه و كم اختزلوه و صنموه و حنطوه و قاموا بأدلجته فوق ما هو من جوهره ايديولوجيا بل توهموا امتلاكه حصريا كما فعل تيار اسلامي في الجزائر و خارجها في بعض الدول الاجنبية و دول الخليج و هو تيار عرف باسم " الجزأرة " و قد نظم نفسه اليوم في حركة سياسية تنشط في الحراك الشعبي و تحاول ايضا احتكاره بتمثيل هزيل ...

إن العقل الفلسفي العربي المسلم عازف عن المعارف و التنظير و التفلسف الجاد و قلة من المشتغلين به عملهم سطحي و غير نافع و هامشي و اشهاري مقلد ...

و يعتقد أنه يجب على كل النخب إنتاج و استهلاك المسطح و الذرري من الفكر و المعرفة و الفلسفة و عدم الوقوف على ثغرات باتت اليوم عارية لا مرابط يقف عليها و الإغراق في ما يعده فعالية و فاعلية و شهودا حضاريا و هي غالبا و عموما جعجعات و طنين ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل أكثر حول أعمال العنف التي اتسمت بالطائفية في قرية الف


.. سوناك يطالب بحماية الطلاب اليهود من الاحتجاجات المؤيدة للفلس




.. مستوطنون يقتحمون بلدة كفل حارس شمال سلفيت بالضفة الغربية


.. 110-Al-Baqarah




.. لحظة الاعتداء علي فتاة مسلمة من مدرس جامعي أمريكي ماذا فعل