الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أردوغان وماكرون.. تصدير مشاكل داخلية بواسطة استغلال الدين

سمير خطيب

2020 / 11 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في الحقيقة، يعيش العالم الإسلامي مشاكل حقيقية، يرتبط جزء منها بالاختلاف وأحيانًا بالخلاف حول تأويل الدين واستحضاره كمرجع في الكثير من مناحي الحياة، وأحيانًا أخرى بتأويل تعسفي مناف للعقل، حيث تحولت أغلب الدول الإسلامية الحالية إلى كيانات فاشلة، مقارنة مع باقي دول العالم، ولكن في الوقت الذي لبس فيه ماكرون عمامة المصلح الديني والسياسي للإسلام تناسى كيف أن فرنسا تُعتبر عاملًا بنيويًا في أزمة عدد من دول العالم الإسلامي، خاصة في القارة الافريقية، إذ يعد الفساد وغياب الديمقراطية من المشاكل التي تعرقل تطور العالم الإسلامي والذي أورثتهم إياه فرنسا ماكرون ذاتها.

ومع هذا تستقبل بنوك فرنسا الأموال المهربة من العالم الإسلامي، ويحدث هذا في وقت تدعم فيه فرنسا الأنظمة القمعية في العالم الإسلامي، ونذكر كيف دعمت فرنسا نظام زين العابدين بن علي في تونس، إبان اندلاع "الربيع العربي"، وكيف ساهم نظام معمر القذافي في تمويل حملة المرشح نيكولا ساركوزي الذي أصبح رئيسًا لهذا البلد الأوروبي.

من نافل القول إنني مع حرية التعبير طالما لا تمس عقيدة ورموز الآخرين وطالما لا تتجاوز الخطوط الحمراء المتعارف عليها، وماكرون يستغل الهجوم على الإسلام لتصدير مشاكله الداخلية ولتأجيج الصراع مع تركيا أردوغان، حيث يتزامن خطاب ماكرون، مع التوتر مع تركيا التي تُكثر الحديث باسم الإسلام في العالم الإسلامي، وربما هي أكثر دولة خلال القرنين الأخيرين، التي وقفت في وجه سياسة فرنسا في البحر الأبيض المتوسط، منذ المواجهة البريطانية – الفرنسية في هذا البحر إبان فترة نابليون. وركّز ماكرون كثيرًا على الإسلام والسياسة الدولية في خطابه، وسبق ذلك إشاراته المتعددة إلى الإسلام في مواجهته مع الرئيس التركي طيب رجب أردوغان حول الملف الليبي، ثم ملف ثروات شرق البحر الأبيض المتوسط. ناهيك عن أنه بهذا يعيد إلى فرنسا النقاش حول موضوع الهوية ومن هو الفرنسي؟ كي يشغل الناس عن الأزمة الاقتصادية التي أشغلت نظامه طويلاً وأخذت اسم مظاهرات البزات الصفراء والتي من المتوقع أن تعود بعد انتهاء أزمة الكورونا.

يوجد للصراع الذي يظهر به ماكرون يهاجم الإسلام وأردوغان حامي حمى الإسلام إرث ثنائي معقد، فعندما تولى إيمانويل ماكرون الحكم في عام 2017، كانت العلاقات الثنائية متوترة بالفعل. لم تكن باريس متحمسة مطلقًا لانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. وبداية احتداد الصراع كان عام 2001 عندما اعترفت فرنسا بإبادة الأرمن مثيرة بذلك ردود فعل غاضبة في أنقرة. منذ ذلك الحين، تضاعفت مواضيع الخلاف ومعها الانتقادات. وصار يمكن وصف ما يدور بينهما بحوار الطرشان و"الأخطر، رفض محاولة فهم منطق المحاور".

سوريا وليبيا والبحر الأبيض المتوسط والقوقاز

توترت العلاقات الثنائية حول ما تسميه باريس "الغطرسة التركية". في سوريا، في أكتوبر 2019، أثارت أنقرة غضب باريس من خلال الهجوم على القوات الكردية دعمًا لتنظيم داعش والمجموعات الإرهابية في سوريا والاستيلاء على شريط حدودي يبلغ طوله 120 كيلومترًا داخل الأراضي السورية.

وفي ليبيا، تدخل أردوغان عسكريًا إلى جانب حكومة فايز السراج المعترف بها من الأمم المتحدة ومقرها طرابلس، ضد سلطات شرق ليبيا ممثلة بالمشير خليفة حفتر. بعد اتهامها بدعم حفتر، تدين باريس اليوم جميع التدخلات الأجنبية وترفض السماح لتركيا بالحصول على موطئ قدم في ليبيا حيث ستسيطر على نقطة عبور ثانية للمهاجرين إلى أوروبا.

في شرق البحر الأبيض المتوسط، تستند تركيا إلى اتفاقية لترسيم الحدود البحرية وقعتها مع السراج للمطالبة بالسيادة على جرف قاري ممتد حيث تجري أبحاثًا للعثور على الغاز مثيرة استياء اليونان وقبرص وفرنسا.

أما الجبهة الأخيرة ففي القوقاز حيث تدعم تركيا أذربيجان في نزاعها مع أرمينيا حول ناغورني قره باغ. وندد الرئيس ماكرون في هذا الصدد بإرسال تركيا مرتزقة سوريين إلى الجبهة.

رجب طيب أردوغان

مواجهة في حلف الاطلسي

ومثَّل حلف شمال الأطلسي (وكلا البلدين عضوان فيه) ساحةً للخلاف، ففي نوفمبر 2019، وصف إيمانويل ماكرون الحلف بأنه في حالة "موت سريري". في المقابل، دعا أردوغان الرئيس الفرنسي إلى أن "يفحص موته السريري".

تغير الوضع في بداية الصيف، عندما نددت باريس بالسلوك التركي "العدواني للغاية" ضد فرقة فرنسية تشارك في مهمة لحلف شمال الأطلسي في البحر المتوسط، خلال محاولة السيطرة على سفينة شحن يشتبه في أنها تنقل أسلحة إلى ليبيا. ورفضت أنقرة الاتهامات التي قالت إن "لا أساس لها".

اشتعل الخلاف بين الجانبين في ما يتعلق بالقضية الدينية على خلفية مشكلات داخلية، إذ ردت أنقرة بحدة على خطاب الرئيس ماكرون حول "الانعزالية الإسلامية" وضرورة "هيكلة الكيانات الإسلامية" في فرنسا.

من جانبها، اتهمت باريس السلطات التركية بعدم استنكار قطع رأس المدرس صمويل باتي في 16 أكتوبر بسبب عرضه رسومًا كاريكاتورية للنبي محمد على تلامذته وقالت أنقرة إنها قدمت تعازيها في اليوم التالي ودانت رسميًا الاثنين "الاغتيال الوحشي" للمدرس.

سجال شخصي

اختار أردوغان أن يشن هجومًا شخصيًا على ماكرون، ما أدى إلى تأجيج مشاعر قوية جدًا معادية للفرنسيين في العالم الإسلامي. "كل ما يمكن قوله عن رئيس دولة يتعامل مع ملايين ينتمون إلى طوائف دينية مختلفة بهذه الطريقة هو: افحص صحتك العقلية أولاً".

واعتقد ان استراتيجية أردوغان تتمثل في دفع فرنسا إلى ارتكاب خطأ من خلال مضاعفة الاستفزازات اللفظية المباشرة، لإثارة ضجيج وصرف الانتباه عن الصعوبات السياسية والاقتصادية الداخلية والخارجية في تركيا (وآخرها هبوط الليرة التركية بشكل حاد في الأيام الأخيرة).

كلاهما، أردوغان وماكرون يحاولان تصدير مشاكلهما الداخلية عن طريق استغلال الدين زاجين بملايين الناس لصراع إذا لم يتم وقفه سيحرق الأخضر واليابس وربما يدفع ثمنه الكثير من الأبرياء. انه صراع سياسي اقتصادي محلي وعالمي يستغل فيه بشكل حقير الدين لتمرير أجندته ومصالحه وعلى الجميع الحذر من الرقص على أصوات الموسيقى الماكرونية الاردوغانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت


.. #shorts - Baqarah-53




.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن


.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص




.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح