الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرؤية عن بعد عند المثقف الوطني العربي

أميرة أحمد عبد العزيز

2020 / 11 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


في مقاله المنشور بجريدة الأهرام يوم الثلاثاء 10 نوفمبر 2020 بعنوان ( الرؤية عن بعد) يتحدث الدكتور مراد وهبة عن أن ما يميز المثقف عن غيره من بني البشر تلك هي (الرؤية عن بعد) التي بغيابها عن المثقف لا يستطيع المشاركة فى المستقبل، ويكون فقط منتظر له، ويوجه الدكتور مراد وهبة عنايتنا أن على المثقف لكي يدرب نفسه على الرؤية عن بعد يجب عليه أن ينطلق من المستقبل وليس من الماضي.
أراد الدكتور وهبة أن يثبت صدق قوله بتطرقه (لإعلان كوبنهاغن 1997) هذا الذي أعلنه فريق من العرب و (الإسرائليين) كان من بينهم الدكتور مراد وهبة، والتقوا من وقتها على العمل على دعم ما يعرف بفكرة (السلام ) وإقامة علاقات (طبيعية) بين العرب و(إسرائيل) باعتبار أن هذا هو المستقبل الذي علينا دعم سيره وتسريع حركته، أو أنه أراد أن يثبت بالمقدمة السابقة صحة موقف معلني إعلان كوبنهاغن وجماعة القاهرة (للسلام)، في مقابل هذا الفريق جاء فريق ضد التطبيع وضد الصهيونية وضد ما يسمى (بالسلام) مع (إسرائيل)، وبالطبع هؤلاء -طبقًا لوجهة نظره- يمثلوا اتجاه ضد حركة التاريخ التي يرى الدكتور وهبة وفريقه في نهايتها (إسرائيل) مندمجة فى واقعنا العربي، ففريق كوبنهاغن يمثل عند الدكتور وهبة المثقف ذو الرؤية عن بعد، ومن ضده وضد أفكاره وضد التطبيع (والسلام) مع (إسرائيل) هم أصحاب الرؤية الضبابية التي تنطلق من الماضي وليس المستقبل.
إن الكل يستطيع أن يدعي أنه ينطلق من المستقبل ويعرف حقيقته -ولا يعرف المستقبل إلا الله-، أما عن الماضي فهو دائما نقطة البداية، فكيف تعرف المستقبل دون النظر فى الماضي الذي يشكل الواقع وطبيعته؟!، إن ما نعيشه في كل لحظة يصبح من الماضي بمجرد حدوثه، وهذا ما كتبته الآن من أسطر بل من الحروف السابقه هي الآن من الماضي الذي شكل منه واقع، حتى إن محوت هذه الأسطر أصبح لها تأثير فى الواقع والمستقبل لدي، أقل تأثير هو الوقت الذي استهلك في الكتابة والكهرباء التي استهلكت فى العمل... وغير ذلك، لا استطيع أن أمحو هذا الأثر ولكن استطيع محو الكلمات، وكلما اتسع العمل زاد التأثير المترتب عليه، وإن نشرت هذا المقال وقرأها أحدهم زاد التأثير بالسلب أو الإيجاب، حتى إن تم محو الكلمات بعد نشرها، وهكذا...
وكيف لنا نحدد أهدافنا دون رؤى صادقة وموضوعية للواقع؟!
إن الماضي الذي شكل الواقع لدينا هو الاحتلال الصهيوني لفلسطين وما يشكله فى واقعنا من تثبيت للتجزئة العربية والتبيعة للخواجات والاستبداد بالشعب العربى واستغلال امكانيات الوطن العربي لصالح الخواجات والمستبدين وكافة المستغليين في الوطن العربي، هذا هو واقعنا العربي اليوم الذي يريد المثقف الوطني العربي تغييره.
جماعة كوبنهاغن تنطلق من هذا الماضي الذي شكل الواقع اليوم ولا تريد تغييره بل امتداده حركته في المستقبل أي أنها تهدف إلي بقاء وتثبيت وتعظيم أثر الوجود الصهيوني، وجماعة المثفقين الوطنيين يهدفوا بحركتهم ضد التطبيع وضد الصهوينة الي عرقلة هذه الحركة والسعي نحو تغيير الواقع بالتخلص من (إسرائيل)، (إسرائيل) التي من الممكن حتى الآن محوها والتخلص منها، وإن ظل تأثير وجودها علينا لفترة طويلة يبدو في آثار التخلف والتجزئة بالوطن العربي.
جماعة كوبنهاجن انطلقت من الماضي برؤي صهيونية فهي بحركتها تبنت النظرية الصهوينة وهذا موقف ترتب عليه رؤيتها للمستقبل معبرة عن موقفها المبدئي وليس عن حقيقة المستقبل.
وما يحدث اليوم يؤكد رؤية المثقف العربي الوطني الرافض للتطبيع والسلام مع (إسرائيل) فمع زيادة وتيرة التطبيع مع (إسرائيل) وإقامة علاقات اقتصادية وعسكرية وسياسية....إلخ معها، كان في المقابل مزيد من التجزئة والتشرذم العربي، وأصبحنا في خضم صراع عربي عربي أو عربي إسلامي بديلا عن الصراع العربي الصهيونى والتحالف العربي ضد الصهيونية، أصبحنا في خضم صراعات وحروب أهلية ومزيد من التبعية للخواجات ومزيد من إفقار الشعب العربي، هذا غير كم من الإحباط واليأس عند الشباب في تصورهم للمستقبل، وكم من التخلف وتفكك البنيان الحضاري العربي وأخطاره على مستقبل الأجيال القادمة التى نأمل فيها مستقبل مشرق. فحيث لا يوجد مشروع وطني حقيقي يلزم الجميع؛ يكون التطرف والتشرذم هو المتاح.
والحق أن لدينا كتاب وباحثيين تحدثوا عن هذه الرؤية للمستقبل، وعلى رأسهم الفيسلوف العربي الدكتور عصمت سيف الدولة في الكثير من كتابته مثل (هذه المعاهدة) و(الصهيونية في العقل العربي) و(هذه الدعوة إلى الاعتراف المستحيل) و(التقدم على الطريق المسدود)وغيرهم.
(لماذا استسلم العرب أو يوشكون على الاستسلام ؟ … أعتقد ان الصهيونية وحلفاءها ، بعد أن انهزموا عسكريا فى جبهة القتال فى اكتوبر 1973، فتحوا من جباهنا ثغرات، وغزوا عقولنا. اختصروا الطريق إلى النصر النهائى، فبدلًا من احتلال أرضنا جزءًا جزءًا بدأوا فى احتلال رؤوسنا فكرة فكرة، بدلًا من الاستيلاء على الوطن يحاولون الاستيلاء على البشر ليكون الوطن لهم بعد ذلك بدون حاجة إلى القهر) دكتور عصمت سيف الدولة، الصهيونية في العقل العربي.
(انه ليس اتفاقًا بسيطًا بحيث يمكن أن تقال فيه كلمة تعليق بسيطة: لا أو نعم ثم ينقضي. إنه حدث تاريخي له كل الخصائص المركبة والمعقدة للأحداث التاريخية التي تمتد آثارها في المكان والزمان وتتداعي على وجه يتجاوز بالقطع نوايا محديثها) (انه بحكم طبيعته المركبة والمعقدة، لم يحظ قط، ولن يحظ قط، في المستقبل القريب ولا في المستقبل البعيد بوحدة شعبية على قبوله أو رفضه، وبالتالي فأنه يلقي في أرض المستقبل بذور صراعات حتمية غير قابلة -منذ الآن- لتحديد أبعادها وماسيصيب مصر من آثارها، اللهم إلا تلك التي يسببها الصراع الإجتماعي الذي توافرت أسبابه، أنه يعوق الشعوب بقدر ما يستنفذ من طاقات مادية وبشرية من أجل حسمه لمصلحة الشعوب)) دكتور عصمت سيف الدولة، هذه المعاهدة، من نص رسالة الكاتب إلي مجلس الشعب المصري بنقد معاهدة الصلح مع (إسرائيل).
إن الاستسلام للماضي وعدم محاولة الافلات من امتداده في المستقبل وتغيير الواقع الذي هو ضد مصالح الشعوب ليس رؤية وطنية عن بعد بل هو مجرد استسلام يعني اصحابه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن ينهي زيارته إلى الصين، هل من صفقة صينية أمريكية حول ا


.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا




.. انقلاب سيارة وزير الأمن الإسرائيلي بن غفير ونقله إلى المستشف


.. موسكو تؤكد استعدادها لتوسيع تعاونها العسكري مع إيران




.. عملية معقدة داخل المستشفى الميداني الإماراتي في رفح وثقها مو