الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الى متى تبقى الفلسفة غربية؟

حميد زناز

2020 / 11 / 19
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


أصبح كلّ ثالث يوم خميس من شهر نوفمبر يوما عالميا للفلسفة. كانت المبادرة من منظمة اليونسكو سنة 2005. تهدف المنظمة العالمية من وراء تأسيس هذا الموعد السنوي إلى جعل الفلسفة في متناول أكبر عدد ممكن من البشر وفتح المجال للتفكير والحوار الفلسفي أمام الجميع. تحاول اليونسكو عبر هذا اليوم وضع الدور الذي تلعبه الفلسفة في حياة الإنسان اليومية في الواجهة.

تحتفل بلدان كثيرة بهذا اليوم السقراطي منذ تأسيسه وقد يتزايد عددها باطراد وتكون مختلفة اللغات والثقافات.

ويتم الاحتفاء بهذه المناسبة حتى في بعض البلدان العربية التي جعلت من الفلسفة مادة إجبارية لأبنائها وبناتها المتمرسين، وتعقد فيها كغيرها من بلدان العالم موائد مستديرة وتُلقى محاضرات وتُنظم مقاه فلسفية ومعارض كتب… يعقد مؤسسو هذا اليوم الاحتفالي بحب الحكمة والذين يساهمون عمليا في تنشيطه آمالا كبرى على أن تصبح الفلسفة أساسا لبعث روح نقدية وتوطيد جو تساؤلات علمية حول المشاكل التي تواجه العالم إذ يمكن للتفكير الفلسفي العقلاني حسب اليونسكو أن يمدّ إنسان القرن الحادي والعشرين بالوسائل التي يحتاج إليها من أجل مناهضة العنصرية والتعصب والعنف وتدمير البيئة.

لكن إذا كان هذا اليوم عالميا من الناحية الرسمية، فما هو وضع الفلسفة على أرض الواقع؟ هل هناك اعتراف بوجود “فلسفة” خارج ما يسمى حضارة غربية؟ هل يمكن للأوروبيين مثلا أن يتصوروا فلسفة غير أوروبية؟ وحتى وإن تم بالمناسبة تكريم مفكرين من خارج أوروبا فهذا لا يغير من الأمر شيئا، فهل يمثل تكريم مفكر عربي مثلا بمثابة الاعتراف بوجود فلسفة عربية معاصرة أم هو مجرد مجاملة احتفالية؟ لا تزال “أم العلوم” بعيدة عن شعوب العالم الأخرى في أذهان أغلب الأوروبيين،إذ لا يمكن أن تكون في تصورهم سوى أوروبية الهوية وهو ما عبرت عنه مقولة الفيلسوف الألماني مارتن هيدغر الشهيرة والخاطئة في نفس الوقت “الفلسفة يونانية الجوهر” وهو الذي لم يعترف بما يسمى “فلسفة هندية” فحسب، بل ذهب إلى أن هناك تناقضا صارخا بين الكلمتين.

لئن انفتحت فنون الغرب على الآخر وثمنت الفن الوافد من خارج الغرب ابتداء من القرن التاسع عشر، فإن الفلسفة الأوروبية لم تعر اهتماما لإبداعات ممكنة قد تأتي من خارجها وقد لا يجد الدارس صعوبة في الوقوف على ذلك الإقصاء حتى وإن أخذ هذا الأخير طريقا ملتويا يتلخص عادة في ركن الفكر الوافد في خانة ما يسمى “فلسفات الحكمة”، بمعنى بحوث لا تهتم سوى بالتقاليد الدينية والأخلاقية والروحية. بدعوى عدم إمكانية اعتبار التقاليد الأخلاقية كمنظومات فلسفية؛ يقصي كثير من الغربيين من مملكة سقراط وأفلاطون كل فكر آت من غير الغرب، ويزعم الكثير من المصنفات التعليمية الموجهة إلى تلاميذ المدارس الثانوية وحتى طلاب الجامعات أن جوهر الفلسفة غربي وأنه من غير الملائم الحديث عن فلسفة شرقية. وهو ما جاء علانية في كتاب ميشال غورينا الشهير “في الفلسفة”، إذ كتب بالحرف الواحد : نسمي اليوم جزافا “فلسفة هندية” أو “فلسفة صينية”، تلك الحكمة الهندية أو الصينية القديمة.

فحكمة الهند والصين حسب غورينا وحسب كثيرين غيره ما هي إلا أساليب عملية في العيش، عقائد تعلم الناس كيف يتصرفون في حياتهم فقط ولا تمتلك أية رغبة في المعرفة الصرفة. فهي عكس الفلسفة تماما حسب غورينا الذي يراها في أساسها معرفة مجردة لا تبتغي منفعة ولا يربطها سوى خيط رفيع وغير مباشر بالسلوك العملي.

ومع كل ذلك لا ينبغي نسيان بعض اجتهادات فردية حاولت أن تغرد خارج السرب. كالباحث الفرنسي روجي بول دروا الذي حاول أن يعيد للفكر الفلسفي الهندي بعض البريق الذي عرفه في القرن التاسع عشر، وقد دعا في كتابه “نسيان الهند” و”عبادة العدم: الفلاسفة وبوذا” وفي كثير من المقالات والمناسبات إلى اعتبار الفلسفة الشرقية لبنة ضرورية لتاريخ الفلسفة مثل الفلسفة اليونانية.

لكن رغم هذا، هل أحدثت الفلسفة الغربية ذاتها قطيعة نهائية مع الأساطير القديمة؟ أفلا تكون النظرة المركزية الإثنو-أوروبية قد وجـدت في مجال الفلسفة آخر وكر تختبئ فيه؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من تمنطق فقد تزندق !
منير كريم ( 2020 / 11 / 20 - 22:10 )
تحية للاستاذ الكاتب
تنمو الفلسفة في البيئات العقلانية وهذا ماحدث فعلا , اذ نشأت الفلسفة والمنطق والبرهان
الرياضي جميعا في الحضارة اليونانية واستمرت للان , بينما الشعوب الشرقية سيطرت عليها اللاعقلاتيية
عاشت الشعوب الشرقية وتعيش للان الخرافات والاوهام
وتراثنا حافل بمعاداة الفلسفة كما ورد في كتاب تهافت الفلاسفة للغزالي واقوال مثل من تمنطق فقد تزندق وبعض البلدان العربية كالكويت تمنع تدريس الفلسفة
الفلسفة غربية ولاضير في ذلك الى ان الى ان تنصر العقلانية في الشرق
شكرا لك

اخر الافلام

.. استشهاد فلسطينيين اثنين برصاص الاحتلال غرب جنين بالضفة الغرب


.. إدارة جامعة جورج واشنطن الأمريكية تهدد بفض الاعتصام المؤيد ل




.. صحيفة تلغراف: الهجوم على رفح سيضغط على حماس لكنه لن يقضي علي


.. الجيش الروسي يستهدف قطارا في -دونيتسك- ينقل أسلحة غربية




.. جامعة نورث إيسترن في بوسطن الأمريكية تغلق أبوابها ونائب رئيس