الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
التعليم فى زمن كورونا
وحيد محمود محمد
كاتب و باحث
(Waheed Eyada)
2020 / 11 / 20
التربية والتعليم والبحث العلمي
يعتبر الإسلام ثورة علمية كبيرة وحقيقية في بيئة اتصفت بالجهل، وتعودت عليه ؛ حيث سُميت المرحلة السابقة لنزوله بالجاهلية، وبذلك فإن صفة الجهل ارتبطت بما هو قبل الإسلام ؛ حيث جاء الإسلام ليبدأ العلم، وينشره في جميع أنحاء العالم، فقال تعالى: (أَفَحُكْمَ الْـجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)
و يعتبر القرآن الكريم دين العلم، فقد كانت أول آية نزلت منه تأمر بالقراءة التي تعتبر المفتاح الأساسي لكل العلوم سواء أكانت علوماً دينية أم علوماً دنيوية، فقال الله عزّ وجل: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) .
و المفاجأة الكبرى عند إحصاء عدد المرات التي جاءت فيها كلمة العلم بمشتقاتها المختلفة في كتاب الله عز وجل؛ تجد-بلا مبالغة- قد بلغت 779 مرَّة، أي بمعدَّل سبع مرَّاتٍ -تقريبًا- في كل سورة!
و لكن " تأتى الرياح بما لاتشتهى السفن " فقد قلبت جائحة كورونا الحياة رأسا على عقب وكان قطاع التعليم من أبرز القطاعات المتضررة ، ولكن رب ضارة نافعة !
في شتى الحضارات ومختلف الثقافات، وفي الموروث الشعبي التليد للأمم العظيمة، يحظى المعلم بمكانة لا تدانيها مكانة، فهو صانع الحضارة، ، وباعث النهضة، وصاحب يد الجود على الجميع. يدين له الكرام بالولاء اعترافا بفضله وتقديرا لعلمه وإعلاء لمنزلته، فهو مخرج الأجيال من الظلمات إلى النور. ولا عجب أن يحاط في كثير من الثقافات بهالة قداسة؛ وإن كان من البشر من يستحقها بعد الرسل والانبياء؛ فلا شك أنه الأحق والأولى دون منازع.
ورغم هالة القدسية التى تحيط بالمعلم فى الدول الغربية إلا أن السينما والدراما المصريةعالجت قضايا المعلم ومربى الأجيال وصورته وحالته من نواحى شتى النفسية والاقتصادية والاجتماعية بصورة تدعو للسخرية و " التريأة " وتباينت تلك الصور بين الهزلية الساخرة وبين الصورة الحقيقية الجادة الصارمة للمعلم المصرى.
قدّم الفنان المصري الراحل، نجيب الريحاني فى فيلم " غزل البنات "، شخصية "استاذ حمام" عام1949م، ويعد من أشهر معلمى اللغة العربية فى تاريخ السينما المصرية، بثيابه الرثة الذى يقوم بالتدريس لابنة أحد الباشاوات، والتى تلعب دورها الفنانة ليلى مراد، حيث تسخر من ثيابه وتخطط لإيقاعه فى المواقف المضحكة.
وكانت مسرحية مدرسة المشاغبين من أشهر الأعمال التى ناقشت منظومة التعليم وشكل المدارس الثانوية وطريقة التعامل بين الطلبة والمدرسين، وأبرزهم أبلة عفت مدرسة المنطق والفلسفة , و تعتبر تلك المسرحية من وجهة نظرى هى مسمار فى نعش التعليم حيث أصبحت نموذجا يحتذى به الطلاب فى السخرية من المعلم وبالتالى تسطيح العلم واعتباره مجرد شهادة للوجاهة الاجتماعى !
إلا أن الأقدار ربما ساقت جائحة كورونا لتلقن الجميع درسا قاسيا فى أهمية دور المعلم و مقامه الرفيع فى ضبط المجتمع بأكمله ثقافيا و إجتماعيا و علميا ، فقد عجز العالم بأسره أن يقوم بدور المعلم و اعترف الجميع بأنه لا بديل عن المعلم فى خلق جيل متزن نفسيا وعاطفيا و ذهنيا .
و فرض تحدي فيروس «كورونا» على المدرسة والأسرة تكاملاً في أدوارهما المحورية لا سيما بعد اعتماد التعلم الهجين (عن بعد وحضورياً) من أجل إعداد أجيال المستقبل والإقبال على تجربة تعليمية تحقق الاستفادة القصوى لكافة الأبناء.
وفي هذا الإطار شدد مسؤولون وتربويون على أهمية دور المدارس في الوقت الحالي من خلال الدعم النفسي للطلبة، وتزويدهم بالمهارات والمعارف والأدوات التي تمكن من توفير بيئة تعلم صحية، مؤكدين أن نجاح التعلم عن بُعد يتوقف على تعاون ومتابعة المدارس مع أولياء الأمور بعد أن وفرت الجهات المعنية كافة أسباب استمرار التعليم.
و فى هذا الصدد فإن مدرسة سما للغات بإدارة الخليفة والمقطم تأتى فى مقدمة المدارس التى حققت طفرة هائلة فى التعليم الهجين و هو الجمع بين الحضور للصفوف المدرسية لبعض الأيام وتلقى الدروس عن طريق المنصات والتطبيقات الالكترونية فى الأيام الأخرى .
و تقوم الأستاذة الدكتورة / حنان على مديرة المدارس بضرب أروع الأمثلة و يظهر ذلك جليا فى استقبالها فى الساعات الأولى من الصباح لباصات المدرسة للتأكد من اتخاذ جميع الاحتياطات و الاحترازات الضرورية من ارتداء الكمامات والتباعد الاجتماعى و توزيع البسمات والضحكات التى تظهر على عينيها لبث روح الأمل فى الطلاب ، ثم طابور الصباح ومحاضرات مستمرة عن اهمية العلم و احترام المعلم ، ويأتى تواصلها مع أولياء الأمور لتطمينهم على صحة الابناء والبنات ، تشعر وكأنك فى دار الأوبرا المصرية من حيث التناغم والترابط بين جميع الإداريين والمعلمين والعاملين وأفراد الأمن و سائقى الباصات والمشرفات ، خلية نحل تفرز عسلا من نوع خاص يشفى مخاوف الأهل و يداوى أمراض الطلبة الذين ضلوا الطريق و يعيد للمعلم مكانته المفقودة .
وإذا كان للعصفور جناحين فإن الجناح الأخر أو قل الرئة الثانية التى تتنفس منها مدرسة سما للغات هى الدكتورة / أمنية مديرة قسم الدعم التى تحظى بإحترام و تقدير الجميع و خصوصا أولياء الأمور الذين أودعوا أولادهم كأمانة ثم تيقنوا بعد تجارب و مواقف عديدة أن أولادهم فى أيد أمينة ..,
فى النهاية أظن أن التعليم بعد جائحة كورونا سيقفز قفزة هائلة للأمام فى إطار استخدام التكنولوجيا فى التدريس وجعل المردود الثقافى أكثر ثراءا وأعظم شأنا من ذى قبل .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. أطفال غزة ضحايا الهجمات الإسرائيلية والحصار.. إعاقات دائمة و
.. قمع إيراني بذخيرة فرنسية! • فرانس 24 / FRANCE 24
.. عاجل | محمد عفيف يتهم وسائل إعلام لبنانية بممارسة حرب نفسية
.. عاجل | مسؤول الإعلام في حزب الله: المعركة مع إسرائيل لا تزال
.. تفجير عبوة ناسفة بآلية للاحتلال بمخيم نور شمس