الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإبستمولوجيا ؟

محمد كشكار

2020 / 11 / 22
التربية والتعليم والبحث العلمي


نص هاشم صالح: Épistémologie
صفحة 25: كلمة إبستمولوجيا مؤلفة من شقين: "إبستميه" و"لوجيا": أي دراسة العلم أو علم العلم أو نظرية العلم أو فلسفة العلم، فهي إذن أعلى العلوم وأرقاها لأنها تَدرُس كل العلوم بشكل نقدي لكي تبين مدى صلاحيتها أو عدم صلاحيتها، إنها تُشرف على العلوم من عَلِ. وهناك إبستمولوجيا مختصة بالعلوم الدقيقة، أي بالفيزياء والكيمياء والرياضيات والبيولوجيا.. إلخ، وإبستمولوجيا مختصة بدراسة العلوم الإنسانية والتاريخ أو علم النفس.. إلخ.
يَكمن هدف الإبستمولوجيا في التفريق بين المعرفة العمومية الشائعة في المجتمع وبين المعرفة العلمية الدقيقة.
صفحة 26: الفيلسوف الحقيقي هو الذي يتخلى عن الأفكار الشائعة والمشتركة ويحاول بلورة نظرية دقيقة عن المجتمع. هذا في حين أن الأيديولوجيين الديماغوجيين يظلون مرتبطين بعقائد عصرهم وأفكارهم الشائعة من دون نقد أو تمحيص. بل إنهم يحوّلونها إلى شعارات هدفها التعبئة وتجييش الجماهير وليس البحث عن الحقيقة. وهنا يكمن الفرق بين الإبستمولوجيا والأيديولوجيا.
صفحة 31: فلا يمكن لأي علم من العلوم الإنسانية أو العلوم الدقيقة أن يستغني عن هذا العلم "الإبستمولوجيا" الذي يبدو جديدا حتى بالنسبة للساحة الأوروبية.
صفحة 32: و لم يعد هناك من مفكر يشتغل في مجال ما إلا ويتدرب مسبقا على مناهج الإبستمولوجيا ومصطلحاتها (إضافة مواطن العالم: وهذا التكوين الأكاديمي الأساسي الضروري في علم الإبستمولوجيا هو بالضبط ما ينقص أساتذة العلوم التونسيين في الثانوي، رياضيات وفيزياء وعلوم الحياة والأرض). فعالِم الاجتماع ينبغي أن يكون إبستمولوجيا، والفيلسوف ينبغي أن يكون إبستمولوجيا، والمفكر الماركسي ينبغي أن يكون إبستمولوجيا، وكذلك المختص في التحليل النفسي.. إلخ.
ويدلنا ذلك على أن الإبستمولوجي (أو عالِم الإبستمولوجيا) ينبغي أن يكون فيلسوفا وعالِما في الوقت ذاته. بمعنى آخر ينبغي له أن يمارس العلوم الطبيعية قبل أن ينتقل إلى التنظير لها والارتقاء إلى مرحلة الإبستومولوجيا. وهذه هي حالة "برتراند رسل" الذي كان عالِم رياضيات و فيزياء وفيلسوفا في الوقت ذاته. وهذه أيضا حالة "رينيه توم"، عالم الرياضيات الفرنسي المعاصر والذي يُعتبر واحد من أكبر علماء الرياضيات في العالم بعد أن توصّل إلى بلورة نظرية خاصة به "نظرية الكوارث أو القطيعة"...
ولكن هناك فلاسفة يمارسون التنظير الإبستمولوجي من دون أن يكونوا علماء بالضرورة... ولكنهم يكونون عندئذ مُلِمِّينَ بالمبادئ الأساسية للعلم الحديث وقادرين على الاطلاع على نتائجه ونظرياته الكبرى (إضافة مواطن العالم: اختصاصي في الدكتورا المسمى "ديداكتيك البيولوجيا" أو "تعلميّة البيولوجيا"، كاد أن يُسمى في التأسيس في السبعينات "إبستمولوجيا التعليم" ويا ليته سُمي هكذا لكان أوضح فهما عند الناس وأقرب إلى الحقيقة العملية لأن المختص في الديداكتيك، يبدأ اختصاصه في المرحلة الثالثة بعد أن يكون قد حصل على الأستاذية في الاختصاص العلمي الطبيعي فهو إذن شخص مارس العلوم الطبيعية ثم اختص في علوم التربية ونظرا لتكوينه المزدوج ومراوحته بين المخبر والتنظير حول المعرفة العلمية نستطيع أن نعتبره عالِما إبستمولوجيا صغيرا مبتدئا قد يكبر مع بحوثه وهكذا نشأ وكبر ووصل البيولوجي بياجي إلى مرتبة أعظم إبستمولوجي بعد "ڤاستون باشلار").
صفحة 62: وأما فيما يخص الساحة الفرنسية فيمكن القول بأن "ڤاستون باشلار" هو أهم عالِم إبستمولوجي عَرف كيف يستخلص النتائج الفلسفية المترتبة على نظرية النسبية والميكانيك الكمي المَوجي.

تعليق مواطن العالم:
لو كان أمرُ تعليم العلوم في تونس بيدي، لوضعتُ شرطاً لا يُنتدَب الأستاذُ دونه، ألا وهو شهادة في إبستمولوجيا الاختصاص المدرَّس، مثلاً: لا يدرِّس البيولوجيا في الثانوي إلا الأستاذُ المتكوّنُ أكاديميّاً في إبستمولوجيا البيولوجيا، لأنه دون إبستمولوجيا لن يفهم الأستاذ لماذا تلامذته لا يفهمون (عالِم الإبستمولوجيا ﭬاستون باشلار).
مع الإشارة الذاتية أنني لم أسمع بكلمة إبستمولوجيا إلا عند العودة الثانية للجامعة لدراسة ديداكتيك البيولوجيا في المرحلة الثالثة سنة 1998 وأنا في سن 46 أي بعد ما مارستُ تدريس البيولوجيا دون معرفة الإبستمولوجيا طيلة 24 عامًا (74-98)، وأول مرة في حياتي أجتازُ امتحاناً فيها كان في نهاية السنة الدراسية 98-99 (Ma première année DEA didactique de la biologie, Université de Tunis & Université UCBL1).

المصدر: مدخل إلى التنوير الأوروبي، هاشم صالح، دار الطليعة للطباعة والنشر ورابطة العقلانيين العرب، الطبعة الأولى 2005، الطبعت الثانية 2007، بيروت - لبنان، 264 صفحة.

إمضائي
"لا أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه إذن أن يتكلم بلسان المجتمع، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه" (عبد الله العروي) من أجل تغيير تصورات أفراده غير العلمية إلى تصورات علمية وعلى كل سلوك غير حضاري نرد بسلوك حضاري وعلى كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف اللفظي أو المادي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية توقف رجلاً هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإير


.. نتنياهو يرفع صوته ضد وزيرة الخارجية الألمانية




.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط