الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفساد المالي واليات معالجته، الجزء الثالث والاخير

سربست مصطفى رشيد اميدي

2020 / 11 / 24
دراسات وابحاث قانونية



اما اعتبار الفساد كمشكلة حضارية واجتماعية واخلاقية كون الجشع والرغبة في تكنيز الأموال هي رغبة موجودة لدى اغلب الناس منذ قديم الزمان، ولم تستطع جميع الحضارات والأيديولوجيات وأنظمة الحكم وفلسفتها والأديان من القضاء على هذه الافة التي تنخر جسم وضمير البشرية منذ قديم الزمان ولحد الان.
ان حجم الفساد يزداد في الدول الناشئة او التى تخرج من نير حكومات دكتاتورية لفترات طويلة، حيث ان انعدام الخدمات في ظل هذه الحكومات والجور والظلم الذي تمارسها الدولة ضد ابناءها تؤدي الى فقدان الانتماء للوطن، واعتبار كل سلطة او تنظيم ترتبط بالدولة الظالمة تجاه ابناءها في نظر ابناء المجتمع، بالإضافة الى أن سعي كل فئة او شخص لاثبات ذاته والسعي لضمان مصالح شريحته تؤدي الى العمل بشراهة للاستحواذ على الموارد المالية والسلع مما تؤدي الى تفشي ظاهرة الفساد وبمختلف معانيه في المجتمع، ولا تستطيع كل قيم المجتمع الحضارية او الأخلاقية او اجتماعية من التصدي لها، لا بالعكس تكون أحيانا مساعدة ومشجعة لاشاعة حالات الفساد اكثر فاكثر في المجتمع. لكن مع ذلك هنالك بعض الوسائل التي يمكن ان تحد من خطر تفشي الفساد وكونها مشكلة حضارية واخلاقية واجتماعية وهي معروفة واهمها:-
1- دور الدين والمنظومة الأخلاقية للمجتمع.
يعتبر الدين والمنظومة الأخلاقية لاي مجتمع والتي تعتمد بشكل كبير على المعتقدات الدينية لأبنائها وعلى العادات والتقاليد الحضارية والاجتماعية، وكلها تتاثر بالتغييرات الاقتصادية والاجتماعية وتطور أساليب الحياة اليومية للإنسان.
وباعتبار الدين واعزا داخليا للإنسان يدفعه لتجنب ارتكاب الأفعال المضرة به وبعائلته وباخيه الانسان، فمن الممكن ان يعتبر أداة مهمة للحد من الرغبة الى الاغتناء السريع وباية طريقة كانت، واللجوء الى الفساد وهي الطريقة الأسرع لذلك.
لكن هنالك نقطة لابد من الإشارة اليها وهي ان أبناء اية ديانة كثيرا ما يرون الشر والخطأ في الجانب الاخر فقط أي في أبناء بقية الأديان الأخرى. وان كل الخير والخلاص موجود في معتقدات دينهم ومتوفرة بين المعتنقين لذلك الدين فقط. وهذا كثيرا ما يكون سببا في التستر على عمليات الفساد االتي يقترفونها المعتنقون بمبادئ دينه. وبالتالي يحد من اثر هذا الواعز الداخلي لكل انسان متدين في العمل على ترويج فكرة الفساد المالي بأنواعه باعتباره فعلا مشينا ومحرما، حتى يكون الانسان الفاسد من أبناء ديانته منبوذا في المجتمع. بل قد يقوم الشخص الذي يجني الاموال والفوائد من عمليات الفساد بافعال (الخير)، ويقوم بتقديم تبرعات سخية لنشاطات الحكومة، أو يقوم ببناء الجوامع والكنائس. حي نلاحظ كثرة بناء الجوامع والحسينيات في العراق والاقليم من قبل هؤلاء، حتى يتخلصون من دفع الضرائب القانونية على دخلهم لان التحقيق في مصادر الدخل قد تكشف حقيقة مصدرها. ولم تقم الحكومة العراقية او حكومة الإقليم باجبار قسم من هؤلاء على بناء مدارس او مستشفيات ومستوصفات صحية أو رياض الاطفال والتي تحتاج جميع المحافظات العراقية اليها بشكل متزايد. لذلك لم يصبح الفساد فعلا مشينا لدى الجميع ليصبح الشخص الفاسد مهما علت مرتبة الوظيفية او السياسية او الدينية او الاجتماعية شخصا منبوذا في المجتمع، بل على العكس ونظرا لعدم وجود عدالة اجتماعية، وعدم وجود عدالة في توزيع الثروات وتقلد الوظائف وغيرها اصبح الشخص الغني مهما كانت طريقة اغتنائه واعتماده على وسائل الكسب غير المشروع والفساد الإداري او المالي او السياسي شخصا مرغوبا في المجتمع وفي أوساط عائلته وأصدقائه، للأسف.
2- دور مؤسسات المجتمع المدني لمكافحة الفساد:
من اهم المشاكل التي تساعد على ترويج عمليات الفساد خاصة في المجتمعات الشرقية والعربية هي ان الراي العام والقيم السائدة تعتبر السياسية والوظائف العليا نفوذا لدى الشخص وأبناء عشيرته وعائلته، وبالتالي يعتبر من (الطبيعي) استغلاله لذلك النفوذ، ولا تعتبر كونها أداة ووسيلة لادارة الشأن العام واعتبارها مثل اية وظيفة أخرى. وان العلاقات الاجتماعية التي تبنى في العائلة وفي المدرسة والمؤسسة الحكومية والمجتمع على العموم، فأنها تعتبر نتيجة ذلك تقوم على أساس توازن القوى والنفوذ وعلى شبكة العلاقات الشخصية والعائلية وتبادل المصالح بين افراد المجتمع، في حين انه يجب ان تستند على حقوق دستورية وقانونية وواجبات وحريات شخصية يضمنها الدستور والقوانين والقيم المجتمعية والدينية والوظيفية في ذلك المجتمع.
من هنا يأتي دور مؤسسات المجتمع المدني على ضرورة بناء وعي مجتنعي وقانوني ووظيفي بين أبناء المجتمع، حيث ان منظمات المجتمع المدني والمنظات الغير حكومية منها من تهتم بحقوق المراة او حقوق الانسان السياسية او الشخصية او تهتم بالفئات المهمشة. او من تهتم بالتعليم او بالجانب الصحي او البيئة او التطوير الاجتماعي او بحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، او التعايش السلمي بين القوميات والأديان والسلم الأهلي، او بناء دولة القانون، وبناء الحكم الرشيد ودولة المؤسسات، او تهدف الى رفع الوعي الديموقراطي، او رفع الوعي الانتخابي ونشر الثقافة الانتخابية والديمقراطية بين المواطنين. لذلك فان اهم اهداف ونطاق عمل منظمات المجتمع المدني هي الدفاع عن الحقوق والحريات، والوصول الى المناطق التي قد لا يصل اليها النشاط الحكومي او يكون مقصرا فيها خاصة في مجالي الصحة والتعليم، ونشر الوعي الديموقراطي، وبناء الحكم الرشيد. وحيث ان تحقيق هذه الأهداف او السعي لتحقيقها تعني ضمنا السعي للحد من تأثير عمل شبكات الفساد وسد الفجوة التي تخلقها القصور الحكومي في هذه المجالات. لان الوعي بحقوق الانسان وبناء علاقات ديمقراطية حقيقية على أساس الاعتراف بالاخر واحترام آرائه المختلفة سيؤدي الى التضييق على مجالات عمل وانشطة شبكات الفساد الاداري والمالي او السياسي، حيث ان لهذه المنظمات وسائل عمل مختلفة قد تكشف نطاق شبكات الفساد وتكون وسيلة للحد منها. لكن لابد من القول ان هنالك الكثير من الشرائح التي تدخل عمل منظمات المجتمع المدني لغرض الاغتناء والحصول على تمويل سواء كان من الجهات الحكومية او من مانحين دوليين او اقليميين، وبالتالي تتحول قسم من هذه المنظمات وللأسف وسيلة للاغتناء، وتصبح أحيانا بمثابة حلقات إضافية لشبكات الفساد، التي اصبحت بمثابة خليات مرض السرطان الذي يحكم قبضتة على كل وظائف أعضاء الجسم، ومن ثم يصيبه بالشلل والموت. وهكذا بالنسبة للمجتمع فان الفساد قد يصل الى عمل منظمات المجتمع وتصيبها بالشلل والموت مع باقي مؤسسات الدولة والقطاع الخاص، فتصيب الدولة بالشلل وتموت فاعلية ذلك المجتمع. او تصبح هذه المنظمات واجهات حزبية او لشركات وشخصيات نافذة في المجتمع، فتعمل على تحقيق اجندات ذلك الحزب، او تقوم بتلميع صورة تلك الشخصية او الشركة من القطاع الخاص، وهذا طبعا هي خلاف اهداف وفلاسفة قيام ونشاطات المجتمع المدني.
3- دور وسائل الاعلام و وسائل التواصل الاجتماعي:
اصبح لوسائل الاعلام المختلفة ومنذ مدة الدور الفاعل في تكوين الراي العام من خلال ضخ ونشر المعلومات حول ما يجري في مختلف بقاع العالم في النشرات الإخبارية والتقارير التي تنقل الحدث بالصوت والصورة. وان وسائل الاعلام من حيث تخصصها كقنوات او اذاعات خبرية او فنية او تعليمية او رياضية او دينية او اقتصادية وغيرها فانها وبعد انتشار الانترنت في مختلف صقاع العالم قد جعلت الانسان أسير توجهات واهداف برامج هذه الوسائل، واخذت وسائل أخرى كالجريدة والكتاب والنشرة الخبرية المكتوبة تترك مواقعها لهذه الوسائل الحديثة الى حد كبير. ودور الاعلام يضاف أليها المال فانها تعتبر من اهم اركان ومعالم الانتخابات الامريكية، ولها الدور الكبير في توجيه نية الناخب في اغلب دول العالم. واذا اضفنا الى ذلك وسائل التواصل الاجتماعي التي وصلت درجة انتشارها بحيث اصبح لكل شخص منصة خاصة او اكثر في وسائل التواصل الاجتماعي تعبر عن وجهة نظره او(يختفي واراءها). ومع انتشار تكنولوجيا الاتصالات بشكل واسع جدا اصبح كل انسان صغيرا كان ام كبيرا في العمر بمثابة صحفي مستقل، حيث يستطيع نقل أي حدث بالصوت والصورة بمجرد ان تتوفر لديه خدمة شبكة الانترنيت. لذلك فان لوسائل الاعلام المختلفة مع وسائل التواصل الاجتماعي دورا متعاظما فى إمكانية فضح عمليات الفساد وإلقاء الضوء على مكامن الخلل في النظم الإدارية والسياسية والمالية في أي بلد من خلال التقارير الإخبارية والاستقصائية التي تقوم بنشرها، او نشر الوثائق والكتب الرسمية التي تصدر من مؤسسات الدولة او هيئات القطاع الخاص او من المسؤولين الحكوميين ومدراء الشركات. بحيث أصبح من الممكن لوسائل الاعلام المختلفة من فضح سبل عمل شبكات الفساد المتغلغلة في مؤسسات الدولة، وفضح الشخصيات والجهات التي تروج لعمليات الفساد وادامتها، او القاء الضوء على القوانين والإجراءات الحكومية التي تشجع على الفساد من خلال وجود ثغرات قانونية فيها، او كونها تصدر من اشخاص غير مختصين، وتفسح المجال واسعا للقائمين على عمليات الفساد للنفاذ واستمرار عملياتهم. او تقوم بنشر العمليات الحسابية وطرق التمويل من المصارف الحكومية او الاهلية، كعملية بيع الدولار من قبل البنك المركزي العراقي لمصارف محددة معروفة بملكيتها او تبعيتها لجهات حزبية او شخصيات سياسية على سبيل المثال، او من خلال نشر صور وأرقام حسابات بعض الشخصيات التي تتزايد أموالها بشكل كبير ومفاجئ سنة بعد أخرى، علما ان الراتب المستحق عن الوظيفة التي يشغلونها قد تحتاج عشرات ولربما مئات السنين لاكتناز مثل هذه الثروات الضخمة.
لكن لابد من القول ان ما يقال بصدد دور منظمات المجتمع المدني من حيث كونها قد تكون حلقة إضافية للفساد لكونها واجهات حزبية او شخصية فان هذا الامر يصح أيضا بالنسبة لوسائل الاعلام اضافة كونها تقوم بنشر السياسات والتوجيهات الحزبية لكونها ممتلكة من قبل الحزب الفلاني او ذاك. وانها كثيرا ما تقوم ب(شيطنة) أحزاب وشخصيات أخرى من خلال (تشويه) الحقائق وعدم نقل الحدث مثل ما هو، او حتى ان بعض وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي تقوم بـ (صنع الحدث) حتى تتمكن من تشويه شخصية ما او تقوم بالعكس بالترويج لحزب او شخصية أخرى، او كثيرا ما تسكت عن بعض الاحداث الجلل في بلدها في حين انها قد تهتم بحدث او نشاط غير مهم في بلد اخر اذا كان ذلك لمصلحتها.
عليه فان وسائل الاعلام المختلفة مع وسائل التواصل الأخرى هي وسائل فعالة لفضح الفاسدين وكشف عمليات الفساد المختلفة سواء كانت في مؤسسات الدولة او هيئات القطاع الخاص. بشرط ان يكون النظام القضائي في البلد فعالا بحيث يتم التحقيق من قبل الادعاء العام او هيئات النزاهة في التقارير الإعلامية بشكل محايد ونزيه. في المقابل من الممكن ان تصبح حلقات إضافية في شبكات الفساد في البلد وتكون وسيلة للاغتناء او تشويه الذوق العام، ومخالفة النظام العام للآداب والقيم المجتمعية. كمثال على ذلك عدد الفضائيات الكبرة في العراق بحيث ان عدد من الأحزاب والشخصيات السياسية تمتلك العديد من الفضائيات عدا وسائل الاعلام الأخرى، ونتساءل عن السبب وراء ذلك؟ وللعلم لحد الان حكومة الإقليم لا تمتلك فضائية في حين ان الأحزاب السياسية المؤتلفة في الحكومة تمتلك العديد من القنوات الفضائية.
4 دور المؤسسات الدولية المختصة ومنظمات الشفافية في محاربة الفساد:
أصبح الفساد ظاهرة عالمية مستمرة منذ امد في اغلب المجتمعات، كونه لا تخص مجتمعا محدد او كونه ملازما لمرحله تاريخية معينة. بحيث أصبحت تهدد الكثير من المجتمعات والدول بالجمود والانهيار كما هو حال العراق. وحيث سبق وان عرضنا بانه كلما كانت الديمقراطية متكرسه أكثر في أصول إدارة الحكم وفي المجتمع بدءا من العائلة والمدرسة وصولا الى مؤسسات الدولة وهيئات القطاع الخاص، وتوفر الشفافية اللازمة بعملها وإمكانية الوصول الى المعلومات بيسر ودون عوائق إدارية (بيروقراطية) او (امنية)، كلما كان تأثير الفساد يقل. أي ان هنالك علاقة بين جودة الحكم وصلاحه، وارتفاع مستوى الخدمة المقدمة للمجتمع، وكفاءة مؤسسات الدولة الخدمية وانتشاره، وبين تقلص مستوى الفساد وانخفاض درجة شيوعه انتشاره. وهذا أدى بان الفساد أصبح منذ مدة موضع اهتمام المؤسسات الدولية من حيث جهدها الى تحليلها كظاهرة، وتشخيص حالاتها والعمل على تحديد أسبابها، ومن ثم إمكانية الوصول الى سبل علاجها. وحيث ان المؤسسات الدولية ومنظمات الشفافية العالمية تقسم الى أنواع عديدة، لذلك تختلف وظائفها وأهدافها وبالتالي تختلف وسائلها والياتها في الحد من ظاهرة الفساد العالمية، وصولا الى تحقيق أهدافها ووظائفها التي انشات من اجلها. فنلاحظ ان هنالك منظمات دولية أو اقليمية والتي لديها اختصاصات عالمية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوربي ومنظمة دول الاتحاد الافريقي ومنظمة الدول الامريكية. والتي هي بالعموم تسعي للترويج للحكم الصالح والحد من ظاهرة الفساد الحكومي لكن باستخدام أساليب تقليدية، أهمها صياغة وابرام اتفاقيات ومعاهدات دولية للحد من ظاهرة الفساد ومتابعة تنفيذ الالتزامات المترتبة على توقيع الدول والانضمام لهذه المعاهدات. وهنالك منظمات أخرى متخصصة مباشرة لقضايا التنمية والتجارة العامة على الصعيد العالمي او الإقليمي وهي الأكثر قربا بموضوع الفساد، وتستخدم اليات في ذلك منها، القيام بأجراء دراسات لتشخص ظاهرة ما كظاهرة الفساد وسبل معالجتها، او تقوم بتقديم المساعدة الفنية المباشرة للدول الاعضاء لمساعدتها في بناء مؤسساتها الداخلية على أسس الكفاءة والجودة. اما منظمات الشفافية الدولية التي هي منظمات غير حكومية وتعمل على النطاق العالمي من خلال سبل اليات حديثة في مقدمتها اجراء المسوحات وجمع البيانات واجراء البحوث والدراسات النظرية اوالميدانية، خاصة تلك التي تسهم في مجال بناء مقاييس شيوع الفساد، ومدى شفافية مؤسسات الدولة وكفاءتها والتي على اساسها يتم تصنيف الدولة من حيث مدى انتشار الفساد فيها. واهم ما تقوم فيها منظمات الشفافية الدولية هي تقديم الدعم والمعونة التقنية من خلال برامجها الخاصة ببناء وتطوير الاستراتيجيات الوطنية والمحلية في كل دولة لمكافحة الفساد فيها. وكذلك من خلال برامج تلك المنظمات الخاصة لتحسين نظم تحديد المسؤولية واليات المتابعة والمحاسبة في النظم القانونية المحلية المهتمة بالشفافية والمحاسبة، وبناء أسس النزاهة في عمل المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص. ومدى إمكانية تلك المؤسسات الخاصة بمكافحة الفساد من اشراك مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني في خططها وبرامجها. لذلك فان للمؤسسات الدولية ومنظمات الشفافية دور فاعل ومتنامي في توعية وتثقيف شرائح المجتمع الدولي والمجتمعات المحلية، بمدى خطورة الفساد ودورها المدمر على الأداء الحكومي واصابة الدول المشمولة بافة الفساد بالشلل، وتحولها الى مراكز حكم مالية متعددة تعتمد على القوة العسكرية للميليشيات وامراء الحرب لادامة عمليات الفساد واعتمادها على مؤسسات الدولة الضعيفة كمصادر تمويل واستدامة لشبكات الفساد تلك، من خلال الاستحواذ على مصادر الثروة وعلى موازنات الدولة. وتقوم هذه المنظمات ايضا بتقديم العون والمساعدة للدول ومؤسساتها ولمنظمات المجتمع المدني المحلية لغرض العمل بمنهجية وخطط علمية للحد من ظاهرة الفساد التي أصبحت ظاهرة عالمية، ولكنها تعصف بشكل اكثر دمارا بالدول الضعيفة والمحتلة والتي تنعدم فيها الأساليب الديمقراطية في الحكم والمجتمع، او تكون الأساليب الديمقراطية مجرد أساليب شكلية لا تعتبر ضمن القيم المجتمعية والنظم الإدارية والمالية فيها.
في الختام من الممكن القول ان الحد من الفساد في أية دولة تعتمد على مربع ذهبي، احد اضلاعها هي ضرورة تحول الفساد والقائمين عليها الى قضية أخلاقية معيبة وضرورة ان يصبح القائمين عليها ومهما علت مناصبهم الإدارية والسياسية او مرتبتهم الاجتماعية الى اشخاص منبوذين في المجتمع. والضلع الاخر هي الشفافية المطلوبة في مؤسسات الدولة وهيئات القطاع الخاص حيث ان ذلك ركن من اركان بناء ديمقراطية حقيقية في أي بلد ومن سمات ومعايير الحكم الصالح، بحيث تصبح نشاط وعمل واهداف اية مؤسسة مؤطرة بالقانون وواضحة ومفتوحة امام الجميع للوصول الى البيانات والمعلومات المطلوبة بيسر وسهولة. والضلع الثالث هي وجود أساليب متابعة ومحاسبة فعالة لعمل اية مؤسسة حتى لا تتمكن من الخلاص من حكم القانون والمجتمع. والضلع الأخير هي ضرورة تشديد العقوبات الجزائية على جميع الأفعال والاعمال التي تعتبر وسائل مشجعة لاقتراف جريمة الفساد بأنواعها واساليبها المختلفة لتصل الى الحكم عليهم مدى الحياة ومصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة لهم من قبل قضاء نزيه ومحايد وبعيد عن تأثير القوى السياسية والمراكز المالية. حيث بخلاف ذلك فان الفساد مثل افة السرطان اذا لم يتم القضاء عليه مبكرا فانه يحول جسم الدولة او المجتمع الى جثة هامدة.
اهم المصادر:
1- مركز دراسات الوحدة العربية، المعهد السويدي في الاسكندرية، الفساد والحكم الصالح في البلاد العربية، الطبعة الثانية، بيروت 2006.
2- سوزان _ روز اكرمان، الفساد والحكم، الأسباب والعواقب والإصلاح، ترجمة فواز سروجي، دار الاهلية للنشر والتوزيع، الطبعة الاولى، عمان 2003.
3- محمد صالح ئاميدي، الفساد في إقليم كوردستان واليات المعالجة، مطبعة شهاب، أربيل، الطبعة الأولى 2010.
4- مجلة النزاهة والشفافية للبحوث والدراسات، الصادرة من هيئة النزاهة في العراق، العدد السادس، السنة الرابعة، والعدد السابع السنة الخامسة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال مسنة بعد اعتدائها على امرأتين من أصول أفريقية مناصرتي


.. فرنسا تعتزم استدعاء سفير إسرائيل في باريس بعد اعتقال دبلوماس




.. أزمة بين فرنسا وإسرائيل بعد اعتقال الشرطة الإسرائيلية موظفين


.. اعتقال في كنيسة بالقدس يشعل جدلا بين ا?سراي?يل وفرنسا




.. بلاقيود يستضيف فيليب لازاريني المفوض العام لوكالة الأونروا