الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولة العربية الإسلامية (أطوار التحول من الغزو التوسعي إلى الانحطاط والتبعية والسقوط المدوي) 18

جميل النجار
كاتب وباحث وشاعر

(Gamil Alnaggar)

2020 / 11 / 26
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


الإسلام العابر للمحيط الهندي
المحيط الهندي، ذلك المسطح المائي الذي ربط مسلمي جنوب وجنوب شرق آسيا بمسلمي شرق إفريقيا والجنوب العربي بالطريقة التي ربطت بها الصحراء مسلمي شمال إفريقيا والسودان. هناك العديد من أوجه التشابه الواضحة: والتي تمثلت في حالة تناوب التقدم والتراجع، وجملة التأثيرات الخارجية على طول طرق التجارة، وظهور دراسات محلية مهمة.
كما كانت هناك اختلافات أيضًا: حيث كان على مسلمي المحيط الهندي أن يتعاملوا مع التهديد البرتغالي، من جهة، ومن جهة أخرى؛ أن يواصلوا ما بدأوه من هجمات على الهندوس والبوذيين بضراوة أكثر من الوثنيين؛ لذلك كان على الإسلام أن يكافح ضد التقاليد الدينية المتطورة والمكررة التي امتلكت أدبًا مكتوبًا وقوة سياسية كبيرة.
تأسست أول دولة إسلامية كبرى في جنوب شرق آسيا، آتشيه، حوالي عام 1524 في شمال وغرب سومطرة؛ استجابةً لحاجة ملحة دامت لأكثر من عقد من التقدم البرتغالي. تحت حكم السلطان إسكندر مودا (1607 - 16037)، وصلت آتشيه إلى ذروة ازدهارها وأهميتها في تجارة المحيط الهندي، مما شجع المسلمين على تعلم إسلامهم الذي سيوسع انتشار المسلمين.
وبحلول نهاية القرن السابع عشر، كان مسلمو أتشيه على اتصال بالمراكز الفكرية الرئيسية في الغرب، لا سيما في الهند والجزيرة العربية، تمامًا كما ارتبط مسلمو غرب إفريقيا بمراكز عبر الصحراء. ولأنهم يمكن أن يعتمدوا على العديد من المصادر، والتي غالبًا ما يتم تصفيتها عبر الهند، فقد يكون مسلمو سومطرة قد استفادوا بالقسط الأكبر من التعاليم الإسلامية، التي أخذوها من المسلمين في أجزاء كثيرة من قلب البلاد.
كانت نزاعات آتشيه العلمية حول بن العربي كبيرة بما يكفي لجذب انتباه أحد المدينيين البارزين، إبراهيم الكيراني، الذي كتب ردًا في عام 1640 حول بن العربي. كان يحدث هنا أيضًا نفس النوع من التجنيس والتوطين للإسلام كالذي كان يحدث في أفريقيا.
على سبيل المثال، عاد عبد الرؤوف من سنكل، بعد دراسته في شبه الجزيرة العربية، التي مكث بها طوال الفترة من 1640 إلى 1661، وبعدما عاد إلى وطنه؛ أجرى أول "ترجمة" للقرآن باللغة الملايوية، وهي لغة تم إثرائها كثيرًا خلال هذه الفترة بالحروف والكلمات العربية.
امتدت هذه الظاهرة حتى إلى الصين. حيث ابتكر "ليو شي"، الباحث المولود حوالي عام 1650 في نانجينغ، أدبًا إسلاميًا جادًا باللغة الصينية، بما في ذلك أعمال الفلسفة والقانون.
في أوائل القرن السابع عشر ظهرت قوة تجارية إسلامية أخرى عندما اعتنق حاكمها "أمير تالو" الإسلام؛ أصبحت ماكاسار مركزًا نشطًا للمنافسة الإسلامية مع الهولنديين في الربع الثالث من القرن السابع عشر، عندما أُجبر أعظم ملوكها حسن الدين (1631 - 1670) على التنازل عن استقلاله.
في هذه الأثناء، ومع ذلك، كان الوجود الإسلامي الجاد يتطور في جاوة الداخلية، وكذلك على السواحل. وبحلول أوائل القرن السابع عشر، تأسست أول دولة إسلامية داخلية في جنوب شرق آسيا، عُرفت باسم "ماتارام". هناك قام رجال الدين الصوفي بوظيفة دعوية/تبشيرية مماثلة لتلك التي يتم أداؤها في أفريقيا.
على عكس الدول الإسلامية الأكثر جدية في سومطرة، عانت ماتارام، كما فعلت نظيراتها في غرب إفريقيا، من عدم قدرتها على قمع معتقدات السكان الأصليين بما يرضي العلماء الأكثر تحفظًا وأصولية. المسلمون الجاويون، على عكس المسلمين في سومطرة، سيضطرون إلى النضال لقرون للتفاوض على المواجهة بين الثقافات الهندوسية والمسلمة.
يسلط وضعهم الضوء على موضوع رئيسي لتاريخ الأسلمة خلال فترة التوحيد والتوسع، أي القدرة الاستيعابية التي ظهرت بشكل متكرر للمجتمعات الإسلامية، وهي قدرة سرعان ما تم تحديها بطرق غير مسبوقة.

وللحديث بقية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل قامر ماكرون بحل الجمعية الوطنية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. حل الجمعية الوطنية، سلاح ذو حدين محفوف بالمخاطر




.. كولومبيا تقرر وقف بيع الفحم لإسرائيل حتى وقف الإبادة الجماعي


.. قوات الاحتلال تنشر فرق القناصة على أسطح وداخل عدد من البنايا




.. فيضانات تجتاح جنوب النمسا والسلطات تناشد السكان بالبقاء في ا