الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من تاريخية صراع الهوية في العراق المعاصر (4- 5):

عقيل الناصري

2020 / 11 / 27
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


و بعد التفاهم مع بريطانيا تم طرح الفكرة الاستقلالية منذ عام 1916 من قبل الزعامات العربية التقليدية التي تزعمت ما اطلق عليه (الثورة العربية) كي تقطع الطريق على الابعاد الحقيقية نحو الاستقلال السياسي وتأسيس الدولة المركزية المعبرة عن مصالح كل المكونات الاجتماعية العراقية ضمن الديمقراطية البرلمانية والتداول السلمي للسلطة، وليس استئثار مكون واحد بالسلطة، رغم الظروف الموضوعية والذاتية غير الملائمة.. فكيف يمكن تحقيق الفكرة القومية، ببعدها التحرري بخاصة، ضمن الهيمنة الاستعمارية وسيادة الانظمة الرجعية وتفشي الانتماءات النافية لذات الفكرة ، من قبيل المؤسسات ما قبل الدولة كالعشيرة والقبيلة والمناطقية؟.
ولهذا بديلا عن الدولة المشرقية الموحدة المعبرة عن الاماني، كما كان مفترض حسب اتفاق الشريف حسين مع بريطانيا، تم تأسيس الكيانات القطرية المتمذهبة، فكان منها الدولة العراقية المأزومة بنيوياً منذ البداية، حيث عجزت عن حل الإشكاليات الأراسية، سواءً الداخلية أو الاقليمية وربطها بالبعد القومي، الذي تم تبنيه من قبلها أثناء سيرورة انتقالها نحو الدولة/الأمة العصرية وتحقيق المهمات الأراسية المتمثلة بالاستقلال الوطني وتحقيق مصالح كل المكونات الاجتماعية السياسية والثقافية وتحقيق نسبي للعدالة في توزيع الثروة والارتقاء بالتنظيمات والمؤسسات الاقتصادية والسياسية والفكرية التي تقتضيها البنية الجديدة للدولة بما يلائم روح العصر، وعبر المساهمة في القرار المركزي للسلطة.
وهكذا نود التأكيد، تماشياً مع الظروف الحسية السائدة آنذاك واستيلاء النزعة العروبية على السلطة بعد تأسيس "... (الحكم الوطني) قام فيصل بن الحسين على رأسه في الافادة من مؤسستي التربية والجيش عند تأسيس المملكة العراقية في آب 1921، ونجح في وضعهما في خدمة هذه الفكرة القومية ونشرها وترسيخها. وكان ساطع الحصري من أبرز أعوان الملك فيصل، قد لعب دورا طليعيا متميزاً في وضع تلك البرامج التربوية ذات التوجه القومي، وعرف عنه إلتزامه الشديد بتلك المبادئ ومناقبيته... "، بغض النظر عن مدى تطابق هذه السياسة التربوية والواقع العراقي في بعده التاريخي وعمق ذاكرته الرافدينية ومصالح مكوناته الاجتماعية المتعددة، والتي تتمركز في بعض جوانبها، حول الصراع في تحديد الهوية الجماعية العراقية.
وتشير دراسة أخرى إلى ذات المدلول بالقول: "... وأذا القصد من بناء الجيش، هو تعزيز السيطرة المادية للحكم الملكي على الدولة العراقية المشكلة حديثاً، فإن سياسة الدولة التعليمية سعت إلى خلق جيل جديد من الشبان العراقيين لمؤازرة رؤية قومية عروبية لمستقبل البلاد. ومن اجل تحقيق هذه الغاية، حاولت الدولة أن تغرس في أذهان الشباب العراقي تصوراً يتسم بالرومانسية وبالحنين إلى الماضي... حيث إن تعين الحصري مديرا للتعليم (مدير عام المعارف حسب المصطلح آنذاك- الناصري) في عام 1921، قد مثل سعياً مقصودا لخلق هوية سياسية قومية عروبية مشتركة ينتمي إليها كل العراقيين... ".
وعليه فقداستفادة هذا التيار من عناصره في المؤسستين العسكرية والأمنية (القمعية)، ومن مؤيديهم في الحقل التعليمي والفكري، في تأليف تجمعاتهم االعسكرية السرية بقيادة العقيد صلاح الدين الصباغ ورفاقه منذ نهاية العشرينيات، والذين أزداد دورهم وتضخم منذ اواسط الثلاثينيات من خلال إخمادهم لإنتفاظات العشائر من جهة ، ومن جهة ثانية من دعم التيار القومي الملكي لهم بحيث انهم قادوا ستة (6) انقلابات عسكرية، مكشوفة ومستترة، بين الاعوام 1937-1941 . واستخدموا الدولة وظيفياً باعتبارها، كما عرفها ماكس فيبر: (هي المؤسسة التي تتمتع بالاحتكار المشروع للقوة في المجتمع).. ولهذا فإن المهمة الأرأسية للمؤسسة العسكرية قد تم استخدامها كقوة قمعية ساهمت في اخماد الانتفاضات الشعبية المناهضة لتوجهات السلطة العروبية الملكية، ولهذا فأن حروبها الداخلية كانت اضعاف حروبها الخارجية على امتداد تاريخها المعاصر.
بمعنى آخر إن المكونات الاجتماعية المتناثرة للمجتمع العراقي قد أصبحت علاقاتها المتبادلة أكثر تعقيداً من جهة كما اشتد الصراع بين النزعتين العراقوية والعروبية بفضل "... دخول عامل الدولة على المعادلة. فالدولة لكونها أصبحت مرجعية جديدة، كان من المفروض بها أن تعمل على تغيير طبيعة العلاقات بين المجتمعات المخنلفة، إلا أنها خلقت تساؤلات جديدة مثل: أي دولة هذه ؟ ودولة من هي؟؟.
هذه التساؤلات اصبحت امثلة مفيدة لعملية اعادة تقييم العلاقات الأساسية بين الدولة العراقية وسكانها. إن التساؤل لمن تعود الدولة؟ يبقى الأساس في الصراع الداخلي القائم... " لحد الان، بين هذه المكونات الاجتماعية، طالما لم تستند الدولة على مبدأ المواطنة، ولا على اساس الهوية الوطنية العراقية في امتدادها نحو الأمة العربية.. مع الأخذ بالاعتبار تطلعات الشعب الكردي في حق تقرير مصيره تماشيا مع البعد الحضاري للتمدن العالمي ومواثيق حقوق الانسان الفردية والجمعية.
ومن الناحية الفكرية فقد استندت النزعة العروبية على نظرية النقاء العرقي، مما ادى بها إلى التشكيك بالولاء لأغلبية المكونات العراقية المتعددة الاثنيات والاديان والمذاهب. كما لم تعترف بشيء للمكونات الاجتماعية سواءً السياسية أو الثقافية بل عارضت بقوة توجهات هذه المكونات. فسلطت جميعا الحكومات القومانية السابقة طوال القرن العشرين (بإستثناء الفترتين اللتين حكمت بهما النزعة العراقوية: حكومة انقلاب 1936 بقيادة بكر صدقي، والجمهورية الأولى 14 تموز 1958- 9 شباط 1963)، أية فكرة عن نيل الحقوق لهذه المكونات الاجتاعية.
وهذا الأسلوب عبد الطريق لتتشكل "... دولةً عُصابية على مقاييسها، ثم ابتلعتها تماماً حد التوحد، حتى صار الفرد العراقي عاجزاً عن التمييز مفاهيمياً بين الحكومة والدولة والوطن لكنه كان يدرك، وبمستويات وعي متنوعة، حجمَ الخصومة النفسية المتراكمة بين مجتمع مُرغَم على كبت هويته، وبين سلطة (أو دولة لا فرق) مغتربة عنه تريد استدماجه فيها قسراً ليمضي "صاغراً" في دربها الموهوم نحو "مجد" مشروعها القومي. كانت خصومةً لا رجعة فيها، انتهت بانتقام المجتمع من سلطته ودولته معاً بتخليه عنهما لصالح احتمالات جديدة جاءت بها الآلة العسكرية الأمريكية في نيسان 2003... ".
ومن جانب آخر فقد وضعت النزعة (التيار) العروبية { العرقية في مواجهة الطبقية الاجتماعية التي تنادي بها النزعة العراقوية } وما يشتق منها : كالفقر وأسبابه ؛ المشاكل الاجتصادية المستعصية وحلها ؛ التوزيع العادل للثروة ؛ المساواة من عدمها. كذلك تمسكها بالنزعة الطائفية المتمذهبة في الحكم واحتكار الاقلية للقرار المركزي للدولة، وعدم حل مشاكل المكونات الاجتماعية الأخرى حلاً ديمقراطيا وعادلاً. في حين أن النزعة العراقوية كانت"... توفر تبصرات حاسمة برؤيتها الأكثر استيعاباً للمجتمع السياسي والتعبير الثقافي في الثبات إزاء تصور هو الأكثر شوفينية والأكثر إقصاء مثلما يتمثل بالنزعة القومية العربية ... " وبالاخص التي قدمها البعثيون، كنموذجا ، بعد اغتصابهم للسلطة بالمعونة الأنكلو/امريكية عام 1963 .
وتدلل الشواهد التاريخية السياسية على نشوب الصراع وإشتدادت آواره بين هاتين النزعتين (التيارين) على أمتداد تاريخ الظاهرة العراقية المعاصرة. إذ كان في البدء كتناقض غير عدائي عند تأسيس الدولة العراقية وأغلب المرحلة الملكية، وبرز بحدة واضحة بعد انقلاب بكر صدقي 1936 ، ذي النزعة العراقوية. كما اشتدت حدتها المقترن بالعنف في الزمن الجمهوري، وبخاصة الأول منه (14 تموز1958- شباط 1963 ) حتى أمسى تناقضا رئيسياً للعوامل الداخلية، بعد تطور المجتمع السياسي نسبيا واتخاذه شكلاً شبه مؤسساتي في صيغة تنظيمات وأحزاب سياسية ومنظمات مجتمع مدني مأمولاً لها أن تتطور، حتى وإن أُلبس لبوسات أخرى بصورة مقصودة أو غير مقصودة، لكن بقى احد أوجهها، هو الصراع بين النزعتين العراقوية والعروبية.وهنا لا بد من التأكيد على أن هذا النزاع، وبخاصة في الجمهورية الأولى، كان"... الأكثر خطورة بكثير، والأكثر واقعية فقد جرى على أرض العراق بين الشيوعيين والقوميين العرب ( كمعبرين عن النزعتين العراقوية والعروبية- الناصري). ولقد كان هذا النزاع حقيقة مركزية في التاريخ العربي المعاصر، كما كان مأساوياً حقاً، وحاسماً إلى حد كبير. وخلف هذا النزاع وراءه عراقاً يحمل ندوباً لا تمحى، وعراقا منقسماً بحدة وبعمق على نفسه كما لم يحصل أبداً في الذاكرة الأخيرة ... كذلك فقد أدى هذا النزاع إلى الإساءة إلى الأحزاب الشيوعية العربية خارج العراق، وخنقهم سياسياً في معظم الحالات وأنهى دورهم بالمعنى العملي- وربما إلى الأبد... وأكثر من هذا فإن هذا النزاع عمل بوضوح إلى جانب المصالح التي عارضها الطرفان، إذ سهل كثيراً مهمة الدبلوماسية الامبريالية البريطانية التي خشيت انعكاس مضامين أمة عربية موحدة على المصالح النفطية فسعت، منذ الأشهر الأولى للثورة، إلى إيجاد صدع بين العراق الجديد والقوة العربية الرئيسية في الشرق الأدنى. ولا شك في أن النزاع كان محنة للطرفيين، ومع ذلك كان متأصلاً في الوضع التاريخي وجزء منه لا يمكن تجنبه. ولقد نبع هذا النزاع من قلب المسار الداخلي لتطور الشيوعية والقومية العربية - بشقيها الناصري والبعثي- على حد سواء، ومن اللا تسامح في أي تنافس، في مجال الأفكار كان أم في مجال السلطة، وهو اللا تسامح الذي توازى فيه الجميع، ولكنه كان أساساً مشروطاً زمنياً، وأخيرا فإنه كان نابعاً من كل نتائج الظروف التي أدت إلى خلق الجمهورية العربية المتحدة، والتي أملت دفع البعثيين للعراق بإتجاه وحدة لم يكن العراق مستعداً لها، لا موضوعيا ولا نفسيا... ". (التوكيد منا- الناصري).
ونؤكد على أن هذا الصراع بين هاتين النزعتين طيلة القرن العشرين، قد أتخذ اشكالا متباينة من حيث الشكل والمضمون، ففي فترة تراه صراعا سياسيا نخبويا، وفي ثانيةٍ لم يبرز كتناقض رئيسي، وفي ثالثةٍ نراه صراعاً فكرياً انعكس على الاوضاع الاجتماسياسية وفي رابعة منها نراه ذات صبغة عنفية إلى حد ما، كما وسم العقود الثلاثة الأولى من قيام الدولة ولغاية منتصف الأربعينيات .. وفي خامسة يترأى ويتجسد بين قوى اليسار والقوى القومية. كما في حالة سادسة كان الصراع مباشر وعنفي وعلى مستوى الشارع السياسي بعد الحرب العالمية الثانية.. إذ اشتدت هذه النزعة بعد الاكتساح الهائل للفكر الديمقراطي للعالم واشتداد الحراك السياسي في المستعمرات السابقة. وفي العراق بعد نجاح الاتجاهات العراقوية منذ عام 1946 في زمن الوزارة السويدية الثانية (23/2/1946-31/5/ 1946)، من تأسيس 4 أحزاب سياسية عراقوية االتوجه من أصل 5 أجازتها الحكومة وهي: حزب الأحرار ؛ الحزب الوطني الديمقراطي ؛ حزب الاتحاد الوطني وحزب الشعب ؛ أما الحزب ذو البعد العروبي فهو حزب الاستقلال .
وعليه فقد اشتدت نزعة الصراع بين الاتجاهين بخاصة أثناء وثبة كانون الثاني عام 1948 وما بعدها، سواءً في كلية فيصل أو اثناء أربعينية شهداء الوثبة في الأعظمية وفي الكرخ، وهذا ما أشارت له العديد من المذكرات والدراسات التي فسرت فشل الانتفاضة المذكورة في تجذير مطلبيتها.
وقد تحولت العلاقة بين النزعتين في مطلع الخمسينيات إلى التعاون الحذر بعد أعلنت القوى السياسية المعارضة عن عدم قدراتها فرادا من تغيير مسالك الحكم وتحقيق التداول السلمي للسلطة بين المكونات الاجتماعية، فكانت الائتلافات الانتخابية لعام 1954 قد مهدت لاحقاً إلى تشكيل الكتلة التاريخية عام 1957، والمتمثلة بأحزاب جبهة الاتحاد الوطني والشخصيات الديمقراطية المستقلة، وتم إستثناء الحزب الديمقراطي الكردستاني بعدما رفضت القيادات السياسية للتيار القومي (حزبي الاستقلال والبعث) دخوله إلى التحالف الجبهوي بسبب نظراتهم الشوفينية إلى المكونات الاجتماعية غير العربية. وحلا لهذه الإشكالية تم ربط الحزب الديمقراطي بعلاقة ثنائية مع الحزب الشيوعي.
لكن هذا التعاون الحذر لم يصمد، بعد التحقيق المادي للتغيير الجذري في صبيحة 14 تموز1958، إذ أختلت موازين قوى الاحزاب العراقوية والعروبية، لصالح الأول، حتى أخذ كل تيار منهم يفكر بأنوية عالية، فتطور الخلاف إلى اختلاف، ومن ثم اشتد النزاع العدائي المتبادل بينهما طيلة الجمهوريات الثلاث، وبخاصة في الأولى حيث تحول إلى تناقض رئيسي مبوصل ومصطنع بين هاتين النزعتين المتحاربتين بلغ حد الاجتثاث المادي والمعنوي .
وعليه فتدلل تاريخية الصراع بين النزعتين، أنه كان مرةً خفيا وأخرى مكشوفا، في الزمن الجمهوري لغاية الاحتلال الثالث (9 نيسان2003- 3 كانون أول2011 )، ما عدا فترة هدنة نسبية في السبعينيات 1973-1978 . وتدلل الكثير من المعطيات التاريخية على أن هذه الهدنة كان مخطط لها من قبل العروبيين السلطويين بغية الانقضاض المادي اللاحق على العراقويين، من قوى اليسار عامة والشيوعيين بخاصة، ليعاد الصراع بصورة مكشوفة وقاسية وبخاصة منذ 1979، بعد أن هيأ التيار العروبي في صيغته البعثية العراقية، لهزيمته الفكرية والسياسية، عندما انتقل من البعد القومي إلى القطري ومن ثم إلى االهوية الفرعية- المناطقية، ومن ثم التحول نحو العشيرة المتريفة وأخيراً استقر في حكم العائلة والرئيس الواحد.
وكما ذكرنا سابقا فقد احتدم الصراع في الجمهورية الأولى وأثيرت مجددا النزعة العدائية بين الطرفين، وتزامن مع الصراع الذي جرى في قمة سلطة 14 تموز أي (بين عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف) وانعكس على قواهما في المؤسسة العسكرية والشارع السياسي في الوقت نفسه.. إذ أنقسم المجتمع العراقي عمودياً بين هاتين النزعتين من خلال شخوصها الأبرز والقوى السياسية الممثلة لهاتين النزعتين. ولا يستبعد تدخل العامل الخارجي (العربي والاقليمي والدولي)، أو على الأقل للاستفادة وتوظيف هذه الصراع (على مستوى القيادة السياسية أو/و ذات النزعتين ) وتعميقه وبوصلته بغية الاطاحة القسرية بنظام 14 تموز التي غيرت من موزاين القوى العالمية في أخطر بقعة بالعالم ولما لدورها من تأثيرات على الاقتصاد العالمي كمصدر أرأس للطاقة (النفط).
إذ تشير الدلائل التاريخية حتى من قبل مناصري عبد السلام عارف ومن مختلف الأطراف السياسية العراقوية والعروبية، إلى أن الأخير بعد الانتصار الذي حققه في تنفيذ الجزء الأهم من عملية التغيير الجذري في 14 تموز، تغير سلوكه النفسي/السياسي بدرجة كبيرة وأخذ يعامل رفاق الفكر والسياسة و السلاح وبضمنهم رئيسه قاسم، بنزعة متعالية مضخماً من ذاته بدرجة عالية، حتى أنه شرع بالتآمر عليه .لقد جسد هذا التغير وتماثل مع الفارس الذي يدخل "...الكهف بدرعه ليقتل التنين سيخرج من الكهف ليس ذلك الفارس السابق، بل الفارس الذي يحمل صفة جديدة : الفارس قاتل التنين ". كما عمق هذا التعالي، نفسيته المحافظة جدا وعدائه للأفكار التقدمية وقواها السياسية وبخاصة ذات النزعة العراقوية. كما كانت محدودية تفكيره ، وال" مشهورا بخصوماته ". من عوامل اشتعال الآوار في عدائه لقاسم .


الهوامش:

58 - حركة القوميين العرب، نشأتها وتطورها عبر وثائقها 1951- 1968، تحرير هاني الهندي وعبد الإله النصراوي، ج.1، ص. 41، مؤسسات الابحاث العربية ، بيروت ،2001.
59 - إريك دافيس، مذكرات دولة ، ص. 101، مصدر سابق. في الوقت نفسه فقد قام ساطع الحصري " بتشجيع الروح العسكرية بين صفوف المدنيين وغرس فضائل النظام والطاعة والاستعداد للتضحية واحترام الجيش في نفوسهم سواء عن طريق الوظائف التي شغلها في وزارة المعارف أو المحاضرات التي ألقاها في نادي المثنى " د. فاضل البراك, دور الجيش العراقي في حكومة الدفاع الوطني والحرب مع بريطانيا سنة 1941هامش ص. 168, الدار العربية للطباعة ، بغداد 1979..
60- حول دور الجيش راجع كتابنا ، الجيش والسلطة في العراق الملكي، مصدر سابق. أما الانقلابات الستة فهي: حركة أمين العمري- عزيز ياملكي في 11/8/1937 ؛ حركة الزعماء السبعة ( حسين فوزي، وأمين العمري وعزيز ياملكي والعقداء الأربعة: صلاح الدين الصباغ ومحمد سلمان وفهمي سعيد وكامل شبيب) في 24/ 12/ 1938 ؛ حركة الزعماء السبعة في 5/8/1939 ؛ حركة العقداء الأربعة في 21/2/ 1940 ؛ وحركة العقداء الأربعة في 2/1/ 1941. وقد سبقها انقلاب بكر صدقي العراقوي النزعة في 29/10/1936.
61 - ليورا لوكيتز، العراق والبحث، ص.207، مصدر سابق.
62 - د. فارس كمال نظمي/ النزعة العلمانية في الشخصية العراقية، موقع الحوار المتمدن في 13/5/ 2010. http://www.ahewar.org
63 - اريك دافيس، مذكرات دولة، ص. 189، مصدر سابق.
64 - حول هذا النموذج راجع التقرير السياسي المقدم للمؤتمر القطري لحزب البعث والمنعقد في أيلول 1963، حيث يصنف أغلبية القوى السياسية ضمن القوى المعادية لفكره وسلطته وهي حسب ترتيبهم : "... القوميون العرب، العربي الاشتراكي، الرابطة القومية، الوحدويون الاشتراكيون، الاخوان المسلمون، الشيوعيون، البارتيون الانفصاليون، الرجعية (الاقطاعيين، الرجعية الدينية، البرجوازية المحتكرة) وجماعات سياسية محترفة من أمثال الجادرجي والحزب الوطني التقدمي وسياسيي العهد الملكي..." وبهذا فقد شملوا الأغلبية العظمى من الفئات السياسية التي لها ثقلها النوعي في المجتمع. راجع، تاريخ وزارات العهد الجمهوري ، ط.2، الجزء 6، ص. 317 وما بعدها، مصدر سابق.

65 - استنادا لتقرير وزارة الخارجية البريطانية، فأن حكومة الانقلاب ارادت ايصال رسالة "... إلى الشعب العراقي، هي خلق وضع في العراق تكون له اولويات سياسية واجتماعية جديدة مع ضمان عدم تدخل الجيش في شؤون الدولة. عكست برامج الحكومة الجديدة الأفكار التي كانت تنادي بها جماعة الأهالي من خلال جريدتهم الأهالي. فمن بين المطاليب التي كانت تنادي بها الجريدة اتباع أسلوب ليبرالي في التعامل مع الاعلام واستحداث تغييرات في البنية الادارية للدولة، معتبراً افندية المدن جوهر الخلل في النظام السياسي العراقي...". مستل من ليورا لوكيتز، العراق،ص.120،مصدر سابق . كما أن الانقلاب "...قد تحرك لاستبدال حكومة مستبدة باخرى أكثر تجاوباً مع حاجات الشعب. وقد لقى الانقلاب تأييدا شعبياً كبيراً...". جيني سنغلتون، الحزب الوطني ،ص.52،مصدر سابق.
والفريق بكر صدقي (1885-1937) ولد في قرية عسكر بناحية آغجلر/ محافظة كركوك, من أبوين كرديين, تخرج من الكلية العسكرية في أسطنبول عام 1908, خدم في الوحدات العثمانية وشارك في الحرب العالمية الأولى, عمل بالأركان العثمانية العامة بعد أن رفع إلى رتبة مقدم. شارك مع حكومة فيصل الأول في سوريا. وقد عاد إلى العراق مع الضباط الشريفيين وساهم في تاسيس الجيش العراقي, رقي إلى رتبة عقيد عام 1928, وإلى رتبة زعيم عام 1931, درس الأركان في المدارس التركية والألمانية والبيرطانية حيث شارك في أحدى دورات الكلية العسكرية البريطانية في ( كمبرلي) عام 1932, ورقي إلى آمر لواء ركن بعد تخرجه, ساهم بالقضاء على حركة الأثوريين الذي خوله فيصل الأول ومؤسسة العرش بإستخدام القوة المفرطة حسب تصريح نوري السعيد عام 1933 ومن ثم رقي إلى رتبة فريق ركن عام 1936 بعد القضاء على الانتفاضات المسلحة لعشائر الفرات الأوسط وسوق الشيوخ,. قاد أول إنقلاب عسكري في المشرق العربي ضد حكومة ياسين الهاشمي. يجيد العربية والأنكليزية والتركية وشيء من الفرنسية. المعلومات مستقاة من حامد مقصود, ص. 403, مصدر سابق.
66 - حول هذه الظاهرة راجع: كتابنا، عبد الكريم قاسم في يومه الأخير، الطبعة الثانية الجزء الأول، كذلك د. علي كريم سعيد ، البيرية الخضراء, مصدران سابقان.
67- "... لقد فتحت ثورة 14 تموز آفاقا واسعة وامكانيات كبيرة امام الوحدة العربية المتحررة والمعتمدة على الشعب العربي وليس على حكامهم . طالما ان الوحدة صيرورة معقدة ومشروطة موضوعيا بالظروف المادية والذاتية المتعلقة بقدرة الشعوب من تحقيق هذا الحلم ووعي ضرورته ليس بشكل عاطفي... ". للمزيد راجع بطاطو .ج.3.ص.141
68 - حنا بطاطو، الطبقات الاجتماعية ، ج.3، ، ص.177، مصدر سابق. علما بأن هذا الصراع قد تعدى حدود العراق وشمل المشرق العربي برمته وانتشر بحدة بينهما إلى عموم العالم العربي. وقد عكس إلى حد كبير تدني الوعي الاجتماعي وتجلياته السياسية والجمالية وحتى الفلسفية لكلا الطرفيين وغلبة الامنية على الواقع ، وسيادة المنزع الاستعجالي وحرق المراحل التي باءت بالفشل الذريع، ولوي قوانين التطور وسننه.
69 -- وقفت الكتلة القومية موقف المعادي للأفكار اللبرالية والاشتراكية/المساواتية في العراق, وقد عبر عن هذا الموقف نادي المثنى الذي أصدر " ... كراسين عام 1939 طبعا بمطبعة المعارف, الأول بعنوان (موقفنا تجاه الشيوعية) والثاني (موقفنا تجاه النازية). عد الشيوعية بعد مناقشة علمية لها, بأنها خطر عظيم على حاضر ومستقبل الفرد العراقي والعربي ... " وقد سبق هذا الموقف تبني محمد مهدي كبة لمثل هذه الدعوات حيث قال: " في خضم الآراء والتيارات المختلفة تبنى فريق الشباب العربي المثقف طريق الوقوف بوجه التيارات الفكرية الغربية التي أخذت تغزو عقول عدد من المثقفين, بما يحفظ تراث الأمة العربية وحضارتها ويعمل على بعث الروح القومية بين أبناء الأمة ". بالنسبة لقول كبة راجع د. نضر علي شريف، محمد فهمي سعيد، الدور العسكري والسياسي في تاريخ العراق المعاصر ص. 217, و209.، بيت الحكمة، بغداد 2002.
70 - راجع للمزيد عبد الرزاق الحسني، تاريخ الوزرات العراقية، ط. 4، ج.7، ص. 23 وما بعدها، بيروت 1974.
71 - راجع حول هذا الموضوع عبد الرزاق الحسني، تاريخ الوزارات، ج. 7، ص. 323 وما بعدها، مصدر سابق، كذلك مذكرات القيادي السابق في الحزب الشيوعي باقر إبراهيم الموسوي، دار الطليعة بيروت 2002، كذلك المقابلة الصحفية التي أجراها حازم صاغية مع عامر عبد الله والمنشورة في مجلة ابواب،العددان 2 و3، لتدن 1994، وكذلك مذكرات صادق الفلاحي، وقائع سنوات الجمر، اعداد وتقديم باسم الدرة، صص. 301-314 مكتبة عدنان، بغداد 2015.. حيث يذكر في ص. 305 من اعتداءات قامت بها مجموعة "... قومية النزعة والمذهب وقد جندت نفسها لمكافحة الشيوعية وكذلك قيل أن هذه الجماعات تنتسب إلى حزب الاستقلال الذي هو الآخر تولى مهمة محاربة الشيوعية منذ التاسع والعشرين أي بعد الوثبة بيومين... وأكثر من مرة سارت مواكب من القوميين وجماعة حزب الاستقلال وهي تحمل شعارات الهلال والصليب متعانقان ضد الشيوعية، لقد جندت نفسها لتخريب اي مسيرة شعبية وأي اجتماع جماهير وأي اضراب عمالي... ".
كما أشار إليها القيادي الشيوعي السابق ثابت حبيب العاني في مذكراته : صفحات من السيرة الذلتية، 1922--1998، حيث يقول : "... بدأت الاعتداءات على المواكب وعلى طلاب الكليات لتخريب هذه الوحدة الوطنية من قبل أنصار حزب الاستقلال الذي شارك ممثله في حكومة الصدر، وشاركهم في هذه الحملات اتباع جماعة الأخوان المسلمين حديثة التأسيس بزعامة محمد محمود الصواف الذين رفعوا شعار ( الله غايتنا) وكان من جملة تلك الاعتداءات، الاعتداء على طلاب كلية الملك فيصل وعلى الطلاب اليساريين وعلى المواكب ، وكانت هذه بداية لتمزيق وحدة الصف الوطني ...". ص. 79، دار الرواد المزدهرة ، بغداد،2014. ويؤكد هذه الحالة حنا بطاطو، ج. 2، صص.209 وما بعدها. مصدر سابق. كذلك إيرك دافيس، مذكرات دولة، صص. 148 وما بعدها، مصدر سابق. وفي الوقت نفسه يشير د. عزيز الحاج إلى تصدي التنظيمات الطلابية لحزب الاستقلال بعد مؤتمر السباع عام 1948 يقول: "... وكانت قيادة حزب الاستقلال قد انزلقت إلى مطب محاربة اليسار وهاجمت زمرة من المتعصبين وعلى صدورهم شعارات اسلامية طلبة كلية فيصل التي كانت من معاقل اليسار ...".شهادة للتاريخ(اوراق في السيرة الذاتية السياسية)،ص. 107، مؤسسة الرافد، لندن 2001.
72 - حول هذه النقطة يشير عامر عبد الله إلى أنه "... في خريف 1958 ، وصل بغداد من القاهرة السيد فائق السامرائي (سفير العراق في القاهرة) فطلب من حزبنا والأحزاب الوطنية الأخرى إجراء لقاء مشترك، وقد تم اللقاء عصرا في حديقة داره في (شارع طه)ببغداد { بحضور الشيخ محمد مهدي كبة وصديق شنشل، عن حزب الاستقلال، والمرحوم كامل الجادرجي ومحمد حديد، عن الحزب الوطني الديمقراطي، والسيد فؤاد الركابي وأحد زملائه القياديين، عن حزب البعث، وكنت أمثل ، الحزب الشيوعي العراقي، في هذا اللقاء مع رفيق عارف} افتتح فائق السامرائي الحديث بأن ذكر أنه التقى الرئيس جمال عبد الناصر في عشية قدومه إلى العراق، وبحث معه مسألة العلاقة بين العراق ومصر، فأعرب عبد الناصر عن استعداده لقبول أية علاقة مع الجمهورية العربية المتحدة تتفق عليها الاحزاب السياسية في العراق ويوافق عليها عبد الكريم قاسم .فأعرب قادة الحزب الوطني الديمقراطي وحزب الاستقلال عن إلتزامهما بمبدأ (الاتحاد) الذي نص عليه البرنامج المشترك للحزبين اللذين كانا قد قررا قبل ذلك الاتحاد في (حزب المؤتمر الوطني) ومن جانبي أكدت على موقف حزبنا، أن ثلاثة من الاحزاب الرئيسية في العراق - فضلا عن الحزب الديمقراطي الكردي - تتخذ موقفاً واحداً من مشروع الاتحاد مع الجمهورية العربية المتحدة ، ولم يبق إلا أن يتخذ حزب البعث موقفاً مماثلاً كي نخرج بموضوع مشترك نعرضه على عبد الكريم قاسم ، الذي لن يعارضه بالتأكيد، ثم نسافر جميعاً إلى القاهرة لعرضه على عبد الناصر... اتجهت الأنظار بعد ذلك إلى فؤاد الركابي الذي شعر بالحرج الشديد ، واكتفى بالوعد بأنه سيعرض هذا الأمر على قيادة حزبه. وبذلك أنتهى اللقاء بخيبة أمل بدت واضحة على الجميع. بعد سنوات، أي في عام 1965، التقيت بفؤاد الركابي الذي أكد في معرض استذكاره لهذه الواقعة، بأنه كان وآخرين من قيادة حزبه، قد توصلوا هم أيضاً، إلى أن أفضل ما كان يمكن فعله بعد انتصار ثورة تموز ، هو إقامة رابطة اتحادية مع الجمهورية العربية المتحدة ، بإعتبارها الرابطة الوحيدة والمناسبة ، وأنهم عرضوا هذه الفكرة على ميشيل عفلق لدى زيارته للعراق بعد ثورة تموز ، فرفضها بشدة وعنف ودعا من إلتقى بهم إلى العمل من أجل وحدة اندماجية فورية " حتى ولو اقتضى الأمر ربع قرن من الكفاح ضد الشيوعين " حسبما ذكر لي فؤاد الركابي نصاً... ". عامر عبد الله ، الشيوعيون وقضية الوحدة العربية، الثقافة الجديدة، العدد 293، ص. 28. وقد أشار الى رفض ميشيل عفلق، عضو القيادة القطرية السابق خالد علي الصالح في كتابه، على طريق النوايا الطيبة،دار رياض الريس لندن 2000.
73- تدلل الوثائق الرسمية والمذكرات الشخصية والدراسات الجادة على التدخل السافر من الدول الاقليمية والعربية في الشأن العراقي . إذ "... لولا الدعم الغربي بصورة عامة، والدعم البريطاني بصورة خاصة ، لم ينجح أي انقلاب يطيح بحكم عبد الكريم قاسم ...". حسب قول المؤرخ فاروق صالح العمر، عضو قيادة شعبة البصرة عام 1963. مستل من فايز الخفاجي، الحرس القومي ودوره الدموي في العراق، جرائم أول ميلشيا بعثية في تاريخ العراق المعاصر عام 1963،ص. 285، دار سطور بغداد 2015. كذلك راجع ما بحثنا من إدلة تاريخية سياسية حول دور العامل الخارجي في انقلاب 8 شباط في كتابنا ، عبد الكريم قاسم في يومه الأخير،ج.2،الفصل الثالث، صص.5- 118، مصدر سابق.
74 - حول هذا الموضوع، راجع مذكرات كل من: جاسم العزاوي، صبحي عبد الحميد، عبد الكريم فرحان وموسوعة 14 تموز لخليل الزوبعي، هادي خماس، ناظم الطبقجلي، محسن حسين الحبيب،إسماعيل عارف، صبيح علي غالب، فؤاد عارف وأحمد فوزي في كتبه وبخاصة عن سيرة عارف، و أكرم الحوراني في مذكراته، ود. سنان الزيدي، وطارق العقيلي في اطروحتيهما وإبراهيم علاوي في كتابه المقايضة، وحنا بطاطو في موسوعته و مذكرات عبد السلام عارف نفسه، بالإضافة إلى مجموعة من الدراسات الاكاديمية الأجنبية التي عالجت تاريخ العراق المعاصر.. من قبيل الاكاديميان بينزور في كتابهما العراق، والزوجان سلكليت في دراستهما المتعددة عن العراق، وإريك دافيس في مذاكرات دولة، ومايلز كوبلاند في لعبة الامم وباتريك كوكبورن في كتابه المشترك صدام خارج من تحت الرماد، وجون بيركنز في كتابه التاريخ السري للامبراطورية الامريكية وغيرهم.
75 - رياض رمزي، الدكتاتور فناناً، ص.103، دار الساقي، بيروت 2007.
- مذكرات حازم جواد ،حاوره غسان شربل، نشرت في جريدة الحياة شباط 2004، تم جمعها في كتاب ص.59، في بغداد وأضيف إليه بعض الردود، بدون تاريخ ولا دار النشر.
76 - نشير إلى واقعة ذكرها التاريخ السياسي العراقي واختلفت الآراء بصحتها .. مفادها أن عارف قدم نفسه الى ناصر باعتباره من اشد المناصرين له وسيعقد الوحدة بين البلدين، وسأله ناصر وماذا عن صاحبك، فأجاب طلقة بخمسة وعشرين فلساً؟؟ فتعجب ناصر من هذا القول . راجع الجزء الخامس من جلسات المحكمة العسكرية العليا الخاصة، وزارة الدفاع ، بغداد 1959.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تشاسيف يار-.. مدينة أوكرانية تدفع فاتورة سياسة الأرض المحرو


.. ناشط كويتي يوثق آثار تدمير الاحتلال الإسرائيلي مستشفى ناصر ب




.. مرسل الجزيرة: فشل المفاوضات بين إدارة معهد ماساتشوستس للتقني


.. الرئيس الكولومبي يعلن قطع بلاده العلاقات الدبلوماسية مع إسرا




.. فيديو: صور جوية تظهر مدى الدمار المرعب في تشاسيف يار بأوكران