الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار مع طبيب مسيحي

مصطفى رحمه

2020 / 12 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أُمّية المتعلمين
ذهبت إلى طبيب بمنطقة مصر الجديدة بترشيح من صديق، وبعدما غادرت المصعد متوجها إلى عيادته، دلفت للصالة لأجد أمامي صورة بالحجم الكبير للبابا شنودة، وصور آخرى موزعة على المكان بعضها للبابا كيرلس وآخرى للسيد المسيح وأُمه، وبالطبع صور آخرى للبابا شنودة، وعدد قليل لمرضى ومرافقيهم موزعون على الكراسي في انتظار دورهم
وصوت محمد عبد المطلب يأتي في خفوت من مذياع بجانب سكرتير الطبيب وهو يغني إحدى روائعه ( مستني جواب ) بروقان وكأني
أستمع إليها لأول مرّة
عندما حان دوري دخلت على الطبيب الذي رحب بي، بوجه بشوش وكما يبدو على مشارف الخمسين، على مكتبة بالإضافة إلى أشياءه يوجد الكتاب المقدس بجزأيه معاً وتمثال صغير للسيدة العذراء، وأمامه صورة متوسطة الحجم للبابا شنودة، أيقنت إنه متدين جداً.
علمت منه إنه كان يعمل بإحدى مستشفيات لندن لعدد من السنوات
وبعدما أنتهى من الكشف
قال : نشكر الرب، انت بخير
قلت له : وللعلم والعلماء أيضاً الذي أوجدوا علاجات كثيرة لأمراض شتى
وجدته ينظر لي في استرابه قائلا
: خلتك ستقول الحمد لله ولأنك مُسلمْ
قلت له : وهل إذا شكرت العلم والعلماء فيه نفي لقدرة الله الذي جعل منهم سبباً لشفاءنا
سألني مباشرة: أنت علماني
أجبت ودون أن أطلعه على ما أعتقد
: مالها العلمانية، مؤكد كانت ستذلل كل ما بين الناس ببلدنا من إختلاف فيم يعتقدون، بل ستجعلنا نحترم عقائد الآخرين، بما فيها الديانات الأرضية، فأنا أولا أحترم أباءنا المصريين الذين قالوا بالدين قبل أن يقول به الأنبياء، كذلك أحترم كل من على مذهب يخالف مذهبي، فلم يضيعنا سوى مذهبية وعنصرية مقيتة، بل وأحترم بوذا، وأحترم شعوب شبت على عبادات آخرى تتخذ من أشياء كثيرة وحتى النار ذلفى لعبادة الله
سألني : وماذا تعرف عن الأختلافات المذهبية في المسيحية ؟
ولأنني لست عليم بالمذهبية في المسيحية
قلت : هى خلافات فى الطقوس وطرق العبادة والنظام الكنسى وبعض الخلافات الفرعية فى المعتقدات التى لا تؤثر على جوهر وأسس الأيمان المسيحى. وأضفت ما أعلمه ووقر في ظني وهو الصحيح من أن مارتن لوثر كان سببا فى تقسيم الكنيسة الكاثوليكية ولم تخلوا حركته من أفكار خاطئة
بل دمج الكتابين معاً كان خطيئة، لم تفيد الأرثودكس في شئ، بل أفادت اليهود وخلقت مايسمي باليمين
البروتستانتي ، الذي آمن بكل ما ورد من أساطير وخرافات في التوراة، وأصبحوا ينظرون إلى اليهود، كشعب الله المختار، وآمنوا بفلسطين كأرض الميعاد، وبعودة اليهود إليها، وإقامة دولة لهم ، كشرط أساسي للقدوم الثاني للسيد المسيح.
نظر لي الطبيب وعلى وجهه علائم دهشة كمن يقول في سِرّه من أين جاء هذا، فقد خاب ظنه بي
قال : واضح إنك مثقف؟ قلت له : قارئ فقط
فاجئني مرددا على مسامعي كلام سمعته من قبل، ولكن من أحد الواعظين المسلمين أو من سلفي
قال : لك أن تتخيل جسمك يعمل بآلية لا نعلم عنها شيئاً، الطحال والكبد والامعاء وقلبك الذي يضخ الدم، هل تعرف آلية اشتغال المخ والعصارة الهضمية، كل هذا من صنع الرب،
قلت له أعلم ذلك
وأضفت متسائلاً: لمن تقرأ يا دكتور؟
قال : مثل ماذا ؟
قلت له : روايات وليكن نجيب محفوظ أو دراسات في الفلسفة وتاريخ الأديان
هل قرأت لسبينوزا
قال : للأسف لا يوجد لدي متسع من الوقت، من سبينوزا هذا؟
لم أجاوبه على سؤاله و خرجت من عنده متفكراً بأحوال أغلب المتعلمين، فليس بعد الأطباء شئ وأن كانت القراءة لا علاقة لها بالتحصيل العلمي،
أيقنت عندها أن معلوماته لا تزيد عما سمعه من الواعظ بالكنيسة، أو ما قرأه بالكتاب المقدس، بل ذكرني بأصدقاء عرفتهم بلغوا من العلم ما أرادوا لأنفسم، وإن خاطبتهم خارج المقرر الذي تعلّموه تجدهم والجهل سواء،
فمما أعلمه إنه إن أبتلع الإنسان، أي إنسان هذا الطعم الذي يقول به رجال الدين ويتبنى الثقافة الغيبية حتى يتغير الخطاب الى ما يسمى خطاب التسليم
وهناك على الجانب الآخر ما يطلق عليها العقلية الدينية، ستجد أناساً يحملون شهادات دكتوراه في مجالات علمية مختلفة يدافعون عن الأساطير بل ويشطح بعضهم محاولاً إيجاد إعجاز علمي فيها.
وفي النهاية تذكرت هنا قول العظيم د طه حسين الذي قال بإحدى نبوءاته وهي كثيرة
" إني لا أخشى على مصر إلّا من أُمّية المتعلمين "
وهو قول حق، رحم الله العميد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا لك
أودين الآب ( 2020 / 12 / 1 - 21:41 )
كلام جميل


2 - مصطفى رحمة
عبد الجبار اسماعيل ( 2020 / 12 / 1 - 23:11 )
لا يخاف من هؤلاء بل من الذين تخربوا مصر من خريجي الازهر اتباعك
انت تحاول الاساءة للاخر بمفهومك يا ايها الاسلامي, ولم تقل الحقيقة

اخر الافلام

.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي


.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال




.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر


.. تعليق ساخر من باسم يوسف على تظاهرات الطلاب الغاضبة في الولاي




.. إسرائيل تقرر إدخال 70 ألف عامل فلسطيني عبر مرحلتين بعد عيد ا