الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الباحثون عن التنوير

عقيل عيدان

2006 / 7 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الباحثون عن التنوير (1-2)
(1)
في أحد الأيام كان هناك عفريتان قضيا النهار بطوله يتناقشان ويختصمان حول صندوق وعصا وزوج أحذية . مرّ بهما أحد الأشخاص وسألهما : لماذا تتخاصمان حول تلك الأشياء ؟ أيّ قوة سحرية تملكها بحيث تتخاصمان حولها ؟ شرح العفريتان للرجل قائلين إن الصندوق يمكن أن يحقق جميع الأمنيات كالطعام والملابس أو الكنوز ، وبالعصا يمكن التغلب على جميع الأعداء ، وبالحذاء السحري يمكن الطيران في الهواء .
عندما سمع الرجل ذلك قال لهما : ولِمَ الخصام ؟ لو ابتعدتما دقائق أستطيع التفكير بقسمة عادلة لهذه الأشياء بينكما . ابتعد العفريتان . وحالما ذهبا قام الرجل بلبس الحذاء وحمل الصندوق والعصا واختفى طائراً في الفضاء .
إن العفريتين يمثّلان الإنسان ذا الأفكار الشريرة . والصندوق يعني العطايا التي تقدّم من البر والإحسان ، إذ أن الإنسان لا يدرك حجم الكنوز التي يمكن أن يجنيها من الإحسان ، أما العصا فإنها تعني ممارسة التركيز الذهني . إن الإنسان لا يدرك أنه بممارسة التركيز الروحاني يستطيع فهم جميع الرغبات المرتبطة بالعالم . أما زوج الأحذية ، فيعني التكرّس النقي للمُثُل والقيم والسلوك والتي يمكن أن تحمل الإنسان فوق جميع الرغبات والأهواء . ودون معرفة ذلك فإن الإنسان يبقى يصارع من أجل صندوق وعصا وحذاء .
(2)
في أحد الأيام كان هناك رجل غني ، ولكنه أحمق . وعندما رأى بيت أحدهم المكوّن من ثلاثة طوابق دبَّ الحسد في قلبه وقرّر أن يبني بيتاً مثله . ونادى النجار وأمره ببناء البيت ، وافق النجار وبدأ على الفور بوضع الأسس للطابق الأول ، والطابق الثاني ومن ثم الطابق الثالث ، وشاهد الرجل الغني ما يفعله النجار فقال له : " لا أريد قواعد للطابق الأول أو الثاني ، أريد طابقاً ثالثاً جميلاً فقط لذا سارع بالبناء " .
الأحمق يفكر فقط بالنتائج ويفقد صبره دون أي محاولة للوصول إلى النتائج الجيدة . لا يمكن الوصول إلى الجودة دون جهود مضنية ، كما في المثال السابق ، حيث لا يمكن الوصول إلى الطابق الثالث دون الأسس والقواعد للطابقين الأول والثاني .
(3)
كان هناك فنان فقير ، ترك بيته وزوجته بحثاً عن الثراء ، وبعد ثلاث سنوات من العمل الشاق استطاع أن يجمع ثلاثمائة قطعة ذهبية ، وقرّر العودة إلى بيته . وفي طريقه مرّ بأحد المعابد حيث كان يقام احتفال لجمع التبرعات . تأثَّر الفنان جداً بذلك الاحتفال وبقي يسائل نفسه : كيف غاب عني أن أفكر بالمستقبل ؟ لقد أشغلتني الدنيا عن التفكير في المستقبل . لذا تبرّع بجميع ما لديه من مال قائلاً : يتوجّب عليّ أن أستفيد من المال لأبذر بذور المستقبل .
عند وصوله المنزل سألته زوجته عمّا إن كان جلب معه بعض المال . أجابها بأنه استطاع أن يوفر بعض المال ، لكنه وضعه في مكان آمن . عندها ضغطت عليه ليطلعها على مكان المال ، فاعترف لها قائلاً بأنه قد تبرع به للمعبد .
غضبت الزوجة غضباً شديداً وراحت تعنّف زوجها ورفعت الأمر إلى القاضي . وفي المعبد قال الفنان : لقد تبيّن لي بأنه المكان المناسب لوضع المال ، وعندما ناولت القائم على المعبد المال أحسست بأني قد تخلصت من الجشع والقذارة من ذهني وأدركت بأن الثروة الحقيقية ليست المال ، ولكن الذهن .
تأثَّر القاضي بكلام الفنان وباركه ، وقام كل من سمع بقصة الفنان بمساعدته ، وبذلك حصل الفنان وزوجته على ثروة جيدة دائمة .
(4)
في أحد الأيام قامت إحدى النساء الجميلات وهي مرتدية ملابس أنيقة بزيارة أحد البيوت . سألها صاحب البيت عمّن تكون ؟ أجابت أنها ربّة الثراء . سر صاحب البيت بها وراح يعاملها برقة متناهية .
بعد وقت قصير جاءت امرأة أخرى وكانت قبيحة المنظر ترتدي أسمالاً . سألها صاحب البيت عمّن تكون ؟ أجابت بأنها ربّة الفقر . ذعر صاحب البيت وحاول طردها من داره ، غير أن المرأة رفضت الخروج قائلة : " إن ربة الثراء هي شقيقتي ، وهناك اتفاق بيننا بأن لا ننفصل عن بعضنا ، فإذا طردتني فإنها سوف تخرج أيضاً " . وحالما خرجت المرأة القبيحة ، كانت الأخرى قد اختفت .
إن الولادة تتزامن مع الموت ، والثراء مع الفقر ، والحظ مع سوء الحظ . والأشياء السيئة مع الجيدة . وعلى الناس فهم ذلك . إن الحمقى يزدرون سوء الحظ ويسعون خلف الحظ ، غير أن أولئك الباحثين عن التنوير عليهم أن يتحرّروا من كل ذلك ومن جميع الأهواء الدنيوية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا


.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم




.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا


.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است




.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب