الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشخص الوحيد الذي يجب أن تتبعه

امنة الراضي

2020 / 12 / 2
المجتمع المدني


ينال الناس حول العالم شهرة واسعة و جاه و نفوذ عظيم ، أحيانا لاجتهادهم الشخصي بجذب الأنظار نحو أعمالهم الجيدة ، لكن في الأغلب يملك البعض تلك الشهرة الواسعة بسبب من يتبعوهم .. بفضل من يقتدون بهم و يتخذون من نمط حياة " المؤثرين " نمطاً لهم و لأسرهم..

و لكن كيف يملك المؤثرون تلك القدرة على التأثير في المجتمع ؟
هناك عدة طرق يستطيع عبرها المؤثرون السيطرة على عقول البعض ، منها :
- أن يكون لأحد أقاربهم نفوذ واسع بسبب أعمالهم التي أفادت المجتمع أو جزءً منه ، فيقلد المؤثرون أشكال أقاربهم الخارجية و يقلدون بعض أعمالهم الحسنة و عبر تلك السمعة المرموقة يتمكنون من التأثير بالمجتمع .
- أن يختلقوا مشكلة ، ثم يطرحون الحلول لها .
و حقيقةً إنه من السهل اختلاق مشكلة جديدة ووضع حلول لها .. بدلا من حل المشاكل القديمة في المجتمع ، و إن ما سيعود غالبا على المؤثرين من بيع أو تطبيق تلك الحلول لمشاكلهم ، فائدة مالية أو اكتساب سمعة مرموقة .
- أحيانا اعتلاء المنبر أو المنصة و سحر الناس ببعض الكلام الحسن المزين و المقفى ( سحر البيان ) هو ما يؤثر على المجتمع و يجعل من أولئك المتحدثين مؤثرين .
هذا بغض النظر عن الأعمال الحسنة التي من الممكن أن ترتفع شهرة المؤثرين عبرها ، كمساعدة الفقراء و نشر ذلك علناً ... أو بناء مركز عبادة لإثارة عواطف الناس ، فالتاريخ الحسن و إن كان زائفاً يؤثر على عواطف البعض فيتحكم بأفكارهم و النتيجة الاقتداء بأفعال أولئك المؤثرين .

أين تكمن المشكلة في إتباع شخصٍ ما و الاقتداء به ؟
عندما تقتدي بشخص فإنك تخبر عقلك الباطن بأن جميع أعماله جيدة و تستحق التقليد ، بل و إنك على المدى البعيد لن تتمكن من اتخاذ قراراتك الشخصية من أبسطها إلى أعمقها دون الرجوع لمن تقتدي به، فتجعل من تفكيرك نتيجة لتفكيرهِ و تأثيرهِ عليك ، و تجعل من قراراتك نسخةً عن قراراتهِ ، أي أنكَ جعلتَ من نفسك امتداداً لذلك الشخص الذي يؤثر عليك ( يتحكم بعقلك ) .
فكلمة قدوة كلمة كبيرة و تصف شخص عظيم و حسن بكل تصرفاته و في جميع جوانب حياته ، حيث لا يمكن اختيار أي شخص كقدوة ، بناءً على بعض التصرفات الحميدة أو الأعمال الحسنة أو بفضل ماضي عائلته ذا السمعة المرموقة .

حين تقرأ ما كتبه شخص ما أو تعجب بعمل حسن ، فإنكَ تعجب بما قرأته و بما رأيته أو سمعته من أعماله .. لا أن تعجب بالشخص نفسه فلا يجب أن تخلط بين هذا و ذاك فتتخذ نمط حياة المؤثر بمحاسنه و عيوبه نمطاً لحياتك ، فمثلاً أنك أحببت قصة الأجنحة المتكسرة للكاتب جبران خليل جبران ، هذا يعني أنك أحببت ما طرحته تلك القصة ، لا اقتديت بالكاتب و بأفكاره جميعها ، أو سمعت خطبةً لعلامة فأحببتها و طورت من أفكارك ، فلا تتخذ من ذلك العلامة قدوة لكَ بكل تصرفاته ، لأنه في النهاية بشر و له محاسن كما إن لهُ أخطاء .. فبالنتيجة يجب أن تجعل من عقلك مصفاة أفكار ، و أن لا تدع قلبك يُشعل في صدرك عواطف تبرر الأفكار الخاطئة ، فمعظم التبريرات تأتي من المشاعر الجيدة ، تَفَكر فيما تجعله نمط لعيشك ، تفكر بمعتقداتك و غير السيئ و المضر من أفكارك و طوّر الحسن منها بنفسك ، لا تسمح لغيرك مهما كانوا أن يفكروا نيابة عنك ، فالله ما منحنا العقل لنسكته ، و لا منحنا إياه لنعمل بعقول المؤثرين ، لا تسمح لنفسك بأن تخاف و تتزعزع عندما ترى أو تسمع نقيضاً حسناً للأفكار التي اتخذتها من مؤثريك ، تَفَكر بجميع الأفكار و الاحتمالات و طوّرها لتتناسب معك و مع محيطك ، فكثيراً ما نخاف أن يعاقبنا الله لأننا نعتقد أن علينا إتباع من هم أكثر منا خبرة ليكونوا حجتنا أمام الله ، و لكن ما لا نعيه أن الله لم يغلق باباً واحدة قط من أبواب العلم فلا ضير إذا ما بحثنا و تفكرنا في العلم ، يجب أن نشكك كل الأفكار التي تحوم في عقولنا حتى نصل الى اليقين منها ، لا أن نتبنى أفكار المؤثرين التي من المحتمل أن تكون خاطئة ! .
فلنتفكر فيما نتبع و الأفضل أن لا نتبع أشخاصاً ، بل أفكاراً حسنة ... ففرضاً / بدلاً عن الاقتداء بنمط حياة عالم الفيزياء نيكولا تيسلا و فعل ما كان يفعل بحسنه و وسيئاته ، فلنقتدي بقوة إرادته و باجتهاده لعمله على جميع تلك الاختراعات التي حسّنت و لا زالت تحسّن من حياتنا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس: إجلاء مئات المهاجرين و-ترحيلهم إلى الحدود الجزائرية- و


.. ما آخر التطورات بملف التفاوض على صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلا




.. أبرز 3 مسارات لحل أزمة اللاجئين السوريين في لبنان هل تنجح؟


.. جامعة فيرمونت تعلن إلغاء خطاب للسفيرة الأميركية بالأمم المتح




.. مسيرة إسرائيلية توثق عمليات اعتقال وتنكيل بفلسطينيين في مدين