الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معالم الحياة المعاصرة / 28

رياض عبد الحميد الطائي
كاتب

(Riyad A. Al-taii)

2020 / 12 / 3
المجتمع المدني


ثالثا : برنامج اصلاح نظام السكن
المقدمة :
ذكرنا في مقالات سابقة بان الحقوق الاجتماعية الثابتة والدائمة لكل مواطن هي ، 1) ضمان أمن المواطن على حياته وعلى ممتلكاته ، 2) تأمين مصدر رزق دائم لكل مواطن في اطار نظام اقتصادي سليم ، 3 ) تأمين سكن مناسب لكل مواطن في اطار نظام سكني سليم , وان ما نقصده بكلمة ( سكن ) هو محل الاقامة الدائم ، المتطلبات الثلاثة المذكورة آنفا ( الأمن ، الرزق ، السكن ) تعتبر ركائز مبدأ المواطنة وهي حقوق رئيسية ثابتة لكل مواطن يقابلها واجبات والتزامات على المواطن تجاه الوطن ، فاذا كانت الضريبة والخدمة الوطنية الالزامية واحترام الدستور والقوانين الصادرة عن الدولة تمثل حقوق الوطن على المواطن ، فان توفير الأمن والرزق الدائم والمسكن تمثل الحقوق الرئيسية للمواطن على الوطن ، والدولة مسؤولة عن تنفيذ هذه الالتزامات ، الحقوق والواجبات عبارة عن معادلة متوازنة ، وقوع الخلل في طرف منها يؤدي الى خلل في الطرف الاخر ، هذه المعادلة توضع بصورة تعاقد بين المواطن والوطن الذي يكون ممثلا بالحكومة باعتبارها الجهة القائمة على ادارة البلد ، التعاقد بين الوطن والمواطن يقع في اطار عقد يسمى (عقد المواطنة ) يوقعه كل مواطن بالغ عاقل مؤهل من خلال دائرة شؤون الاسرة باعتبارها ممثل الدولة ، وتتولى اجهزة الدولة التنفيذية الاشراف على تنفيذه ، الغرض من (عقد المواطنة ) هو تنمية الحس الوطني والشعور بالمسؤولية لدى كل مواطن ، حقوق المواطن التي يتم تثبيتها في ( عقد المواطنة ) هي الحقوق الاساسية لكل مواطن ، حق العيش بكرامة هو حق دائم وثابت لكل انسان ، وان الحقوق المادية الاساسية التي تضمن العيش بكرامة لكل مواطن تتمثل في الرزق الدائم والمسكن الدائم ، وهناك حقوق مادية اخرى تأتي بعد الاساسية مثل خدمات الرعاية الصحية والتعليم والنقل ، وطبعا ان حجم الخدمات ما بعد الاساسية التي يجب على الدولة ان تقدمها لمواطنيها يتوقف على امكانات الدولة ومقدرتها الاقتصادية .
منذ فجر الحضارة البشرية كان سعي الانسان الدؤوب وجهاده الشاق في الحياة من اجل تأمين احتياجاته المادية الاساسية وهي الطعام والمسكن ، فاذا كان الطعام حاجة لا غنى عنها لكل كائن حي ، فان المسكن حاجة ضرورية لا غنى عنه لكل انسان .. لانه مكان راحته ومأوى عائلته ومستودع ممتلكاته ، وان الحرمان من الاحتياجات المادية ينعكس سلبا على الحالة النفسية ، فالحالة النفسية او المعنوية للانسان انما هي انعكاس لحالته المعيشية ( مأكلا ومسكنا ) او لحالة بدنه الصحية .. وبالتالي هي انعكاس مباشر للواقع المادي الذي يحيط بالانسان ولطبيعة الاوضاع الاقتصادية والصحية في البيئة التي يحيا فيها ، وتبرز اهمية السكن في النظام الاجتماعي في كونه مأوى للانسان يمثل مكان راحته ومستقره وبالتالي فهو مصدر اساسي لشعور الانسان بالاستقرار والاطمئنان النفسي , السكن حاجة اساسية لكل انسان ، وهو احد اعمدة استقرار الكيان الاسري والكيان الاجتماعي , لا يمكن لأي انسان ان يحيا حياة كريمة من غير ان يكون له مسكن لائق به وبأسرته , كما ان المسكن هو حق من حقوق المواطنة ، وان الحرمان من السكن ينعكس سلبا على النظام الاجتماعي ويؤدي الى غياب الشعور بالانتماء للوطن ( مواطن بلا سكن يعني مواطن بلا وطن ) ، هذا بالاضافة الى ان قضية السكن لها تأثيرات عميقة على نمط العلاقات الاجتماعية وعلى مجمل الحياة الاقتصادية والسياسية للبلد , حيث نلاحظ ان من المؤشرات المهمة عن الحالة الاقتصادية لأي بلد هي مستوى اسعار العقارات فيه وخاصة المساكن , اذ يؤدي ارتفاع مستوى اسعارها بشكل غير طبيعي الى اضطرابات اجتماعية تنعكس على الواقع الامني في البلد وتهدد الاستقرار والسلم في المجتمع ، كما ان البيئة السكنية التي يحيا فيها الافراد لها تأثير بالغ على النظام الاجتماعي العام ، فالبيئة السكنية لها تأثير في تشكيل مزاج الانسان وطباعه وطريقة تفكيره واسلوب تعامله مع محيطه وفي تشكيل السلوك العام والثقافة العامة السائدة بين الافراد ، ان الحالة النفسية للانسان الفرد وحالة العلاقات الاسرية والاجتماعية ونمط السلوك العام في المجتمع والتي تمثل بمجملها النظام الاجتماعي تتأثر بحالة البيئة السكنية التي يحيا فيها افراد المجتمع ، ولهذه الاسباب جميعا كان اهتمامنا بموضوع السكن وجعلنا له الاهمية القصوى والاولوية في الاهتمام ، وأكدنا في برنامجنا الاصلاحي بانه يجب ان يكون المسكن الدائم تمليك وليس استئجار انطلاقا من قناعتنا بانه لا يتفق مع حقوق المواطنة ان يسكن المواطن وعائلته في مسكن مستأجر وهو مقيم في وطنه ويدفع حق الوطن ( الضريبة ) ، الاجانب فقط هم الذين يسكنون في مساكن مستأجرة لانهم يقيمون بشكل مؤقت وليسوا مواطنين من ابناء البلد , بل اننا من فرط اهتمامها بموضوع السكن ذهبنا الى مدى أبعد عندما عبرنا عن اهتمامها حتى في طريقة تصميم المساكن وطريقة تخطيط وتنظيم التجمعات السكانية لما لها من تأثير مباشر على الحالة النفسية للانسان الفرد وعلى شكل العلاقات الاسرية والاجتماعية ونمط السلوك العام في المجتمع والتي تشكل بأجمعها مرتكزات النظام الاجتماعي ، وكلنا على دراية بمقدار بؤس ومعاناة حياة التشرد التي تصيب الناس عند اضطرارهم لترك مساكنهم اثناء الحروب او الكوارث الطبيعية لنقدر بناءا على ذلك مكانة المسكن في حياة الانسان ، ومن هنا كان الاهتمام الكبير بموضوع السكن .
..... يتبع الجزء / 29








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جولة لموظفي الأونروا داخل إحدى المدارس المدمرة في غزة


.. اعتقال أكثر من 1300 شخص في الاحتجاجات المناصرة لغزة في عموم 




.. العالم الليلة | الآلاف يتظاهرون في جورجيا ضد مشروع قانون -ال


.. اعتقال طالبة أمريكية قيدت نفسها بسلاسل دعما لغزة في جامعة ني




.. العالم الليلة | الأغذية العالمي: 5 بالمئة من السودانيين فقط