الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا مجال

الهيموت عبدالسلام

2020 / 12 / 3
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


للفلاحين أيادي متسخة وأقدام غارقة في روث الأبقار ، لكنهم أكثر نظافة من بعض المثقفين (ماوتسي تونغ).

في وسَخ الفلاحين رائحةُ الأرض وفي الروث العالق بأجسامهم سمادُ للأرض وخصبها وثمارها وفواكهها وحبوبها،الفلاح حين يتعب من كدح الأرض يرفع وجهه للسماء طمعا في قليل من العدل والرحمة وكثير من الأمطار،وحين يدخل الفلاح بيتَه يتفقد قبل أبناءه صحةَ وأعلاف أبقاره وحميره وبغاله،حين تكون السنة مُمطرة يهرب المستهلكون من جشع السماسرة والشناقة لينعموا بمنتوجات رخيصة وطاجزة.
ولأن بعض المثقفين كذابون وسفسطائيون ومرتزقة اعتبروا الفلاح والقرية مكاناً للجهل والغباء فقط لأنهم لا يلبسون المعاطف الأنيقة وليس لهم أحذية ملمعة وعيونهم دائما مصوبة نحو السماء أو مدفونة في الأرض ،ولكن الفلاحين لايشبهون بعضَ المثقفين إذ يقفزون من حزب إلى حزب ومن مرجعية لأخرى قد يبتدئ المثقف غِفاريا ثم تروتسكيا وقد ينتهي بالتصويت على"ولد العروسية" ، بعض المثقفين يكذبون نهارا جِهارا في وسائل الإعلام وفي كل مكان وكأن الأمم المتحدة رخصت بالكذب بالجملة، صحيح أننا جميعا نكذب وخاصة في الدقائق الأولى حين نلتقي شخصا ونقول له أننا بخير ونحن نشعر بالسوء ونكذب حين نمدح أشخاصا لا نكن لهم أدنى احترام ،هذا الكذب قد يشحذ عجلات التفاعل الاجتماعي، وهذا الكذب كما يقال مادة تشحيم عالمية للحياة الاجتماعية .

مع فاشية "موسوليني" ونازية "هتلر" وهي نظريتان عرقيتان عنصريتان وجدت من المثقفين من جعلت نظريتَهما جذابتين ولكن للعنصريين والبلطجة والمجرمين.
طبعا ليس جميع المثقفين منخرطين في صناعة التفاهة وفي ترديد الكليشيهات والمرواغات اللغوية الفارغة من المعنى وبيع الكلام والمشاركةالمأجورة في مسلسلات التحشيد وإثارة الغرائز...ليس كلهم لذلك اعتبرهم "ماو تسي تونغ" "المثقفون عبث وخبث" ،وعمل على إعادة تثقيفهم بأن كان "ماو" يرسل المثقفين والطلبة والباحثين وغيرهم إلى الأرياف لمدة 5 أشهر في شتاء البرد القارس ليختلطوا بالفلاحين وأبقارهم وخنازيرهم وأغنامهم وكلابهم ودجاجهم ويأكلون من أُرزهم وذرتهم ومع العمال في مناجهم ومعاملهم ليستقيم فهمهم للحياة ويتجاوزا انفصالهم عن الواقع.
كان دور المفكرين والمثقفين دائما منذ سقراط وهيباتا وفولتير وماركس وديستوفسكي وابن رشد وغرامشي وغيرهم "حراسا لقيم النور والحرية والعدالة في ليلة شديدةالسواد كما يقول "كارل مانهايم"،كان المفكرون دائما في مقدمة مناهضة الحروب الاستعمارية على فيتنام وشعوب إفريقيا وآسيا ،وكانوا قادة لحركات الحقوق المدنية والسياسية وللدفاع عن البيئة والسلم والديمقراطية ومعارضة الأنظمة الاستبدادية والديكتاتورية والفاشية،
وفي فترات الأزمات الكثيرة في التاريخ مثل فترتنا الحاليةالتي سادت فيها الفاشية والشعبوية (ربع دول الاتحادالأوروبي تحكمه أنظمة شعبوية وجميع دوله تقريبا تتقدم فيه الأحزاب الشعبوية انتخابيا)، وتزداد الرأسمالية المالية والمضارباتية التي عملت على طمس قيم الأنوار والعقلانية والحرية والبيئة والسلام التي باتت تتهدد الكرة الأرضية كلها ، في هذا الأزمنة الحالكة تقول "حنا إرندت " الفيلسوفة السياسية الألمانية أنه "حتى في أحلك الأوقات من حقنا أن نتطلع لبعض الإضاءة"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الخارجية الأمريكية: من المفيد أن توقف روسيا وإيران نفوذهما ا


.. المعارضة السورية المسلحة تسيطر على مدن وبلدات بريف حماة الشم




.. بلغ عددها 20 جلسة .. معلومات عن مسار آستانة الهادفة لرسم مست


.. ترمب لـ ترودو: يمكن لكندا أن تصبح الولاية الـ 51 ويمكنك أن ت




.. المستشار الألماني وزيلينسكي يزوران المستشفى العسكري في كييف