الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معالم الحياة المعاصرة / 29

رياض عبد الحميد الطائي
كاتب

(Riyad A. Al-taii)

2020 / 12 / 5
المجتمع المدني


اصلاح النظام السكني
ـ المقصود بالنظام السكني هو مجموعة القوانين والضوابط والتعليمات الخاصة بتشكيل وتنظيم البيئة السكنية التي يحيا فيها افراد المجتمع ،وتشمل هذه البيئة الوحدات السكنية والاحياء السكنية اوالمجمعات السكنية بمبانيها وطرقها واسواقها ومرافقها الخدمية وحدائقها وكل ما يتعلق بشؤون التجمعات السكانية واحتياجات الانسان المقيم فيها، من حيث اسلوب تخطيط الاحياء السكنية وأسلوب بناء المجمعات السكنية ، وطريقة تجاور الوحدات السكنية مع بعضها ، واسلوب توزيع الفضاءات في المجمعات السكنية ، وطريقة التعامل مع عناصر الطبيعة المحيطة ( الشمس ، المطر ، الحرارة ، البرودة ، الرطوبة ، الرياح ، الغبار ، ... الخ ) ويشمل النظام السكني ايضا الضوابط الخاصة باسلوب بناء الوحدة السكنية من حيث الشكل والمحتوى ، ونمط توزيع محتوى الوحدة السكنية اومكوناتها بما يتناسب مع طبيعة البيئة المحيطة ومع النظام الاجتماعي العام ، مع مراعاة ان تكون طريقة تشكيل وتوزيع المباني داخل المجمعات السكنية او الاحياء السكنية بما يؤمن انسيابية حركة وسائل النقل دخولا وخروجا من المجمع السكني ، وكذلك يؤمن حركة الخدمات في مدخلاتها ومخرجاتها اليومية في المجمع السكني بشكل دائم وسلس دون عراقيل ، حيث تشمل المدخلات اليومية المياه الصالحة للشرب والاغذية و الطاقة الكهربائية والوقود ( المحروقات ) ، اما المخرجات اليومية فتشمل النفايات ومياه الصرف الصحي
ـ تقع على عاتق الدولة بالدرجة الاولى مسؤولية توفير مسكن دائم لكل اسرة من مواطنيها المقيمين لغرض تحقيق الاستقرار الاجتماعي والذي هو اهم واجب يقع على عاتق الدولة ، ويتحتم على الدولة ان تشرع قانون يسمى ( قانون الاسكان الوطني ) لتنظيم مسألة السكن لمواطنيها من العوائل والعزاب , واننا عندما نقول بمسؤولية الدولة في توفير المساكن لمواطنيها فان ذلك لا يعني توفير المساكن مجانا وانما نعني أن تقوم الدولة ومن مواردها المتاحة بتشييد مجمعات سكنية متكاملة لغرض توفير المساكن لمواطنيها مقابل مبالغ يدفعها المستفيدون على شكل اقساط شهرية ميسرة ، يكون مقدار القسط متناسبا مع دخل المواطن ومع تكلفة انشاء الوحدة السكنية , ينبغي على الدولة ان تكون عونا لمواطنيها من ذوي الدخل المحدود ولا تضغط عليهم من الناحية المادية مقابل توفير احتياجاتهم الاساسية ، فالدولة هي الاب لجميع المواطنين وهي الراعي لمصالحهم
ـ المسكن هو بيئة الانسان الاولى ، وهو الوطن الاول للانسان ، وهو مكان راحته واستقراره ، وهو المدرسة الاولى التي يتلقى بداخلها الثقافة والمعلومات التي تهيئه لدخول البيئة الاوسع او المدرسة الاوسع اي المجتمع .
ـ كل أسرة هي كيان اجتماعي مصغر مستقل ، يجب ان يكون لكل اسرة مسكنا مستقلا خاصا بها في المدينة التي تمثل مقر اقامتها الدائم , ولا يجوز ان تشترك اكثر من اسرة في السكن في مسكن واحد مهما كانت الاسباب والظروف
ـ استنادا الى مبدأ المواطنة فانه لا يجوز ان يدفع المواطن بدل مالي ( ايجار ) مقابل سكنه في مسكنه الذي يمثل محل اقامته الدائم في وطنه ، دفع بدل الايجار يكون في حالة الاقامة المؤقتة اي عندما يكون الشخص مقيما في غير محل اقامته الدائم ، لذا يجب على الدولة ان توفر لكل أسرة من مواطنيها المقيمين بشكل دائم وحدة سكنية ملكا خالصا ، وان السكن التمليك لا يعني ان توزع الدولة مساكن بالمجان ، وانما يكون التوزيع مقابل ثمن مناسب ويتم استرداد ثمن المسكن بالاقساط المناسبة لدخل العائلة
ـ هناك نوعين من الوحدات السكنية ، وحدة سكنية عائلية ووحدة سكنية عزابية ، يقصد بالوحدة السكنية العائلية اي مبنى تتوفر فيه الحد الادنى من المتطلبات السكنية للاسرة والمتمثلة بغرف المنام بعدد مناسب وغرفة اعداد الطعام ( المطبخ ) وغرفة الحمام والتي هي المكونات الاساسية للمسكن العائلي القياسي ، ويجب ان تتوفر في هذا المبنى شروط المتانة والامان والصحة لتكون مأوى صالح للانسان ليستقر فيها بشكل دائم ، اما بالنسبة لسكن المواطنين العزاب البالغين المؤهلين فانه يتم بناء مجمعات سكنية خاصة بهم شبيه بالاقسام الداخلية الخاصة بطلبة الجامعات .. ليمارسوا العيش باستقلالية وليتحملوا مسؤولية ادارة شؤونهم بانفسهم ، واننا نقصد بالفرد الاعزب البالغ المؤهل هو كل انسان ـ ذكر كان ام أنثى ـ اكمل من العمر 20 عاما ، غير متزوج ، ويملك دخلا يكسبه من عمل يؤديه ، هؤلاء العزاب ممن لا يرغبون في الزواج وتكوين اسرة ، او ممن لم تتاح لهم فرصة الزواج لاي سبب كان يتوجب عليهم الانفصال عن اهاليهم في السكن , فمن غير المناسب ان يسكن الافراد البالغين مع اسرهم التي لديها اطفال او مراهقين لان الاطفال عادة يقلدون البالغين في تصرفاتهم ويتطفلون على حاجياتهم مما ينعكس سلبا على تربية الاطفال ونشأتهم ، وتكون المجمعات السكنية الخاصة بالعزاب على نوعين : ( مجمعات خاصة للذكور ، ومجمعات خاصة للاناث ) هذه المجمعات تشتمل على غرف فردية مع حمام ملحق بكل غرفة ، اما الطعام فيتم توفيره عن طريق مطاعم ملحقة بالمجمع السكني ، ويكون السكن في مجمع العزاب مقابل اجور زهيدة تدفع اسبوعيا كأشتراك في المجمع
ـ الوحدة السكنية العائلية التي تمنحها الدولة يتم تسجيلها في دائرة شؤون العقارات بأسم الزوج والزوجة مناصفة ، اي ان ملكية المسكن ستكون مناصفة بين الزوج والزوجة ويشتركان كلاهما مناصفة في تسديد اقساط الوحدة السكنية ، وفي حالة الانفصال بين الزوجين وكان لديهما اطفال فان الافضلية في تحويل ملكية المسكن ستكون الى الام لكي تبقى فيه مع اطفالها ، وتتولى الدولة اعادة الاموال الى الزوج والتي سددها عن قيمة حصته في المسكن وتقيد على ذمة الزوجة التي تستمر في السداد بنفس قيمة اقساطها السابقة
ـ الاسر المؤقتة من غير اطفال فانها غير مشمولة بخطة الدولة في تمليك الوحدات السكنية للاسر ، الدولة مسؤولة عن الاسر الدائمية وليس المؤقتة ، الاسر المؤقتة تستأجر مسكن لغرض اقامتها المؤقتة
ـ يجوز للدولة عند رغبتها في الاسراع في معالجة مشكلة السكن واختصار الزمن ان تلجأ الى تحديد ملكية الاشخاص من المساكن من خلال اصدار تشريع مؤقت ينص على ان كل مواطن بالغ لا يحق له ان يملك اكثر من مسكن واحد فقط ومازاد عن المسكن الواحد يتم شرائه من قبل الدولة ومن ثم بيعه بالتقسيط الى الاسر التي لا تملك مسكن ، ونؤكد هنا ان اللجوء الى هذا الاسلوب هو لاغراض مؤقتة لتجاوز مرحلة طارئة وليس بشكل دائم , لاننا لا نؤيد تدخل الدولة في حرية التملك ، ولكن لكون الحقوق فوق الحريات , وان المسكن هو حق من حقوق المواطن وله الاولوية ، اما حرية التملك فهي تأتي لاحقا ، فان على الدولة ان تتدخل لمعالجة مشكلة الحقوق حتى لو كانت على حساب الحريات , الوطن كيان واحد وكل المواطنين هم اخوة متساوين في الحقوق والواجبات , وليس عدلا ان تكون هناك عائلة من ابناء الوطن لا يملكون مسكنا واحدا ومواطن اخر يملك أكثر من مسكن ، وليس عدلا ان يكون هناك مواطن عاطل محروم من فرصة العمل ومواطن آخر يمارس اكثر من فرصة عمل في آن واحد ، المسكن والعمل حقوق ثابتة تتحمل مسؤوليتهما الدولة , فكل الشعب هم ابناء الدولة , وعلى الدولة ان تحرص على توفير المساكن لابنائها وعلى توفير ارزاقهم لكي يتحقق الاستقرار الاجتماعي
ـ حتى تتمكن الدولة من تحقيق اهدافها في مجال الرعاية الاجتماعية فانه يجب وضع ضوابط صارمة لغرض السيطرة على النمو والتوسع الاسري ومنع الزيادة المنفلتة في عدد السكان والذي يقوض بالتالي جهود الدولة في مجال الخدمات والرعاية لمواطنيها , وهذا يتحقق من خلال الاهتمام بالتنظيم الداخلي لكيان الأسرة واشاعة ثقافة التحكم بحجم الاسرة من خلال نشر ثقافة استخدام وسائل منع الحمل وعدم ترك هذا الحجم يتوسع اكثر من اللازم ، كذلك السماح بعمليات الاجهاض ، كما انه في الجانب الاخر يفضل عدم الاكتفاء بطفل واحد للاسرة وذلك لاسباب انسانية تتعلق بحاجة الطفل الى اخ يعيش معه في المسكن لغرض التواصل الانساني ، ولكن تحت ظروف خاصة ومقيدة يمكن قبول حالة الطفل الوحيد .
.... يتبع الجزء / 30








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جولة لموظفي الأونروا داخل إحدى المدارس المدمرة في غزة


.. اعتقال أكثر من 1300 شخص في الاحتجاجات المناصرة لغزة في عموم 




.. العالم الليلة | الآلاف يتظاهرون في جورجيا ضد مشروع قانون -ال


.. اعتقال طالبة أمريكية قيدت نفسها بسلاسل دعما لغزة في جامعة ني




.. العالم الليلة | الأغذية العالمي: 5 بالمئة من السودانيين فقط