الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول الإله الشخصي ورسالة من السيدة الفاضلة

حمزة رستناوي

2020 / 12 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


السلام عليكم دكتور حمزة، كنتُ أحد المُحاضرين لمُحاضرتك عن الإعجاز العلمي تحت المجهر. أتمنى أن تشارك معي أي مصادر تُقنع شخص عاش في ظل عائلة متدينة كرّهته في الدين والقرآن والله ورسوله. ماهي الأساليب العقلانية والمبنية على البراهين التي يمكن أن أستخدمها! هذا الشخص حضر محاضرتك، واستغربَ من إيمانكَ بالله ، بالرغم من أنك ذكرتَ أنه لا توجد أدلة تاريخية على وجود موسى عليه السلام. هذا الشخص لا يؤمن بالله ولا برسوله ولا بالقرآن. سأكون شاكرة جدا إن استطعت إفادتي بأي شكل ممكن، وعذرا عن الإطالة.
(1)
تعقيب حمزة رستناوي: سأعرض لعدد من الملاحظات عن موضوعة الايمان
لنميز بين مفهومين للإله، أولا- الاله الشخصي الخاص بمجموعة دينية معينة ، و يدّعي المؤمنون وفق هذا التصور أنه الأفضل أو انهم الوكيل الحصري لرسالة، أو ان الله يتدخل في الدنيا -أو بعد الدنيا- لصالحهم وانقاذهم لكونهم المؤمنين به ( بأل التعريف)، ويعتقدون بوجود معجزات – خرق لقوانين الطبيعة- تخصّ الانبياء الذين يؤمنون بهم او الاولياء المؤمنين من بعدهم . ويعتقدون بوجود طقوس أو كلمات أو سلوكيات معينة مخصوصة يمكنها ان تقرّبهم من الله لكي يرضى عنهم و يكافئهم .
ثانيا- الاله الكلي : الاله الكلي وفقا لهذا التصور ، عام لكل البشر وكل الكون ، لا يُفضل ولا يتبنّى شخص او مجموعة دينية دون غيرها ، لا يتدخل بتفاصيل الحياة والناس، خلق الكون و المجتمع وفقا لسنن وقوانين .. يسيران عليها .. الانسان أو المجتمع الناجح هنا هو الذي يكتشف ويأخذ بأسباب العلم والنجاح ، وهي متاحة لكل الناس حسب وعيهم و جهدهم و قدراتهم. لا يوجد تفاصيل كثيرة يمكن معرفتها عن الايمان بالإله الكلي سوى ادراك او يقين غامض يمكن التعبير عنه بعبارات من قبيل ( عظمة الكون، رهبة الكون ..الذهول ..الانتماء الى الحياة .. ما وراء المحسوس! لغز الوجود! لتواصل مع الروح الكلي ...) لا يمكن فصل الاله الكلي عن الكون والطبيعة ...هو روح الكون والحياة التي تسري فيه .. والايمان بالاله الكّلي هو أقرب في ذلك إلى نظرية وحدة الوجود ...ومُصداق هذا النوع من الايمان هو الالتزام بأولويات الحياة والعدل والحرية. ومن تعبيراته الاستمتاع بالجمال والموسيقا والايقاعات الكونية ولذة الاكتشاف والفضول المعرفي.
بالنسبة للقصص الوارد في الكتب المقدسة يمكن إنقاذ الايمان الديني فيه - وفقا لاسبينوزا- في النظر الى القصص الديني بكونه خطاب يلائم عصر معين ومجتمع معيّن .. وكونه وسيلة لتحقيق الصلاح والعِبرة وليس في كونه وقائع تاريخية حقيقية أو مصدر من مصادر التاريخ و العلم . فمرجعية القرآن هي التاريخ، وليس مرجعية التاريخ القرآن ..وهذا ما اشتغل عليه مثلا المفكر الاسلامي المُستنير جودت سعيد على سبيل المثال لا الحصر. الايمان الوارد في الكتب المقدسة برواياته غني بالمجاز والتصوير والتمثيل والعاطفة بما يجعلهُ مؤثرا في شرائح واسعة من الناس وبأسلوب سهل خاصة قبل بزوع عصر العلم والتنوير ، أي انه حالة خاصة من الوحي الالهي – لا ينبغي تحنيطها ولا ينبغي تعميمها ... وينبغي التمييز ما بين الظرفي والكلي منها.
الايمان بشكل عام - بكل أشكاله - بما يشمل الالحاد و بما يشمل الايمان بالعقائد اللا-دينية كالعقائد السياسية مثلا، هو في النهاية اعتقاد يعتقد به الانسان بينه وبين نفسه ، وهو ليس بعلم يقوم على القرائن التجريبية العلمية. الايمان يكون وفقا لمرجعية العقد الفئوي الخاص بجماعة المؤمنين . بينما العلم يكون بمرجعية عابرة للزمن والمجتمعات. المُلحد مثلا يؤمن بعدم وجود الله ،والمؤمنين باختلاف تنويعاتهم يؤمنون بطريقهم الخاصة. وكلاهما سواء الملحد او المؤمن بدين يؤمن بغيب يظنه حقيقة ..ولا يوجد قرائن كافية – بمقياس عامة الناس عبر العصور و المجتمعات – تلزم غيره من الناس. في الحقيقة ليس المهم – بالنسبة للآخرين- بمن تؤمن أو لا تؤمن ..المهم كيف يتجسّد او يتظاهر هذا الايمان في الحياة و السلوك والمجتمع. مودّتي
(2)
تعقيب من السيدة الفاضلة: شكرا لك، يعطيك العافية، هل من وجهة نظرك، إن تعريف الإله في الإسلام مبني على الإله الشخصي أم الكلي أم هو مزيج بينهما؟
(3)
تعقيب حمزة رستناوي:لا أعتقد بوجود وصف مُحدّد يمكن تصنيفه بشكل بسيط . القضية تحتاج الى اعادة فهم النص القرآني وفقا لرؤية معرفيّة - اخلاقية حديثة . بالطبع هذا أمر يقع على عاتق المؤمنين أساسا ، و الايمان شرطه الحرية ..حرية الايمان بأي معتقد و حرية الكفر بأي معتقد كذلك. التفسير و الفهوم الشائعة تاريخيا وحاليا هي فهوم قاصرة عن مصالح مجتمعات المسلمين قبل غيرهم و هي قاصرة مقارنة بالمنسوب العالمي للحضارة ..نحن بحاجة الى ثورة تنويرية في الاسلام و اصلاح جذري- يعيد فهم الايمان بالله ويفسّر الايمان الاسلامي كإيمان عام انساني يتجاوز التنميط الموروث والتفكير الرغبوي المُتمركز حول الأنا ، والاسلام ليس استثناء بين الأديان هو قابل ليكون أفضل مما هو عليه حال المسلمين الآن! ولكن هذا يحتاج الى شجاعة في التفكير وربط الاسلام بمصالح مجتمعات المسلمين والاستفادة من عموم تجارب الشعوب ولحضارة الانسانية.
(4)
تعقيب من السيدة الفاضلة: مقدرة لك إسهابك في الإجابة عن سؤالي. سأعمل ما استطعت من طرفي على الإصلاح. اتفق معك في حاجتنا إلى ثورة تنويرية في الإسلام لنفهم الإسلام ونمارسه بصحة وبحرية. هل من وجهة نظرك كتاب مثل (حوار مع صديقي الملحد) لمصطفى محمود يفسر القرآن بشكل صحيح ومنطقي وعلمي ولا يسيء استخدامه؟
(5)
تعقيب حمزة رستناوي: في الحقيقة السجالات والحوارات التي تستهدف الدفاع عن مُعتقد معيّن أو نقض مُعتقد معيّن بما يشمل العقائد الدينية و اللا-دينية غالبا ما تنطلق من موقف مُسبق و انحياز ايديلوجي وتستخدم حجج انتقائية موجهة في خدمة هدف معين. لا أعول على هكذا أساليب في تقديم المعرفة سواء حوار مع أخيك المُلحد أو حوار مع أخيك المسلم الشيعي او حوار مع اخيك المسيحي ..الخ. كل عقيدة قابلة للفهم الحيوي عند التزامها بأولويات الحياة والعدل والحرية ، وكل عقيدة قابلة للفهم العنصري كذلك.. بما يشمل الاسلام والالحاد معا! الايمان خيار شخصي- نفسي يرتاح له الانسان بما يشمل الموقف الالحادي كذلك ..والاعتقاد هو في النهاية ما يعتقد به الانسان بينه و بين نفسه .. وبالتالي لا تُجبر نفسكَ على مُعتقد ولا تلوم نفسكَ على مُعتقد! نصيحتي لكِ –ولنفسي- هي التأمل الحر والاطلاع ومُعاينة تجارب حياتية جديدة ، ودعي السفينة ترسو حيث شاااءت - مودتي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قلت الحقيقة وهي الحقيقة ولا شيء غيرها
سمير آل طوق البحراني ( 2020 / 12 / 12 - 11:14 )
ان اي مؤمن بما يؤمن لا بد ان يحاول جاهدا ان يجد مبررات لايمانه وان كان خلاف العقل والمنطق ولهذا السبب تعددت الآلهة وصفاتهم بل ان بعض الدينات جعلت الالاه خاصا بها وبمقدساتها وعلى هذا الاختصاص تبنت الارهاب دفاعا عنه علما بان الالاه الكلي القدررة ليس محتاجا لاحد لانه من اوجد كل الكآئنات وقوانينها ولا فرق عنده بين مخلوقاته. اما الحوارات حول الايديولوجيات والتي انشئت لها كتب فهي من وحي الخيال فقط.فاذا رجعت الى كتاب مصطفى محمود مثلا فهو يخاطب نفسه فقط وليس هناك حوار مع صديقه الملحد وهو ينطبق عليه القول:
يا اعدل الناس الا في محاكمتي ** فيك الخصام وانت الخصم والحكم.
شكرا لك يا دكتور.

اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س