الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منظمات المجتمع المدني بين رؤية العولمة ومهماتها الطبيعية

رديف شاكر الداغستاني

2006 / 7 / 17
المجتمع المدني


المجتمع المدني ظاهرة قديمة في المجتمعات الاسلامية تعود الى نظام الاوقاف والطرق الصوفية والطوائف الحرفية ( النقابات ) وظل المجتمع الاهلي يمتلك تعبيراته المدنية القديمة طيلة القرون الماضية حتى اعتماد الدولة العثمانية قانون ( التنظيمات ) في ثلاثينات القرن التاسع عشر حيث انتقلت عدوى الانظمة والافكار الاوربية الحديثة التي بلورت مفهوم المجتمع المدني الحديث وكرسته عمليا في القرن الثامن عشر .
اليوم ، يتزايد الاهتمام بالمجتمع المدني في بلدان القارات الثلاث ( الجنوب ) المحرومة في غالبيتها من الديمقراطية كتحصيل حاصل لبنيتها الماقبل - راسماليه او الراسمالية الناقصة في قلة منها مثل تركيا فقد ارتفع عدد منظمات المجتمع المدني منذ اواخر الثمانينات الى اكثر من ضعفي عددها في منتصف الستينات . وياتي هذا الاهتمام المطرد بظاهرة المجتمع المدني لاسباب تتعلق بفشل جهود التنمية الوطنية والاجراءات الاصلاحية ( الشكلية ) الخاصة بالحقوق السياسية والمدنية . وتزامن هذا التوسع مع عقد مؤتمرات دولية لمعالجة مشكلات حول مستقبل البشرية كالتنمية الاجتماعية والبيئة وحقوق الانسان والمرأة والسكان فضلا عن استخدام الغرب للمنظمات غير الحكومية كالية سياسية لتغيير النظم الدكتاتورية وتحقيق اللبرالية والتحول الى اقتصاد السوق.
يمر المجتمع المدني في بلدان الجنوب اليوم بمرحلة انتقالية بالغة الصعوبة والتعقيد تتشابك فيها الابعاد الدولية والتغييرات الداخلية ( لالاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية ) . ويتضمن ذلك التوجه الغربي لصناعة مجتمع مدني عالمي عن طريق عولمة المنظمات غير الحكومية وتحويلها الى الية لتنفيذ رؤى وخطط تنموية تهدف الى ادماج تلك الدول في اطار النظام العالمي الجديد اذ تحرص قوى العولمة على توظيف المجتمع المدني كظاهرة اقتصادية تستجيب لاهداف العولمة باعادة هيكلة الرسمالية المعاصرة بادماج اقتصادات مختلف بلدان العالم وفق شروط راسمالية المراكز على اساس اعلاء شان السوق والياته وفرض حرية انتقال رؤوس الاموال والاستثمارات والسلع والخدمات دون قيود تطبيقا لاديولوجية اللبرالية الجديدة .
لذا تدعو العولمة لتقوية منظمات المجتمع المدني بغية اضعاف الدولة وهو ما يقود الى تشرذم المجتمع بينما كنحن بحاجة الى دولة قوية وقادرة ولكن عادلة وديمقراطية تعطي الحرية للقطاع الاهلي .
كما وتوفر قوى العولمه الدعم القوى للمنظمات المعانة وتسيرها كيفما تريد . وقد قاد هذا التدخل الاجنبي الى تغير عميق في خريطة المجتمع المدني الذي تتهدد مؤسساته بالتحول عن مهمتها الاساسيه في دعم التطور الديمقراطي الى ملطف ومخفف لحدة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية الناجمة عن سياسات العولمة وتاثيراتها على مجتماتنا ولدينا مثال صارخ على ذلك بما نلمسه من انفجار وليس نمو المجتمع المدني بسبب نشوء منظمات متكاثرة ولكن باهداف جزئية جدا ودون ان يكون لديها رؤية مشتركة او تنسيق للجهود ممايؤدي الى تفتيت وحرمان المجتمع المدني من البروز كقطاع ثالث الى جانب الدولة والقطاع الخاص .
ان انهيار الحركات الاجتماعية التقليدية ( عمالية ، فلاحية ، طلابية ونسائية ) وغياب طرح فكر مناسب في ظل التطورات الجديدة في العالم ساعد كثيرا على رواج الرؤية الخاطئة عن المجتمع المدني ومهماته واليات عمله . فالمنظور البنيوي التنموي للمجتمع المدني انه عملية مستمرة لاعادة تقسيم الثروة والسلطة في المجتمع وهذا هو الدور الحقيقي للقطاع الثالث في التنمية من خلال التاثير على السياسات العامة التي تعالج السلطة وتوزيع الثروة . ويمثل المجتمع المدني البنية التحتيه للنظام الديمقراطي اي بناء من اسفل يشمل الشعب كله تربية وتدريبا وممارسة في مختلف ميادين الحياة اليومية تمكنه من القيام بدور تنموي تغييري في اطار التنمية المستديمة ومن خلال المشاركة تتحول الجماهير من متلقية سلبية للمساعدات ( كما تتعامل معها غالبية منظمات المجتمع المدني الراهنة ) الى فاعل ايجابي مبادر ووسيط في عملية التغيير الاجتماعي .
ازاء هذا المشهد الحائر لا نعدم تجارب مغايرة لمنظمات المجتمع المدني الفسطيني جسدت نموذجا ايجابيا حين استطاعت ان تعوض غياب دولة وطنية مستقلة وانجزت بالفعل دور الحكومة بشروعها في الزراعة الجماعية والتعليم الشعبي والاقتصاد العائلي والخ . كذلك النموذج اللبناني ابان الحرب الاهلية في مجال الخدمات الغذائية والصحية والاجتماعية .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة المياه تهدد حياة اللاجئين السوريين في لبنان


.. حملة لمساعدة اللاجئين السودانيين في بنغازي




.. جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في ليبيا: هل -تخاذلت- الجن


.. كل يوم - أحمد الطاهري : موقف جوتيريش منذ بداية الأزمة يصنف ك




.. فشل حماية الأطفال على الإنترنت.. ميتا تخضع لتحقيقات أوروبية