الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محنة العملية التعليمية في العالم العربي

مصعب قاسم عزاوي
طبيب و كاتب

(Mousab Kassem Azzawi)

2020 / 12 / 12
التربية والتعليم والبحث العلمي


حوار أجراه فريق دار الأكاديمية مع مصعب قاسم عزاوي

فريق دار الأكاديمية: كيف تنظر إلى واقع ودور النظم التعليمية بنيوياً ووظيفياً في العالم العربي؟

مصعب قاسم عزاوي: النظم التعليمية في الدول العربية هي استطالات بشكل أو بآخر للنظم الاستبدادية المسيطرة عمقاً وسطحاً على حيوات الأفراد والمجتمعات في الدول العربية، وهو الواقع الذي يجعل منها أدوات لا بد أن تعمل في خدمة الآلة الاستبدادية الأخطبوطية، وتوطيد قدرتها على القبض على كل مفاصل المجتمع وإحكام تلك القبضة في كل الظروف والأحوال.

والنظم التعليمية العربية تمثل في واقعها الحالي مؤسسات للتنميط العقائدي منذ المرحلة الابتدائية وحتى أعلى المستويات الجامعية عبر إرغام الطلاب على استبطان أن واقع الاستبداد الوحشي الذي يعيشون فيه من طبائع الأمور، وأن التفكر بتغييره إثم لا بد من علاجه حتى لو اقتضى ذلك الكي.

وتقوم تلك المؤسسات التعليمية في العالم العربي بدورها الوظيفي المناط بها لتصنيع «الإنسان المُرَّوَضِ» الذي يتقن فن تنفيذ الأوامر التي تصدر له، دون التفكر بفحواها، وأحقيتها العقلانية أو الأخلاقية، عبر تحويل المدارس إلى ثكنات شبه عسكرية تقوم بالإضافة إلى دورها الترويضي عبر كبح كل قدرات الإبداع، والتفكير الحر، والاستنباط العقلاني، ومهارات اكتشاف المعرفة عبر التفاعل المبدع معها؛ بدور «الكتاتيب القروسطية» القائمة على التلقين والاستحفاظ الببغائي، والتحصيل العلمي لأجل اجتياز الامتحان، عبر تحويل كل طاقات العقل البشري، لأجل تعزيز مهارات الذاكرة القصيرة والمتوسطة المدى واستبطان القوالب الصماء التي يتعامل معها العقل البشري دائماً وفق مبدأ «القِدْرِ المثقوب» الذي لا يستطيع الاحتفاظ بفيض تلك المعلومات النظرية التي لم يتم ترسيخها عملياً بالاشتباك المعرفي و التطبيقي معها، و التي لا بد لها من التسرب من ثقوب الذاكرة القصيرة المدى و المتوسطة، لينساها الطالب في فترة وجيزة عقب اجتياز الامتحان. وذلك ما يفسر الكم الهائل من «أشباه الأميين» سلوكاً وتفكيراً ومنظاراً للحياة في غير مجتمع عربي على الرغم من تحصلهم مسبقاً على مؤهلات ثانوية وجامعية؛ حيث أن الدماغ البشري غير قادر من الناحية التطورية والفيزيولوجية على الاحتفاظ بأي خبرات تراكمية، ما لم ينخرط الفرد في عملية تآثر فعال معها، تقتضي منه الاستكشاف والتفكر والإبداع والاستنتاج والاستخلاص وصولاً إلى ترسخ المعرفة في الذاكرة البشرية.

وكمثال على الواقع التعليمي الراهن في الدول العربية يخرج طلاباً كالببغاءات يتقنون فن ترديد وتكرار أهم وظيفة في الحفاظ على حيوات وقوت كل الحيوانات على وجه الأرض ألا وهي فيزيولوجيا الإلقاح في النباتات، دون أن تتمكن الغالبية العظمى من أولئك الطلاب من التفريق بين الأسدية والمآبر في زهرة إن أمسكوا بها ونظروا إليها بمجهرة بسيطة موجودة في كل مدارس الكرة الأرضية.

وواقع الحال أن المدارس الثانوية العربية أصبحت ثكنات عسكرية مناط بها القيام بدور «الكتاتيب القروسطية»، بينما الجامعات تحولت بدورها إلى «مدارس ثانوية كبيرة»، حيث أن الدور الأساسي للجامعات في العالم المتقدم مرتبط بالبحث العلمي المتواشج عضوياً بحاجات المجتمع الذي تتواجد فيه تلك الجامعة، وهو الذي تعد الدول العربية من أقل المساهمين فيه على المستوى العالمي؛ فالتحصيل العلمي فيها مرتبط باللهاث للحصول على الدرجة العلمية بغض النظر عن تبعات ذلك في إنتاج مخرجات تعليمية هزيلة إن لم تكن تراجيدية في كثير من الأحيان ترقى إلى مأساة تخليق «الأمي الذي يحمل أسفاراً» في كل تفاصيل العملية التعليمية الجاهلية في الوطن العربي، إلا في استثناءات نادرة على المستوى الشخصي لأفراد قرروا تعليم أنفسهم عبر القراءة و الاجتهاد والتفكر، وهو فعل في الواقع لا يحتاج إلى الانخراط في أي جامعة للوصول إليه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الهولندية تعتدي على نساء ورجال أثناء دعمهم غزة في لاه


.. بسبب سقوط شظايا على المبنى.. جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني ت




.. وزارة الصحة في غزة: ما تبقى من مستشفيات ومحطات أوكسجين سيتوق


.. مسلمو بريطانيا.. هل يؤثرون على الانتخابات العامة في البلاد؟




.. رئيس وزراء فرنسا: أقصى اليمين على أبواب السلطة ولم يحدث في د