الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التاريخانية من هيجل إلى ماركس وانجلس/المادية التاريخية 1

حنضوري حميد
كاتب وباحث في التاريخ

(Hamid Handouri)

2020 / 12 / 16
الارشيف الماركسي


اكتملت فلسفة التاريخ المثالية مع صدور كتاب العقل في التاريخ - محاضرات في فلسفة التاريخ للفيلسوف الألماني هيجل، حيث حاجج هيجل كثيرا على كون التاريخ البشري تتخلله عقلانية غائية، تتحكم في مسار أحداثه وشخوصه، فليس التاريخ من وجهة نظره، سوى تجسيد للروح المطلقة؛ أي تجسيدا للعقل الكلي والمعقولية الشمولية؛ إذ ليس هناك مجال للصدفة في التاريخ ولا دور لإرادات الأفراد سوى العمل وفق معقولية الروح المطلقة/روح المجتمع وارادته المجردة من غايات الأفراد، بل إن الأفراد لا يختارون إلا ما يناسب ماهية التاريخ ومعقوليته. لقد كان نابليون في نظر هيجل يختار ما يمليه عليه روح التاريخ ولم يكن لانتصاراته الشخصية، سوى دافع نفسي ذاتي لتحقيق غاية التاريخ المطلقة والتعبير عن روح الشعب، لا يحدث في التاريخ إلا الافكار التي تنتصر نظريا؛ فليس صراع التاريخ وتناقضاته في نظره سوى تعبير عن صراع الأفكار، لأن الفكر هو الذي يحدد الواقع وليس العكس ،وبالتالي هناك غاية قبلية للتاريخ يسير نحو تحقيقها. وهي غاية الحرية و الفعل حسب ما يمليه العقل في إطار دولة المعقولية ومجتمع المعقولية والذوق الجمالي والمعيار الأخلاقي المعقول. ويعتبر هيجل هذه التاريخية الخطية الحتمية هي قانون التاريخ والوسيلة التي تؤدي إلى التقدم وفق المنطق الصوري التالي: الفكرة ونقضيها وتركيبها.
بدأ كارل ماركس مسيرته الفلسفية في فترة شبابه ضمن اليسار الهيجلي، حيث تبنى فلسفة التاريخ المثالية الهجيلية واعتبرها وسيلة لنقد الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والإيدلوجي في ألمانيا نهاية القرن 18م بداية القرن 19م. وقد وجد فيها ماركس في بدايته غايته كشاب ثوري يريد الإجابة عن السؤال التقليدي آنذاك الذي هيمن في أوساط الفلاسفة والمفكرين و المثقفين والإعلام البروسي الألماني وهو كالتالي: لماذا تقدمت فرنسا وانجلترا وتخلفت ألمانيا؟
وبعد اطلاعه ودراساته المعمقة في متن وممارسة أدبيات الاقتصاد السياسي لدى كل من أدام سميث وريكاردو والأعمال الانتروبولوجية ل "مورغان "،وبعد تعميق دراسته الفلسفية حيث حضر الدكتوراه حول "الفلسفة الرواقية والابقورية" و درس جيدا علوم عصره والمادية المكانيكية مع رائدها فيورباخ، ومن خلال دراسة المنطق الهيجلي ... توصل في كتابة الإيديولوجية الألمانية ومخطوطات 1844م. إلى خطأ التاريخانية والاقتصادانية والمثالية الفلسفية المطلقة و تهافت المادية الميكانيكية وسذاجتها وفراغ المنطق اللاأدري وحلقيته الدائرية، لأنها تؤدي إلى إنكار الحقيقة المادية لتقسيم العمل وتناقض قوى الإنتاج مع علاقات الإنتاج ودور قوى الإنتاج ووسائل الإنتاج في تطوير علاقات الإنتاج وتقدم التاريخ نحو تحرر قوى الانتاج ووسائل الانتاج عبر تشكيلة اجتماعية تنفي علاقة الاستغلال بين قوى الانتاج الانسانية والطبيعة من جهة والشكل الاجتماعي والبناء الفوقي لعلاقة الإنتاج من جهة أخرى.
ثانيا: المادية التاريخية مع ماركس وانجلس
تتلخص المادية التاريخية في كونها قراءة للماضي والحاضر البشري من زاوية مادية تاريخية ، تعتبر حركة التاريخ خلاصة للمجهود النظري والفكري والمجهود والنشاط الذهني والعضلي والعملي البشري. وهي نظرية تفنذ ادعاء الفلسفة المثالية في نظر ماركس،لأنها تعتبر التاريخ نتيجة لحركة الافكار المجردة الخالصة. وهذا خطأ وقصور علمي في عملية التأريخ المثالية الصورية لانها تعتبر المجتمع وحدة منسجمة بشكل مجرد، بينما علاقات الانتاج في حالة صراع وتناقض مع قوى العمل والانتاج في الواقع.
تعتبر المادية التاريخية أن التاريخ يسير نحو غاية مادية ملموسة يمليها منطق مادي تاريخي ينشأ عنه صراع بين قوى العمل وعلاقات الانتاج، صراع سينتهي بالانتقال الى الاشتراكية في وسائل الانتاج وتحرير قوى العمل والانسانية من علاقات الانتاج الاستغلالية الطبقية ضد قوة العمل الذهنية والعضلية وضد الطبيعة؛ هذه الاخيرة التي يعتبر ماركس ان التاريخ يسير في اتجاه الانسجام معها وتصحيح علاقة الاستغلال اللاعقلاني والجشع الغير المتوازن لمواردها وتدمير بعض قوانينها
المادية الجدلية؛ إن هذه هي الشيوعية الذاتية والموضوعية حيث يتحرر الانسان من الاستغلال وتتحرر الطبيعة من التدمير والاستغلال البشع لوسيلة الانتاج الطبيعية/ في إطار مفهوم التنمية المستدامة العادلة والمتوازنة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليس معاداة للسامية أن نحاسبك على أفعالك.. السيناتور الأميركي


.. أون سيت - تغطية خاصة لمهرجان أسوان الدولي في دورته الثامنة |




.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غ


.. تعمير - مع رانيا الشامي | الجمعة 26 إبريل 2024 | الحلقة الكا




.. ما المطلوب لانتزاع قانون أسرة ديموقراطي في المغرب؟