الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشاركة الشيشانيين في حروب روسيا الخارجية في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين

أمين شمس الدين

2020 / 12 / 22
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


خاتوييف إسلام زاؤدينوفيتش
دكتوراه في التاريخ
أستاذ مشارك في جامعة الشيشان الحكومية، رئيس اتحاد الصحفيين في جمهورية الشيشان، وعضو اتحاد كتاب روسيا
الترجمة عن الروسية أمين شمس الدين داسي

يعود تاريخ العلاقات، بما في ذلك رابطة الحرب، بين الروس وأسلاف الشيشانيين المعاصرين إلى قرون. والآن أصبح العلم مدركا لحقائق جديدة في علاقات التحالف بين الشعبين في مراحل مختلفة من التاريخ.
وجدت روسيا القديمة الدعم من الشعوب الأصلية في شمال القوقاز (الشيشانية في المقام الأول كأكبر مجموعة عرقية في المنطقة) في الحرب ضد الخزر، وجحافل التتار- المغول، وفي وقت لاحق، خلال اضطرابات أوائل القرن 17، في الدفاع عن البلاد من التدخل البولندي.
إن تاريخ وثقافة الشعب الشيشاني جزء لا يتجزأ من الحضارة القوقازية وعموم روسيا. وجمهورية الشيشان جزء لا يتجزأ من الاتحاد الروسي، تتمتع في الوقت نفسه بإدارة ذاتية لدولة وتقرير مصير. وللشعب الشيشاني تاريخ معقد يعود إلى قرون مضت، تاريخ من الخَلق والإبداع، وروابط مفيدة متنوعة، وتعاون متبادل المنفعة مع الشعوب القوقازية والروسية وغيرها من الشعوب.
يعمل الشيشانيون بشكل وثيق مع ثقافات شعوب روسيا، حاملين على مر القرون سماتها العرقية الثقافية: اللغة، الطقوس، العادات، التقاليد، البنية الاجتماعية، القيم الروحية - الأخلاقية. إن العلاقة الروسية الشيشانية لها تاريخ معقد ومتناقض منذ قرون. لم تكن طريقها سهلة دائماً. [3]
خلال فترة الحكم القيصري، كانت العلاقات تتحدد إلى حد كبير من خلال السياسة القيصرية في الغزو والاستعمار وردود الفعل المقاوم للشعب، على الرغم من أنها لم تختزل تماماً في هذا، حيث تضمنت أحوال معينة من التعاون، وإدخال الشيشانيين إلى أشكال متقدمة من الاقتصاد والتعليم.

وفي نفس الوقت الذي كانت تقوم فيه الحملات العسكرية المشتركة، تم إرساء علاقات دبلوماسية بين قادة شمال القوقاز، بما في ذلك الشيشانين، مع موسكو في الخمسينيات والثمانينيات من القرن السادس عشر[5]. لقد حققت روسيا في صراعها العنيد مع ورثة القبيلة الذهبية مخرجا لها إلى بحر قزوين وشمال القوقاز. وإلى حد ما، مكنها من ذلك مشاركة الشعوب الجبلية معها في تلك الحروب، والتي من جانبها، كانت تخوض حروبا ضد الإمبراطورية العثمانية وخان القرم الموالي لها..
يقول ب. غ. بوتكوف، الباحث في تاريخ القوقاز للقرن الثامن عشر - القرن التاسع عشر، أنه في عام 1735 ، تم تكوين تشكيلة عسكرية تِرِك قيزليار (اسم مكان) ، قوامها 169 شخصًا ، "من ضمنهم القوزاق والشيشان - أوكوتشان" [6]. قدم الشيشان مساعدة نشطة للقوات الروسية في هزيمة قوات خان القرم التي غزت شمال القوقاز وسهوب جنوب روسيا.
استمرت تقاليد الكفاح المشترك بين الجبليين والروس ضد الأعداء الخارجيين لأوقات لاحقة. وبحلول نهاية الأربعينيات من القرن الثامن عشر، تتزايد رغبة سكان بلاد الشيشان في إقامة علاقات ودية مع روسيا.
ومع ذلك، فمن النصف الثاني من القرن الثامن عشر يكتسب الطابع الاستعماري لتقدم روسيا في الشيشان المزيد من الخطوط العريضة. وتتخذ مقاومة الجبليين شكل نضال التحرر الوطني ضد القيصرية. كان أبرز أحداث هذه السلسلة انتفاضة الشيخ منصور في نهاية القرن الثامن عشر، إضافة إلى حرب إمامة شامل ضد روسيا القيصرية في القرن التاسع عشر.
على الرغم من ذلك، هناك العديد من الأمثلة على الأخوة العسكرية الروسية الشيشانية المشتركة ضد الأعداء الأجانب. فالجبليون بما في ذلك الشيشان واصلوا القتال إلى جانب الروس ضد الغزاة من خارج المنطقة. ففي القرن الثامن عشر صعدت تركيا وإيران حملاتهما التوسعية في القوقاز.
انتفضت شعوب شمال القوقاز للقتال ضد الشاه الإيراني، والسلطان التركي، وخان القرم. كان هذا النضال تقدميا؛ فهو ساعد الشعبين الروسي والأوكراني ليس فقط في الدفاع عن أنفسهم ، ولكن أيضًا سحق العدو على الحدود الجنوبية للدولة.
ساعد الشيشان، مع شعوب أخرى في القوقاز، القوات الروسية في هزيمة المعتدين. فعلى سبيل المثال، عندما غزا خان القرم في عام 1735 شمال القوقاز، وحاول اختراق أودية بلاد الشيشان، تصدى الشيشان له وهزموه. وقاموا ببناء برج خان- كالا تكريما للنصر، و سمي الوادي نفسه بوادي خانكالا.
شارك ألكسندر نيكولايفيتش تشيتشينسكي، وهو صديق مقرب من دينيس دافيدوف، بدور نشط في الحرب الوطنية عام 1812. [7]. بعد أن اجتاز المسار العسكري المجيد من فيازما إلى سمولينسك وفيلنو وغرودنو وبولندا وفرنسا، وهازما الغازي نابليون ، ارتقى أ. تشيتشنسكي إلى رتبة لواء (ميجر جنرال) في الجيش الروسي. وحصل على وسام القديس فلاديمير من الدرجة الثانية، ووسام القديسة آنا من الدرجة الثانية و المرصَّع بالماس. [8]
جنرال آخر من جنرالات القيصر في ذلك الوقت، هو الشيشاني باتاي شاخمورزاييف. أيضا في حرب القرم 1853-1856، تميز ضابط الجيش القيصري آرتسو تشيرموييف في المعارك ضد قوات فرنسا وإنجلترا وتركيا. وخدم ابنه عبد المجيد تشيرمويف فيما بعد كمرافق شخصي للإمبراطور نيكولاي الثاني.
خلال الحرب الروسية- التركية 1877-1878، شارك جبليو شمال القوقاز بدور نشط في المعارك ضد القوات العثمانية. تشكل فوج الخيالة الشيشاني غير النظامي بحلول منتصف فبراير 1877 من سكان مقاطعات غروزني وخسو-يورت وأرجون وفيدينو. سرعان ما ترأس الفوج الجنرال القيصري الشيشاني أرتسو تشيرموييف.
أظهر الشيشان ، إلى جانب جنود آخرين من وحدات القوقاز، الشجاعة في المعارك مع العدو. تم منح العديد من الضباط والجنود العاديين من هذا الفوج أوسمة وميداليات. مُنح أومالات لأوداييف أوسمة آنا من الدرجة الثالثة، ستانيسلاف – من الدرجة الثالثة، كما مُنح شخبولات شيريبوف وسام ستانيسلاف – من الدرجة الثالثة.
كان من بين الشيشان العديد من الضباط العسكريين والمهنيين المحترفين في الجيش القيصري الذين مجدوا الأسلحة الروسية مباشرة في ساحات القتال.
الجنرال القيصري، الشيشاني إريسخان علييف (سلف مؤلف هذا المقال) كان قد تولَّى عشية الحرب الروسية اليابانية عام 1904-1905 قيادة فيلق غرب سيبيريا الثاني، وخلال الحرب استُبدِل مؤقتًا مكان القائد الخارج عن النظام، الجنرال لينيفيتش.
وتجدر الإشارة إلى أنه على جبهات الحرب العالمية الأولى، قاتل الشيشان بشكل قويّ ضد القوات الألمانية والتركية والنمساوية- المجرية. وتم تشكيل فوج منفصل من الشيشان كجزء من فرقة القوقاز الأصلية ("البرية"(المتوحشة)). كان ضباط هذه الفرقة من الجبليين، والقائد شقيق الإمبراطور نيكولاي الثاني، الدوق الأكبر ميخائيل ألكساندروفيتش. تفاصيل مثيرة للاهتمام - اختار الدوق الأكبر من أجل تجنيد الأمن الشخصي أفرادا من الشيشان. قاتل الشيشان ضمن فيالق القوقاز الثلاثة على كل من الجبهة الغربية والقوقاز [9]
يمكن إيراد امثلة عديدة أخرى على المآثر القتالية لممثلي الشعب الشيشاني كجزء من الجيش الروسي في القرن التاسع عشر - وأوائل القرن العشرين.
وَجَدت تقاليد قتال الأخوة للروس والشيشان استمرارها في فترات لاحقة من التاريخ. دائما، بمجرد أن هاجم الأعداء الخارجيون بلدنا، كان الشيشان من بين أوائل المدافعين عن الوطن الأم، إلى جانب الروس والشعوب الأخرى. لقد قاتل المحاربون الشيشان بشجاعة ضد الغزاة الفاشيين على جبهات الحرب الوطنية العظمى (العالمية الثانية) أعوام 1941-1945.
مدَّت بلاد الشيشان - إنغوش الصغيرة جبهات الحرب العالمية الثانية بأكثر من 40 ألف جندي وضابط (أكثر من 12 ألف منهم من المتطوعين)، حصل 56 منهم على لقب بطل الاتحاد السوفيتي. كما قاتل الشيشان (بما في ذلك جد المؤلف ماغوميد خاتوييف) في الحرب السوفيتية- الفنلندية، في هزيمة اليابان العسكرية.
شارك حوالي 400 شيشاني في الدفاع عن قلعة بريست[11]. انتشرت وعُرفت أسماء المحاربين الشجعان من الشيشان على طول الجبهة بأكملها: خانباشي نوراديلوف، ومولدي عُماروف، ومولدي ويسايتوف، وماغوميد أوزوييف، وأبوحجي إدريسوف، وإبرايخان بيبولاتوف، وخواجي مجاميد - ميرزوييف، وكانتا عبد الرحمانوف، وداشي أكاييف، وساكي فيسايتوف، وعبدالحكيم إسماعيلوف وآخرين..
مئات من الجنود الأمميين من الشيشان حصلوا على جوائز عسكرية عالية خلال خدمتهم في أفغانستان، في الأعوام (1979-1988)
يمكن الاستشهاد بأمثلة كثيرة على الأخوة العسكرية الروسية- الشيشانية من تاريخ الحروب الخارجية لبلدنا. واليوم، يواصل أحفاد A. Chermoev و U. Laudaev و E. Aliev و M. Visaitov و H. Nuradilov التقاليد المجيدة لأسلافهم.
وهكذا، حتى الجزء الصغير المذكور أعلاه من الأمثلة العديدة من تاريخ الأخوة الروسية- الشيشانية المشتركة، والروابط التجارية والاقتصادية والثقافية، يُظهر تناقض النظرية التي انتشرت في السنوات الأخيرة في الأوساط العلمية والسياسية والإعلامية، والتي تُصَور الأمر وكأنَّ الحرب الروسية- الشيشانية "الشاملة" مستمرة، مع انقطاعات قصيرة، لمئات السنين.[12]
في السنوات القليلة الماضية وحدها، حصل أكثر من 20 شيشانيًا على لقب بطل روسيا (9 منهم بعد وفاته). يوجد حاليًا ما يزيد عن 20 ألف شيشاني يخدمون في صفوف القوات المسلحة والشرطة وهياكل السلطة الأخرى في روسيا، منهم أكثر من 10 جنرالات.
من خلال فهم التجربة التاريخية الكاملة للعلاقات الروسية- الشيشانية، يمكننا أن نستنتج أن شعوبنا يمكن بل ويجب أن تكون حلفاء طبيعيين، وأنه منذ سنوات عديدة، كانت تحدث في المنطقة اصطدامات مصطنعة بين الروس والشيشانيين. الروس والشيشان، حسب المنطق الأساس، محكوم عليهم بأن يصبحوا حلفاء استراتيجيين في المنطقة.
المراجع
1 - داؤييف س. تشيتشنيا: أسرار التاريخ الخبيثة، موسكو، 1999 ، ص 71
2- أحمدوف ش. ب، بَغاييف م. خ. ، إريشينكو غ. أ. قصص عن تاريخ الوطن الأم. غروزني. 1991 ، ص 42
3- غريتسينكو ن. ب. جذور الصداقة. غروزني. 1975 ، ص 30
4- إبراهيموف م. تشيتشنيا: عبر دوائر الجحيم. موسكو-ساراتوف. 2003 ، ص 8
5- تاريخ الشيشان منذ العصور الغابرة حتى يومنا هذا: في مجلدين. المجلد 1.- غروزني ، 2006 ، ص 166
6- أنظر غريتسينكو ن. ب. أوكاز، مختارات، ص 31
7- دافيدوف د. ملاحظات عسكرية. موسكو. 1940 ، ص 216
8- شَخبييف ز. مصير الشعب الشيشاني الإنجوش. 1996 ، ص 155
9- أيداييفا يو. أ. الشيشان: التاريخ والحداثة. موسكو 1996 ، ص 138
10- خاتوييف إ.، إبراهيموف م. مساهمة الشعب الشيشاني في الانتصار على الفاشية خلال الحرب الوطنية العظمى 1941-1945. غروزني. 2005 ، ص21
11- أؤشايف خ.د. نبذة عن فوج الشيشاني- الإنجوشي. نالتشيك. 2004 ، ص 301
12- انظر: مفهوم عن السياسة العرقية للدولة في جمهورية الشيشان. غروزني. 2005.
المصدر
www.grozny-inform.ru
http://grozny-inform.ru/biblio/science/77910

Участие чеченцев во внешних войнах России в конце 19-начале - 20-го веков

Хатуев Ислам Заутдинович
Кандидат исторических наук,

Перевод с Русского Даси А. Ш.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زاخاروفا: على أوكرانيا أن تتعهد بأن تظل دولة محايدة


.. إيهاب جبارين: التصعيد الإسرائيلي على جبهة الضفة الغربية قد ي




.. ناشط كويتي يوثق خطر حياة الغزييين أمام تراكم القمامة والصرف


.. طلاب في جامعة بيرنستون في أمريكا يبدأون إضرابا عن الطعام تضا




.. إسرائيل تهدم منزلاً محاصراً في بلدة دير الغصون