الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديانة في تاريخ الشعب الشيشاني- الوثنية والمسيحية في الشيشان

أمين شمس الدين

2020 / 12 / 24
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


خلال عصور تاريخية مختلفة، طرأت تغيرات على المعتقدات الدينية لأسلاف الشيشان والأنجوش (شعب الوايناخ، الناخيون). منذ عهد الدول الحورية -الأورارتية (الألفية الثالثة - الأولى قبل الميلاد) جاءت الوثنية. كان لكل ظاهرة طبيعة ولكل نور سماوي إلهه الخاص. ضَحَّى الناس لآلهة الشمس، والمطر، والحرب، والحب، والخصوبة. بقيت أسماء بعض الآلهة حتى يومنا هذا كأسماء أشخاص ذكور وإناث شيشانية: خلاد، آنو، أشتاتي، نانّا، كيبيلا، كوجوخ.. Халад, Ану, Аштати, Нанна, Кибела, Кужух) ) وغيرها. وهناك ذكرى أخرى للوثنية- هي حلف اليمين عند الشيشان؛ على سبيل المثال: "أقسم بالشمس الذهبية"، "أقسم بالأرض"، "أقسم بالخبز".
تتحدث الأساطير والتقاليد والآثار الخاصة بالثقافة المادية القديمة وبالعصور الوسطى، والتي اكتشفها علماء الآثار، عن الماضي الوثني والمسيحي لأسلاف الشيشان والإنغوش.
تقع ثلاث كنائس مسيحية قديمة – "تْخَابا يِردا" Тхаба-Ерда، و"ألبي يردا" Алби-Ерда و"تارجيم" Таргим - في واد أسينوفسكي. وفقا للحكايات المتناقلة وُجِدت معابد وكنائس مماثلة أيضا في أماكن أخرى من الجزء الجبلي من الشيشان. وكان معبد تْخابا يِردا هو الأكبر، بمساحة تتجاوز 100 مترا مربعا. تم العثور فيه على معمودية حجرية، وكذلك على أماكن دفن مسيحية تحت الأرض بالقرب من جدران الكنيسة. يرجع الخبراء النصب المسيحي "تْخَابا يِردا" Тхаба-Ерда هذا إلى القرن العاشر الميلادي. تم بناؤه من قبل المهندسين المعماريين الجورجيين، وهو أكبر الكنائس في وسط القوقاز آنذاك. يشير المؤرخ وعالم الآثار الشيشاني موجوخوييف م.ب. M.B Muzhukhoyev في مقاله بعنوان "اعتناق الشعب الوايناخي المسيحية" إلى أن معبد "تخابا يِردا" أقيم في مكان معبد وثني مخصص للإله تْخَابا. وفقا لعلم أصول الكلام، يمكن مقارنة هذا الاسم بإله الناخيين الوثني القديم "تْحا" Тхьа.
استمرت عملية تنصير الشيشان والأنغوش في عهد الملكة الجورجية تمارا (1184-1207)، ويتضح ذلك بشكل خاص من خلال ظهور كنيستين جديدتين بالقرب من المعبد الرئيسي تخابا يِردا، وكذلك العديد من اكتشافات الصلبان المسيحية. تتطابق تسمية الشيشان للصليب (جَعَر Ж⧡ар) مع اسم "دْجْفاري" джвари الجورجي، الذي يؤكد على نظرية تغلغل المسيحية في شمال القوقاز عبر جورجيا.
تم تأكيد وجود الصلات الجورجية- الشيشانية في فترة التنصير من خلال اكتشافات لنصوص الرسائل القديمة المكتوبة بخط اليد في إقليم الشيشان - إنغوشيا، حيث تم استخدام الأبجدية الجورجية. تم اكتشاف واحدة منها كان قد حُفِظ في معبد تخابا يردي، في نهاية القرن التاسع عشر. كما وتم العثور على واحدة أخرى في بداية القرن العشرين في معبد (Mago-Yerdy) Маго-Ерды في إنغوشيا الجبلية. إضافة إلى ذلك، لا يزال يُطلق على بعض أيام الأسبوع للشيشان كلمات من التقويم المسيحي الجورجي؛ وهي أيام -الاثنين والجمعة والسبت والأحد-. وتحت تأثير الديانة المسيحية، ظهرت أسماء مثل آدم وحَوَا (حواء) في المجتمعات الناخية.
وخلال فترة التنصير على أراضي الشيشان الحديثة، بنى الحرفيون المحليون مزارات مخصصة للقديسين المحليين، على غرار المسيحيين المشهورين؛ منها على سبيل المثال – معبد Тамышь-Ерда (Tamysh-Yerda) ، تكريما للقديس الذي جسد بعض ملامح القديس غيورغي (جورج). تحمل بُنية هذه المعابد تأثير العمارة المسيحية.
كانت فترة التنصير من المنظور التاريخي قصيرة للغاية. ففي القرن الثالث عشر، وجه التتار-المغول ضربة قاصمة لجورجيا، وتوقفت الأنشطة التبشيرية للكنيسة الجورجية بين جبليّي القوقاز. لقد أثر غزو التتار - المغول سلبًا على حياة الشعوب القوقازية الأخرى أيضا، بما في ذلك الشيشان. كونهم التجأوا في أودية جبلية سحيقة، مما جعلهم معزولين عن المناطق السهلية وعن العالم الخارجي. وأصبحت الكنائس المسيحية المبنية تحت رحمة القدر.
أعادت الحياة في الجبال الشيشان إلى معتقدات ما قبل المسيحية. ومرة أخرى نشطت الوثنية. ومع ذلك، فقد تبين أن الناس لم ينسوا الآلهة القديمة المرتبطة في عقول الشيشان بقوى الطبيعة. يتجلى ذلك في الحرم المبنِي تكريما للآلهة الراعية، الذي كان قد بُني مباشرة خلال فترة الانتشار النشط للمسيحية – ما بين القرنين الثاني عشر والثالث عشر. ويلاحظ إعادة بناء بعض المعابد المسيحية وفقا لمتطلبات الطقوس الوثنية.
وفي البانتيون المعقد للآلهة الوثنية في القرون الوسطى، كان هناك تبجيل لكل من الآلهة: ديلا Дела، توشولي Тушоли، مياتزيل Мятцил ، سيلا Сиела، إردا (يردا) Ерда، موليز يردا Молыз-Ерда. إضافة إلى ذلك، بَجَّلَت مجموعات منفصلة من المناطق آلهتها الخاصة بها. كان لكل قرية، وحتى لبعض الأسر آلهتها التي تحميها.
كان الإله الأعظم للبانثيون Pantheon الوايناخي الوثني- ديلا Дела. يتضح هذا من خلال الدور التبشيري للآلهة الأخرى، والتي يمكن تتبعها في نداء الصلوات لها. احتفظ "ديلا" بسلطته بعد اعتماد الإسلام من قبل الشيشان كذلك (اسم "ديلا" في الصلوات باللغة الشيشانية، تم تعريفه باسم الله).
بين سكان وادي جايراخ، والذين كانت حياتهم قائمة على تربية الماشية في الأساس، تمتع الإله Галь-Ерда "جَل-يردا" (الجيم تلفظ مصرية) بأكبر قدر من الاحترام. في دعوات الصلاة خَطَّها الإثنوغرافيون إلى هذا الإله، كان الاهتمام على وجه الخصوص يصب في جانبهم الاجتماعي. فقد احتوت الدعوات على معان، مثل: "إجعل من لا يحب أن يكدح من أجل الخبز اليومي، أن لا ينتصر أبدًا علينا ..."
في أواخر العصور الوسطى، ازداد دور الكهنوت في المجتمع الشيشاني بشكل ملحوظ. كان الكهنة، بوصفهم وسطاء بين الآلهة والناس، محاطين بهالة من القداسة والحصانة. كانوا يرتدون ملابس بيضاء. كان الكاهن أول من يدعو إلى الإله في صلاته، موضحا التضحيات. وهو وحده فقط من كان بمقدوره دخول المعبد؛ (والآخرون فقط بإذنه).
بُجِّل الكهنة كـ مستبصرين؛ فهم الذين تنبأوا بالحصاد، والطقس، ووقت بداية العمل الزراعي، والممارسة الطبية. لجأ الناس إلى الكاهن في الأيام الصعاب على أُسَرهم، أو على المجتمع بأسره - في حالة فشل المحاصيل، المرض، إلخ.. على أمل أن يشير إلى وسيلة من شأنها أن تساعد في القضاء على متاعبهم ومصائبهم. وفي معظم الأحيان، قدمت التضحيات لقاء ذلك.
وشملت واجبات الكهنة الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي في المجتمع، وحل قضايا القانون المدني. كما قاموا بحراسة الممتلكات الخاصة بالأماكن المقدسة - العديد من أدوات ولوازم المعابد والماشية والمراعي والأراضي الصالحة للزراعة. وتشير المواد الإثنوغرافية إلى أن الأراضي التابعة لدور العبادة، والصالحة للزراعة والمراعي لم يبذل الكهنة أنفسهم أي مجهود يُذكرعليها.
لهذا الغرض، تم استخدام العمل الجماعي، والذي قام بدوره بأعمال زراعية في الحقول التي غذَّت الكهنوت. ومع ذلك، ذهب بعض المنتجات لقضاء احتياجات المعبد، واستهلكت معا. قامت الطبقة الكهنوتية على حساب أضاحي المؤمنين. وخلال الحفريات الأثرية في العديد من الأضرحة، تم العثور على مجوهرات وأشياء ثمينة أخرى كانت محفوظة في مخابئ كثير من الأماكن المقدسة.
لم تنتشر المسيحية على نطاق واسع في أراضي الشيشان - إنجوش في القرنين 12-13. ومما يدل على هذا، على وجه الخصوص، الطقوس الجنائزية في تلك الفترة. وقد أظهرت المواد المكتشفة من قِبَل البعثات الأثرية أن جثة الرجل الميت وضعت في سرداب، وزُوِّدت بمواد منزلية له؛ من بينها: الأسلحة - للجنود، الأشياء ذات العلاقة بالعبادة والقداسة – "للحكماء" والعرافين.. وهكذا.. وعند دفن الرجل، تم إحضار حصان إلى قبره ووضع نهاية اللجام في يد المتوفى.
وقد اقترنت جنازة المتوفى بإحياء ذكرى مُسْرِفة، والتي تكررت كل عام أو عامين. كانت فكرة الاحتفال المتكرر في أن يشعر الميت برعاية الأحياء له، واسترضائه. كان الخوف من الموت شديداً لدرجة أن حلف اليمين واالقسَم على القبر كان الأكثر قبولا وموثوقية. بالنسبة للأقارب المتوفين، رتبت كل عائلة بانتظام عشاءًا في نهاية موسم الحصاد. رافق إرسال الطعام إلى العالم التالي صلاة المضيف، والتي يبدو من خلالها أن الشيشان مثلوا الحياة الآخرة باعتبارها استمرارًا للحياة الأرضية بكل صعوباتها وأفراحها.
تحتل الصخور والحجارة وما عليها من رسومات وأشكال مكانا خاص بين الآثار المرتبطة بالطوائف الدينية في العصور الوسطى للوايناخيين؛ وتعتبر جزءا لا يتجزأ من جدران الأبراج والسراديب والأضرحة، والمساجد في وقت لاحق. توجد العلامات نفسها كالحلي على الملابس والأواني والأدوات المنزلية.
تلك هي صور الأيدي البشرية - علامة قديمة على القوة، والقدرة الخارقة، والمهارة ؛ الصلبان المغلقة في دوائر؛ أشكال مبهرجة ومعقدة و لوالب - علامات الشمس والأنجم السماوية. أشكال آدمية، حيوانات برية وداجنة. في كثير من الأحيان هناك صور للصليب المعقوف - واحدة من أقدم رموز النار الأبدية وتطهير الروح. تمثل الأشكال المنقوشة على الحجر والصخر آثارا للتاريخ الديني والفني للوايناخ (الشيشان والإنجوش).
Религия в истории чеченского народа
Язычество и христианство в Чечне

عن موقع Nokhchalla
ИА Чечня.Ру Нохчалла
https://nohchalla.com/history/religiya-chechni/170-yazychestvo-i-hristianstvo-v-chechne
Перевел с русского Даси А. Ш.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زاخاروفا: على أوكرانيا أن تتعهد بأن تظل دولة محايدة


.. إيهاب جبارين: التصعيد الإسرائيلي على جبهة الضفة الغربية قد ي




.. ناشط كويتي يوثق خطر حياة الغزييين أمام تراكم القمامة والصرف


.. طلاب في جامعة بيرنستون في أمريكا يبدأون إضرابا عن الطعام تضا




.. إسرائيل تهدم منزلاً محاصراً في بلدة دير الغصون