الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كارثة أردوغان الأقتصادية في المستقبل المنظور

آرا دمبكجيان

2020 / 12 / 25
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


ليس معروفاً عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن الأصلاح الأقتصادي من مآثره الأدارية أو له إلمام و بعد نظر في أمور تركيا المالية، بعد أن أدخلَ حكومته في تجارب مالية عالية المخاطر. و السؤال البديهي هو الى أي مدى تستطيع تركيا أن تُخفي مصروفاتها التي فاقت اصولها المعروفة؟ فمن الطبيعي اذا تعدَّت مصروفات الحكومات ما تجني من الضرائب أو تحصل على الأموال كدخل لها، سيظهر الفرق كعجزٍ في الميزانية. في هذه الحالة يجري تمويل العجز بإصدار سنداتٍ تُصرف في الأسواق العالمية، فيكون من السهولة تتبعها. و اذا تضخَّم الدين الحكومي، و ازدادت تكاليف الأقتراض، فعلى البلد ان تبحث عن سبل لأنقاذ اقتصادها المنهار. هذا النوع من أزمات الديون ليس مرغوبا فيه من قبل الدول، كما تشبه حالات الأرجنتين و اليونان و الباكستان، و لكنه على الأقل الطريقة المعروفة و المتبعة السياق.
زادت مصروفات تركيا اكثر مما يجب، و لكنها أخفت التكاليف عميقا في منظومتها المالية، بحيث أصبحت غير مرئية إلّا للضالعين في الأمور الأقتصادية. لتركيا بعضٌ من الديون السيادية العالية من النوع الذي يمكن تمويلها بإصدارسندات الأقتراض الدولية، على الرغم من ان قيمها الشاملة بدأت بالأرتفاع. فالجهات الكبيرة المقترضة هي البنوك التركية، الحكومية و الأهلية على السواء، و هنا بالضبط بدأت مشاكل تركيا بالنمو.
حافظ المصرف الفيدرالي الأمريكي على معدلات فائدة واطئة منذ الأزَمة المالية في 2008 على أملٍ لتحفيز استعادة تعافي الأقتصاد العليل في الولايات المتحدة. كان لهذه العملية تأثيراً جانبياً في رخص اقتراض الدولارات للأمريكيين و لكل من يبحث عن أعتمادات جديدة. استفادت البنوك التركية من الوضع الأقتراضي الجديد فأقدمت بنهم الجائع على قروض الدولار الرخيصة.
و هكذا، امتلكت البنوك التركية الكثير من الدولارات و لم تكن في خططها كيفية التصرف فيها. أولاً، أقرضت الى الشركات التركية، و أقرضت الى صناعات السياحة المحلية، تصنيع و توزيع الطاقة، مجالات البُنى التحتية، شركات العقارات، التي كلها فضَّلت الأقتراض و التعامل بالدولار بدلاً من الليرة التركية لأنخفاض معدلات الفوائد. شركات البُنى التحتية و العقارات تبيع بالدرجة الأولى الى المواطنين الأتراك، و لهذا تقيَّم العوائد بالليرة التركية، على الرغم من انهم يدفعون اقساط قروضهم بالدولار...اذاً المشكلة كالآتي، اذا سقطت قيمة الليرة مقابل الدولار، و هذا ما حدث بالفعل على مدى السنوات الماضية، اصبح الوضع من الصعوبة على الشركات التركية ان تدفع الأقساط بالدولار، فانتهى الأمر الى قيام أزَمَة مصرفية.
في الحقيقة ان البنوك التركية التي استدانت الدولارات من مصادر خارجية لم تُعطِ كلها الى الشركات التركية. و ليتمكن المواطنون الأتراك من شراء عقار أو سيارة، عليهم التعامل بالليرة مما جعل البنوك التركية تحتاج الى الليرات لإقراضها الى الناس. قامت البنوك بإبدال الدولار بالليرة المحلية في الأسواق المالية مع دفع رسوم مرتبطة بمعدل الفائدة حسب المصرف المركزي التركي. برزت هنا مشكلة ثانية عميقة الجذور في النظام المصرفي التركي. فإذا ارتفعت نسب الفوائد سترتفع تكلفة اقتراض البنوك لليرة المحلية مما يقلل من الأرباح التي تجنيها البنوك.
و اذا رجعنا قليلاً الى الوراء، و بالأخص الى الأشهر القليلة الماضية، نرى ان وباء COVID-19 قد ضرب الأقتصاد العالمي بشدة، و الأقتصاد التركي من ضمنه. و فقدت الليرة 10% من قيمتها في آذار/مارس و نيسان/ أبريل الماضيين.
عندما تسقط قيمة الليرة ترتفع أسعار المواد المستوردة من الخارج، فيهبط مستوى معيشة الأتراك. و خوفاً من تداعيات المسألة قررت الحكومة التركية وضع حدٍ لأنهيار الليرة، فاستعملت اسلوباً اقتصادياً معروفاً في هذا المجال، أي بيع الدولارات التي بحوزتها لشراء الليرات من السوق المحلية، لتعزيز قيمة العملة التركية. و قد نجحت هذه الخطة خلال أشهر الصيف و خاصة في حزيران/يونيو و تموز/يوليو الماضيين.
لكن صرف دولارات الأحتياط للمحافظة على العملة المحلية يعمل فقط عندما يكون في حوزتك مقداراً من الدولارات يُعتمد عليه. بدأت حكومة أردوغان السنة المالية باحتياطي من العملة الصعبة أقل مما كان متوقعاً. و باصرار أردوغان على المحافظة على الليرة التركية، واجهت الدولة طلباً إضافياً على المصروفات.
و بما ان البنوك التركية كانت تملك الكثير من الدولارات التي أقترضتها في السنوات السابقة، فقد رجعت ثانية الى قلب الحدث عندما أضطر البنك المركزي التركي الى الأقتراض من بنوك الدولة... و أصبحت مدينة اليها 54 مليار دولار. و لكن الدولة صرفت حوالي 65 مليار دولار حسب تقديرات Goldman Sachs . و من دون الدخول في التفصيلات المملة، أضحى البنك المركزي التركي مدينا 25 مليار دولار اذا طرحت ما تملكه من الذهب و الريال القطري.
وشهدت العملة التركية شهرا مضطربا بعد أداء ضعيف هذا العام بالأسواق الناشئة.
ومن المتوقع أن يرفع البنك المركزي التركي سعر فائدته الأساسي 150 نقطة و أن يواصل البنك المركزي تشديد السياسة ويرفع سعر فائدته الأساسي إلى 16.5% من 15%. وتم تداول العملة التركية عند أدنى مستوى لها على الإطلاق عند 8.5793 مقابل الدولار في 6 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، مقارنة بـ 1.5439 ليرة لكل دولار في 31 ديسمبر/كانون الأول 2010.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البيت الأبيض: واشنطن لم تتسلم خطة إسرائيلية شاملة تتعلق بعمل


.. اتفاق الرياض وواشنطن يواجه تعنتا إسرائيليا




.. إسرائيل وحماس تتبادلان الاتهامات بشأن تعطيل التوصل إلى اتفاق


.. خطة نتياهو لتحالف عربي يدير القطاع




.. عناصر من القسام يخوضون اشتباكات في منزل محاصر بدير الغصون في