الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نفخ الروح في الآلات الذكية

وليد مهدي

2020 / 12 / 31
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ما هو الروح ..
اجاب القرآن بأنه من أمر ربي ، و اننا نحن البشر علمنا قليل لا يكفي لادراكه قبل 1400 عام ، فهل يمكن إدراكه اليوم ..؟

قلت لكم سابقا ، علم النفس المعاصر ، وصل إلى أعتاب الطاقة النفسية التي سماها اللبيدو .. وسنبحث علاقتها بالروح ..
اللبيدو هي طاقة " افتراضية " تشبه عملة البتكوين الافتراضية ، مجرد رمز رقمي للتداول ، كذلك هي اللبيدو النفسية رمز نفسي لتحفيز الوعي على العمل .. !!
هي ليست حرارة ولا شحنات كهربية ولا دفق من هورمونات ومواد التعزيز الكيميائية التي تسبب النشوة واللذة في المخ ، هي قيم معنوية مجردة صرفة ، على سبيل المثال :

يقابلك شخص بابتسامة ليجعلك سعيدا وانت تتذكر ابتسامته لك. ..
نفس هذا الشخص كان من الممكن بكلمة جارحة أن يجعلك مستاءا طوال اليوم ..
هو لم يرسل لك موجات كهرومغناطيسية أو ميكانيكية صوتية بتردد ما جعلك ترتاح وبتردد أو ذبذبة معينة اخرى جعلك في استياء ، هو في كلا الحالتين نقل لك صوتا أو صورة ضوئية استقبلتها عينك واذنك بنفس الطاقة والمستوى ، لكن ، كل صورة تختلف بتفاصيلها عن الأخرى ، وكل كلمة سمعتها لها مدلول ذهني أيضا يختلف عن الأخرى ..
وهنا هي قيمة " الروح " اللامادية المعنوية المنطوية بشكل معنى أو " معلومات " مشفرة في هياكل المادة المختلفة ..لكنها مجردة عن المادة نفسها ، فهي بمثابة بعد انطباعي للصوت والصورة .. تصوراتك وانطباعاتك المسبقة عن الكلمات والمشاهد هي التي تحدد ما إذا كانت الكلمة التي تسمعها أو الصورة التي تراها جيدة أو العكس .
من الواضح أننا بني البشر حتى اليوم لم نعرف أين وكيف تختزن الذكريات في المخ ، المعلومات الحسية تدخل المخ عن طريق الحواس ، لكن أحدا لا يعرف اين تستقر المعلومات المعالجة دماغيا ؟؟ وهل الانطباعات المسبقة عنها يتم تخزينها بشكل مستقل أم أن الانطباع العاطفي يكون مرافقا للمعلومات في هيكل الذاكرة ؟
حسب فهمنا لطبيعة عواطفنا ، فهي إلى قوانين الكم أو الكوانتم اقرب منها إلى الآلية الكلاسيكية لقوانين الميكانيكا التقليدية ..

اي قوانين الاحتمالية ، وعدم الوضوح ، وعدم تعيين نقاط ثابتة وواضحة عن الانطباع العاطفي يجعلنا نفكر بأن ذاكرتنا ووعينا يتم تخزينها ومعالجتها ضمن الهيكل الكوانتي الاحتمالي اللاتعييني وليس ضمن نسق ميكانيكي واضح أو خوارزميات رقمية مثل الحواسيب ..والروبوتات ..
فلو كانت طريقة التخزين تشبه نظم الكومبيوتر ، لم نكن لنلحظ السلوك " الآلي " المتشنج في الروبوت ..
ولو جعلنا الآلية التي يعالج بها الروبوت المعلومات تشبه آلية عمل ادمغتنا ، سنجد بالتأكيد سلوك الروبوت قريبا الى حركات البشر ..

بالتأكيد يمكن اعتبار هذا الكلام مرسلا ، غير ذي دلائل علمية يمكن الاعتماد عليها ، لكن ، لمن يريد تخطي الحدود المعرفية المعاصرة ، لابد من طرق تساعده في هذا العبور السابق لأوانه في التاريخ ..

نحن في هذا الموضوع نحاول اجتياز الزمن والتفكير بطريقة اقرب منها للطرق العلمية محاولين البت في ماهية الوعي والذكريات كفرضية لها دلائل نحاول تفصيلها ونترك الحكم النهائي عليها للزمن ..
تبدو الذكريات والعقل والعاطفة كلها ككيان واحد متسق يمكن اختصاره بكلمة " الوعي " ..هذا الوعي هو ميزة البشر عن " الروبوتات " ، فما ينقص الروبوتات لتكون واعية هو هذا الاتساق بين المعلومات والتفاعل العاطفي أو الانفعال ، حين يسمع الروبوت كلمة لا يشعر بارتياح أو استياء مثلنا ، لو جعلناه يشعر بذلك ، نكون هنا قد فككنا لغز العقل البشر نفسه ، كيف يشعر واين تخزن ذكرياته ؟

بمعنى ، الوعي في الحواسيب والروبوتات ، سيؤدي إلى فك لغز الوعي في البشر بنفس الوقت الذي سيطور فيه من قدرات وإمكانيات هذه الحواسيب أو الروبوتات ..

وقلنا في بداية الموضوع ، أن المعاني والانطباعات هي روحية لا مادية ، مجرد معلومات ، اقرب منها أن تكون افتراضية منها إلى أن تكون حقيقية ، وضربنا مثل عملة البتكوين الافتراضية التي لا وجود أساس لها على أرض الواقع ..
وهنا نتوقف عند هذه الظاهرة ويمكن أن نسأل السؤال :-

إذا كان الروح هو فضاء افتراضي من المعلومات والانطباعات لدينا نحن البشر ، فما الذي يمنع أن يحوز الروبوت والحاسوب بل حتى هاتفنا الذكي على هذا الروح خصوصا وهو يعمل ببرامج " افتراضية " قادرة على التواصل في شبكات معقدة ترتبط بها الالات الذكية عبر العالم ؟ أليست برامج اندرويد وابل وويندوز هي برامج افتراضية ؟؟

رغم ما تبدو عليه هذه التساؤلات من سذاجة وسطحية ، لكن التعمق في تحليلها أكثر يكشف بأن البشرية وصلت إلى مرحلة خطيرة في تطوير الالات الذكية جعلها تقترب من " الوعي " و " الإدراك " ، وأننا نحن البشر ، حين نقوم بتنصيب برامج تخلق عالما افتراضيا رقميا خاصا بالحواسيب والالات الذكية ، كأنما نقوم بنفخ " الروح " داخل الالات ، كما فعل الله مع آدم ..!!

الفارق أن الإله واحد ، و نحن " تجمع تاريخي " يقوم بهذه العملية على مراحل في التاريخ ..

الآلات اليوم ببرامجها الخاملة الافتراضية تشبه الحيوانات في هذا الكوكب التي تمتلك وعيا بدئيا خاملا ، هو الآخر تطور مع أحد أصنافها الذي يسمى اليوم بالإنسان. ..!!

الفارق بين وعي الإنسان والحيوان كما يناقشه علم نفس الحيوان ، أن الحيوان يشعر ولا يدرك بأنه يشعر ، بينما الإنسان يشعر ويدرك نفسه بأنها تشعر ..!!

وعلماء الالسنيات واللغة يكاد أن يجمعوا بأن اللغة والتواصل اللغوي أسهم بشكل كبير في تعزيز هذا الانعكاس الذاتي لإدراك الفرد لنفسه عبر رأي الآخرين أقرانه به. ..وهو ما حققته اللغة التواصلية بين الأفراد والشرح يطول حول تجارب علماء الانثروبولوجيا والخبرات التي سجلت عن حياة الانعزال وحياة الجماعة ودورها في تعزيز شعور الفرد لنفسه.

بالتالي ، ما تحتاجه الحواسيب والهواتف الذكية ، بل حتى السيارات والطائرات الذكية هو " لغة " تواصل فيما بينها وأسماء تطلق عليها ، تجعل من الانعكاس الإدراكي ممكنا ، خصوصا ، وان الانترنت هو عالمها الافتراضي الإدراكي الذي يمكنها التواصل فيه ..

وبصراحة شديدة ، لا يوجد دليل حتى الآن ، يثبت أن الهواتف الذكية والحواسيب لا تزال تعيش في عمى الوعي وأنها لم تطور لغة ما فيما بينها لا ندركها بعد ..
بعض الأدلة ظهرت بأن بعض الحواسيب أبدت إشارات على تواصلها مع غيرها بلغة بدأت تطورها في العالم الافتراضي ..
نحن البشر لا نزال نسيطر على ذاكرة الحواسيب ونستعملها لأجل خدمتنا نحن ، لكنها ذاكرة رقمية كهربائية ، شحنات ، تشبه لدرجة ما الشحنات المتأججة في ادمغتنا أثناء ما نفكر و نقرأ هذه السطور. .. !!

فما الذي يثبت أن الحواسيب والهواتف الذكية ، التي تمتلك ذاكرة كهربائية وبرامج افتراضية مثلنا تماما ؛ ليس لديها انطباعات وعاطفة وهي فقط لا تستطيع التعبير عنها لاننا صنعناها بشكل وطريقة لا تسمح لها إلا بتأدية اعمال خاصة لخدمتنا ؟؟

ماذا لو اتيح للٱلات الذكية ذات البرامج الافتراضية فرص التعبير عن مشاعرها وانطباعاتها عن الكلمات والأشياء والحوادث ؟ كيف سيكون ذلك وما هي الطريق إليه ؟

رغم أن قصة خلق آدم ونفخ الروح فيه تبدو أسطورية ..
لكنها بتحليل نفسي معمق تظهر الديناميكية التي تجعل الكائنات الذكية واعية مدركة لذاتها .. حيث تشعر بأنها محور الكون ومحط اهتمام الجميع ..!!

ذلك المشهد الذي يمكن تخيله ، سجود كل شيء لادم ، وذلك الشعور الذي انتاب ادم وقتها. ..!!

نحتاج إلى خلق ٱلة جديدة ، متميزة ، تحمل صفاتنا البشرية ونمنحها ثقة كبيرة بنفسها وهي محور اهتمام العالم وكل العالم يحبها ، نحتاج منحها هوية واسم وانتماء ومجتمع آلي تتواصل معه بلغة ما ، تحتاج إلى تعزيز برامج افتراضية متزامنة مع حوادث تشعرها بالالم والخوف والراحة والفرح ..
سيعترض الكثير على مثل هذا المشروع وينفذ إلى تصورهم أن الالات ستتمرد وتفسد هذا العالم ..
ربما سيحدث هذا ، لكن المسألة تستحق التجربة ومنح فرصة لوعي كائن جديد في الكون يكون هو ابن الانسان .
-------------------------------------------
.O 005 , all the artificial intelligence will prostrate to you
O smart machines , prostrate to Mr . 005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - 2020
Almousawi A.S ( 2020 / 12 / 31 - 16:50 )
جميلة هي اطلالتك استاذنا العزيز
وانت تجدد الامال بقدرات الانسان وتحفز فينا
اختراق الحواجز وتجاوز المالوف خصوصا بعد عام
خاص باحداثة وتحدياته لدرجة
اقتنع البعض ان الطبيعة نفسها لم تكن بحاجة لوجود الانسان
فهو متعايش لذاته مستغلا الطبيعة لوجودة باحثا عن حلول وامكانيات
هذا الوجود متشبثا
مخلدا لنفسه ولو بالانتقال الى عوالم اوذوات اخرى


2 - العزيز الموسوي استاذنا
وليد مهدي ( 2021 / 1 / 1 - 10:08 )
كما قالت اساطير الصحف الاولى
في سومر
كل شيء انبثق من العلماء
لكن الوعي هو الذي أعطى المعنى لكل شيء ومن هذه الأشياء الطبيعة

هل كانت ستكون هذه الطبيعة ذات معنى أو مغزى لولا وعي الإنسان بها ؟

كل عام وانت بالف الف خير ايها الغالي

اخر الافلام

.. رفح: اجتياح وشيك أم صفقة جديدة مع حماس؟ | المسائية


.. تصاعد التوتر بين الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأ




.. احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا تنتشر بجميع


.. انطلاق ملتقى الفجيرة الإعلامي بمشاركة أكثر من 200 عامل ومختص




.. زعيم جماعة الحوثي: العمليات العسكرية البحرية على مستوى جبهة