الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخوف من استدراجِ النقابة إلى حافة مجلِس النواب

ازهر عبدالله طوالبه

2021 / 1 / 4
المجتمع المدني


إنَّ توجّه نقابة المعلمينَ اليوم إلى مجلِس النّواب، كي تُطالبَهُ بالتحرُّك مِن أجلِ حلّ قضيّة النقابة، هو أمرٌ لربما أزعجني كثيرًا، ولهُ كثيرٌ مِن التفسيرات، سأقفِ عندها في قادمِ الأيّام . لكن، هُنا سأحاول أن أتناولَ سببًا واحدًا مِن أسباب انزعاجي هذا، وأعتبرهُ الأهَم والأبرَز في قائمة الأسباب ؛ وهو ليسَت فكرَة الذّهاب للمجلِس، بل التوقيت الذي ذهبَ بهِ المعلّمونَ للمجلِس، حيث أنّ المجلِس الآن يمُر في طقوسِ استحقاقاتٍ دستوريّة، تتمثَّل بمنحِ الثقة لحكومة "الخصاونة"، وكُلّنا يعلَم ومِن خلالِ ما أبدتهُ الحكومة مِن تدخلاتٍ في الانتخابات الرئاسيّة للمجلِس، بأنّهُ وبمباركات النظام السياسيّ تمّ عقدُ قرآن الزواج بينَ السُلطتينِ " التشريعيّة والتنفيذيّة " منذ ذلك الحين، بمعنى أنّ الثّقة ما هي إلّا تحصيل حاصِل فقط . هذا الأمر يدّفعنا إلى القول خشيةً مِن أيّ تلاعباتٍ أُخرى تُحيكها السُلطة للإجهازِ على ما تبقّى مِن مُسنادةٍ ودَعمٍ لنقابة المُعلّمين مِن قبلِ الشّعب، الذي رأى بها خيرَ ممُثلٍ لهُ، على الرّغم من بعض الأخطاء التي ارتكبتها مؤخرًا .

وعليهِ، أقول، بأنّهُ ثمّةَ مُخطّط تُحاول أن ترسمهُ السُلطة بريشةِ نقابة المُعلّمين، حتى وإن كانَت قد أصدرَت أمرًا قضائيًّا بحلِّ النقابة، وسجنِ مجلسها لمدّة عام، حيث يهدِف هذا المُخطط إلى إدخالِ مجلِس النواب، كوسيط "هُلامي" بينَ النقابة والحكومة، أو بالأصَح مع العصابة، إذ أنها تسعى ومِن خلالِ هذه الوساطة، إلى إضفاء شرعيّة واسِعة لمجلِس النّواب، وخاصةً، أنّهُ مجلِس جاء بالتّعيين، وبانتخاباتٍ بلغَت نسبتها 29%، وبمُقاطعةٍ شعبيّة وصلَت إلى أكثر مِن 70% .

وهُنا، لا بُدَّ من القول، بأنّهُ ومنذُ بدايةِ أزمة نقابة المُعلّمين، ونحنُ نقِف وقوف الصّادقينَ معها، مُعاهدينَ أنفُسنا على أن ننتَقِد أخطاء مجلسِ النقابة وتحرُّكاتهم، كي نسّعى إلى أن تكونَ مطالبها في سياقِ المُطالبات الإصلاحيّة السياسية والدستوريّة، قبل كُلّ شيء، وليسَت فقط في سياقِ المُطالبات الحقوقيّة، التي تستَطيع السُلطة بما أوجدتهُ لنفسها مِن قنواتٍ تغوّليّة، تمكّنها مِن الإتقضاضِ والإنقلاب على أعتى المُطالبات الحقوقيّة، أن لا تولي أيّة أهميّة لأيّ جهةٍ تلتَف حولها حشود شعبيّة، حتى وإن كانَت في داخلِ أزقّةِ مطابخها، وعلى طاولتها المُستديرة تُظهِر غير ذلك .


أقولُ هذا الكلام، وأرجو ألّا يتِم تأويلهُ بطرقٍ بدائيّة ؛ لأنّني وبوجهةِ نظرٍ مبنيّة على قراءة الواقع السياسيّ الأردنيّ بشكلٍ قريب مِن الدّقة والتّفصيل، بتُّ أُؤمِن بأنّهُ لا حقوق يستطيع أن ينتزعها الشّعب - حتى وإن سخّرَ لها كلّ ما يملِك- في ظلٍّ حالة عجزهِ الظّاهرة والجليّة إزاء عدمِ قُدرتهِ على مُعالجة التشوّه السياسيّ الذي تسبَّبت به السُلطة، على مدارِ الثلاثة عقود الأخيرة، والتي ما زالَت تستمدّ شرعيّتها، إلى الآن -ولا أدري على ماذا!!- مِن ذاتِ الشّعب الذي وصلَ صُراخه إلى طبقاتِ السّماء السّت، وهذه مُعضلة كبيرة تستوطِن الفكرِ الشعبيّ منذ سبعينيّاتِ القرنِ الماضي، وما زالَت إلى يومنا هذا، وللأسف، أنّ حالتنا السياسيّة والفكريّة، تُنبئ بأنّها ستبقى مُلازمة لنا في العقدِ الثالث من هذا القرن . وأقصُد في هذه المُعضلة، هي حالة التخبّط وعدم الوضوح التي
تُسيطر على علاقتنا مع السُلطة . فكُلّما طلّت علينا -أي السُلطة- في محاولة تطمينٍ باهِتة، أشبه بحالةِ غصنٍ صغير ذابِل في قلبِ شجرةٍ كُلّ أغصانها الكبيرة تضّحكُ مع أشعّة الشّمس، وتُعانق نسماتِ الهواء، سارعنا إلى تمجيدها، وأغرقناها بوابلٍ مِن المدحِ والثّناء، وطوّقناها بطوقٍ مِن الأعذار، وهرعنا إلى تحميلِ اخفاقاتها إلى الظروف المحليّة والإقليميّة المُلتهِبة، وأنّهُ ما نحنُ إلّا عضو مِن جسمِ هذه المنطقة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إخلاء مركز للمهاجرين في تونس ومظاهرة لترحيلهم ورفض توطينهم


.. الأمم المتحدة: دارفور معرضة لخطر المجاعة والموت




.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بإبرام صفقة تبادل فورية


.. طلاب نيويورك يواصلون تحدي السلطات ويتظاهرون رفضا لحرب غزة




.. نقاش | اليمن يصعد عملياته للمرحلة الرابعة إسناداً لغزة ... و