الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السنوات العشر وتهمة الإرهاب تلتصق بالإسلام السياسي فرع تونس

حازم القصوري

2021 / 1 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مثلت الإضطرابات الإجتماعية التي شهدتها تونس في شتاء 2010 منعرجا حاسما في تاريخ المنطقة العربية من البحر إلى البحر والتي إنتهت بسقوط نظام سياسي و مغاردة الرئيس الأسبق زين العابدين بن السلطة و الإستقرار بالديار السعودية. وكانت تلك الشرارة كنار في الهشيم ودبت روح التغيير في المنطقة أدت إلى مشهد سياسي في كل من تونس ومصر، وحتى المغرب وقع تحت سيطرة الإسلام السياسي (الإخوان المسلمين) وفق تصور تسويقي أنهم هم من ساهم في هذه الثورات تمويها للواقع وتزويرا للتاريخ المزور اصلا و ترقيعا لثوب الحقيقة وقفزوا إلى أدواراً لم تكن لهم وهذا يفرض تقديم الصورة الكاملة لسنوات العشر و إماطة اللثام عن وضعهم الحقيقي و معرفة أدوارهم..التى اظطلعوا بها بمهارة فائقة احيانا وأحيان أخري فجة، مفرطة في فجاجتها دون حياء من عين التاريخ.

حركة النهضة ما قبل الثورة

الثابت أن الإسلام السياسي دخل في مواجهة مع نظام بورقيبة بعد أن تمكنت قوات الأمن من كشف التنظيم السري للجماعة في 5 ديسمبر 1980 وذلك بالقبض على كل من (صالح كركر) و(بن عيسى الدمني) اللذان كان بحوزتهما وثائق تتعلق بالجماعة الإسلامية وكانت تفجيرات "مدينة سوسة" و "المنستير" التي كشفت تبنيهم للأفكار الظلامية الهدامة التي يروج لها التنظيم العالمي في حالة مواجهته لنظام سياسي لا يرون فيه غير "طاغوت "... وجب الاجهاز عليه "بالعنف المقدس "وأصدرت المحكمة حكم المؤبد في 27 سبتمبر 1987 على( راشد الغنوشي الخريجي) وآخرين. ومثل وصول الرئيس السابق (بن على) فرصة للجماعة تمكنوا من التوافق ظرفيا مع النظام بتوقيع" الميثاق الوطني" التي دعى إليها الرئيس السابق (بن علي) ذاته كقاعدة لتنظيم العمل السياسي في البلاد في فيفري 1989 و غيرت الجماعة اسمها من " الإتجاه الإسلامي" إلى" حركة النهضة" للتقيد" بقانون الأحزاب" الذي يمنع تأسيس أحزاب على أساس ديني إلا أن مطلب الترخيص إنتهى بالرفض من طرف السلطة الشئ الذي جعلها في مواجهة مع السلطة و فرت أهم قيادات الحركة منهم(راشد الغنوشي) في 28 ماي 1989 في اتجاه الجزائر بطريقة شرعية ليستقروا في أميركا وإنكلترا خصوصاً..

ووقع تحرير المبادرة و إنخرطت الحركة في أعمال إرهابية منها عملية " باب السويقة" في 17 فيفري 1991 التي اعترفت بها فقط في فيفري 2011 وأعتبرتها أخطاء فردية قام بها بعض المنتسبين للحركة الذين كانوا “يعانون من القمع وفي ظل غياب قيادات الحركة سواء بالنفي أو بالسجن” كما حاولت إسقاط طائرة الرئيس بن علي بواسطة صاروخ ستينغر . و أمام كشف المخططات الإرهابية للرأي العام إنطلقت المحاكمات للمنتسبين للحركة في غياب القيادات التي تفرقت على دول العالم بحثا عن اللجوء و تواصلت الأعمال الإرهابية وكان تفجير جربة 2002 ضد كنيس الغريبة.
ولكسر الحصار الذي ضربته السلطة في الداخل و الخارج تحالفت الحركة مع أحزاب ديمقراطية ويسارية في جبهة 18 أكتوبر (شارك فيها حزب العمال الشيوعي، والحزب الديمقراطي التقدمي وغيرها) وأظهروا مرونة شديدة حتى في ما يتعلق بالموقف من قضايا حساسة (مثل المرأة والدولة المدنية ) للمحافظة على البقاء بعد أن خسرت حاضنته الشعبية التي إستقطبتها السلفية الجهادية في أحداث سليمان 3 جانفي 2007 بل وسخرت كل الإمكانيات للدفاع عنهم في المحاكمات وأصدرت عفو تشريعي عن المسجونين وانخرط جزء منهم من جديد في الحركة السلفية التونسية.

حركة النهضة و ثورة الحكم

إن المتمعن في الإضطرابات التي شهدتها تونس في 17 ديسمبر 2010 يلحظ غياب الإسلام السياسي في فرعه التونسي لغياب قيادته و كوادره في كل من أمريكا و إنقلترا و لكن كان مطلوباً أن تظهر القوة المحرّكة في المشهد الركحي و تمكنت رويدا رويدا إلى أن تسلل إلى" الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي" بثلاثة أعضاء وهم(نور الدين البحيري) و(الصحبي عتيق) و(فريدة العبيدي) و(سمير ديلو) كمجتمع مدني و(رياض بالطيب) عن منظمات المهاجرين.
لم تختف مظاهر العنف المتطرف في المشهد التونسي العام ولا من المشهد الطلابي العنيف وتعرضت السفارة الأمريكية بتاريخ 14 سبتمبر 2012 إلى الإقتحام من طرف عناصر سلفية عنيفة وسحل المنسق العام لحزب "حركة نداء" تونس( لطفي نقض) أمام عدسات الهواتف النقالة في 18 أكتوبر 2012 على إثر إحتجاجات بولاية تطاوين تقودها" روابط حماية الثورة" التابعة للإسلام السياسي واصلت حركة النهضة مشاركتها في انتخابات" المجلس الوطني التأسيسي التونسي" و فاز بـ89 مقعدا من أصل 217 أي حوالي 42% من المقاعد، ودخلت في ائتلاف حاكم أطلق عليه" الترويكا"
و شكل(حمادي الجبالي) المحسوب على الإسلام السياسي الحكومة التي ترفع شعارات تحقيق أهداف الثورة (حرية و كرامة وطنية). ودخلت البلاد في بداية 2013 في أزمة بلغت أوجها عند اغتيال المعارض(شكري بلعيد) ، وهو ما أدى إلى استقالة حكومة (الجبالي) وتعيين وزير الداخلية و المحسوب على الإسلام السياسي (علي العريض) في منصب رئيس الحكومة الجديد في 13 مارس 2013 وتكونت حكومته من أعضاء في حكومة)(الجبالي.)
واجهت حكومة ( علي العريض) تحدي مكافحة الإرهاب وكانت أحداث جبل الشعانبي و اغتيال المعارض والنائب( محمد البراهمي) في 25 جويلية 2013 الشئ الذي أدخل البلاد في أزمة سياسية جديدة أدت إلى تنظيم الحوار الوطني بين الائتلاف الحاكم والأحزاب المعارضة برعاية أربعة منظمات وطنية تونسية وتم الاتفاق على استقالة حكومة (علي العريض) وتكوين "حكومة تكنوقراط" جديدة من المستقلين وأيضا تم التسريع في المصادقة على الدستور الجديد وأعضاء" الهيئة العليا للانتخابات ."
وبعد انتخاب أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات من قبل "المجلس التأسيسي" في 8 جانفي 2014 والمصادقة على الدستور في 26 جانفي ، قدمت حكومة(علي العريض) استقالتها.

تشارك النهضة في الانتخابات الرئاسية التونسية 2014 فاز(الباجي قائد السبسي) بالرئاسة بعد سنة من الانتخابات، شهد" حزب نداء تونس" انقساما داخله مما أدى إلى استقالة جزء كبير من نوابه من الحزب ومن الكتلة، وهو ما أدى إلا أن تصبح" حركة النهضة" أكبر أحزاب" مجلس نواب الشعب" من حيث النواب و سقطت حكومة(الحبيب الصيد) و خلفتها حكومة(يوسف الشاهد) الشئ الذي مكن الإسلام السياسي من الإستفادة من الأزمة زمن الرحيل الكبير لرئيس(الباجي قايد السبسي) .

تميزت فترة ما بعد الرئيس( الباجي) بسيطرة الإسلام السياسي على البرلمان بعد أن تحالف مع الشعبوية الفاسدة و تصاعد الخطاب العنيف المتطرف في قلب البرلمان التونسي و خاصة من نواب إئتلاف الكرامة في تمجيد واضح للإرهاب تعليق على تصفية الأستاذ( سموال باتي) في الديار الفرنسية من طرف متطرف 26 في أكتوبر 2020 و كذلك على إثر الإعتداء الإرهابي الذي نفذه التونسي( إبراهيم العيساوي) على" كنيسة نوتردام" في (نيس) الشئ الذي جعلها في دائرة الإتهام من عديد الأطراف السياسية الداخلية و الخارجية خاصة وأن قسمت المجتمع التونسي.

حركة النهضة و الإنقسام

لم تتمكن الحركة النهضة التونسية من فك الإرتباط مع" التنظيم العالمي للإخوان المسلمين " بل إن الإسلام السياسي” في السنوات الأخيرة قبل" الربيع العربي" تحول إلى عامل تفرقة وانقسام في المجتمعات” بحسب تصريحات( لطفي زيتون) أمين سر( راشد الغنوشي) على إثر حوار له في إذاعة ديوان أف أم بتاريخ 2 ديسمبر 2020 الشئ الذي يؤكد أن الحركة رغم وصولها إلى سدة الحكم في تونس لا تزال ترتهن للخارج خاصة في المحاور الإقليمية التي من بذور فناءها ولم توطن الحركة تونسيا و لم تخرج من مرجعياتها السياسية لتقدم الحلول لمشاكل المواطنين وتقترب منهم و تأخرت الإصلاحات خاصة وضع" محكمة دستورية" و فتت السلطة وأذكت الصراع بين رأسي السلطة التنفيذية الرئيس ورئيس الحكومة.
و دخلت السلطة القضائية في أزمة ذات شتاء 2020 و الإرهاب يعصف بالبلاد بعد تصفية الراعي في حاسي الفريد في 20 ديسمبر 2020 أكثر من ذلك جل الملفات القضائية التي تعنى بالإرهاب لم يفصل في أي ملف منها لصبغتها السياسية و التدخل الإسلام السياسي المفضوح في القضاء من *ملف( لطفي نقض) و( شكري بلعيد) و (محمد البراهمي) و التسفير و ملفات أخرى تعكس إرتباك حقيقي الشئ الذي يفسر تواصل إضراب القضاة ذات شهر ديسمبر 2020 فقط وزع الإسلام السياسي وعودا بسخاء خلال الانتخابات تحت شعار" العدل أساس العمران" والآن الاسلام السياسي تسبب في حالة انقسام الشئ الذي جعل الرئيس( ماكرون) يتحدث عن هذا الشرخ الذي سببه في تونس بعد أن كان المجتمع التونسي متناغما رغم الوضع السياسي الذي كانت عليه البلاد.

و لعل هذا الإنقسام الذي تسبب فيه الإسلام السياسي بتونس مرده الهوة بين الأجيال و أربك ثورة شباب تونس وشعار “الشغل إستحقاق. يا عصابة السراق*.” مما جعلهم يشعرون بأنهم مستبعدون عن المشهد السياسي الذي لايزال يسيطر عليه سياسيون من الجيل القديم و طرق عمل قديمة في ممارسة السياسة و كذلك انقسامات إيديولوجية واجتماعية كبيرة بين الشمال المتطور وبين الجنوب المُهمَل من البلاد رغم أن النقاش الخلافي يدور حول الحقوق الدينية والحريات الفردية إلا أنها عادت لتطفو مجدّداً على السطح دفع هذه الشريحة إلى الانجذاب المتزايد نحو المجموعات المتطرفة في أحياء تونس الفقيرة والمناطق المهمّشة رغم محاولة احتواء تأثيرات الاضطراب الجهوي كالتي جدت في شهر ديسمبر في الجنوب تحديدا قبلي ومحاربة الهجمات الإرهابية المتصاعدة التي ترتكبها مجموعات جهادية متفكّكة التي تهدد السلم الأهلي وبناء الإجماع السياسي لتتواصل تهمة الإرهاب تلتصق بالإسلام السياسي في فرع تونس لإنعدام الإرادة الحقيقية في فك الإرتباط مع" التنظيم العالم للاخوان المسلمبن" و" تونسة الحركة" للدخول التدشيني " للواقعية السياسية" و ملامسة موجيعات الناس و تقديم الحلول المطابقة لأحلام " شباب الثورة" بعيدا عن الوعود الكاذبة التي يرفعونها في كل مرة. هل بمكن ان نثق في من يخون وعوده الانتخابة... لئلا يخون فكرة الثورة الشبابية ذاتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مختلف عليه| النسويّة الإسلامية والمسيحية


.. كلمة أخيرة - أسامة الجندي وكيل وزارة الأوقاف: نعيش عصرا ذهبي




.. من يدمر كنائس المسيحيين في السودان ويعتدي عليهم؟ | الأخبار


.. عظة الأحد - القس تواضروس بديع: رسالة لأولادنا وبناتنا قرب من




.. 114-Al-Baqarah