الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حذاري.. أن يأتي يوم نشكر فيه اسرائيل على أننا نعيش فيها!!

زاهد عزت حرش
(Zahed Ezzt Harash)

2021 / 1 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


زاهد عزَّت حرش

مع تسارع الاحداث في منطقة الشرق الاوسط، وما حل بالدول العربية من تفاقم واتساع رقعة الخطاب الديني التكفيري، وامتداده إلى الاوساط الشعبوية المتخلفة، وتأثير الفقر واستشراء الغباء والظلم والاستبداد السلطوي. فإن ذلك أدى ويؤدي إلى استفحال العنف واتساع موجة القتل والدمار، تحت غطاء الدين والدفاع عن الشريعة! في حين أن كل ذلك تم توجيهه نحو الأقليات الدينية والمذهبية، عوضًا عن أنه كان من المفروض أن يتم توجيهه ضد الظلم، وضد اعداء الوطن والأمة! فمنذ أن انتشر الفكر "الاشعري" وما تلاه من مذاهب فقهية تكفيرية، مستوحاة من افكار ابن تيمية حتى الوهابية، وصولاً إلى الاخوان المسلمين ودولة الخلافة بزعامة اردوغان.. فإن حتمية هذا الانزلاق ستؤدي إلى ارتكاب مجازر وجرائم أخرى، ضد الاقليات الدينية والجماعات المذهبية المختلفة، والمخالفة لمذهب الأكثرية السائدة "الاسلامية". لأنه "بين سراويلها الحل.. والربط.. والزيت.. والموت.. والحرب.. والسلم.. والعنعنات، وأكثر ما يصرخ الأمعات" مظفر النواب.

ومن يظن أننا بعيدون كل البعد عما يحدث هناك، فما هو إلا واهم لا يريد أن يرى الواقع كما هو!! ففي الأحداث الاخيرة التي تعصف بالمجتمع الفلسطيني في اسرائيل، من ارتكاب جرائم القتل وتفشي العنف المجتمعي والاسري، ما هو إلا انعكاس ورد فعل حتمي لما يحدث هناك. كما أن استبدال الشعارات السياسية والوطنية في مسيرة الدفاع عن القضية الفلسطينية، وفي مسيرة الدفاع عن وجودنا في وطننا، وصراعنا من اجل نيل حقنا في العيش بكرامة.. واستبدال تلك الشعارات والنضال بشعارات دينية مذهبية اسلامية.. هو الوجه والواجهة الحقيقية للمسار الذي اتجهت وستتجه فيه الامور في القادم من الأيام. إن هذا العنف والقتل الذي يذهب أكثر ضحاياه الآن من أبناء الطائفة الإسلامية، سيجد منحى له نحو توجيه هذا العنف والقتل نحو الأقليات داخل صفوف الشعب الفلسطيني هنا.

وللتذكير فقط، فأن هناك من قاموا بالإنضمام إلى الحركات والجماعات التكفيرية الداعشية، على مختلف اشكالها وأسماءها، ومنهم من هم من ابناء هذا الشعب، ولتأكيد نورد المعطيات الآتية: "في السجن اسيرتان من النقب لتواصلهم مع داعش، وهناك اسيرة محررة من شفاعمرو حاولت الوصول إلى سوريا للانضمام إلى داعش واعتقلت. واسيرة محررة من دير حنا سافرت مع زوجها الذي حارب مع داعش في الموصل وعادوا إلى البلاد واعتقلوا. وتوجد اسيرة من المكر وصلت إلى جبهة النصرة بسوريا وتم القبض عليها بسوريا وبطريقة من الطرق هربت ورجعت للبلاد واعتقلت ولا زالت بالسجن حتى الآن هي والاسيرتان من النقب وهما طالبتان في كلية كي. أما الاسيرة من شفاعمرو فكانت تعد للدكتوراة بالديانة الاسلامية. كما أن هناك شاب من شفاعمرو ترك العمل والعيش في امريكا، والتحق بصفوف النصرة، وقتل على يد الجيش السوري اثناء معركة بينه وبين النصرة." – منقول عن مصدر موثوق.

لا بد هنا من التنويه إلى ما حدث في الايام الأخيرة، بعيد اغتيال الشاب الغض سليمان نزيه مصاروة من كفر قرع، هذه الجريمة النكراء التي لا يقبلها عقل ولا دين! والتي كان من المفروض أن تتزلزل الأرض تحت اقدام السلطات المسؤولة عن حفظ الامن، كما كان يجب أن يرتفع الصوت ليصم اذان المرجعيات الدينية الإسلامية التي تشحن الناس بخطاب ديني فؤوي.. لانها بذلك تتيح الفرصة امام الغوغاء لارتكاب مجازر باسم الدين! اكيد ومؤكد أن اغتيال هذا الفتلى لم يكن بدافع ديني مذهبي، بيد أن شحن النفوس وعقول الأغبياء بفكر تكفيري، يساهم بشكل غير مباشر في رفع وتيرة العنف والجريمة. أما الذي لا بد من التنويه اليه، هو المظاهرة التي قام بها أهالي كفر قرع وما حولها، والتي جاءت لإستنكار الجريمة ورفع صوت الغضب في وجه سلطات الأمن المسؤولة عن حفظ أمن وأمان المواطنين، فجاءت كل نداءاتها دينية بحتة، وهتافات بدأت بـ "لا الله إلا الله" وانتهت بـ "حسبنا الله ونعم الوكيل".. فهل جاءت هذا التظاهرة الغاضبة لتعزز إيمان الناس بربهم؟ أم أنها اندلعت لتتصدى لتخاذل القوى الامنية من شرطة وقوى أمن داخلي؟؟ حيث لم يهتف المتظاهرون بأي شعار مندد بالسلطة وسياسة الحكومة!! وهذا هو الانزلاق الذي نحذر منه، إذ كيف يتحول مطلب اجتماعي سياسي أمني، إلى تضرع إلى الله في مسيرة غضب ضد السلطة؟!!

بناءً على ما ورد آنفًا.. وإذا ما استمر الانزلاق في رفع وتيرة الخطاب الديني التكفيري، فإن الواقعة أتية في القادم من الأيام.. لا محالة! حيث سيكون أول ضحاياها من المسيحيين ابناء الشعب الفلسطيني هنا في وطنهم. فهناك الكثير من الأمور التي تعطي أكثر من مبرر لذلك.. فإن أخر الإحصاءيات حول التواجد المسيحي هنا تقول ما يلي:
"بلغ عدد المسيحيين العرب في إسرائيل عشية عيد الميلاد هذا العام (2020)، 139 ألفاً، يشكلون 1.4% من سكان إسرائيل و7.1% من المواطنين العرب. مع ضرورة الانتباه إلى أن العدد يشمل سكان القدس المحتلة (نحو 13 ألف مسيحي).
- ويسكن 70% في الشمال، و13% في مدينة حيفا (و10% في القدس). ومع نهاية العام 2019 بلغ عدد المسيحيين في الناصرة 21.4 ألف وفي حيفا 16.3 ألف، وشفاعمرو 10.4 ألف.
- عام 2019 بلغ عدد الأطفال المولودين 1785. وبلغ معدل عدد الأطفال المسيحيين العرب حتى سن 17 عاماً 1.97 وهو الأقل في إسرائيل: (2.4 لدى اليهود و2.7 لدى المسلمين).
- بلغت نسبة الطلاب المسيحيين الذين حصلوا على شهادة بجروت تؤهلهم للقبول في الجامعات 71.2%، وهي النسبة ذاتها لدى اليهود، بينما لدى الدروز 64.5% والمسلمين 54%.
- 51.6% واصلوا تعليمهم للقلب الجامعي الأول، مقابل 33.7% لدى عموم خريجي الثانويات في التعليم العربي.
- نسبة الطالبات المسيحيات الحاصلات على الألقاب الجامعية من مجموع الطلاب المسيحيين هي الأعلى في البلاد، مقارنة بسائر النساء بين مجمل الطلاب في البلاد: اللقب الثالث 64% مقابل 53.7%، واللقب الثاني 70.7% مقارنة بـ ـ63%.
- نسبة الطلاب المسيحيين الذين درسوا الطب والهندسة والمحاماة أعلى من نسبتها لدى سائر شرائح المجتمع العربي.
- نسبة المسيحيين المسجلين في مؤسسات الرفاه الاجتماعي هي الأدنى في البلاد: 103 لكل ألف، مقابل 188 لكل ألف عند المسلمين، و109 لكل ألف عند اليهود."
إن هذا المعطيات تتيح أمام الآخرين البحث عن الفرص والسبل للنيل من المسيحيين، إما كرد فعل عن شعور بالنقص الكامن في نفوس مريضة، أما من أجل العمل على وقف هذا التميّز الايجابي، والذي يراه الآخرون سببًا في تراجعهم.

بيد أنه على الرغم من كل هذا وذاك.. علينا إلا ننسى أن اسرائيل دولة استيطان كولونيالي استعماري، خلقها الغرب والإمبريالية العالمية الرأسمالية، كي تكون ذراع للسيطرة على شعوب المنطقة وتدميرها من الداخل! وأن هذا النظام العنصري السياسي الذي نعاني منه على مدى أكثر من سبعون عامًا، قد ورث من أسلافه الاستعماريين سياسة فرق تسد، وهو بذلك سيغتنم أية فرصة لبث الشقاق والانشقاق بين صفوف أبناء الشعب الواحد، وبذلك سوف يتغاضى عن أي افعال اجرامية تقوم بها جهة ضد أخرى، مما يسهل على هذا النظام التخلص مما يمكن التخلص منه من ثقل ديمغرافي، يثقل ويهدد مشروعه الاستيطاني في القادم من السنين. لكنه سوف يعمل بشكل حذر وسياسي موزون في دفاعه عن أقلية معينة، إما كي يستميلها إلى صفه، أسوة بما تفعله الأنظمة الديكتاتورية في الشرق العربي وفي العالم، أو من أجل أن يظهر امام الغرب أنه المدافع الإنساني عن وجود الأقليات في دولته، تبريرًا للنهج الديمقراطي الذي يتبناه ويتبجح به! فلا غرابة إذًا أن يؤجج الصراع المذهبي داخل صفوف ابناء الشعب الفلسطيني في اسرائيل بوسائل شتى، أو أن يستغل أية ظاهرة عنيفة تخدم مشروعه العنصري، إلى ان يحين الوقت لوقفها والاستفادة الإعلامية والسياسية منها.

لكن أخطر ما اخشاه وأحذر منه، هو أن يأتي يومًا، وربما يقولها البعض منهم اليوم، وأقصد المسيحيين، وبعد الفئات المتحررة من رباط الدين القصري، وأقصد هنا المذهبي التكفيري، أن يأتي ذلك اليوم الذي يشكرون فيه اسرائيل على أنهم عاشوا فيها! لأنهم ربما سيجدون من يذوذ عنهم، ويمنع ارتكاب جرائم ومجازر في حقهم، وحق الآخرين ممن سيُتهمون أنهم يتشبهون بهم.
07.01.2021 شفاعمرو








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah