الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معالم الحياة المعاصرة / 44

رياض عبد الحميد الطائي
كاتب

(Riyad A. Al-taii)

2021 / 1 / 12
المجتمع المدني


ـ عندما يصدر قرار من المحكمة باعتبار متهم ما مذنبا فانه يحال الى احد مراكز الاصلاح والتأهيل ليصبح خاضع الزاميا لبرنامج علاج لحالته العقلية والنفسية وفقا لنوع الذنب او الجريمة التي ارتكبها ، ولا يحق له رفض العلاج ، ولا حرية له في اختيار اسلوب العلاج ، معالجة الخارجين على القانون مسألة ترتبط بأمن المجتمع وسلامته ، مصلحة المجتمع فوق مصلحة الفرد ، أمن المجتمع هو الواجب الرئيسي الاول للدولة تجاه مواطنيها ، وكنا قد أشرنا الى ضرورة الغاء عقوبة الاعدام ، وكذلك الغاء عقوبة السجن المؤبد او السجن لمدة طويلة ، فعقوبة السجن لمدة طويلة لها اضرار نفسية وبدنية على المجرم ذاته بشكل شخصي وعلى عائلته وأهله بسبب غيابه الطويل او الأبدي عنهم ، وهذه الاضرار تنعكس سلبيا على المجتمع من حيث ترك أسرة بدون رب الاسرة وبدون معيل او راعي لها وبالتالي تؤدي الى نتائج سلبية على المجتمع ، واقترحنا ان تكون عقوبة السجن محدودة بحيث لا تزيد مدتها عن ثلاث سنوات لجميع انواع الجرائم على ان يتم اخضاع نزيل المركز الزاميا الى العلاج الطبي العقلي والنفسي بهدف اصلاحه واعادة تأهيله اجتماعيا
ـ بالنسبة للمجرمين الخطرين الذين يرتكبون جرائم القتل العمد والذين ينعدم الأمل في علاجهم عقليا ونفسيا بناءا على تقارير اللجنة الطبية المختصة وبالتالي تعذر اصلاحهم وتأهيلهم اجتماعيا فان اطلاق سراحهم بعد قضائهم ثلاث سنوات في مراكز الاصلاح فيه خطورة على أمن المجتمع ، هؤلاء من المحتمل عودتهم لارتكاب الجرائم مرة اخرى وهذه الحالة تمثل مشكلة جدية ، وفقا لبرنامجنا الاصلاحي تمنع عقوبة الاعدام ، وكذلك تمنع عقوبة السجن لمدة طويلة ، ان فشل العلاج الكيمياوي والفيزياوي في معالجة مثل هؤلاء المجرمين الخطرين يستوجب اعتماد أسلوب آخر لردعهم ومنعهم من العودة الى ارتكاب الجرائم مرة أخرى ، ونرى بان الاسلوب المناسب لردعهم يكمن في حرمانهم من الوسائل التي تعينهم على تنفيذ اي جريمة قتل او تعينهم على الهروب من ساحة الجريمة بعد تنفيذها , يجب حرمان المجرم من أي وسيلة قد تساعده على ارتكاب المزيد من الجرائم ، من المعروف ان الجسد السليم والقوي الذي يمتلكه المجرم هو من الوسائل الاساسية التي يعتمد عليها في القيام باعماله الاجرامية والتي تساعده في الهروب من مسرح الجريمة ومن قبضة العدالة , فاليدين والقدمين والسمع والبصر واللياقة البدنية العالية التي يتمتع بها المجرم هذه كلها وسائل يسخرها المجرم لتنفيذ جرائمه ، ولذلك ينبغي في حالة فشل برنامج علاج المجرم واصلاحه بالطرق الكيمياوية والفيزياوية اللجوء الى اسلوب الاقتصاص من هذا الجسد السليم وتحويله الى جسد عليل او معوّق لا يعينه على ارتكاب الجرائم ولا يعينه على الهرب من ساحة الجريمة او من قبضة العدالة عند مطاردته .
ـ نعتقد ان عقوبة القصاص البدني للمجرمين الخطرين بالتحديد مرتكبي جرائم القتل العمد الذين لا أمل في علاجهم واصلاحهم هي عقوبة مناسبة وخيار صحيح وواقعي فيه مصلحة للمجتمع ومصلحة لعائلة المجرم ، مصلحة المجتمع فوق مصلحة الفرد عندما تتعارض المصلحتين ، فالاقتصاص من جسد المجرم الخطير سوف يمنعه من الاقدام على ارتكاب جرائم جديدة ، وفي نفس الوقت لن تكون هناك حاجة الى اعدامه ، ولن تكون هناك حاجة الى سجنه لمدة طويلة وبالتالي سيبقى على قيد الحياة بالقرب من عائلته او اهله حتى لو كان مصاب بعوق بدني ، ويفضل ان تنفذ هذه العقوبة على مراحل تصاعدية حسب سلوك المجرم
ـ الدوافع والمبررات لعقوبة القصاص البدني تكمن في التساؤل المهم التالي : أي العقوبتين أصلح لمعاقبة مرتكب جريمة القتل الذي لا أمل في اصلاحه : السجن المؤبد للمجرم مع الابقاء على جسده سليما ، أم الاقتصاص من جسده ، وبالتحديد من الاعضاء التي تعينه في تنفيذ جرائمه ، ثم اطلاق سراحه ؟ ... هنا تصبح المفاضلة بين قيمتين : بين الحرية وبين الجسد . هل نقتص من حرية المجرم بسجنه بالمؤبد مقابل الحفاظ على سلامة جسده ، أم نقتص من سلامة جسده مقابل اطلاق سراحه ؟ نحن بتقديرنا أن مصلحة المجتمع تقتضي الاخذ بعقوبة القصاص من الجسد واطلاق سراحه ليعود الى عائلته واهله فهذه العقوبة أفضل من عقوبة الاعدام او السجن المؤبد وبالتالي حرمان عائلته واهله منه , فاطلاق سراح المجرم السجين مع اتخاذ التدابير اللازمة لمنعه من تكرار فعل الجريمة بعد اطلاق سراحه هي أفضل للمجتمع ولعائلة المجرم وحتى للمجرم نفسه , كما ان عقوبة الاعاقة الجسدية لا تتخذ الا وفقا لضوابط محددة , فهذه العقوبة تطبق بحق من يعود الى ممارسة الجريمة بعد اطلاق سراحه بعد ان يكون قد قدم تعهد قبل مغادرته مركز الاصلاح والتأهيل بعدم العودة الى افعال الاجرام ، ويتم تثبيت ملاحظة في ورقة التعهد بالاخذ بعقوبة الاقتصاص من جسده في حالة عودته لفعل الجريمة
ـ نرى بان اسلوب القصاص البدني لا يمثل انتهاك للقيمة الانسانية ، ولا يتعارض مع مباديء حقوق الانسان ، وذلك لاننا لا نستخدم القصاص كعقاب وانما كعلاج أخير عندما تفشل كل أساليب العلاج الطبية في اصلاح المجرم , وهذا النوع من العلاج فيه مصلحة للمجتمع ولعائلة المجرم وكذلك للمجرم ذاته ايضا ، في فلسفة الحياة ليس كل شيء يسبب ألما يعتبر عقابا ، وليس كل شيء يسبب لذة يعتبر مكافئة , فكم من اساليب علاج تسبب آلاما وهي فيها منفعة , وكم من وسائل تسبب لذة وهي فيها مضرة , وان يخسر المجرم القاتل عضوا من اعضاء جسمه لردعه عن تنفيذ جرائم جديدة ضد المجتمع ليواصل بعدها حياته بحرية لهو خيرا له ولعائلته وللمجتمع من ان يحتفظ بجسده سليما ولكنه يظل قابعا خلف قضبان السجن طول العمر .
ـ يجوز لهيئة المحكمة ان تقرر تحويل المجرم الى مركز الاصلاح والتأهيل مرة ثانية لاخضاعه لبرنامج العلاج لمدة ثلاث سنوات اخرى بدلا من اللجوء الى اسلوب القصاص البدني منه اذا اقتنعت برأي اللجنة الطبية حول امكانية تغيير طريقة العلاج الطبي معه بطريقة اخرى قد تجدي نفعا وتحقق نتائج ايجابية في عملية اصلاحه ، ولكن في جميع الاحوال يجب عدم السماح بتكرار العلاج اكثر من مرة واحدة فقط لكي لا تطول فترة غياب السجين عن عائلته او اهله .
..... يتبع الجزء / 45








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جولة لموظفي الأونروا داخل إحدى المدارس المدمرة في غزة


.. اعتقال أكثر من 1300 شخص في الاحتجاجات المناصرة لغزة في عموم 




.. العالم الليلة | الآلاف يتظاهرون في جورجيا ضد مشروع قانون -ال


.. اعتقال طالبة أمريكية قيدت نفسها بسلاسل دعما لغزة في جامعة ني




.. العالم الليلة | الأغذية العالمي: 5 بالمئة من السودانيين فقط