الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسلمات العشر

صلاح بدرالدين

2021 / 1 / 14
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


لايختلف اثنان في الصف الوطني المعارض لنظام الاستبداد حول حقيقة مايمر به شعبنا السوري منذ عشرة أعوام وحتى الان من معاناة ومخاطر حياتية بلغت الحدود القصوى التي لم تعد تطاق ، وماتمر بها بلادنا من ظروف قاسية تحت ظل نظام مستبد أجرم بحق شعبه و– خمسة احتلالات أجنبية - تهدد وجودها ، وسيادتها ، ووحدتها ، ومستقبل أجيالها ، وكذلك حول أولوية التفرغ لتغيير ماهو قائم ، والبحث عن أفضل السبل لتحرير الوطن من الاستبداد والاحتلال ، وتحقيق السلم الأهلي ، وعودة المهجرين والنازحين الى ديارهم ، وتعزيز العيش المشترك بين مختلف مكوناته القومية والدينية والمذهبية على قاعدة ابرام العقد الاجتماعي المشترك ، ومحاسبة كل من أساء وأجرم ، وإعادة بناء الدولة السورية الحديثة بمختلف مؤسساتها الدستورية والادارية والاقتصادية والعسكرية – الأمنية .

ومن أجل تحقيق مايسعى اليه الوطنييون السورييون أرى اعتماد المسلمات العشرة التالية والحفاظ عليها والالتزام بها وهي :

المسلمة الأولى – الشعب السوري متعدد القوميات ،والأديان ،والمذاهب ، وعلى أي مشروع وطني جاد قبول وتبني حق الكرد كقومية عددية ثانية ، ومن سكان البلاد الأصليين التمتع بكافة حقوقهم حسب ارادتهم الحرة في اطار سوريا الموحدة الجديدة ، وهكذا الحال بخصوص القومية التركمانية ، ومن حق الجميع اقواما واديانا ومذاهب المساواة في الحقوق والواجبات والمشاركة في القرار والسلطة والثروة ، والتنعم بالحرية والكرامة دون تميز ، كما من واجبات الكرد والاخريبن المساهمة بكل الطاقات من اجل الإنقاذ وتحقيق سوريا التعددية الجديدة ، والحضور ، والتمثيل في كل التشكيلات ، والمشاريع الانقاذية المنشودة راهنا ومستقبلا .
وفي سياق الحالة الكردية االخاصة فان ما تم استخلاصه من الوضع الوطني العام بشأن اخفاق وانحراف كيانات المعارضة القائمة منذ عام ٢٠١١ ومابعده ينطبق على الحالة الكردية أيضا فالاحزاب التي تتصدر المشهد الكردي من طرفي الاستقطاب ( ب ي د والانكسي ) عليها نفس المآخذ والملاحظات الموجهة للائتلاف وهيئة التفاوض والمنصات ، ونتمنى على أي مشروع وطني بديل قادم اخذ ذلك بعين الاعتبار وتشخيص الحالة الكردية أيضا بكل شفافية .

المسلمة الثانية – استخلاص دروس نكسة الثورة وتراجعها في صيغتها العسكرية وجمودها في المجال السياسي ، والاستمرار فيها كهدف للتغيير، وكمشروع سياسي انساني آني ومستقبلي ، يتم بها توعية الجيل ، واستنهاض الجماهير الشعبية ، ومتابعة وتقييم فشل كيانات المعارضة من المجلس الوطني وانتهاء بالائتلاف ، ومراجعة مسارها الذي ارتد بسبب تسلط الإسلام السياسي ، وتدخلات الأطراف الإقليمية والدولية ، واختراقات النظام الأمنية ، والمال السياسي الذي افسد ، وتقديم خدمات للاجندات الخارجية ، وفقدان القرار الوطني المستقل ، وتغلغل مندوبي أجهزة نظام الاستبداد لصفوف المعاررضة عبر الوافدين الجدد ، وتحكم الأساليب الفردية والشللية والحزبية بعيدا عن الوسائل والمبادئ الديموقراطية والقيادة الجماعية بالتشاور والتكامل ، واستبعاد الشباب والمرأة والوطنيين والمناضلين بسبب آرائهم وافكارهم الحرة ، وقطع الطريق على أية مراجعات نقدية ، أو محاسبة أو نقاش .

المسلمة الثالثة – عدم الخروج على أهداف الثورة السورية المغدورة في الحرية ، والكرامة ،والتغيير الديموقراطي ، واسقاط الاستبداد ، خاصة وان هناك شبه اجماع وطني على أن سبب إخفاق الثورة لايتعلق بصحة وشرعية أهدافها بل بوسائلها وآلياتها أي بالعامل الذاتي بالدرجة الأولى والاساسية وجزء منه يتعلق بالظروف الموضوعية ، لذلك لايجوز القفز فوق أهداف الثوة الاستراتيجية بذرائع تكتيكية وتحت عناوين الإنقاذ ،وضيق الوقت ، واضاعة الفرص ، واللحظة المناسبة ، لان قضايا الشعوب المصيرية وثوراتها لاتحل باوقات نختارها نحن ، بل بنضوج العوامل الذاتية والموضوعية ، وتغييرات موازين القوى .

المسلمة الرابعة – الحذر من الوقوع في نفس أخطاء وانحرافات – المعارضة – فنقدها والاخذ عليها بالخروج من مسار اهداف الثورة ، وعقد الصفقات سرا وعلانية مع نظام الاستبداد ، والمضي قدما للمشاركة في انتخابات قادمة في ظل النظام ، ومن ثم اتخاذ مواقف وخطوات مماثلة بل أكثر وقعا وراديكالية كالدعوة الى تشكيل مجلس عسكري مشترك الغلبة فيه ( لأبناء النظام والمؤسسة العسكرية الأسدية ) وتحت ظل النظام القائم ذاته ، على الأقل ومهما كانت مواقفنا تجاه المعارضة فانها ان أبرمت صفقات مع النظام فلديها كيان سياسي معترف به ( الائتلاف – هيئة التفاوض ) ولكن ماذا عن المبادرة الأخيرة لتشكيل المجلس العسكري ؟ انها لاتستند الى حاضنة شعبية ولا الى قوى وطنية متحالفة ، ولا الى مجموعة متجانسة تستند الى التشاور والرأي الجماعي ، ولا الى برنامج سياسي واضح ومنشور للاطلاع والنقاش ، بل تنطلق من اجتهاد فردي غير مترابط ليس الا على الأقل كما هو معلوم في ظاهره المعلن عبر الفيسبوك واليوتيوب .

المسلمة الخامسة – لاسبيل أمام الوطنيين السوريين اذا ارادوا انقاذ الشعب والوطن وتفعيل القضية والعمل من اجل حلها ، الا بالعمل الجماعي الديموقراطي المنظم ، فلايعقل محاربة النظام الفردي الدكتاتوري الأحادي الذي رسخ حكمه خلال عقود على قاعدة اجتماعية ، اقتصادية ، عسكرية ، امنية ، طائفية ، حزبية ، ادارية ، وبعد الفشل عشرة أعوام من اسقاطه ، لايعقل مواجهته عبر مبادرة فردية هنا ، وااجتماع ضباط عسكريين هناك ، والخشية ان يأخذ طابع تجريبي غير مأمون الجانب ، وعادة مثل هذه الخطوات غير المحسوبة قد تلحق الأذى بكل القضية الوطنية ، وتضاعف من خيبات الامل لدى السوريين وهم بغنى عنها بعد كل هذا الخراب والنكسات والاحباطات والتراجعات .

المسلمة السادسة – كما أفهم غالبية الوطنيين السوريين وخصوصا النخبة من أهل الثقافة والفكروالخبرة النضالية الطويلة ، قد استخلصوا درسا مفيدا من جملة الدروس الأخرى يتمثل بحقيقة ان الدول الكبرى والعظمى وحتى الأطراف الإقليمية – صديقة كانت أو خصما أو عدوة - لاتتعامل الا مع الامر الواقع بعبارة أوضح مع من يمثل العمق الشعبي المنظم على الأرض ، ويمتد جذوره بالداخل والخارج وفي كل أماكن الشتات السوري ، لذلك كل مبادرة أو مشروع وطني لاينطلق من كيان منظم حاصل على الشرعية الشعبية بالانتخاب والتكليف ،وعلى قاعدة عريضة ، ولايستند الى قيادة جماعية متماسكة ، وفي الخصوصية السورية المتنوعة لايعتمد على كل المكونات القومية والاجتماعية المتوافقة ، لن يحظى لا بالاعتراف السياسي ، ولا بالاحترام من لدن دوائر القرار في الإقليم والعالم ، و ( المعارضة ) السورية كمثال .

المسلمة السابعة – لايمكن الاعتماد في بلادنا على – العسكر – لينجز ماعجز عن إنجازه السياسييون المدنييون ، واقصد تحقيق اهداف الثورة في الحرية والتغيير الديموقراطي واسقاط نظام الاستبداد ، ليس لان عسكرنا يفتقدون الوطنية والشجاعة بل بسبب ان بناء وتربية الجيش في سوريا خصوصا منذ انقلاب البعث وتسلط الأسد الاب والابن سارا في دروب مظلمة عقائدية – طائفية – عائلية – حزبية – امنية ، حتى اننا في سوريا ونحن نحسد على سبيل المثال السودانيين في تجربتهم الوليدة في رضوخ الجيش لمشروع الثورة وحتى ذلك ماكانت لتتحقق لولا التنظيم العالي المستوى للقوى الثورية التي قادت الشارع وأثبتت جدارتها ووجودها الفعلي مثل ( تجمع المهنيين ومن ثم قوى الحر ية والتغيير ) .
المسلمة الثامنة – من الممكن في الحالة الوطنية السورية تحديد استراتيجية العمل الوطني بمراحل لكل منها مساراتها المتكاملة ولكن لايجوز تجزئتها وفصلها عن بعضها بشكل انتقائي ، والاخذ بجزء والقفز فوق الأجزاء الأخرى على طريقة حرق المراحل ، فمثلا لايمكن المشاركة في – مجلس عسكري مع ضباط النظام – او في مجلس وزراء – قبل تنظيم الصفوف ، وإعادة بناء الحركة الوطنية السورية ،واستعادة شرعيتها ، وانتخاب مجلسها القيادي ، لان ذلك وحده من شأنه حماية وضمانة أية خطوة باية اتجاه كانت والا فستكون كل الخطوات عشوائية خاسرة تضر ولا تنفع .
المسلمة التاسعة – العمل الوطني من اجل الإنقاذ والتغيير وإزالة الاستبداد وإعادة بناء الدولة الحديثة هو في خدمة الشعب السوري ومن أجله أولا وأخيرا ، وبما انه مصدر الشرعية الوطنية فمن تحصيل حاصل اللجوء اليه دائما وابدا ، وعندما ابتعدت – المعارضة – عن الشعب فقدت شرعيتها ، وخسرت حاضنتها ، فقد كان الكثيرون منا يتابعون تصريحات وأقوال مسؤولين في ( المجلس الوطني والائتلاف ) مفادها : ( نحن هنا ومن يريد الانضمام الينا فليتفضل ، ومن لايريد فهذه مشكلته ) ومن واجب من يريد إعادة بناء حركات وجبهات بديلة أن لاينتهج نفس الطريقة الخاطئة في مخاطبة السوريين ، لانها لن تجلب سوى الإخفاق .
المسلمة العاشرة – الكثير من الأطراف الدولية ذات الصلة بالملف السوري ، وبعض الدول الإقليمية قررت علنا أنها لن تساهم في إعادة الاعمار بسوريا ولن تسهلها الا بعد زوال نظام الأسد وعودة المهجرين واستتاب الامن والاستقرار ، في حين نسمع بعض دعاة الإنقاذ من رجال الاعمال من المعارضين السوريين يضعون الجانب الاقتصادي في أولويات دعواتهم قبل الجوانب السياسية والأمنية ، فهل ياترى بالإمكان تسريع عجلة الاقتصاد وإعادة دورته ولمصلحة السوريين في ظل النظام الراهن وفي هذا الوقت بالذات ؟ خاصة وان النظام يتعرض الى الحصار من الخارج مباشرة او عبر قانون – قيصر – وذلك لاضعافه والتعجيل باسقاطه ، لذلك من دروس تجربتنا تنظيم الأولويات بعناية والسؤال هو : اين يمكن تنفيذ المشاريع الاقتصادية ؟ في مناطق سيطرة النظام أم قسد أم النصرة أم الجيش الوطني ؟ .
من الواجب مشاركة الجميع في مناقشة الحاضر والمستقبل ، وصولا الى التوافق الوطني حول المشروع الوطني الشامل من اجل الإنقاذ وإعادة البناء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال


.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري




.. عمران خان: زيادة الأغنياء ثراء لمساعدة الفقراء لا تجدي نفعا


.. Zionism - To Your Left: Palestine | الأيديولوجية الصهيونية.




.. القاهرة تتجاوز 30 درجة.. الا?رصاد الجوية تكشف حالة الطقس الي