الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الاسلام يحرّم الفنون الجميلة!؟

داود السلمان

2021 / 1 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الفرق بين القديم والمعاصر، إن القديم بُني على نظريات وفرضيات اكل الدهر عليها وشرب، وبانت للواقع المعاش إنها نظريات وفرضيات مغلوطة، ولم تعد تفيد واقعنا الراهن. واما المعاصر فخضع للتجربة وللعلم ومس الواقع بالصميم، فظهر قربه الى العلم وارتضاه العقل. ولا نعني بالقديم الفكر الفلسفي، وإنما نعني الفكر الديني، وما يصاحبه من غيبيات وقضايا لا يستطيع العقل ان يفسرها، او يفهما على اقل تقدير، لكن الفلسفة تُبنى على التفكير والتأمل ومن ثم التفسير والايضاح، ويكون المعيار لذلك التفكير هو العقل والمنطق.
إذن الفرق بين الفكر الفلسفي والفكر الديني؛ الاول يعتمد العقل كمعيار، والثاني يعتمد الايمان المطلق والميل الى الغيبيات.
يمثل الفكر القديم رجال اللاهوت؛ وهنا نأخذ الشيخ شمس الدين الذهبي (673 هـ - 748 هـ) = (1274م - 1348م) مثالا، والذهبي هذا يعتبر من اهم علماء المسلمين (السنة)، وله الكثير من الكتب والمصنفات، وهو ثقتهم وعلم من اعلامهم، ويعتمدون على مؤلفاته اعتمادًا كبيرًا، فهو حجتهم وعلم من اعلامهم. ومن كتب الذهبي هذه كتابه المعروف بـ (الكبائر)، وثمة قضايا كثيرة اعتبرها الذهبي من الكبائر، وبمنطق الذهبي وغيره، من يرتكب من هذه القضايا فإن مصيره النار وسيخلد فيها!، وهنا نأخذ مثالا من هذه (الكبائر) التي تدخل صاحبها النار، أللا وهي: الـ "تَّصْوِير فِي الثِّيَاب والحيطان وَالْحجر وَالدَّرَاهِم وَسَائِر الْأَشْيَاء سَوَاء كَانَت من شمع أَو عجين أَو حَدِيد أَو نُحَاس أَو صوف أَو غير ذَلِك وَالْأَمر بإتلافها"!.
واذا اردنا أن نطبق نظرية الذهبي هذه، فأن الحياة ستتعطل، ستتعطل تماما، إذ لا علوم ولا تكنولوجيا ولا فضائيات ولا هندسة ولا طب ولا إعلام ولا سفر، الخ.. كذلك سنلغي المسارح والسينما وصالات التصوير والنحت والفنون الجميلة والفنون التشكيلية، ونشتري الحمير والبغال والابل، ونلغي الكهرباء والسيارات والقطارات والطائرات، ونتجه الى الصحراء حيث الرمال ولهيب تلك الاجواء، لنعيد امجاد اجدادنا الاوائل!.
ويستدل الذهبي بقول الآية: {إِن الَّذين يُؤْذونَ الله وَرَسُوله لعنهم الله فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَأعد لَهُم عذَابا مهيناً}. يعني الذهبي إن المخترعين والعلماء والمبدعين من الفنانين، الذين ابدعوا هذه الاشياء، من التي انارت لنا الحياة وجعلتنا نعيش الحياة التي ارادها لنا الله، هي تؤذي الله ورسوله!. لكن تلك الجاهلية والتخلف الذي عاشته تلك المجتمعات، يرضي الله ورسوله بحسب الذهبي وامثاله.
وتفسير هذه الآية ما ينسبه الذهبي الى عكرمة إنه فسرها " هم الَّذين يصنعون الصُّور".
عن النبي: إِن الَّذين يصنعون الصُّور يُعَذبُونَ يَوْم الْقِيَامَة يُقَال لَهُم أحيوا مَا خلقْتُمْ.
وليس هذا فحسب، بل وينسب حديث للنبي إنه قال: "كل مُصَور فِي النَّار يَجْعَل لَهُ بِكُل صُورَة صورها نفس يعذب فِي نَار جَهَنَّم"!. كذلك قال النبي، كما يدعي الذهبي: "من صور صُورَة فِي الدُّنْيَا كلف أَن ينْفخ فِيهَا الروح يَوْم الْقِيَامَة وَلَيْسَ بنافخ فِيهَا. وإنه قَالَ يَقُول الله عز وَجل وَمن أظلم مِمَّن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا حَبَّة أَو ليخلقوا شعيرَة أَو ليخلقوا ذرة.
ويعلق الذهبي: "وَأما الصُّور فَهِيَ كل مُصَور من ذَوَات الْأَرْوَاح سَوَاء كَانَت لَهَا أشخاص منتصبة أَو كَانَت منقوشة فِي سقف أَو جِدَار أَو مَوْضُوعَة فِي نمط أَو منسوجة فِي ثوب أَو مَكَان فَإِن قَضِيَّة الْعُمُوم تَأتي عَلَيْهِ فليجتنب وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق وَيجب إِتْلَاف الصُّور لمن قدر على إتلافها وإزالتها".
وهذا هو التخلف والجهل بعينه، كونه لا ينسجم والعقل والمنطق، والواقع الذي نعيش فيه الآن. فبدل أن يدعونا، الذهبي وغيره، الى العلم والمعرفة للارتقاء بالحياة الى آفاق واسعة، دعانا الى النكوص والتقهقر، وتعطيل الحياة.
إذن، فعلى المسلمين محو هذه الخرافات والترهات، من كتب الماضين الذين يطلقون عليهم "علماء" لأن فيها اساءه واضحة الى الله والى الرسول، وإنها تعطل عمل العقل، ولا تخدم البشرية في شيء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ندوة توعية للمزارعين ضمن مبادرة إزرع للهيئه القبطية الإنجيلي


.. د. حامد عبد الصمد: المؤسسات الدينية تخاف من الأسئلة والهرطقا




.. يهود متشددون يهاجمون سيارة وزير إسرائيلي خلال مظاهرة ضد التج


.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان




.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل