الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحياة لعبة وهذه هي قوانينها | 17

إسلام بحيري

2021 / 1 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ما هو الطريق الصحيح إلى الله؟ هل من خلال الزهد كما يعتقد بعض اليوغيين؟ وماذا عن هذا الشيء المسمى بالألم؟ هل العذاب والخدمة هو الطريق إلى الله كما يقول كثير من النساك؟ هل نشق طريقنا إلى الجنة من خلال "أن نكون صالحين"، كما تعلمنا العديد من الأديان؟ أم أننا أحرار في التصرف كما نرغب، أو انتهاك أي قاعدة أو تجاهلها، أو تنحية أي تعاليم تقليدية جانبًا، والانغماس في تحقيق المآرب الشخصية، وبالتالي نجد النيرفانا، كما يقول العديد من أتباع العصر الجديد New Age؟ أين الطريق؟ أهي المعايير الأخلاقية الصارمة، أم افعل كما يحلو لك؟ هل هي القيم التقليدية، أم جعلها تتناسب مع مستجدات العصر؟ هل هو الوصايا العشر، أم الخطوات السبع للتنوير؟
= لديك حاجة ماسة لأن يكون الطريق الصحيح طريق واحد، إما هذا أو ذاك، ولكن... ألا يمكن أن يكون كل هؤلاء؟

لا أعرف. أنا أسألك.
= سأجيب عليك إذن كما يمكنك أن تفهم على أفضل وجه، مع أنني أخبرك الآن أن إجابتك في داخلك. أقول هذا لكل الناس الذين يسمعون كلماتي ويسعون لمعرفتي.
كل قلب يسأل بجدية ما هو الطريق إلى الله؟ سيهتدي. كل منا يحصل على حقيقة يستشعرها قلبه. تعال إليّ عن طريق مسار قلبك، وليس من خلال رحلة عقلك. لن تجدني في عقلك.
لكي تعرف الله حقًا، عليك أن تكون خارج عقلك.
والآن، فإن سؤالك يتطلب إجابة، ولن أتراجع عن فحوى استفسارك.

أقول لكم هذا: أنا لست ملكًا ولا حاكمًا. أنا ببساطة - وبذهول - الخالق. والخالق لا يحكم، بل هو فقط يخلق ويخلق ويواصل الإبداع.
لقد خلقتكم - باركتكم - على صورتي وصفاتي. وقد قدمت لكم بعض الوعود والالتزامات. لقد أخبرتكم، بلغة واضحة، كيف سيكون الأمر معكم عندما تصبحون متحدين معي.
أنت، كما كان موسى، طالب جاد. موسى أيضًا، كما أنت الآن، وقف أمامي متوسلاً للحصول على إجابات. نادى: "يا إله آبائي. يا إلهي، تفضل لتريني. أعطني إشارة لأقول لقومي! كيف نعرف أننا مختارون؟"
وقد أتيت إلى موسى، كما جئت إليك الآن، بعهد إلهي - وعد أبدي - والتزام أكيد. سأل موسى بحزن: "كيف يمكنني ان اتأكد؟". قلت "لأنني أخبرتك بذلك".. "لديك كلمة الله"

ولم تكن كلمة الله وصية بل عهدًا - وهاهي إذن :

الإلتزامات العشر
ستعلم أنك سلكت طريق الله، وستعلم أنك وجدت الله، لأنه ستكون هناك هذه العلامات، هذه المؤشرات، هذه التغييرات فيك:
1. ستحب الله من كل قلبك ومن كل عقلك ومن كل روحك. ولن يكون هناك اله آخر دوني. لن تعبد بعد الآن الحب الإنساني أو النجاح أو المال أو القوة أو أي رمز لها. سوف تضع هذه الأشياء جانبًا كما يضع الطفل ألعابه جانبًا. ليس لأنها لا تستحق، ولكن لأنك كبرت عليها.
وستعلم أنك سلكت الطريق إلى الله للأسباب التالية:
2. لا يجوز لك استخدام اسم الله عبثاً. ولن تدعوني لأشياء تافهة. سوف تفهم قوة الكلمات والأفكار، ولن تفكر في استدعاء اسم الله بطريقة غير صالحة. لا يجوز لك استخدام اسمي عبثاً لأنك لن تستطيع ذلك. لا تستخدام اسمي - "أنا العظيم" - عبثًا (أي بدون نتيجة)، ولا يمكن استخدامه كذلك أبدًا. ومتى وجدت الله ستعرف هذا.
وسأعطيك هذه العلامات الأخرى أيضًا:
3. تذكر أن تحفظ يومًا لي وتدعوه مقدسًا. هذا حتى لا تبقى في الوهم طويلاً، بل تجعل نفسك تتذكر من أنت وماذا أنت. وبعد ذلك ستدعو كل يوم قريبًا يوم السبت، وكل لحظة مقدسة.
4. ستكرم وتُجِل والدتك ووالدك - وستعرف أنك ابن الله عندما تكرم أبيك / أمك في كل ما تقوله أو تفعله أو تفكر فيه. وحتى عندما تجل الله (الأم/الأب)، ووالدك وأمك على الأرض (لأنهم منحوك الحياة)، فإنك أيضًا ستكرم كل إنسان.
5. أنت تعلم أنك وجدت الله عندما تلاحظ أنك لن تقتل (أي القتل العمد بدون سبب). لأنه بينما ستفهم أنه لا يمكنك إنهاء حياة شخص آخر في أي حالة (كل الحياة أبدية)، فلن تختار إنهاء أي تجسد معين (1)، ولا تغيير أي طاقة حياة من شكل إلى آخر، دون أن تمتلك المسوغ الأكثر قدسية.
سيؤدي توقيرك الجديد للحياة إلى تكريم جميع أشكال الحياة - بما في ذلك النباتات والأشجار والحيوانات - والتأثير فيها فقط عندما يكون ذلك في سبيل الخير الأسمى.
وهذه العلامات الأخرى سأرسلها لك أيضًا، لتعلم أنك على الطريق:
6. لن تدنس طهارة الحب بالتضليل والخداع، فهذا زنى. أعدك، عندما تجد الله، فلن ترتكب هذا الزنى.
7. لن تأخذ شيئًا ليس لك، ولا تخدع، ولا تتواطأ، ولا تؤذي شخصًا آخر لتمتلك أي شيء، لأن هذا سيكون سرقة. أعدك، إذا وجدت الله، فلن تسرق.
8. ولن تقول شيئًا غير صادق، ومن ثم تحمُّل شهادة الزور.
9. ولن تشتهي زوجة جارك، فلماذا تريد زوجة جارك وأنت تعلم أن كل الآخرين هم زوجك؟ (2)
10. لن تشتهي متاع جارك، فلماذا تريد متاع جارك وأنت تعلم أن كل الخير يمكن أن يكون لك، وأن كل سلعك ملك للعالم؟ (3)
ستعرف أنك وجدت الطريق إلى الله عندما ترى هذه العلامات. لأني أعدك بأنه لن يقوم أي شخص - يبحث عن الله حقًا - بعد الآن بهذه الأشياء. سيكون من المستحيل الاستمرار في مثل هذه السلوكيات.

هذه حرياتك وليست قيودك. هذه هي واجباتي وليست وصاياي. لأن الله لا يأمر وينهى خلقه - ولكنه يقول لأبنائه: هكذا ستعرفون أنكم عائدون إلى موطنكم السماوي.
سأل موسى بجدية - "كيف لي أن أعرف؟ اعطني اشارة." سأل موسى نفس السؤال الذي طرحته الآن. نفس السؤال الذي طرحه جميع الناس في كل مكان منذ بدء الخليقة. وجوابي الأبدي أيضاً: أنها لم تكن ولن تكون أبدًا وصية. فمن آمُر؟ ومن أعاقب إن لم تُحفظ وصاياي؟
لا يوجد سواى أنا.

إذن أنا لستُ مضطرًا للحفاظ على الوصايا العشر من أجل الوصول إلى الجنة.
= لا يوجد شيء اسمه "الوصول إلى الجنة". هناك فقط معرفة أنك هناك بالفعل. هناك قبول، فهم، وليس عمل من أجل دخول الجنة.
لا يمكنك الذهاب إلى حيث أنت موجود بالفعل. وللقيام بذلك، يجب أن تغادر مكانك، وهذا من شأنه أن يهزم الغرض الكامل من الرحلة (4). المفارقة هي أن معظم الناس يعتقدون أن عليهم المغادرة من حيث هم للوصول إلى حيث يريدون أن يكونوا. وهكذا يغادرون الجنة (5) من أجل الوصول إلى الجنة. ويصلون هناك عبر الجحيم.
التنوير هو فهم أنه لا يوجد مكان تذهب إليه، ولا شيء تفعله، ولا يجب أن تكون أحداً سوى من تكون الآن بالضبط. أنت في رحلة إلى لا مكان.
الجنة - كما تسميها - ليست مكان nowhere. دعنا فقط نضع بعض المسافة بين الحرفين w و h في تلك الكلمة وسترى أن الجنة now… here الآن... هنا.

الجميع يقول هذا! الجميع يقول هذا! وهو يسوقني إلى الجنون!
إذا كانت "الجنة الآن هنا"، فكيف لا أرى ذلك؟ لماذا لا أشعر بذلك؟ ولماذا العالم بمثل هذه الفوضى؟
= أنا أتفهم إحباطك. ربما يكون من المحبط محاولة فهم كل هذا، بقدر الإحباط من محاولة إقناع شخص ما بفهمه.

انتظر دقيقة! هل تحاول أن تقول أن الله يصاب بالإحباط ؟
= من تفترض أنه اخترع الإحباط؟ وهل تتخيل أنه يمكنك تجربة شيء لا أستطيع تجربته؟
أقول لك هذا: كل تجربة لديك، هي لديّ. ألا ترى أنني أشعر بنفسي عملياً من خلالك؟ ماذا تفترض أن يكون سبب كل هذا، من أجل ماذا؟ أنا لم أستطع أن أعرف نفسي لولاكم. لقد خلقتكم لأعرف من أنا.
الآن لن أقوم بتحطيم كل أوهامك عني جملة واحدة، لذا سأخبرك أنني في أسمى مرتبة لي، والذي تدعوه الله: لا أشعر بالإحباط.

يا للعجب! هذا أفضل. لقد أقلقتني هناك لمدة دقيقة.
= لكن هذا ليس لأنني لا أستطيع. لكن ببساطة لأنني لا أختار ذلك. بالمناسبة، يمكنك اتخاذ نفس الاختيار.

حسنًا، سواء كنتُ محبطًا أم لا، لكني ما زلت أتساءل كيف يمكن أن تكون الجنة هنا، وأنا لا أعيشها.
لا يمكنك تجربة ما لا تعرفه. وأنت لا تعرف أنك في "الجنة" الآن لأنك لم تجربها. كما ترى، إنها حلقة مفرغة بالنسبة لك. فأنت لا يمكنك - لم تجد الطريق بعد - لتجربة ما لا تعرفه، ولا تعرف ما لم تجربه.
ما يطلب منك التنوير أن تفعله هو أن تعرف شيئًا لم تعشْهُ وبالتالي تكون قد جربته. المعرفة تفتح الباب للتجربة - وأنت تتخيل العكس.
في الواقع، أنت تعرف موضوع كبير وقصة طويلة أكثر مما عشته وجربته. وأنت - ببساطة - لا تعرف أنك تعرف.
أنت تعلم أن هناك إلهًا، على سبيل المثال. لكنك قد لا تعرف أنك تعرف ذلك. لذلك تستمر في انتظار تجربة عَيْشه أو رؤيته أو الشعور به. لكنك وطول الوقت كنت تعيش التجربة. ومع ذلك، فإنك حصلت عليها دون أن تعرف - وهو ما يشبه عدم امتلاكها على الإطلاق.

يا إلهي، نحن نلتف في دوائر هنا.
= نعم. وبدلاً من الالتفاف في دوائر، ربما ينبغي أن نكون نحن الدائرة نفسها. يجب ألا تكون هذه حلقة مفرغة. يمكن أن تكون واحدة سامية.

هل الزهد و التخلي جزء من الحياة الروحية حقا؟
= نعم، لأن كل روح في النهاية تتخلى عن ما هو غير حقيقي، ولا يوجد شيء حقيقي في الحياة التي تعيشها، باستثناء علاقتك معي. ومع ذلك، فإن التخلي بالمعنى الكلاسيكي لإنكار الذات غير مطلوب.
الحكيم الحقيقي لا "يتخلى" عن شيء ما. المعلم الحقيقي لا ينكره، ولكن ببساطة يضعه جانبًا، كما يفعل بأي شيء لم يعد له أي فائدة. هناك من يقول إن عليك التغلب على رغباتك (6). ولكني أقول أنه يجب عليك ببساطة تغييرها. تبدو الممارسة الأولى وكأنها نظام صارم، والثانية، تمرين بهيج.
هناك من يقول إنه لكي تعرف الله يجب أن تتغلب على كل الشهوات الأرضية. ولكن يكفيك فهمها وقبولها. ما تقاومه يستمر. وما تنظر إليه يختفي (7).
أولئك الذين يسعون بجدية للتغلب على كل الأهواء الأرضية غالبًا ما يعملون بجد لدرجة أنه يمكن القول أن هذا قد أصبح شغفهم. أمسى لديهم "شغف بالله"؛ شغف بمعرفته. لكن الشغف شغف، واستبدال أحدهما لا يلغي الآخر.
لذلك، لا تحكم على ما تشعر بشغف تجاهه. ما عليك سوى ملاحظته، ثم معرفة ما إذا كان يخدمك، بالنظر إلى من وماذا تريد أن تكون. تذكر أنك تعمل باستمرار على خلق نفسك. أنت تقرر من أنت وماذا تكون في كل لحظة. أنت تقرر هذا إلى حد كبير من خلال الخيارات التي تتخذها فيما يتعلق بمن وماذا تشعر بشغف تجاهه.
غالبًا ما يبدو الشخص الذي يسير فيما تسميه طريقًا روحيًا وكأنه تخلى عن كل شغف أرضي، وكل رغبة بشرية. ولكن ما فعله هو أنه فهمها ورأى أنها أوهام، وابتعد عن المشاعر التي لا تخدمه. ولكنه مع ذلك كان طيلة الوقت يحب الوهم لأنه جلب له فرصة أن يكون حراً بالكامل.
الشغف هو حب تحويل الوجود إلى عمل. إنه يموِّن موتور الخلق. يغير المفاهيم إلى وافع وتجربة.
الشغف هو النار التي تدفعنا للتعبير عن حقيقتنا. لا تنكر أبدًا شغفك، لأن هذا إنكار من أنت ومن تريد حقًا أن تكون.
التخلي لا ينفي الشغف أبدًا - التخلي ينفي ببساطة الارتباط بالنتائج (8). وأما الشغف فهو حب العمل. والعمل هو وسيلة الشعور والتجربة العملية، ومع ذلك، ما الذي يتم خلقه غالبًا كجزء من العمل؟ التوقع.
أن تعيش حياتك بدون توقع - دون الإحتياج إلى نتائج محددة - فهذه هي الحرية. هذا هو الصلاح. وهكذا أعيش أنا.

أنت لا تعول على النتائج؟
= بالطبع لا. فرحي بعملية الخلق وليس بأعقابها. التخلي ليس قرارا برفض الفعل. ولكنه قرار بإنكار الحاجة إلى نتيجة معينة. هناك فرق شاسع.

هل يمكن أن تشرح ما تعنيه بعبارة "الشغف هو حب تحويل الوجود إلى فعل"؟
الكينونة Beingness هي أعلى حالة للوجود existence. إنها أنقى وأصفى جوهر. إنها "الآن - وليس الآن"، "الكل - وليس الكل"، "دائمًا – ولا مرة" هي مظهر الله. الكينونة النقية هي ألوهية نقية.
ومع ذلك، لم يكن كافياً ببساطة أن نكون. لطالما تطلعنا إلى تجربة ما نحن عليه عملياً، وهذا يتطلب جانبًا آخر تمامًا من الألوهية، يسمى الفعل.
دعنا نقول أنك في صميم روحك الرائعة، هذا المظهر الإلهي المسمى بالحب. (وبالمناسبة هذه هي حقيقتك). الآن دعنا نقول : أنك أن تكون حباً شيء، وأن تفعل شيئًا بحب فهذا شيء آخر تمامًا. الروح تتوق لفعل شيء حيال ماهيتها حتى تعرف نفسها من خلال تجربتها الخاصة. لذلك ستسعى إلى تحقيق أسمى أفكارها من خلال الفعل.
هذا الدافع للفعل هذا يسمى الشغف أو العاطفة. اقتل العاطفة تكون قد قتلت الله. العاطفة - أو الشغف - هي أن الله يريد أن يقول "مرحبًا".
بمجرد أن يفعل الله (أو الله الذي فيك) فعل الحب، فإنه يكون قد أدرك ذاته، ولا يريد شيئاً أكثر من هذا.
من ناحية أخرى، يشعر الإنسان غالبًا أنه يحتاج إلى عائد مقابل مساهماته وعطاياه. بمعنى: إذا كنا سنحب شخصًا ما، فلا بأس، لكن من الأفضل لنا أن نحصل على بعض الحب المقابل.
هذه ليست عاطفة، هذا توقع.
وهو أعظم مصدر لتعاسة الإنسان. لأن هذا هو الذي يفصل الإنسان عن الله.
ويسعى التخلي إلى إنهاء هذا الفصل من خلال التجربة التي أطلق عليها بعض الصوفية الشرقيين اسم الصمادهي (9). أي الوحدانية مع الله. الإمتزاج بالألوهية والذوبان فيها.
وبالتالي فإن التنازل يتخلى عن النتائج، ولكنه لا يتخلى أبدًا عن العاطفة (10). في الواقع، السيد يعرف حدسيًا أن الشغف العاطفي هو المسار، والطريق إلى تحقيق الذات.
حتى من الناحية الأرضية، يمكن القول بإنصاف أنه إذا لم يكن لديك شغف بشيء، فلن تكون لديك حياة على الإطلاق.

لقد قلت: إن "ما تقاومه باقٍ، وما تنظر إليه يختفي". هل يمكن ان توضح ذلك؟
= أنت لا يمكنك مقاومة شيء لم تمنحه حقيقة. إن فعل مقاومة الشيء يعني منحه الحياة. عندما تقاوم طاقة ما، تكون وضعتها هناك. كلما قاومت كلما جعلت الأمر حقيقيًا، أياً كان ما تقاومه.
ما تفتح عينيك وتنظر إليه يختفي. أي أنه لم يعد يحتفظ بشكله الوهمي.
إ ذا نظرت إلى شيء ما - نظرت إليه حقًا – فلن ترى من خلاله مباشرة، ومن خلال أي وهم يحمله لك هذالشيء، سوى الواقع المطلق في عينيك. وفي مواجهة الواقع المطلق، لا قوة لوهمك الصغير. لا يمكنه أن يمسك بك لفترة طويلة في قبضته الضعيفة. سترى حقيقته، والحقيقة ستحررك.

ولكن ماذا لو كنت لا تريد أن يختفي الشيء الذي تنظر إليه؟
= يجب أن تريد هذا دائمًا! لا يوجد شيء في واقعك للتمسك به. ومع ذلك، إذا اخترت وهم حياتك على الواقع المطلق، فيمكنك ببساطة إعادة خلقه، تمامًا كما خلقته في البداية. وبهذه الطريقة سيكون لديك في حياتك ما تختار أن تحصل عليه، وتزيل من حياتك ما لم تعد ترغب في تجربته.
ومع ذلك لا تقاوم أي شيء. إذا كنت تعتقد أنك بمقاومتك ستقضي عليه، فكر مرة أخرى. أنت فقط تزرعه بقوة أكبر في مكانه. ألم أخبرك أن كل فكرة إبداعية خلاقة؟

حتى الفكرة التي تقول أنني لا أريد شيئًا؟
= إذا كنت لا تريده، فلماذا تفكر فيه؟ لا تفكر في الأمر مرة أخرى. ومع ذلك، إذا كان عليك التفكير في الأمر - أي إذا كنت لا تستطيع منع التفكير في الأمر - فلا تقاوم. بدلاً من ذلك، انظر إلى كل ما هو كائن بشكل مباشر - اقبل الواقع على أنه إبداعك - ثم اختر الاحتفاظ به أم لا، كما تريد.

ما الذي يوجب هذا الاختيار؟
= من وماذا تعتقد عن نفسك. ومن وماذا تختار أن تكون. هذا يفرض كل الخيارات، كل خيار اتخذته في حياتك، وستتخذه دائماً.

وبالتالي فإن حياة الزهد والتخلي ليست هي المسار الصحيح؟
= هذه ليست الحقيقة. كلمة "تخلي" تحمل معنى خاطئ. في الحقيقة، أنت لا يمكنك التخلي عن أي شيء، لأن ما تقاومه يستمر. الحكيم الحقيقي لا يتنازل، ولكن ببساطة يختار بشكل مختلف. إنه التحرك نحو شيء ما، وليس بعيدًا عن شيء ما.
أنت لا يمكنك الابتعاد عن شيء ما، لأنه سيطاردك داخل الجحيم وطريق العودة منها. لذلك لا تقاوم الإغراء، بل ابتعد عنه ببساطة: استدر نحوي وابتعد عن أي شيء بخلافي.
ومع ذلك، اعرف هذا: لا يوجد شيء اسمه مسار غير صحيح، لأنك في هذه الرحلة لا يمكنك "عدم الوصول" إلى حيث أنت ذاهب.
إنها ببساطة مسألة سرعة، مجرد مسألة متى ستصل إلى هناك. ولكن حتى هذا مجرد وهم، لأنه لا يوجد "متى"، ولا يوجد "قبل" أو "بعد". لا يوجد سوى الآن؛ لحظة أبدية تعيش فيها نفسك دائمًا.

إذن أين الإشكال إذا لم تكن هناك طريقة لعدم "الوصول إلى هناك"، فما الهدف من الحياة؟ لماذا يجب أن نقلق على الإطلاق بشأن أي شيء نفعله؟
= بالطبع، لا يجب عليك ذلك. لكن من الأفضل أن تكون متيقظًا. ببساطة لاحظ من وماذا تفعل وماذا تفعل، وانظر ما إذا كان ذلك يخدمك.
الهدف من الحياة ليس الوصول إلى أي مكان - بل أن تلاحظ أنك موجود بالفعل، وكنت موجودًا دائمًا. أنت، دائمًا وإلى الأبد، في لحظة الخلق النقي. لذا فإن الهدف من الحياة هو أن تخلق من وماذا أنت، ثم تجربة وعيش ذلك.




وللحديث بقية..
نقلاً عن كتاب حوارات مع الله
Conversations with God
للمعلم الروحي الأمريكي نيل دونالد والش
للتواصل: [email protected]

____________________________
(1) التجسد: هو التحول إلى جسد، بمعنى حمل وولادة مخلوق كتشكل مادي لكائن غير مادي الأصل. (نقلاً عن ويكيبيديا).
(2) الآخرون هم مثلك، مظاهر الله وصوره في عالم الشهادة، وبذلك نكون كلنا واحد، أزواج مشتركة في حقيقة واحدة تسري فيهم جميعاً، بها يحيون ويسمعون ويبصرون ويتكلمون ويريدون ويفعلون.
(3) ملك للعالم بمعنى أنها تنتقل من شخص لآخر لأننا لسنا مخلدون، قال تعالى (وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه) فنحن مستخلفون في المال، يخلف فيه بعضنا بعضاً، فليس هناك امتلاك في الحقيقة، ولذلك قال تعالى في آية أخرى (وأنفقوا من مال الله الذي آتاكم).
(4) غرض الحياة هو ظهور الله في عبده، وتنعم الروح بتجليات كنوز معاني الأسماء وظهورها فيها، وهذا هو معنى رؤية الله ومشاهدة وجهه الكريم، وهو أعلى نعيم أهل الجنة. وأما أن تغادر مكانك – أي أن تموت – لأجل أن تدخل الجنة، فهذا من جهالات النفس، حيث أنها تميل إلى الظاهر والمادة والمحسوس.
(5) حينما يتجاهل الإنسان ربه وتجليه فيه، ويبحث عن نعيم الجسد ومتطلباته دنيا وأخرى، فإنه بذلك يغادر الجنة ويعيش الجحيم ويصلى جهنم، في حياته وبعد مماته، لأن الموت - على عكس ما يظنه الناس - لا يفعل شيئاً، ولا يغير المعاني القائمة بالنفس، ولا يحرّك ساكناً في هذا الصدد على الإطلاق. ولكن يغيّر النفس مجاهدات العبد الروحية والعلوم القدسية التي يتعلمها ويطبقها، مثل هذا الكتاب الذي بين أيدينا، ومثل الكتب المهمة في هذا الجانب : كتب الإمام السيد محمد ماضي أبو العزائم بلا استثناء، وأخص منها بالذكر : تفسير أسرار القرآن و كتاب من جوامع الكلم وكتاب اصطلاحات الصوفية وكتاب شراب الأرواح وكتاب معارج المقربين وكتاب النور المبين لعلوم اليقين.
وهذه روابط ربما تعين على فهم طبيعة الحياة/الموت وكيف أنهما وجهان لشيء واحد:
https://www.youtube.com/watch?v=EFYZHCJttCc&t=2216s
https://www.youtube.com/watch?v=FkhocJsV_28&t=296s
كلام جيد حول هذه المسألة د. عدنان إبراهيم
https://www.youtube.com/watch?v=1vkdfrMu7bc
(6) الرغبات والأماني غير المحققة وتعليق الأمل عليها هو أكبر عقبات النمو الروحي، قال تعالى (يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا) وقال (وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور) وذلك لأنها تجذب النفس - بعيداً عن حقيقتها العلوية - نحو الشهوات الأرضية وتسجنها فيها، وتظل عالقة في التمني من أمنية لأخرى – سواء تحققت أو لم تتحقق، فما لم يتحقق استبدلته بأخرى، وما تحقق أسرع إليها الملل منه، وتطلعت إلى غيره – وينقضي العمر وهي هكذا حبيسة الهموم تجاه ما تتوقع وتتطلع إليه في المستقبل، والأحزان على ما ما لم يتحقق في الماضي. وهذه العبودية هي أخطر شيء على الروح، لأن الروح تريد أن تشعر بالتمكين وبقدراتها وتمكنها من الخلق - خلق الواقع – بينما ما تفعله النفس من خزي الرغبة وذل التمني – كريشة في مهب الريح - يتعارض بشكل كلي ومباشر مع ما يريده الله وما تريده الروح.
(7) سيأتي لاحقاً شرح هذه العبارة، وهذا جزء مما ورد في شرحها : ما تفتح عينيك وتنظر إليه يختفي، أي أنه لم يعد يحتفظ بشكله الوهمي.
(8) التخلي هو عكس التعلق، والتعلق هو مرض الروح، ومعناه توقيف السعادة على الحصول على شيء ما غير الله وتطور العبد وتنميته روحياً ليرى تجلي الله في نفسه.
والمراد بعدم الإرتباط بالنتائج: عدم انتظار تحقق الرغبات أو الخوف من عدم تحققها، قال تعالى (لئلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم). فالشغف هو العمل بما نحب، لكن النمو الروحي يقتضي أن يكون هذا دون انتظار مأرب مادية.
(9) هي مرحلة من مراحل اليوجا، وهي حالة من التركيز الشديد تتحقق من خلال التأمل. تعتبر هذه المرحلة الأخيرة لليوجي، يتم فيها اتحاد الوعي مع الله.
(10) مثال توضيحي: شخص يعمل ويؤسس شركة في مجال ما، لأنه يحب العمل في هذا المجال، لينفع نفسه والناس من حوله، لا بهدف الربح المادي. فالإنتفاع - المجرد عن متطلبات النفس والجسد - عمل نبيل يغذي الروح وينعشها، وأما اللهث وراء المال والشهرة والسلطة فمنبعه إما من النفس الحيوانية أو النفس السبعية التي لم تتزكّ ولم تتطهر من مآربها الدونية. لذلك كان التحرر من ترقب النتائج من أهم أسباب تحقيق الذات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س