الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التأريخ يعيد نفسه في أربيل....(1-2 )تكملة

خسرو حميد عثمان
كاتب

(Khasrow Hamid Othman)

2021 / 1 / 16
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


لإلقاء المزيد من الضوء على ما كان يجري في كوردستان في العقد الثامن من القرن الماضي ننشر نص مترجم لما كتبتها Ofra Bengio * في الصفحتين 172 - 173 من كتابها الموسوم: "أكراد العراق؛ بناء دولة داخل دولة" تحت عنوان(Mutual Thread perception):
بعد فترة وجيزة من الانهيار الكوردي في عام 1975، تفاخر صدام "بتصفية الجيب العميل ... في الجبال العالية". ومع ذلك فقد ميز بشكل واضح بين عشيرة بارزان وشعبنا في كردستان " سعى لكسب ولائهم بوسائل مختلفة( 10). أتاح اندلاع الحرب مع إيران فرصة لاختبار هذا الولاء. ومع ذلك، إذا كان صدام يأمل في أن تساعد الحرب إثارة المشاعر الوطنية العراقية بين الأكراد، فقد كان مخطئًا تمامًا. لم يكونوا مترددين في المساهمة في المجهود الحربي العراقي فحسب، بل سعوا أيضًا إلى الاستفادة من الحرب لإضعاف الحكومة المركزية وتقوية المشاعر القومية الكوردية وتحقيق حكم ذاتي حقيقي.
في الوقت الذي قدم النظام البعثي الحرب كوسيلة لتأكيد اتفاقية الجزائر، اعتبرها الأكراد فرصة لتبرئة دورهم فيها. قدمت التطورات، خلال حرب السنوات الثمانية، دليلًا وافرًا على عدم صواب هذه الأطروحة. أولاً، كان الشمال الكوردي أكثر اضطراباً من أي جزء آخر من البلاد، وأصبح مركزًا لجميع مجاميع المعارضة تقريبًا، سواء كانوا أكرادًا، شيوعيين أو شيعة. ثانيًا، َتحَوَلَ هذا الاضطراب، أحيانًا، إلى انتفاضة شعبية، أطلق عليها الأكراد اسم "انتفاضة" (11). الأمر الأكثر إثارة للقلق، من وجهة النظر العراقية، كان تمادي بعض الجماعات الكوردية إلى حد مساعدة إيران في هجومها ضد العراق.
كانت شدة المقاومة الكوردية إنعكاساً للمراحل المختلفة للحرب الإيرانية -العراقية: عندما تصاعدت الحرب الخارجية تصاعدت معها الحرب الداخلية المصغرة أيضًا. اتخذت الأنشطة الكوردية المناهضة للنظام مسارين بشكل عام : المقاومة الشعبية السلبية إلى جانب حرب العصابات. لم يكن التنسيق بالضرورة بين المسارين ولم تكن الدوافع مشتركة كذلك. أثبت الجيش العراقي تفوقه عندما كانت الحرب مستعرة داخل الأراضي الإيرانية، كان تحدى الأكراد بشكل رئيسي من خلال المقاومة السلبية مثل الإحجام عن الخدمة في الجيش العراقي أو الجيش الشعبي - ميليشيا حزب البعث، الذي تَضَخَمَ بشكل كبير خلال الحرب وكان بمثابة الدعامة الرئيسية للأمن الداخلي. ومع ذلك، ما إن تغير الوضع العسكري حتى أصبحت المعارضة الكوردية أكثر نشاطًا. بالتزامن مع الانتكاسات العراقية في خرمشهر - إيران، ربيع 1982، اجتاحت الاضطرابات الشديدة، التي وصفها الأكراد ب "انتفاضة شعبية"، شملت الشمال الكوردي بأكمله. وبحسب ما ورد شارك ما مجموعه 12,000 شخص، بمن فيهم طلاب من بلدات شمالية مثل السليمانية وأربيل ودهوك، في المظاهرات والإضرابات (12). تكررت انتفاضات مماثلة في أبريل ومايو 1984، وأيلول - سبتمبر 1985 ، ومايو - يونيو 1987. قيل إن هذه الأحداث، التي كانت تبدو عفوية، تدفعها ضعف النظام أو، بدلاً من ذلك ، بسبب الأجراءات القاسية التي طبقتها الحكومة ضد الأكراد. في الواقع ، كان ضغط المعارضة الشعبية قويًا لدرجة أن حزب البعث اضطر إلى إعفاء الأكراد من الخدمة العسكرية الإجبارية والسماح لهم بالخدمة على أساس تطوعي (13)
وأعرب صدام عن استيائه من هذا الوضع عندما قال: "من المعيب أن يُدافع العرب عن أرض كردستان بينما يقف أبناء كردستان العراق يراقبونهم"(14)
حاولت المعارضة الكوردية المنظمة(المسلحة- توضيح) ركوب ذروة المقاومة الشعبية لزيادة ضغطها على الحكومة. وهكذا، في يوليو 1983، تعاونت البيشمركة التابعة للحزب الديمقراطي الكوردستاني مع القوات الإيرانية في هجومها على حاج عمران، وهي بلدة كوردية عراقية صغيرة على الحدود الإيرانية، وفي أكتوبر من نفس العام، قامت قوات البيشمرگة مرة أخرى بمساعدة الجيش الإيراني في محاولة احتلال بنجوين، بلدة حدودية كوردية أخرى بالقرب من السليمانية. لمواجهة هذه الظروف وتماشيًا مع سياسة "فرق تسد"، اقترب البعث من الطالباني، منافس الحزب الديمقراطي الكوردستاني، في عام 1982، على أمل أن يقوم بجزء من المهمة لبغداد. ومع ذلك، تبخر الوعد بالحكم الذاتي الواسع النطاق الذي استدرج به البعث الاتحاد الوطني الكوردستاني بمجرد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بينهما في أكتوبر 1983. وبالفعل، ظهرت سخرية بغداد ،حتى أثناء المفاوضات، عندما تبين إعدام أحد عشر من أنصار الاتحاد الوطني الكوردستاني من بينهم شقيق جلال الطالباني واثنين من بنات أخيه(15). هكذا، فإن وقف إطلاق النار الذي استمر قرابة عام أضر فقط بالحركة القومية الكوردية لأنه شق المعسكر الكوردي ووفر للحكومة متنفسا بحاجة شديدة إليه، سبب في شل الاتحاد الوطني الكوردستاني نفسه. ومع ذلك، فقد كلف الطالباني عامًا واحدًا للدعوة إلى إنهاء الهدنة وتجديد النضال من أجل الحكم الذاتي.
أكبر ضغط كوردي ضد الحكومة حدث خلال الفترة 1985-1988. ولأول مرة منذ عام 1975 ، تم وضع اتفاق مؤقت بين الحزبين الديمقراطي الكوردستاني والإتحاد الوطني، مما مكن كل منهما من الشروع في أعمال حرب عصابات منفصلة ضد المؤسسات والقوات الحكومية دون التعرض لتلقي ضربة من الخلف من قبل الحزب المنافس. علاوة على ذلك، بحلول عام 1987، تم وضع طريقة عمل معينة بينهما بتشجيع نشط من إيران. هكذا، و مع أربع مجموعات صغيرة أخرى، شكلوا الجبهة الكوردية العراقية، بهدف معلن: هو القتال من أجل تقرير المصير. على الرغم من أن هذا التقارب في التحليل النهائي لم يكن له عواقب كبيرة، إلا أنه أعطى انطباعًا عن الوحدة التي كانت مبتغى السكان الأكراد. استخدم كل من الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني تكتيكات حرب العصابات لمضايقة القوافل العسكرية ومهاجمة المواقع والمباني الحكومية، بما في ذلك تلك الموجودة داخل البلدات الكوردية التي كانت تحت سيطرة الحكومة.(16)
وكذلك، خطفوا مواطنين أجانب وهددوا طرقًا سريعة ومنشآت استراتيجية أخرى مثل خط أنابيب النفط العراقي إلى تركيا. علاوة على ذلك، إعتمد الطرفان على تعاونهما مع إيران، ففي تشرين الثاني / نوفمبر 1986، شارك الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني في مؤتمر لجميع مجموعات المعارضة العراقية، برعاية إيران، بهدف تنسيق الأنشطة المناهضة للعراق. في تشرين الأول 1987 قام الاتحاد الوطني الكوردستاني والقوات الإيرانية بمحاولة مشتركة، باءت بالفشل، لتخريب منشآت النفط في كركوك. على النقيض من ذلك ، أدت عملية سابقة في مارس 1987 إلى الاستيلاء الإيراني على مرتفعات استراتيجية في منطقة تسيطر على محور الحاج عمران -رواندوز على الحدود العراقية الإيرانية. أخيرًا، في آذار (مارس) 1988 ، تضافر جهود الاتحاد الوطني الكوردستاني وإيران للاستيلاء على حلبجة ، وهي بلدة صغيرة على الحدود العراقية الإيرانية.
(يتبع)
لقراءة الحلقات السابقة:
الحلقة(1) https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=704021
الحلقة (1-1) https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=704803
الحلقة(1-2) https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=705753

‏*(Ofra Bengio)، بروفيسورة، رئيسة برنامج الدراسات الكوردية في مركز موشيه دايان في جامعة تل أبيب. وهي مؤلفة كتاب "أكراد العراق: بناء دولة داخل دولة" ، ومحررة الصحوة الكردية المرتقبة: بناء الأمة في وطن مقسم.
للمزيد من المعلومات: https://www.al-monitor.com/pulse/authors/ofra-bengio.html#ixzz6jhqF25mu
المصادر التي إعتمدت عليها Ofra Bengio في كتابة هذه الفقرة من الكتاب وردت في ص 191-192من الكتاب:
10. Saddam Husayn, Khandaq Wahid Am Khandaqn,” in Al-Thawra wal- Nazra al-Jadida(Baghdad: Dar al-Hurriyya lil-Tiba’a, 1981)pp. 25-28.
11. ‘Iraq al-Ghadd (London, biweekly ), 18 August 1987.
12. The Guardian (London, daily),2August 1982.
13. Al-Thawra(Baghdad, daily), 21 November 1984----- Al- Majalla (London, weekly),11 March 1987.
14. Al-Thawra, 25 October 1983
15. Ofra Bengio, “Iraq,“ in Middle East Contemporary Survey (MECS), vol. 9 (1984-1985), Itmar Rabinovich, Haim Shaked, Ed’s. (Tel Aviv University, 1987), p 471. The PUK later claimed that the regime had executed 1,400 of its members between 1976 and 1983.
16. At one point they claimed to have separately killed circa 450 soldiers. The Guardian (London, daily), 14, 23 February 1985----- the Times (London, daily), 3 May 1985.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو العسكرية شمال محافظة بابل ج


.. وسائل إعلام عراقية: انفجار قوي يهزّ قاعدة كالسو في بابل وسط




.. رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بابل: قصف مواقع الحشد كان


.. انفجار ضخم بقاعدة عسكرية تابعة للحشد الشعبي في العراق




.. مقتل شخص وجرح آخرين جراء قصف استهدف موقعا لقوات الحشد الشعبي