الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الامعة والاحمق

محمد مهاجر

2021 / 1 / 22
التربية والتعليم والبحث العلمي


-
في عالمنا يوجد الكثير من الحمقى الذين يصرون على التمسك بأفكار شاذة وغريبة ومتناقضة لا يقبلها العقل السليم ولا الفطرة, وكذلك يوجد اخرون منهم الغبى ومنهم الامعة. والامعة هو من لا رأى له انما يقبل ما تجمع عليه جماعته, صغر حجم هذه الجماعة ام كبر. والامعة قد يصبح اشد خطرا على نفسه وعلى المجتمع اذا اصبح سهل الانقياد الى درجة يقبل فيها بتنفيذ كل ما يؤمر به.

ان المدخل الى خداع الناس واستغلالهم هو العزف على وتر العاطفة, اكانت عاطفة اجتماعية او دينية او ثقافية او غيرها. ولان الحياة لا تخلو من أوقات يحتاج فيها المرء ان يستعين باراء الاخرين وأفكارهم من اجل تكوين حكم ما او ابداء رأى سديد, فان التفكير العلمى يصبح ضرورة والضرورة تلح والالحاح يضغط وعندما تتراكم الضغوط يضطرب الفكر ويتشتت الانتباه. ومن امثلة الضرورة السفر الاضطرارى للعلاج او لعقد صفقات تجارية عاجلة. في مثل هذه الحالات يوجد الكثير من الشركات والوسطاء والمحتالين وغيرهم الذين يعرضون كما هائلا من المعلومات والعروض بعضها صحيح وبعضها الاخر هو مجرد احتيال مغلف. واذا لم يمتلك المرء أدوات تحليل علمية فانه سيقع في الشرك الذى نصب له.

منذ عهد الاغريق استخدم المفكرين والباحثين طريقة فعالة لاجراء البحوث باستخدام منهج طرح الأسئلة, فكل حالة تحتاج الى حل يرجى ان تبتدر دراستها بطرح الأسئلة. والسؤال الأول هو ماذا ويقصد به تعريف الشئ الذى حدث او الشئ موضوع البحث, والثانى هو كيف حدث وتذكر فيه تفاصيل العمليات والتغييرات, والثالث والرابع يتعلقان بالزمان والمكان الذى حدثت فيه التجربة او القصة او العملية, اما الأخير فهو لماذا و هو يتعلق بالاسباب وبحث السناريوهات المختلفة ووضع البدائل والحلول. والدافع لطرح الأسئلة هو تعريف المسالة تعريفا جيدا قبل البدء في وضع الحلول الممكنة. فاذا راى احدنا غابة تحترق اشجارها فان اول ما يفكر فيه ذلك الشخص هو امكانية تعرض الأشجار الى نار او شيء ملتهب وإذا لم يك الحريق متعمدا فان احتكاك الأشجار ببعضها البعض يكون هو السبب الأكثر احتمالا لاشعال الحرائق. وقد اثبتت التجارب صحة هذه الفرضية. وقد استفادت الدول من تجاربها في التعامل مع حرائق الغابات فوضعت استراتيجيات عدة للتعامل الفوري والناجع حتى تقلل الخسائر الى ادنى حد ممكن.

ان إجابة السؤال الأول في الفقرة السابقة هي ان الذى حدث هو حريق, والاجابة الثانية هي في الصيف حركت الرياح الأشجار فاحتكت ببعضها فزادت درجة الحرارة, والثالثة والرابعة هما زمان ومكان الحريق والتي تكون قد سجلتها الجهات التي تقوم ببحث وإدارة الكوارث والحرائق, والخامسة هو ان الاحتكاك في فصل الصيف يؤدى الى ارتفاع درجة الحرارة فيحدث اشتعال بعض المواد مثل الاخشاب. وحين يستوثق من هذا التحليل توضع خطة محكمة لاطفاء الحرائق. وحين تتكرر الظاهرة فان إدارة الإطفاء تبذل مجهودا اقل في بحث المشكلة ومجهودا اكبر فى ابتكار طرق جديدة لاطفاء الحرائق وتقليل الخسائر لان لدينا معلومات عن المشكلة. وفى كل مرة يكون العمل اكثر جودة واتقانا.

ان الطريقة العلمية المستخدمة في الفقرة السابقة تصلح للتعميم ليس في حالات الحريق فحسب بل في السواد الأعظم من المشكلات التي تواجهنا. وفى حالة إطفاء الحرائق فان الإدارات المختصة تبنى قاعدة بياناتها وتوسعها لكى تستفيد منها في تطوير طرق إطفاء الحرائق حتى تنخفض الخسائر الى الحد الأدنى. ولان المنهج هو منهج علمى مجرب وناجح فانه اصبح يستخدم في البحوث العلمية والكتابة وغيرها. وهو يعتمد على العقل لا العاطفة ولا الخرافة. فالذى يفكر تفكيرا علميا يستبعد ان يكون المتسبب في الحريق أرواحا شريرة او مخلوقات أتت من عوالم أخرى.

ان اول ما يفعله الرجل الامعة هو تجنب التفكير في الحالات المستحدثة وانتظار ردود أفعال الاخرين لكى يتبعهم, وفى حالة حريق الغابة فانه غالبا ما يتبنى فكرة المخلوقات التي تاتى من عوالم أخرى او اى فكرة أخرى تتفق عليها جماعته, ولا يهمه حجم الجماعة ومستوى تعليمها, واحيانا تكون مرجعيته هي اسرته. وقد لا يكون لحكمه اثر مباشر على حياته في هذه الحالة, لكن حينما يتعلق الامر بالتضحية بالنفس او المال فان الامر يتطلب التفكير الجاد والمتانى. والامعة كثيرا ما يحسن الظن بالاخرين لذلك نجده بسهولة يقع ضحية للاحتيال التجارى, فمثلا نجده يشترى منتجات مغشوشة او أشياء لا يحتاجها لكنه يجامل التاجر.

على النقيض من الامعة نجد الاحمق وهو اكثر اندفاعا من الامعة وهو يتميز بالعدوانية والعناد والتمسك برايه وان كان غير صائب. ونجد الاحمق في داخله يتقمص دور القيادى المنجز لمهامه باستخدام القوة. ان الكثير من الذين تسببوا في كوارث واحداث عنف وحروب هم من الحمقى. وفى عالمنا الاسلامى كاد الإرهاب ان يتطبع. وقد نشرت وسائل الاعلام اخبارا كثيرة وتقارير عن الرجال والنساء الذين انضموا الى داعش وغيرها من الجماعات الجهادية الإرهابية, فتسببت التجربة في ماسى انسانية وكوراث لهم ولاسرهم وللمجتمع وللانسانية جمعاء.

ان الدين يامرنا ان نتوسط في امورنا فلا ننقاد للاخرين انقيادا اعمى ولا نصبح حمقى لا نقبل الا براينا المعتمد على معايير ذاتية فقط. ان الرسول الكريم يحثنا على توطين انفسنا ولا نتبع الاخرين اتباعنا بلا علم. والتوطين هو تهيئة النفس وحملها على الأمور الصعبة, فاتخاذ القرار هو امر ليس بالسهل خاصة اذا تعلق ذلك الامر بخسارة في المال او الأرض او العرض او النفس او الدين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهداء وجرحى إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلا في مخيم النصيرا


.. الشرطة الأمريكية تعتقل طلبة معتصمين في جامعة ولاية أريزونا ت




.. جيك سوليفان: هناك جهودا جديدة للمضي قدما في محادثات وقف إطلا


.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي




.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة