الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار مع صاحب رسالة الغفران

عبدالله محمد ابو شحاتة

2021 / 2 / 7
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


سيد أبو العلاء المعري ، اني اتشرف حقاً بمحاورتك ، وعندي من التساؤلات الكثير و التي أود أن اسألها لك إن كان هذا لا يضنيك .

-- فلتسأل ما شأت وسأجيبك ، فمن لا يخشى الصراحة لا يخشى السؤال .

أولاً سامحني على ضعف لساني فلستُ خبيراً بلسان العرب مثلك .

--ولما عليك أن تكون خبيراً بلسان زمان ليس بزمانك ؟ ألقي أسألتك ويكفيني اني افهم مقصدك .
سيد أبو العلاء ، لقد قال البعض عنك انك كنت براهمياً تؤمن بعقائد الهنود ، وقال آخرون انك لستُ إلا ربوبياً ، وقالت فئة ثالثة انك مسلماً، فما هو معتقدك ؟

---أني بحاث ، بحاث عما يتمثلهُ عقلي ، لا أقبل بقوالب الدهماء كما هي بل إني استحق أن يكون لي قالبي الخاص الذي اصنعه بنفسي ، ولذلك فمعتقدي هو ما يجود به عقلي أنا أبو العلاء المعري .


سيد أبو العلاء ، من المعروف أنك دعوت لعدم الانجاب ، فلما قادك تفكيرك لتبني تلك النظرة ؟ فعلى حد علمي إنك من أوائل من تبنى هذه الفلسفة في الحياة ، أقصد اللاإنجابية .

--- الأمر أوضح من أن يُسأل بشأنه ، لقد أصابني الجدري بعد أربع سنوات من مولدي ثم تركني بعد أن تسبب لي في العمى الذي لازمني حتى مماتي ، هذا العمى الذي لم يكن أثقل علي من مفاسد القطيع ومن أباطيل العامة والدهماء ، كل هذا جناه علي أبي و لم أرد ان أجنيه على أحد .

أني يا سيد أبو العلاء أعرف بشكل شخصي رجل وامرأة اقارب قررا الزواج والانجاب حتى بعدما أخبرهم الطبيب عن وجود احتمال كبير لمعاناة أطفالهم من تشوهات خطيرة ، وهو ما حدث بالفعل بعد ذلك .

----التأكيد كان في ظنهم حينها أن قوانين الطبيعة يمكن تجاوزها بالدعاء.

صحيح هذا بالفعل ما ظنوه و ظنهم طبعاً قد خاب كما يحدث دائماً ، ولكن لنتركنا الان منهم و لتدعني أسألك في أمور تخص رسالة الغفران ، و بالمناسبة أود أن أخبرك أولاً أن هناك شخص يدعى دانتي ألغري جاء بعد موتك بسنوات عديدة وآلف كتاب اسمه الكوميديا الالهية استناداً على نفس فكرتك في رسالة الغفران ، وقد حقق بها شهرة واسعة لم تنالها أنت أثناء حياتك ولا حتى بعد مماتك .

--- انا لم اكتب لكي انال شهرة ، وحاشاني أن ابغي في يوم من الايام ثناء العوام ، فسأل ما شأت ولتتركنا من سفاسف الأمور .

سيد أبو العلاء ، إن أكثر ما استوقفني وانا اقرأ رسالة الغفران هو سؤال الشيطان " لابن القارح حول إن كان أهل الجنة يمارسون اللواط مع الغلمان المخلدون ام لا، فما الذي كان يدور في ذهنك سيد أبو العلاء حين كتبت تلك الفقرة .

---لم يكن يدور في خلدي سوى أنني لو كنتُ في مكان الشيطان لتعجبت من هذا الأمر ، ولتسائلت لماذا ءات الافعال التي أعاقب لأنني أغويت بها بني آدم في الدنيا هم الان يفعلونها في الاخرة ، كشرب الخمر بل وحتى اللواط يبدو أنهم يفعلونه أيضا ، فتخيل معي على سبيل المثال ما هو شعور قوم لوط حين يحترقون في جهنم عقاباً على اللواط بينما في ذات اللحظة يمارس المؤمنين اللواط على الجانب الآخر في الجنة .

كلام منطقي سيد أبو العلاء ، ولكن اليس الأمر هنا يتوقف على ضرر تلك الأفعال؟ فهي ليست مضرة في الآخرة كما كانت مضرة في الدنيا .

---ولما كانت مضرة في الدنيا ولما اصبحت غير مضرة في الآخرة ؟ أليس الأمر برمته يبدو تعسفياً !

نعم سيد ابو العلاء اني افهم قصدك ، و على كل حال دعني ألقي عليك سؤالاً آخر يخص رسالة الغفران ، إن ابن القارح حينما يطلب من الملاك الذي يقف على باب الجنة أن يدخله بدون أن يمر بالموقف والحساب يخبره الملاك أن هذا لا يمكن بدون أمر الله ، ولكن بعد ذلك تُدخله فاطمة الزهراء واخوها ابراهيم الجنة مباشرة، وعلى ما يبدو دون أي أذن من الله، فماذا كنت تعني بهذا الأمر ؟

أعني أن عوام المسلمين في الواقع يعبدون البشر أكثر مما يعبدون الله ، وهذا ما يفعلونه دائماً مهما ادعو أنهم لا يفعلونه ،.

حسناً ، آخر سؤال أود أن اسأله لك بخصوص رسالة الغفران ، لقد قال اوس ابن حجر وهو في النار أنه قد دخل الجنة من هو أشر منه ولكن المغفرة ارزاق ، فماذا كنت تقصد بهذا ؟

---لم اقصد أكثر مما قصده اوس بن حجر .

سيد أبو العلاء ، يُروى انك قضيت عقود كنباتياً ، حتى أن الطبيب حين وصف لك قبل موتك تناول ديك لعل هذا ينجيك من مرضك ، قُلت قولك الشهير مخاطباً الديك " استضعفوك فوصفوك ، فهلا وصفو شبل الأسد " ، فلما كنت تصر على موقف النباتية هذا .

---هناك قصة لا اعرف إن كنت تعرفها ، ولكنها على كل حال كانت تروى من قديم الأزل ، إنها قصة الذئب الماكر الذي يربي غزالة لكي يأكلها حين تكبر، لقد كانت تروى لي وانا صغير ، فكرهت هذا الذئب واشفقتُ على الغزالة ، هذا كل ما في الأمر .

سيد أبو العلاء ، إن كثير من الناس يظنون وانا منهم انك كنت فظاً في حديثك عن المرأة ، فما هو ردك على هذا.
---اظنهم محقون نوعاً ما ، ولي عزري وانا الذي عشتُ من صغر سني أعمى ولم أكن جميل الهيئة ، وبالطبع أنت تعلم تهكم الفتيات وقلة احترامهن في معاملة أمثالي ، ولكن هذا لا يعفيني من ذنب فظاظتي .
لقد اثنيت في رسالة الغفران يا سيد أبو العلاء على ابيات عقلمة التي يقول فيها ،
فإن تسألوني عن النساء فإنني. * بصير بأدواء النساء طبيب
إذا شاب رأس المرء أو قل ماله * فليس له في ودهن نصيب
يردن ثراء المال حيث علمنه * وشرخ الشباب عندهن عجيب»
لن أتكلم هنا عن حب الشباب ، فالجميع يفضلون الشباب سواء رجال أو نساء ، ولكن هل تعتقد حقاً يا سيد أبو العلاء أن النساء اكثر شيء يهمهن هو المال ؟

--حسناً ، إن كانت لك علاقات بنساء من قبل فأخبرني كم واحدة من هن لم تكن تُفضل المال كأهم الاشياء .
الحقيقة ، أن معظمهم كانوا يقيمون كل شيء وفق المال

----و تلك الأمور تحكم فيها التجارب ، وقد حكمت تجربتك .
سيد أبو العلاء اني اشكرك على الساعات الممتعة التي قضيناها سوياً داخل عقلي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ليت حديثك
ماجدة منصور ( 2021 / 2 / 8 - 09:18 )
ليت حديثك يطول مع المعري ايها الأستاذ عبد الله محمد أبو شحاته0
لعمري أنه حديث مختلف و بطعم مغاير0
شكرا لكم

اخر الافلام

.. استعدادات إسرائيلية ومؤشرات على تصعيد محتمل مع حزب الله | #غ


.. سائق بن غفير يتجاوز إشارة حمراء ما تسبب بحادث أدى إلى إصابة




.. قراءة عسكرية.. المنطقة الوسطى من قطاع غزة تتعرض لأحزمة نارية


.. السيارات الكهربائية تفجر حربا جديدة بين الصين والغرب




.. طلاب أميركيون للعربية: نحن هنا لدعم فلسطين وغزة