الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحمد محمد يحيى/ وزير الداخلية الجمهورية الأولى:(2-2)

عقيل الناصري

2021 / 2 / 12
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


د. عقيل الناصري

"... قاربت الساعة الواحدة والنصف من صباح يوم الخميس المصادف 12مايو، اثناء طرقي باب غرفة منام آمر اللواء التاسع عشر الزعيم الركن عبد الكريم قاسم الكائنة في مقر اللواء والمجاورة لغرفة الآمر الإدارية. وإذا بالباب المجاورة تفتح ويطل منها الملازم الأول حافظ علوان، آمر فصيل الدفاع والواجبات لآمر اللواء، مستغرباً من جرأتي ومجيئي في مثل هذا الوقت قائلاً:
- (ماذا تريد في مثل هذا من آمر اللواء.. ألم تعرفه نائماً، وماذا سيصيبك من مشاكل وخاصةوأنت تعرف طبيعته وفي وقت استراحته، أذهب إلى غرفة نومك).
- فأجبته : ( لقد أمرني آمر اللواء صباح الأربعاء أن اجلب له خرائط إنشاءات من معسكر جلولاء، وأسلمها له حال إنجازي للمهمة ، والان جئت بها).
- فقال : ( الخرائط ليست مشكلة وتقدر أن تجلبها صباحاً أثناء النوم)
- فأجبته: ( كلا لا اقدر ويجب أن اسلمها للآمر الآن)، وعندها فتحت باب الآمر اللواء، وتوارى حافظ علوان مسرعاً خلف الباب وأغلقها من الداخل،
- فبادرني الزعيم عبد الكريم قاسم بالسؤال: ( ماذا عندك يا حامد في مثل هذا الوقت؟)
- فقلت له وبهمس ( جئت الآن من معسكر ابو غريب، وقد كلفني المقدم وصفي أن ابلغك وكذلك العقيد عبد السلام عارف بتأجيل الحفرة)
فصمت قليلاً ثم طلب مني الدخول ثم أغلق الباب وبدأت استفساراته ومنها: (انت وين كنت، واشتعمل هناك)؟
- فأجبته : ( نحن الضباط الأحرارحضرنا معسكر ابو غريب الساعة السابعة مساءً على أمل القيام بثورة.. وكان الحاضرون 80 ضابطاً بمختلف الرتب.. وانتظرنا إلى ساعة متأخرة من الليل لدرجة مرهقة ليبلغنا بقرار التأجيل بسبب نزول الضباط وجنود منتسبي اللواء الخامس عشر للتمتع بإجازة يوم في بغداد.. واستغربنا من هذا القرار بعد أن اجتمعنا وعرف بعضنا للبعض الآخر وتكشفت التنظيمات السرية التي كان حريصين عليها.. والا نتوقع أن تصل للسلطة أخبرنا ويجري تصفيتنا.. وبعد إبلاغنا بالتأجيل ، طلب منا المقدم وصفي طاهر، ان نبلغكم ونبلغ عبد السلام عارف.. فجئنا في هذا الوقت المتأخر وأنا آسف على أزعاجكم مضطراً) فطلب مني أن يعرف كيف سيتم تبليغ عبد السلام عارف.
- فأجبته: (لقد كلفت الرئيس فاضل الساقي وهو آمر سرية مشاة في الفوج الثاني لواء العشرين، بتبليغ عبد السلام عارف.. وهو الآن في طريقه إليه).
ثم سألني عن الضباط الذين استصحبتهم معي فقلت: آمر مخازن عتاد المنصور الرئيس رشاد كمال الدين والرئيس محمد جواد العسلي ضابط أعاشة معمل الميدان التاسع في المنصور إضافة للرئبس فاضل الساقي.
-وعندما سمع بأسماء المجموعة قال مغتاضاً:( شلون تتركوني، وأنا المحتاج اليكم)؟
- فقلت له : (سيدي .. هذا أمر ثورة ، ولكن في المستقبل سنتحرك بأمرك، وكل تنظياتنا هنا وفي جلولاء ستكون تحت قيادتكم).
- وعندها أخذ يشرح تفاصيل أخرى فقال: أنا كنت هناك عندما قرروا القيام بالثورة.. ونصحهم ان يترثوا لفرصة أخرى بسبب عدم دقة الخطة وهناك احتمال قوي بفشلها وما سيؤدي من كارثة.. ولكنهم لم يوافقوا وقرروا بإصرار على تنفيذها.. وطلبوا منا ( أنا وعبد السلام) التأييد ، فأيدانهم على مضض لئلا نكون سبباً في أعاقتهم لتحقيق هدفهم.. والآن ترى ما آلت إليه النتيجة).
- ثم وجهت الكلام له ثانية: ( سيدي نحن قلقون على مصيرنا بسبب التأجيل وافتضاح أمرنا)،
- أجابني الزعيم عبد الكريم قاسم : ( لا تقلقوا فلنا عيون تراقب وعلى أعلى المستويات ، لتمنع أي خبر فيه ضرر لنا من الوصول إليهم)،
ثم طلب مني أن أوافيه صباح غد مستصبحاً معي المعاملات الرسمية. فودعته بكل ودً واحترام بعد أن تكشّف لي دوره في الانتفاضة وما عليه من ضبط للأعصاب والتصميم على تحقيق هدفه مهما غلت التضحسات... ".
ومن هذا العرض يتبين أن لم يكون الزعيم قاسم، قد فاتح الزعيم أحمد محمد يحيى بصدد مكافئته وتعينه بمنصب وزير الداخلية، بقدر:
- من أن الزعيم قاسم قد عجنته التجارب وقد اخذ منها بعض السلوك في إدارة الصراع الاجتماعي، ورفض عبد الوهاب الشواف، المقترح من قبل الحزب الشيوعي، لأنه لا يستقر على قرار، وهذا من جهة،
- ومن جهة ثانية: بقدر ما تتحمل وزارة الداخلية من مسؤوليات بقدر ما يتطلب وزير اعصابه من حديد ومن اعصاب باردة لعمق المسؤولية إزاء تمشية الوزارة،
- ومن جهة ثالثة: ان الوزارة بقدر مسؤولة عن الشرطة ومديرية الأمن العامة ومتابعة الأحزاب السياسية وتحركات المشوبهين والخارجين عن القانون تتطلب وزير محنكاً ودبلوماسياً في بسط هذه الأمور وحلها،
ومن جهة رابعة: مسؤولية السن الدستور والقوانين من مسؤولية الوزارة وتطبيقتها على الجمعيات والاحزاب السياسية، يتطلب وزيراً مقرراً ولا يتردد كثيرا. وهذه الصفات تتجلى في أحمد محمد يحيى، الوزير المنتقى بجدارة،
ومن جهة خامسة: وعلاوة على ذلك اعتقد أن الزعيم الركن أحمد محمد يحيى، ذو اخلاق رفيعة، ونيته طيبة، لا يحمل سوء لأحد، ولا يحمل أيديولوجية مضادة ومناهضة لا للنظامين الملكي أو الجمهوري، ولا يعارض مسلك رؤسائه في نيتهم أن تسير الدولة وأجهزتها السير الحسن، وكما قال خالد خلف داخل: "... بأنه شخصية عسكرية كفوءة تسنم عدة مهمات في العهدين الملكي والجمهوري وعرف بأستقامته ونزاهته، وكان يساير مختلف القوى السياسية من اجل تطوير اجهزة الدولة وجعلها اجهزة تقدما... ". ولهذه الاسباب رشحه الزعيم قاسم لوزارة الداخلية، لما لها من أثر في حياة المواطنيين .
والدليل على ذلك أن الطلبات الحزبية المقدمة للإجازة وعلى رأسهم الأحزاب: الشيوعي ؛ والوطني الديمقراطي ؛ والتقدمي ؛ والديمقراطي الكردستاني ؛ والاسلامي. ولما كان الحزب الشيوعي لم يتدخل وزير الداخلية أحمد محمد يحيى في إجازة الحزب الشيوعي. ويذكر هادي الجاويشلي/ وكيل وزارة الداخلية بالقول: "... عند تقديم الطلبات لم يكن الوزير وغيره في الوزارة يعلم شيئاً عن نوايا عبد الكريم قاسم بشأن أي طلب من الطلبات المذكورة، حيث لم يكن من أختصاص الوزارة وحدها البت البت فبمثل هذه الطلبات من الناحية السياسية وإن كانت تلك الطلبات البت فيها سلباً أو إيجابا من اختصاصات الوزارة القانونية وأول إيعاز تلقيناه بصورة شفهية حول إجازة هذا الحزب من قبل عبد الكريم قاسم القيام بتوجيه كتاب وفق أحكام القانون والطلب من القائمين بتأسيس الحزب بلوزم إجراء بعض الصحيحات وإكمال بعض النواقص في الطلب، وعلى ما أتذكر أن الكتاب أستلمه عبد القادر إسماعيل، وإن طالبي التأسيس قاموا بما يلزم وفق المطلوب وضمن المدة القانونية. وتم إبلاغنا شفهياً بإيجاد وضع مبررات أخرى تدور ولا تخرج عن فلك القانون بغية رد الطلب. وقمت بالاشتراك مع اللجنة المختصة في البحث عن ما يبرر رفض الطلب من الناحية القانونية ووضعنا عدة مبررات منها أن السلطة أجازت حزبا آخر بنفس الأسم... ثم تمّ طبع الكتال وتوقيعه من قبل الوزير وقد أُمرت بالاحتفاظ بنسخ الكتاب لديّ وعدم أصداره إلا بعد أن أتلقى أمرا ً بذلك وفي حوالي التاسعة ليلاً كلمني السيد الوزير هاتفياً بلزوم إصدار الكتاب وإبلاغ كتاب الرفض إلى أصحاب العلاقة بدون تأخير... ".
وإزاء هذا الوضع التاريخي بعد التغيير الجذري، أولت سلطة ثورة 14 تموز لوزارة الداخلية، وقبلها السلطة الملكية، جل الاهتمام البالغ بتطويرها للمهام التي أنيطت بوزارة الداخلية حتى تتماشى والعهد الجديد في زمن الجمهورية الأولى ( 14 تموز1958- 8 شباط 1963)، لما لها من تماس مباشر بالنسبة للمجتمع في الشؤون الاجتصادية والسياسية والأمنية، بل وحتى الفكرية والتنظيمية كإجازات الاحزاب والجمعيات السياسية أو/و المهنية أو/و الخيرية.
وإستنادا على هذا الدور المجتمعي فقد "... أولت وزارة الداخلية خلال العهد الجمهوري عناية من لدن رئيس الوزاراء وكبار الساسة العراقيين، وكان وزارة الداخلية من المناصب السيادية والحساسة لما لتلك الوزارة من تماس مع شؤون المجتمع وتطلعاته وحاجاته اليومية وفي مختلف المجالات، وشهدت وزارة الداخلية خلال الحقبة (1958-1963) متغيرات مهمة في هيكلها الوظيفي ومهامها الإدارية والخدمية، وترسيخ أسس الإدارة المحلية، وتوسع تشكيلاتها الإدارية والوظيفية وتشعب أنشطتها الخدمية، فضلاً عن نشاطات ومواقف وزارة الداخلية ومؤسساتها الأمنية من الأحداث والصراعات السياسية الداخلية البارزة... ".
في البدء ما كان الزعيم الركن أحمد محمد يحيى، ليس من الضباط الأحرار، وبعيداً عنهم ، نتيجة ارتباطه بالعائلة الملكية كمرافق كبقية المرافقين، من خلال أنه كان في لندن "... هناك واثناء تواجد الملك فيصل الثاني في لندن خلال دراسته اصبح الزعيم الركن احمد محمد يحيى مرافقا خاصا له وعاد معه وبعد تتويج الملك فيصل الثاني عمل بالقرب من البلاط الملكي... ". وهناك ظاهرة في داخل برزت جديدة المؤسسة العسكرية بعد 14تموز، تكمن في تعاطي العسكر، بصورة عامة، الفعل السياسي وممارسته بشكل علني وسافر، من قبل الضباط والمراتب. وهذا نتاج منطقي لتيسيس الواقع الاجتماعي والسياسي والفكري ولولوج مرحلة الانتقال إلى مجتمع جديد بكل ابعاده.. ولكن انقلاب 8 شباط عام 1963، والبعثنة الفاشية وقفت حائلاً دون تحقيق ذلك. وقد لازمت هذه الصيرورة:
1-احتدام الصراع الطبقي بين المكونات السياسية لتحديد مستقبل العراق ؛
2-وشيوع الظاهرة الانقلابية وبخاصة في المؤسسة العسكرية ؛
3- كما أن الضباط ضخموا من دورهم وتصوروا أن لديهم مشروع تنموية متكامل كما جرى في مصر عندما حكم العسكر؛
4- قد لعبت المؤسسة العسكرية دورها في مختلف المراحل من التاريخ القديم إلى الوسيط والعصر الحديث، بغض النظر عن التسمية (مقاتل، مجاهد، جندي) كلهم من استخدم ويستخدم العنف المنظم بحسب نظرية الدور التاريخي للمؤسسة ؛
5- وبصورة أساسية في العراق، حيث لعبت مؤسسة العشيرة دوراً بارزاً في الافلات من سيطرة الحكومة وتعطيل القرار المركزي لها وبخاصة في مراحل تأسيس الدولة العراقية.
وقد كتب الاستاذ خالد خلف داخل، مقالا عنه في جريدة التاخي (البغدادية) في عددها الصادر في 19-12-2012 ، وقال عنه: "... بأنه شخصية عسكرية كفوءة تسنم عدة مهمات في العهدين الملكي والجمهوري وعرف بأستقامته ونزاهته، وكان يساير مختلف القوى السياسية من اجل تطوير اجهزة الدولة وجعلها اجهزة تقدما. كان قريبا الى البلاط الملكي وقد عرفه الملك فيصل الثاني معرفة جيدة لذلك تم اختياره اثر اعلان الاحكام العرفية بسبب احداث انتفاضة تشرين الثاني 1953 قائدا للقوات العسكرية لمنطقة البصرة ثم تولى منصب امر اللواء الخامس عشر في البصرة سنة 1954 ثم امرا لموقع البصرة حتى سنة 1956، حين أعيد الى بغداد ليصبح رئيسا لـ" البعثة العسكرية العراقية " الى المملكة الاردنية الهاشمية وذلك عقب اعلان الاتحاد الهاشمي بين المملكتين العراقية والاردنية وبقي هناك حتى قيام ثورة 14/تموز/ 1958 وسقوط الملكية... ". وقد كانت المحاولة الانقلابية التي تزعمها الثلاثي عبد الوهاب الشواف/ رفعت الحاج سري/ وصفي طاهر، في مايس عام 1958، قبل ثورة 14 تموز.
وقد كتب وسام الشالجي يقول: "... كان احمد محمد يحيى ذو علاقه جيدة مع قادة الثورة الجدد وخاصة بالزعيم عبد الكريم قاسم لانه كان من اصدقائه القدامى, لذلك فقد اعلن بعد عودته الى بغداد ولاءه التام للجمهورية العراقية الفتية. بسبب شخصيته المتزنة وثقة عبد الكريم قاسم به عين بعد الثورة بمدة بمنصب سفير العراق في السعودية لانها احدى الدول التي وقفت موقفا سلبيا من الثورة, لكن الفرصة لم تتح له للالتحاق بمنصبه بسبب الخلاف الذي حصل بين الزعيمين عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف... ".
ومن هذا العرض يتبين أن لم يكون الزعيم قاسم، قد فاتح الزعيم الركن أحمد محمد يحيى بصدد مكافئته وتعينه بمنصب وزير الداخلية:
1- بقدر من أن الزعيم قاسم قد عجنته التجارب وقد اخذ منها بعض السلوك في إدارة الصراع الاجتماعي، ورفض عبد الوهاب الشواف، المقترح من قبل الحزب الشيوعي، لأنه لا يستقر على قراره وتلعب في الأهواء وغير مستقر نفسياً متقلب المزاج، وهذا غير ملائم لوزارة الداخلية التي تتعامل مع الاحزاب والجمعيات ؛
2- بقدر ما تتحمل وزارة الداخلية من مسؤولياتها بقدر ما يتطلب وزير اعصابه من حديد ومن اعصاب باردة لعمق المسؤولية إزاء تمشية الوزارة، بخاصة مرت على العراق فترات عصيبة كان الجو السياسي متوتراً والمؤامرات الداخلية والخارجية تعصف بالبلاد بسبب احتدام الصراع بين الاحزاب السياسية ؛
3- ان الوزارة بقدر مسؤولة عن الشرطة ومديرية الأمن العامة ومتابعة الأحزاب السياسية وتحركات المشوبهين والخارجين عن القانون تتطلب وزير محنكاً ودبلوماسياً في بسط هذه الأمور وحلها ؛
4- مسؤولية السن القوانين من مسؤولية وزارة الداخلية، بالاشتراك مع وزارة العدلية وفي العادة تؤلف لجنة متخصصة، وتطبيقتها على الجمعيات والاحزاب السياسية، يتطلب وزيراً مقرراً ولا يتردد كثيرا. وهذه الصفات تتجلى في أحمد محمد يحيى، الوزير المنتقى بجدارة ؛
5- يحترم الزعيم قاسم علاقته مع الاصدقاء القدامى بعدما يراقبهم وبالاخلاص بالواجب مهما كان، ولهذا عين رفعت الحاج سري مديرأ للارستخبارات العسكرية، علما انه تآمر عليه وورد اسمه في مؤامرة الكيلاني، وانقلاب الشواف، ومع هذا طلب منه التعيين في سفارة العراقية في واشنطن ؛
6- اعتقد أن الزعيم الركن أحمد محمد يحيى، ذو اخلاق رفيعة، ونيته طيبة، وعرف بأستقامته ونزاهته ولهذا لا يحمل سوء لأحد. ولا يحمل أيديولوجية مضادة للنظام الجمهوري وتطوير وزارة الداخلية بتشريع نظام الوزارة الجديدة في عام 1960، كما تم أصدار عدد كبير من القوانين والانظمة والتعليمات خلال توزير أحمد محمد يحيى كالقوانين: قانون الإقامة و اللاجئين وجوازات السفر قانون الأسلحة وقانون الدفاع المدني و الجمعيات الفلاحية وقانون الجمعيات ذات العلاقة بالأجانب وغيرها من القوانين؛
7- بأنه شخصية عسكرية كفوءة تسنم عدة مهمات في العهدين الملكي والجمهوري، وكان يساير مختلف القوى السياسية من اجل تطوير اجهزة الدولة وجعلها اجهزة تقدما. وبعد تجاوز هذه الاحداث واثارها اسهم مساهمة فعالة في بناء مؤسسات الدولة العراقية الحديثة ؛
8- كل الوزراء الذين عينهم أو أقترحهم، الزعيم قاسم كانوا من الكفاءة المشهود عليها، سواءً في وزارته الأولى، أو الاخيرة وكان اختيار الزعيم قاسم لأحمد محمد يحيى ليكون وزيرا للداخلية للاستفادة من تجاربه السابقة في الادارة والسياسة وبخاصة السلوكية الادارية التي يتمتع بها ؛
9- أراد أن يكبح المؤسسة الامنية عبر اساليب التعذيب والاهانة النفسية بصورة خاصة، وبخاصة عبر تقاريرها الأمنية، التي تزين للقادة المسؤولين الوضع الامني والسياسي بأنه جيد جدأ وهذا بعيد كل البعد عن الحقيقة والواقع. وقد أنحصرت المهام الأرأسية في مديرية الأمن الأمن العامة:
- بملاحقة الشيوعيين والقوى اليسارية والتقدمية ؛
- وبمحاربة القاعدة الاجتماعية للحكم.
وعلى سبيل المثال: ففي صباح يوم 8 شباط، عندما ايقظ الزعيم قاسم من قبل المرافق قاسم الجنابي، أجرى مكالمة هاتفية مع مدير الامن العامة عبد المجيد جليل، وقال له: ما موضوع هذا الانقلاب؟؟ وأجاب عبد المجيد: هم طلاب قوميين وبعثيين استولوا على مركز المأمون وسيطروا على على الباب النظامي الى معسكر الرشيد؟؟ ولا يدري مدير الأمن العام حقيقة المتواجدين والذين أستولوا على مركز الشرطة؟ أما يراد بإيهام الزعيم قاسم ولكون مجرد طلاب؟! أو /و ما يعرف تخصصه في تعقب القوى المتآمرة ؛
10- يكتب هادي الجاويشلي "...يجد أن الوزراء على الأغلب من ذوي الخبرة ومن الوجوه المعروفة في المجتمع، وعلى سبيل المثال أن وزير الداخلية العميد الركن أحمد محمد يحيى كان من خيرة ضباط الأركان وأشترك في دورات عديدة خارج العراق وإن صفاته كرجل دولة صان العراق من إتجهاهات عنيفة ولو تسلم غيره هذا المنصب في عام 1959... وعلى هذا أن من يتحرى عن أسماء الوزراء وكبار المسؤولين الآخرين في العهد المذكور يتأكد لديه بأن عبد الكريم قاسم لم يكن ينيط المسؤوليات لهذا وذاك إلا بعد التحري عن ماضي وقابلياتة في عام 1959كن يتأثر أحيانا ببعض الظروف السياسية وبعد اكتسابه الخبرة في الحكم ، أصبح ويسير وفق ما أشرنا إله أعلاه... " وهذا ينطبق على أحمد محمد يحيى.. حيث سلوكه الإداري والخبرة التي يتمتع بها أهلته إلى ترشيح الزعيم قاسم لوزارة الداخلية.
11- كما كان المرء يلاحظ ضعف الأجهزة أمن الدولة واستخبارتها وعدم معرفة رئيس الوزراء حقيقة الأوضاع لما يجري في العلن والخفاء.. وبحكمة الوزير أحمد محمد يحيى، ألف لجنة وقام بتشكيل "... بوضع نواة صغيرة لإستخبارات مركزية مرتبطة بديوان الوزارة، إلا أن هذه التشكيلة بقيت في مرحلتها الابتدائية ولم تأخذ شكلها وفق الخطة المرسومة... " ويقترح نقل مدير الأمن العام عبد المجيد جليل إلى وظيفة أخرى وتعيين غيره ، بغية القضاء على المتآمرين المعشعشين في مديرية الأمن العامة والتي من مهامها الأرأسية محاربة الافكار التقدمية والتحررية، كما وضعتها الإستخبارات البريطانية عند تأسيسها للتحقيقات الجنائية ( مديرية الأمن العامة بعد 1957 ) في بواكير تأسيس الدولة العراقية ومؤسساتها الأمنية والمؤسسة العسكرية وبقية الوزارات ؛
12- وحرص الوزير أحمد محمد يحيى، ان يصون الجمهورية العراقية، وذلك بدرأ الخطر عنها، وصيانتها من العبث العابثين، ولهذا تماسك وتوسط ببصيرته في الحفاظ على جمهوريته ولمكانته لدى الزعيم قاسم وحبه له، توسط بالعفو عن ناظم الطبقجلي ورفعت الحاج سري، حفظاً على ماهيات الجمهورية وأرأسيات المبادئ التي قامت عليها وهو يحاول أن يبعد الخطر عن ذاته وذات الزعيم. يقول هادي الجاويشلي: "... إن تنفيذ حكم الإعدام كان من الإجراءات التي لم تحسب الحساب وما تؤول إليها النتائج وماهي تأثيرتها على الرأي العام العراقي والعالمي، فإذا كان يخشى من بعضهم فقد كان من الافضل أن يبقوا في السجن لفترة أخرى، ومن نتائجا إعدام الضباط المذكورين قطع الفئات القومية لآخر الخيوط علاقاتها مع عبد الكريم قاسم والتهيؤ سرًّ للتكتل والعمل ضده... ". وايضا لمكانة الزعيم أحمد محمد يحيى لدى رئيس الوزراء توسط بالاعفاء عن الذين تصدوا له وامطروه بالرصاص فعفى عن كافة القائمين بعملية إغتياله ؛
13- غلباً ما يتشاور الزعيم قاسم مع أحمد محمد يحيى وزير الداخلية، في الوضع العام السياسي والتنظيمي للجمعيات والاحزاب السياسية، وأيضاً بصدد الأستحواذ دائرة الحاكم العسكري العام في السنتين الأوليتين من عمر الثورة على مسؤوليات وزارة الداخلية, وأيضاً بصدد لجان صيانة الجمهورية ؛
14- وغالبا ما يتشاور الزعيم قاسم مع وزير الداخلية في الشؤون وزارة الدفاع وبخاصة الشؤون التعبوية والفنية،لأن وزير الداخلية يحمل عميد ركن، وهذا ليس بعيدٌ عن اختصاصهما ، يقول هادي الجاويشلي، في اشارة عابرة إلى أحمد محمد يحيى:"... أن الزعيم عبد الكريم قاسم بدأ لا يتدخل بشؤون وزارة الداخلية منذ أوائل 1960... بالإضافة على قيامه بمساعدة وزير الدفاع ببعض الشؤون الفنية والتعبوية ... " ؛
الهوامش:
12- هادي رشيد الجاويشلي، الزعيم عبد الكريم قاسم، وموعدهمع التاريخ، ص. 109، الدار العربية للموسوعات، بيروت 2011.
13 - د. قحطان حميد العنبكي، تأريخ وزارة الداخلية العراقية 1958-1963، ص. 2. تنفيذ المطبعة المركزية / جامعة ديالى، بعقوبة 2014.
14 - د. عقيل الناصري، عبد الكريم قاسم في يومه الاخير، في 3أجزاء، ط.2، دار الحصاد، دمشق 2015.
15د. وسام الشالجي، موقع: http://ayamuna.blogspot.com/
16- اجرى الزعيم قاسم التعديل الأول جرى في 30من ايلول 1958، والتعديل الثاني عندما استقال الوزاراء القوميين في 7شباط من عام 1959، والتعديل الثالث جرى في 13 تموز 1959، والتعديل الرابع جرى في 3مايس من العام 1960، والتعديل الخامس في 21 من تشرين الأول 1960.وقد استقرت التشكلية الوزارية طيلة 1962، لغاية الانقلاب الدموي في 8 شباط من عام 1963، اذ لعبت الدوائر الامريكية الدور الاساسي في نجاح الانقلاب.
17- هادي رشيد الجاويشلي، الزعيم عبد الكريم، ص.86، مصدر سابق.
18 - المصدر السابق، ص.101.
19- راجع كتابنا: ملاحقة اليسار في العراق المعاصر 1921-1964، دار لارسا، بغداد2020.
20- هادي رشيد الجاويشلي، الزعيم عبد الكريم، ص.141 ، مصدر سابق.
21 - المصدر السابق، ص.165.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السياسة الفرنسية تدخل على خط الاحتجاجات الطلابية


.. روسيا تزيد تسليح قواتها ردا على الدعم الغربي لكييف | #غرفة_ا




.. طهران.. مفاوضات سرية لشراء 300 طن من اليورانيوم | #غرفة_الأخ


.. الرياض تسعى للفصل بين التطبيع والاتفاق مع واشنطن | #غرفة_الأ




.. قراءة عسكرية.. صور خاصة للجزيرة تظهر رصد حزب الله مواقع الجي