الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلاقات المسيحية - الإسلامية في القرن الواحد والعشرين ، تجربة اندونيسيا(الجزء4)،للمفكر إبراهيم أبو ربيع، ترجمة عزالدين غازي

عزالدين غازي

2021 / 2 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نحو تجديد العمل بين الأديان في إندونيسيا:
إن العمل بين الاديان هو نوع من الابتكار، يتم القيام به في سياق العالم الثالث وهو عمل مشجع حيثما يُطلب من جميع الشرائح الدينية المشاركة في عملية ما بعد هذه الخطاب دون تردد او خوف، ومن الواضح أن قلة من المتنافسين في العالم الثالث يهتمون بالنظريات الكامنة وراء العمل بين الاديان، أو حريصون على مشاركة جميع أتباع الديانات بشكل كامل في التكوين الثقافي والديني لمجتمعاتهم، وبالتالي، فان العمل بين الأديان يكتسب معنى جديدا في ظل البانكاسيلا في التسعينات لأنه يدعم وحدة وسلامة الأمة الاندونيسية، فهو لا يقتنع فقط على الاقتناع بالمناقشة والتشوق إلى " الآخر" بل أيضا بإظهار " الذات" في سياق التغير السريع والتحديات الحديثة. فالعالم الاسلامي بكلماته الخاصة هو "حضارة حيوية تبحث عن هويتها التاريخية" ويمكن للمرء أن يضيف الهوية الدينية، وفي سياق الحداثة أيضا، [يضيف] الذات المسلمة التي يود طاهر ترميزي الترويج لها، ألا وهي ذات الاخلاق والروح خاصة في ديانات العالم ، لكن التحدي الذي يفرض على طاهر ترميزي بصفته فيلسوفا دينيا للبانكاسيلا وبصفته ممثلا للدولة أيضا، هو ذلك الذي ينبغي أن يكون قادرا على الحفاظ على الانسجام داخل كل دين، وبين جميع الأديان، وبين الدولة والاديان، في أندونيسيا ، ولعلها مهمة صعبة بالفعل.
وقد يجادل اولا، بأن نقطة انطلاق طاهر ترميزي في تقديره "للآخر" وفي "الذات المسلمة" والتي يفهمها على انها معيارية وتاريخية لاستعادة الذات النموذجية من العديد من مراكز الانهيار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والديني والاستعماري والتهميش الذي يطال القيم والأبعاد الروحية للإسلام.
هذه الحضارة حسب طاهر ترميزي تتحقق على أفضل وجه، تحت رعاية ثقافة قومية منفتحة، وقد كان التوحيد اعظم انجازات الدولة الحديثة المتمثل في أمة واحدة عظيمة تظم مئات من المجموعات الوطنية لمختلف الإثنيات والأعراق والثقافات والخلفيات اللسانية التي تعبر عن مئات من اللغات المحلية. بعبارة أخرى، ومن وجهة نظر طاهر ترميزي فإن التصور القومي للدولة الاندونيسية المعاصرة لا ينفي المعطيات الدينية للمجتمع الاندونيسي، والذي مهد الطريق لخلق تناغم وجو من التسامح، مُضاد للتحول ومُنفتح على التأثيرات الخارجية، وهذه هي الفلسفة الوحيدة القادرة على ترسيخ التباين الاجتماعي والديني للمجتمع الاندونيسي.
طاهر ترميزي والغرب:
بعد تحليله لضرورة تعزيز مجتمع متعدد الأديان والتعددية في إندونيسيا، سيذهب طاهر في تقديره ،إلى رأي آخر، وهو أن لكل من المسيحية والغرب عدد كبير من المفكرين والفلاسفة في القرن التاسع الميلادي. فعلى سبيل المثال، لا يشارك محمد عبدو أو رشيد رضا أو محمد البهي، بعض أهم المفكرين المسلمين العرب في هذا القرن، وبأن المسيحية والغرب يمثلان "الآخر" نقيضاً، ومن الناحية اللاهوتية، يعتبر الإسلام، كظاهرة توحيدية ودين إلاهي، متشابكاً إلى حد كبير مع المسيحية. كما يناشد [طاهر] انفتاح المثقفين الإندونيسيين وتعلمهم قدر الإمكان من التجارب الدينية للدول الأخرى. وبعبارة أخرى، يود طاهر أن يرعى تطوير "الذات الجماعية" في الفكر الإندونيسي المعاصر الذي لا ينتمي فقط إلى العالم الثالث- أو العالم الثالث المهمش - لاستخدام عبارة من الفيلسوف المغربي الخفيف محمد عزيز لحبابي – الذات الجماعية الديناميكية التي تؤمن بالتعددية الثقافية والدينية ومستعدة لمواجهة تحديات الحداثة في القرن الحادي والعشرين. هذا النهج مفتوح لجميع شرائح المجتمع ولا يميز "بين "الأغلبية" و"الأقلية" من حيث الحقوق والمسؤوليات". وكمتحدث فكري عن النظام الجديد، يقف طاهر بقوة ضد إحياء المخاوف القديمة من التفكك الوطني أو الاجتماعي، وبالتالي يعارض أي محاولة، من الجانب الإسلامي أو المسيحي، للتخلص من أساس الوحدة الوطنية.
الإجماع الديني المشترك:
إن الهدف الرئيسي، للإجماع الديني المشترك، هو البحث عن حيوية فكرية حول القضايا والعلاقات بين الأديان، مع تجاهل قطعي لقضية البعثات من منظور مسيحي أو قضية الدعوة من الاسلام، والاجماع هو توقع يتم [بموجبه] تحويل كل من البعثات ومواقف الدعوة وتوجيهها إلى طاقات جديدة لمساعدة فقراء المدن، وبناء توافق ديني مشترك في إندونيسيا في القرن الحادي والعشرين. السؤال ليس حول المعاملة التفضيلية لهذا أو تلك المجموعة الدينية، ولكن بناء أسس اجتماعية ودينية قوية للمجتمع المفتوح. ويسعى المنظور الجديد لطاهر إلى إرساء أسس جديدة للحوار والتقارب في مجتمع له إرث استعماري طويل. وهذا يتطلع إلى القرن الحادي والعشرين برؤية تعددية، وفي كلمات طاهر، "الوئام الديني والتسامح هي مفيدة في الحفاظ على وحدة المجتمع التعددي " الذي يمر بعملية عميقة من التحديث. وهذا واضح بشكل خاص في جاكرتا حيث الناس غالبا ما يطرحون السؤال التالي: "ماذا يعني التحديث في بلد متعدد الأديان؟" و " ما هو النهج الذي يجب اتباعه في التعامل مع العلاقة المتزايدة بين الإسلام المنبعث في مجتمع أندونيسيا؟". هناك أوقات حرجة تحتاج الى نوع من فلسفة حرجة ومفتوحة، ربما، هناك إجابة واحدة مقدمة بالفعل من عالم إندونيسي معاصر يعيش في الولايات المتحدة ، وهو البروفيسور ألوي شهاب، الذي يقول ومن منظور ديني ، "قادة كلا السياستين وفير في كلا الديانتين، والتي يمكن أن نبني عليها التسامح الدين" . ومع ذلك ، يذهب طاهر من جانبه ، كمهندس فكري للتعددية الدينية في ان المجتمع يمر بعملية تحديث سريعة.
إن الأسئلة المذكورة أعلاه وغيرها كثير، تمكننا من الخوض في مجتمع نادرا ما يُذكر في الغرب، فيتحدث عن الإسلام الذي لا يشير إلا إلى العالم العربي، مُهملا جنوب شرق آسيا، ومن هنا كان إصرار الحكومة [الاندونيسية] على إرسال المزيد من الطلاب والعلماء إلى المؤسسات الأكاديمية والدينية الغربية حتى يُعرض الوضع الحقيقي في إندونيسيا للعالم الخارجي. وعلى العموم، فإن علماء المسلمين وحتى الغربيين يكرسون وقتاً أقل للدراسة في العالم العربي. وهذا ما أدى إلى ثغرات أساسية في فهم تاريخ إندونيسيا، ولا سيما وضعها في مرحلة ما بعد الاستقلال، وإلى التغيرات الهائلة في مستوى عيش السكان وفي نظرة شعبها.
خلاصة:
وفي الختام، ومع اقتراب إندونيسيا من القرن الحادي والعشرين، و [ما تشهده] من عصرنة أدت إلى نتائج ملموسة في المجتمع، هناك مهمة ملحة لتفسير ركائز البانكاسيلا الأساسية بطريقة مُخلصة للتطورات الاجتماعية والاقتصادية الأخيرة، ومقبولة من قبل المجموعات الدينية الرئيسية في البلاد، وهو أمر ضروري في مجتمع أكثر وعياً، برسالته الدينية والقومية والتاريخية أكثر من ذي قبل وبشكل جمعي. كما أن إندونيسيا في ما بعد النظام الجديد بلد أكثر [تقدما] مما كان من قبل، وبسبب هذا التعقيد، فإن إندونيسيا تتمسك بتفسير مفتوح للإسلام، وخاصة على المستوى السياسي. وهي لا تشاطر الإحياء[السلفي] الإسلامي لاعتقادها بأن عليها أن تتبع نظاماً سياسياً إسلامياً. إن إندونيسيا بلد فريد من نوعه ومثير للاهتمام، والحلول البسيطة والعبارات المبتذلة لا تعالج المشاكل المثيرة للاهتمام التي واجهتها على مدى العقود الأربعة الماضية.
وعلى خلفية ما سبق، تأخذ العلاقة بين الغرب (وخاصة الولايات المتحدة) وإندونيسيا بعداً خاصاً، وبصرف النظر عن العلاقات الاقتصادية والسياسية مع أمريكا، تتمتع إندونيسيا بعلاقات أكاديمية أيضا، وفي جو من نقص المعلومات والتضليل الاعلامي عن إندونيسيا، فهناك حاجة ملحة إلى الترويج لإندونيسيا على الصعيد الدولي عن طريق تعيين علماء ومفكرين إندونيسيين للقيام بدور السفراء الثقافيين في العالم، كما ويمكن لإندونيسيا أن تكون نموذجا للعديد من بلدان العالم من خلال رؤيتها التعددية والعملية فيما يتعلق بالعلاقات بين الأديان. وهذه بعض القضايا حول العلاقات المسيحية الإسلامية التي حاول مؤتمر جاكرتا- إندونيسيا معالجتها في شهر غشت 1997








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا


.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس




.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا