الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من علوم الإمام أبي العزائم | الطريق إلى الله |‏ 11

عدنان إبراهيم

2021 / 2 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


السنة
هى قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعمله وتقريره. فكل أعمال الصحابة ‏وأقوالهم والتى سمعها منهم ورآها أو بلغته عنهم ولم ينكر عليها، فهى تقريره ‏وهى سنته صلى الله عليه وآله وسلم، وقد أكرمنا الله تعالى وحفظ لنا أعماله وأقواله، وأحواله ‏وشمائله، وسِيَرَه وسيرته صلى الله عليه وآله وسلم في جميع الشئون، بل وحفظ لنا ما رآه وسمعه ‏أو بلغه عن أصحابه صلى الله عليه وآله وسلم ولم ينكر عليه، وحفظ كل ذلك في مسانيد ‏ومجاميع صحاح، قام بتدوينها أمناء الله وحملة شريعته ورواها الخلف عن ‏السلف، حتى وصلت إلينا مضبوطة مبينة، بيانا يدركه الغبى والذكى، جزى ‏الله الأئمة الثقات عنا خير الجزاء، فلم يبق من عذر لتارك التعليم، قال الله ‏تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ).‏
‏ ‏ وليس العالم من حصل من العلم كمقادير الجبال، إنما العالم من ‏عمل بعلمه، ولو تعلم مسألة واحدة. وإن العلم يُحَصَّلُ للعمل به، لا للرفعة ‏والعلو في الأرض بغير الحق، أو للمماراة والجدل، أو للتوسط إلى الأمراء ‏والملوك، ومن حصل العلم ليجعله وسيلة للغرض الفانى، سجل على نفسه ‏الشقاء في الدنيا والاخرة، وشر الناس عليم اللسان جهول القلب الذي ‏يطلب الدنيا بعمل الآخرة، كالعُبّاد الجهلاء الذين يتجملون للعامة بكثرة ‏العبادة ليفسدوا عليهم عقائدهم، وليسلبوا منهم أموالهم. ‏
والعلم الحقيقى هو العلم بالله، وبأيام الله، وعلم المسلم بنفسه، وعلم ‏ما يجب عليه في الوقت عمله، وعلم حكمة ما يعقل من أحكام الله، حتى ‏لا يضيع الوقت في تحصيل ما لا يجب عليه في الوقت. ‏
فالسنة في اللغة:الطريق، وفي الشرع: ما ورد عن رسول الله (صلى ‏الله عليه وآله وسلم) غير القرآن من قول أو فعل أو تقرير، فكل أقواله ‏وأعماله صلى الله عليه وآله وسلم سنة، وكل أقوال الصحابة وأعمالهم التى حصلت بين يديه ‏أو سمع بها وسكت فلم ينه عنها سنة.‏

الإجمــاع
اتفاق أهل الحل والعقد من الموثوق بهم من هذه الأمة على أمر من ‏الأمور الشرعية أو العقلية أو العادية. ‏

الــرأى
هو استفراغ الوسع في علم الحادثة حتى يطمئن القلب للحكم ‏عليها.‏

أسهم الإسلام
قال (صلى الله عليه وآله وسلم) " لا نبى بعدى، ولا أمة بعدكم، فاعبدوا الله ربكم، ‏وصلوا خمسكم، وصوموا شهركم، وحجوا بيت ربكم، وأدوا زكاة أموالكم ‏طيبة بهاأنفسكم ".‏
فأسهم الإسلام ثمانية:‏
‏1 – الشهادتان.‏ ‏
2– الصلاة.‏
‏3 – الصيام.‏
‏4 – الزكاة.‏
‏5 – الحج.‏
‏6 – العمرة.‏
‏7 – الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. ‏
‏8 – الجهاد.‏

وقد وفيت الكلام عن الخمسة الأولى في كتاب: " أصول‏
الوصول " و" معارج المقربين " وفي كتاب: " الإسلام دين الله ".‏
‏ ‏
الصلاة
حكمة وسائل الصلاة:‏
إنما أوجبت الشريعة طهارة الجسم والثوب والمكان قبل الدخول في ‏الصلاة، ليشعر القلب بأنه يتأهل للدخول في حضرة الله تعالى، ليقوم له ‏سبحانه بما فرضه عليه من العمل شكرا على ما لا يحصى من النعم.‏
والقلب محل نظر الرب سبحانه فيجدد طهارته، ويجدده من شوائب الشرك ‏الظاهر والخفى والظلم والحسد، والطمع والحرص، والعلل والأغراض التى ‏تجعل القلب بعيدا عن الله تعالى، محروما من فضل المواجهة، ولا يكون ذلك ‏إلا بالتوبة الخالصة قبل الدخول في الصلاة، قال (صلى الله عليه وآله وسلم) " المصلى يناجى ‏ربه".‏

حكمة طهارة الجوارح:‏
كما أنه يطهر جوارحه (1) بالماء، فإنه يراعى أن الجوارح ليست ‏منجسة نجاسة حسية، فيتذكر نجاسات تلك الجوارح العملية، فيغسل العضو ‏بالماء، ويغسله بالتوبة والأوبة، والخوف من الله تعالى والحياء منه سبحانه، ‏لأنه استعمل نعمة الله فيما يغضبه، وهى الجوارح. ‏
وفي تلك الرعاية يعتقد عجزه عن حفظ جوارحه من المعصية ويتناول طهور ‏لا حول ولا قوة إلا بالله، ويشكر الله الذي وفقه للطهور أو الغسل ويجعله ‏طهارة لقلبه وقالبه.‏
فإن الصلاة مقام العبودية الخالصة، ولا تكمل إلا بالذل والانكسار، ‏والخضوع والخشوع، ومن ذلك الإشارة إلى خطاب الله تعالى كليمه بعد بعده ‏عن أهله وماله، فإن الوادى قدس وتجلى ربنا سبحانه لموسى وخاطبه بعد ‏فراغ قلبه من الشغل بغيره سبحانه من مال وولد وأهل. ولأهل الإشارة في ‏هذا المقام شهود وحكم لا تفى بها العبارة، قال (صلى الله عليه وآله وسلم) " الطهور نصف ‏الإيمان ".‏

حكمة دخول الوقت:‏
معلوم أن الإنسان في الليل فقد الحس والحركة بالنوم، فصار كالميت، ‏فإذا أعاد الله عليه الحس والحركة عند طلوع الفجر الصادق، استقبل تلك ‏النعم العظمى فرحا بفضل الله عليه، وبرحمته به، فسارع إلى شكره، فكان ‏وقت الصبح شكرا لله على الحياة الجديدة، وافتتاحا لليوم الجديد بعمل ‏صالح يحبه الله تعالى، وحضورا مع الله تعالى بالدخول في الصلاة ليقف بين ‏يديه سبحانه، مرتلا كلامه، متملقا بين يديه بالذل الواجب على العبد ‏لسيده الكبير المتعال، آنسا بشهود جماله العلى وعظمته وكبريائه وفضله ‏وإحسانه، مبتهجا بما تفضل به عليه من توفيقه إياه، وهدايته له، وإقامته ‏عاملا لمولاه، متشبها بصفوته وخيرة من والاه، قال الله تعالى:(إِنَّ الصَّلَاةَ ‏تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ) ولذكر الله العبد(2) في ‏الصلاة أكبر من الصلاة، أو لذكر العبد ربه في الصلاة حضورا وشهودا، ‏أكبر من الصلاة عملا وقولا في الصلاة. (3)‏

حكمة تخصيص أوقات الصلاة:‏
‏1 – صلاة الصبح: خصصت الشريعة المطهرة صلاة الصبح في ‏طلوع الفجر الصادق، الذي تجتمع فيه ظلمة الليل وشعاع النهار، ليشهد ‏المصلى تغير الآيات في نفسه، فيعلم من عجائب القدرة وغرائب الحكمة ما ‏يقوى به إيمانه، ويتحقق أنه في اختلاف الليل والنهار حِكَمٌ بها صلاح ‏العالم، ظهرت بها رحمة أرحم الراحمين بخلقه، فإذا صلى مشاهداً، وجلس ‏يذكر الله حاضراً توالت سواطع الأنوار، حتى ينشق الأفق عن كوكب ‏الشمس المشرقة بنورها، وحرارتها وجمالها، فيشهد فيها من الخواص والتأثيرات ‏التى أودعها الله في الكواكب، لتكون آية كبرى دالة على كمال القدرة، ‏ووسعة الرحمة. فيفوز المصلى بمشاهد تتجدد له في كل صباح، تجعله ذاكرا ‏لا ينسى، ومطيعا لا يعصى، وشاكرا لا يكفر، وموحدا لا يجحد.‏

‏2 – صلاة الظهر: ثم يخرج المسلم من طاعة إلى طاعة لأنه خرج ‏من صلاة إلى سعى للعمل الذي يحصل به قوته، تلبية لقوله تعالى: (فَامْشُوا ‏فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ) فإذا انتصف النهار وزالت الشمس، تحقق أن ‏الشمس مقهورة مسخرة، وعلم ما أنعم الله به عليه بسببها، وشهد من عميم ‏فضل الله وعظيم نعمه عليه، فسارع لذكره بصلاة الظهر، مفكرا في هذا ‏الكوكب العظيم، كيف تحول وتغير، وأقبل وادبر، ويراه يسبح في الأفق غير ‏معتمد على عمد، ولا مرتكز على جامد، فيصلى الظهر مفردا ربه بالعبادة ‏دون غيره، ناظرا إلى ما أحاط به أنه مخلوق مقهور مسخر له بفضل الله.‏


‏3 – صلاة العصر: فإذا صار ظل كل شىء مثله أو أكثر، تحقق ‏زوال الدنيا وفناءها، وتذكر الآخرة وأهوالها، وأدرك من النعم المتوالية له أن ‏الذي وهبها يجب له الشكر والثناء، لأن الكفور بالنعمة يؤاخذ بأليم ‏العذاب، فيسارع لصلاة العصر، ذكرا لربه بعد الغفلة بالعمل للدنيا، فيحضر
معه سبحانه بعد الحجاب بالأمل. ‏
ولأهل الشهود مواجهات خاصة بهم في تلك الأوقات علية عن ‏الأشارة، ومن تناول طهور قوله تعالى: (وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ ‏شَيْءٍ عَلِيمٌ) فاز بالحسنى.‏
والمؤمن إما أن يجلس لذكر الله حتى تغرب الشمس، أو يسارع إلى ‏خير يعمله من بر أو صلة أو إصلاح أو وفاء بعهد أو مواساة، أو عمل ‏ينفعه الله به وينفع به غيره كتجارة أو صناعة أو زراعة.‏

‏4 – صلاة المغرب: فإذا غربت الشمس أشرقت عليه أنوار الآيات، فأيقن ‏أن البقاء لله وحده، وفهم حكمة اختلاف الليل والنهار، وأن الليل نعمة ‏عظمى للأبدان والجوارح، فيسارع إلى شكر الله بصلاة المغرب مفتتحا الليل ‏بعمل صالح فرضه عليه ربه.‏

‏5 – صلاة العشاء: ويجلس يذكر الله سبحانه وتعالى مشاهدا سرعة ‏الآيات، وينتقل من شفق أبيض إلى شفق أحمر إلى فحمة الليل، وقلبه ‏يتقلب في تلك المشاهد، فيسارع بعد مغيب الشفق إلى صلاة العشاء، ‏مشاهدا أنوار قدرة الله التى أبدعت تلك الكائنات، وحكمته التى نوعت ‏تلك الآيات.‏


طلب العلم النافع واجب على كل مسلم:‏
ولأهل الصفا مشاهد قدسية، تلوح بها أنوار الأسماء العلية، لا تبينها ‏العبارة، ولا تومئ إليها الإشارة، قال سبحانه: (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) ‏والعابد يجهل حكمة العبادات لجهله بنفسه وبربه، وإنما للمصلى من صلاته ‏ما عقل منها.‏
وليس العلم بالصلاة محصورا في شروطها وفرائضها وسننها – فإن ذلك ‏يكفى فيه تقليدا العامل العالم عند عمله – لأن المصلى يناجى ربه، وكيف ‏يناجى العبد من لم يعرف ؟ فأول واجب على المسلم طلب العلم النافع. ‏‏(3)‏

‎“‎دستور آداب السلوك إلى ملك الملوك‎”‎
الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم

‏____________________‏
‏(1)‏ الجوارح : أي الأعضاء
‏(2)‏ ذكر الله للعبد وهو في صلاته كناية عن تنزل مزيد من الرحمات ‏والفيوضات عليه، وإلا فإن الله لا ينسى عبده لحظة واحدة، لأن ‏متكفل به إيجاداً وإمداداً، وإلا هلك.‏
‏(3)‏ هذا المعنى ربما نقرأه لأول مرة، وهو معنى كبير ومهم جداً لأن ‏للصلاة روح وخشوع ومشهد للعبد يعتبر هو عملها الباطن، وهو ‏أكبر من أعمالها الظاهرة.‏
‏(4)‏ العلم بالله وبالنفس، وهو علم التصوف.‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السيدة انتصار السيسى تهنئ الشعب المصري والأمة الإسلامية بحلو


.. تكبيرات العيد في الجامع الازهر في اكبر مائدة إفطار




.. شاهد: في مشهد مهيب.. الحجاج المسلمون يجتمعون على عرفة لأداء


.. 41-An-Nisa




.. 42-An-Nisa