الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرآة الحقيقية والمرآة الكاذبة ؟

احمد مصارع

2006 / 7 / 26
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


المرآة الفعلية هي المرآة الكاذبة , لأنني أرى فيها صورة نفسي بحيادية مخادعة , فإذا ضحكت ضحكت معي , ولو تأملتها قليلا , لاكتشفت بأنها تضحك علي , وربما أيضا لأنها لا تقول لي شيئا , فلست فيها سوى أنا اليضحك مع نفسه ؟
المرآة الحقيقية , المؤلمة , وغير الفعلية , ولنقل غير الحيادية , هي الآخر , فهو يراني , فقد لا يكون كما أراه يراني , لذا فهو يجرحني ويؤلمني , يوخز ني بكلمات نابية , فان قلت نعم , يصدمني بقوة القول : لا, وان قلت له لا , تهربا , صرخ بوجهي بشكل مفزع أن لا, ضد لائي وكأن المهم أو المطلوب أن أحار وأحتار , ويقصف نفسي الوادعة بآلاف الأسئلة الناهبة , لأغير مجرى نهري باستمرار , حتى لأكاد أتهمه بالحسد , ومن كونه لا يحمل شهامة الأخيار ؟
انه على الضد مني مجرد استهزاء , أو يغار ؟ له الحق نعم , ولكن هناك متسع كوني فسيح , من فضاء الأريحية , لنفث الهموم عبر الأشعار ؟ بالسلم والتسامح , دون استئصال رمزي أو حقيقي أو مجرد رغبة بالدمار ؟ ربما يعكس ذلك بقايا لهو من منحدرات الأطفال الصغار ؟
بين مرآتين حياة فعلية , ولكنها ليست حقيقية , ولكنها بالرغم تمضي كذلك , فلا ينفع فيها الانعزال أو محاولا الاختصار ؟ وكأنه التناقض المرغوب , أو ألهية المسار ؟
ماذا لو اكتشفت في لحظة مبكرة صد وع وتشققات نفسك بشكل مبكر , عبر مرآة ما , أيهما لايهم , كما لو كان الأمر يتم على النحو : يا عزيزي , أنت تقول نعم مكان لا , وتقول لا , مكان نعم , فانتبه لنفسك وقل لا صريحة , لا, لا , لا , خير من أن تقول نعم موارية , والعكس صحيح , لكنني أنصحك , وهنا الصعوبة الممزقة لكل الحقائق , أن قل لا على الدوام , لكل ما يخيل لك أنه صحيح باستعجال , واجعل نعم طويلة العنق جدا , كمعدن لا يسحب بسهولة , إلا إذا أخضع لدرجة عالية من النار الكافية لإذابته ؟!.
قلت للآخر , ورغم نصاعة مرآته , كأنك تريدني أن أحفظ كلمة واحدة تختصر الزمان والمكان , والحياة والتاريخ , بكلمة واحدة هي لا ؟!.
سألني بكل بساطة : هل تعتبر نفسك ناجحا أفي الحياة أم فاشلا ؟
كان ردي أبسط بكثير , فهو متضمن بالجزء الأخير ..
ثم سال , إلى أي الكلمتين كنت أقرب نعم أم لا ؟
قلت بدون تردد : نعم .
قال منتصرا , عليك أن ترفع صوتك وتردد على الدوام ترنيمة: لا, لا لا,
فعدت منهكا لا أكاد أنسجم مع مرآة نفسي , أتعذب من الجحيم الفاصل أو الواصل بين منته النعم , ولا منته اللا ؟!...سيمفونية صاخبة من نوع : لا للحياة , نعم للموت , جوهر بيتهوفن , وسخرية العكس , نعم للحياة ولا للموت في سيمفونية شوبان ؟.
قال صديق آخر وهو يضحك ساخرا من نفسه : هل تعلم يا صديقي , لقد عشت في بلد ما , حياة حرة ومنفتحة , بأريحية عالية , بل ولا مباليا , بكل ما يمكن أن أخسره , ولم أكتشف أن كل علاقاتي مع الناس والتي عمت طافيا على سطحها , كانت خاطئة , غير ذات معنى , وقد لا يهمني أن تكون نافعة , لكن أن اكتشف أنها مؤذية , ومتى ؟ في اللحظات الأخيرة من مغادرتي النهائية لها !!, فما الذي سأستفيد ه من هكذا تجربة حياتية ؟!. فما قولك ؟
قلت : هذا ما يحدث عندما لا يعرف الإنسان نفسه , ومعرفة النفس تستوجب معرفة البيئتين الأصلية والمضيفة , دون الاكتفاء بقوة الرغبة في الحياة , فلو افترضنا أن بيئتك الأصلية في البلد الذي جئت منه منفتحة ( أو العكس ), وحللت ضيفا على بيئة منغلقة , فمن الواضح أنك ستصطدم ببحر من المنغلقات , التي ستسبب لك الصداع , وآلام شتى , فأنت لا تستطيع لوحدك أن تفك طلاسم ما يحيط بك من منغلقات , فكل ما ستستطيع فعله هو في إحداث خدوش بسيطة على الجدران والنوافذ المنغلقة , ( أو العكس ) , وللزمن فعله البطيء في التغيير والتفاعل , ولذلك فان لحظة الصدمة الأكبر ستكون لحظة مغادرتك الأكيدة , أو لحظة عودتك إلى بيئتك الأصلية , مكتسبا بعض المغلقات الضارة التي ستعلق بك لأمد مفتوح ؟.
ضحك من أعماق فلبه , وبطفولة بائنة , وعلق متسائلا :
- كل الخسارة السابقة , وستبقى تلاحقني كلعنه ؟
قلت له مراضيا - لا تنسى أيضا , أنك ستخلف مثلها في البلد المضيف .. التباس الحق بالباطل , أمر عاطل , اختلاط الجد بالهزل ميعة للفعل , ووضع نعم مكان لا , والعكس , ينتج النكبة والنكسة .. وسواء ترنمت ب( لا, لا,لا) أو حدوت بها والعكس , تظل المشكلة الأكبر , متى تقول لا , ومتى تقول نعم ؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو