الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأستاذ عبد الكبير الصوصي العلوي .. و سؤال نزاهة و راهنيَّة الجامعة المغربية

المهدي بوتمزين
كاتب مغربي

(Elmahdi Boutoumzine)

2021 / 2 / 26
التربية والتعليم والبحث العلمي


إنه الدكتور عبد الكبير الصوصي العلوي , إطار سابق بالوكالة القضائية للمملكة المغربية , و أستاذ باحث في القانون الخاص اَنيا بكلية الحقوق بجامعة مولاي إسماعيل بمدينة مكناس , درست على يديه بعض المواد القانونية بين سنتي 2013 و 2016 م , أبهرتني في الرجل إنسانيته و تواضعه و عدم تواريه وراء مناصبه , حيث يتحدث عن ماضيه و حاضره بتصالح كبير مع الذات, و هذه فضيلة فريدة تحسب له ,و لعله اكتسبها من طبائع أهل مدينة زاكورة الذين يُعرفون بتواضعهم و بساطتهم المتميزة , الذين يستأنسون بأشعة الشمس و أكواب الشاي البدوي المُركز النكهة .

خلال مرحلة دراستي الجامعية , أخذت عن فقيه القانون الخاص الصوصي العلوي , بعض طرائق الدراسة , لاسيما التركيز على التطبيقي إلى الجانب النظري , و فتح إمكان جديد في كل مرة تظهر فيها صعوبات علمية أو بحثية , مع ربط الذات بالفكر العلمي و التثقيفي المعرفي , دون أن تشرد أو تتيه في ما وراء ركن الجامعة , أو بتعبير أصح دون أن تسقط في وحل الهوى و المتاهات التي يرزخ تحتها المجتمع المغربي . بالمقابل لدي بعض الملاحظات حول الدكتور العلوي , لكنها تظل حبيسة زاوية الرأي المسبق و البعيد , لأنها لم تصدر إلا بناء على الملاحظة دون أن تمر على مختبر التجربة , مادمت لم أعرف الأستاذ شخصيا , رغم أنه كان متقربا جدا من الطلاب , لأنه كانت لي مشاغل أخرى, إلى جانب الوقت الضيق , لنسج علاقات تسمح بإحتواء بعض أو كثير من سيلهم العلمي و الفكري الجرار .

باشر مؤخرا الدكتور العلوي عرض اَرائه و وجهات نظره حول موضوعات تخص الجامعة المغربية , و هي زوايا فكر و مراجعات فذة و دقيقة , تكشف عن حقائق غير مكشوفة للعموم , أو بمعنى أدق لا يدركها إلا أهل الإختصاص الذين يتورعون عن ذكرها , وكأن ليس لهم شأو فيها لأسباب عديدة . ومن العناوين العريضة التي اَثرتني موضوع صناعة الماجستير؛ أو كيف تصبح الجامعة المغربية مصنعا للشواهد العليا حسب الطلب أو لزبائن خاصين ((vip , لكن الموضوع الذي سأفرغ محتواه مع التصرف , هو الذي تطرق إليه الدكتور قبل حوالي شهرين على قناته على اليوتوب , نظرا لراهنيته و غناه المعرفي و دقائق تحليلاته .

الموضوع كان بعنوان مباريات الماستر و الدكتوراة : قراءة في النصوص القانونية المنظمة و الإقتراحات الممكنة على ضوء ما مرَّ في ظل جائحة كورونا . ترويسة عريضة يتطرق من خلالها الدكتور إلى الإطار الذي تم فيه اجتياز مباريات ولوج سلك الماستر و الدكتوراة , وما يعتريهما من غموض و التباس كبيرين خاصة على مستوى شروط الولوج , التي تبقى حسب رأي الأستاذ العلوي غير واضحة في النصوص المؤطرة لها , ما يضرب عرض الحائط النزاهة و الشفافية كمطلبين دستوريين ؛ و تكافئ الفرص كرافعة لضمان جودة المخرجات التي يجب أن تكون ذات كفاءة علمية , بعيدا عن طرح الإستحقاق بالشواهد المحصل عليها بالنفوذ و الأموال و الصفقات .

إن القانون المنظم للماجستير من حيث المسالك هو القرار الوزاري الصادر بتاريخ 30 شتنبر 2008 م , الذي تم بموجبه تعديل قرار وزاري سابق صادر في 15 شتنبر عام 2005 م , أما القانون المنظم لمباراة الدكتوراة , فهو القرار الوزاري الصادر في 23 شتنبر 2008 م . لكن بسبب الحالة الإستثنائية التي يشهدها المغرب على غرار دول العالم في ظل جائحة كورونا , أصدرت الوزراة الوصية قرارا إلى رؤساء الجامعات في 28 أكتوبر 2020 م , لتحديد كيفيات الولوج لسلك الماستر و الإجازة المهنية .

الوصف الأبرز لتنزيل و أجرأة هذه المذكرة هو التباين في التنظيم و الإختلاف في المعايير , حسب رأي الأستاذ الصوصي العلوي , ما يطرح سؤالا جوهريا حول القوة القانونية لهذا القرار الوزاري و مستواه ضمن تراتبية القوانين و القرارات .

فبعض الجامعات اعتمدت دراسة ملفات المرشحين فقط , في الوقت الذي تبنَّت فيه مؤسسات جامعية أخرى معدل بعض المواد أو المعدل العام , دون أن يتم في جميع الحالات إبراز الإطارالذي يتم فيه الإنتقاء, من حيث تحديد النسبة المائوية لإعتماد الملف أو نقاط المواد و المقابلة . هذه الأخيرة التي نصت المذكرة الوزارية بأن تجرى شفوية و عن بعد , إلا أن هناك جامعات فرضت إجراءها حضوريا , دون مراعاة للحجر الصحي الذي يغلق مدنا بأكملها , في حين أن مباريات الماستر تتم على مستوى وطني . وهذا قصور في النظر و سوء تدبير يعتري المنظومة كباقي المؤسسات . فالجامعات التي اعتمدت الحضوري لم تحترم المذكرة الوزارية , و هذا ما يطرح في تقديرنا الشخصي إدراك الغاية من هذا الخرق , الذي يطرح أكثر من علامة استفهام و تعجب . و هل يمكن أن يرتبط بفرضية المساومات و الصفقات و عقوذ الرضى و الإذعان , أم أن المبرر و المسوغ بريئ و إجرائي فقط ؟

ينضاف لكل هذا وضع عام رمادي , يفتح الباب على مصراعيه لتجاوزات عديدة تحت غطاء الإستقلالية المؤسساتية , حيث يفرض الواقع الحالي استصدار قرار وزاري جديد يحدد شروط الولوج لسلك الماستر , و التي لم يوضحها عطفا على أن يُفصل فيها الدفتر البيداغوجي المصادق عليه من الوزارة الوصية سنة 2014 م , كما أن الملفات الوصفية التي تقتصر على إعلان المباريات الكتابية دون تحديد للمعايير الموضوعية الكفيلة بإضفاء الشفافية عليها . و الحال أن النقاط الأساسية التي وجب النص عليها بقرار وزاري يسري على كافة الجامعات , لزم أن يتطرق لتحديد معامل الشق الكتابي و الشفوي في المباراة, عدد الميزات,طريقة وضع السؤال,كيفية التصحيح, حالات التنافي بين تصحيح الشق الكتابي و الشفوي , كيفية اختبار اللجان , الجهة التي تعين هذه اللجان,الجهة التي تقترح اللجان , مدى موضوعية تشكيل هذه اللجان , و هل التشكيلة بنيت على قواعد علمية و موضوعية أم على أسس القرابة و الصداقة و المقاولة ؟

يذهب الأستاذ الصوصي بعيدا عن هذا المدى , ليتحدث عن مؤسسة المنسق الذي حدد دفتر الضوابط دوره في تنشيط الفريق البيداغوجي فقط , و تتبع سير التكوين و التقييم و المداولات الخاصة بالمسلك , و هذا يهم مرحلة ما بعد ولوج الطلبة إلى سلك الماجستير و ليس قبل ذلك , لأن المباريات تكون على مستوى وطني , و الواقع أن منسق الشعبة يتدخل في كل المراحل بدءا من وضع السؤال مرورا بالإمتحان الكتابي إلى الشفوي . إن استقلالية الجامعات تقتصر على الجانب البيداغوجي بالنسبة للتدريس و توزيع المواد و لا تتعداهما إلى التدخل في تنظيم مباريات وطنية .

و تقعيدا عليه فهذه المباريات يجب أن تكون موحدة على مستوى التنظيم و الولوج لضمان الحكامة و العدالة و تكافئ الفرص , كما يجب الرفع من المقاعد المخصصة في سلكي الماستر و الدكتوراة , من خلال فتح شعب و مسالك جديدة , عطفا على تخصيص مقاعد للموظفين , و في نظري يمكن أن تكون مقابل رسوم مقبولة و معقولة , لأن جامعة محمد الخامس تفرض رسوم مرتفعة جدا , و هذا موضوع سأعود إليه بالتفصيل , لأن الحق في التعليم حق دستوري .

أحبذ أن أذكر أن الأستاذ الصوصي العلوي خاض اعتصاما مفتوحا داخل جامعة مولاي إسماعيل للعلوم القانونية و الإقتصادية و الإجتماعية , تزامنا مع مباريات الماستر أواخر هذا الشهر الجاري , تعبيرا عن امتعاضه و استغرابه ضد إقصائه للمرة الرابعة على التوالي؛ من أن يكون ضمن أعضاء لجنة الإختبارات الشفوية لمباراة ولوج سلك الدكتوراة في القانون الخاص , كما لم يسبق تعيينه بأي لجنة من لجن دخول سلك الماستر من قبل , عطفا على عدم عضويته لأي لجنة لتوظيف أساتذة التعليم العالي مساعدين منذ حصوله على التأهيل الجامعي . و هذا ما اعتبره الدكتور تجريدا عمديا دون سند قانوني من صلاحيات يخولها له النظام الأساسي الخاص بالأساتذة الباحثين بالتعليم العالي .


هذه بعض النقاط التي أردت التطرق إليها , و كنت سعيدا جدا بمتابعة الشريط المصور للدكتور الصوصي العلوي , إنه إنسان متواضع قبل أن يكون إطارا في التعليم العالي , كما أنه مثقف نزيه كما كان الدكتور المهدي المنجرة و المهدي بن عبود و الأستاذ حسن أوريد , إنهم ثلة لا توظف المعرفة لماَرب شخصية , و هذا هو المثقف الذي نحتاجه و نريده اليوم . السلام على روح أستاذي المهدي المنجرة و أسأل الله أن يبارك في عمر الأستاذ عبد الكبير الصوصي العلوي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ألعاب باريس 2024: اليونان تسلم الشعلة الأولمبية للمنظمين الف


.. جهود مصرية للتوصل لاتفاق بشأن الهدنة في غزة | #غرفة_الأخبار




.. نتنياهو غاضب.. ثورة ضد إسرائيل تجتاح الجامعات الاميركية | #ا


.. إسرائيل تجهّز قواتها لاجتياح لبنان.. هل حصلت على ضوء أخضر أم




.. مسيرات روسيا تحرق الدبابات الأميركية في أوكرانيا.. وبوتين يس