الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وداعا ممدوح نوفل

ريما كتانة نزال

2006 / 7 / 27
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


حزمت ورحلت، لم تعطك الحقيقة الوقت لإنهاء ما بيدك، أو انها اختصرت مسافة الألم على الأحبة، أغمضت عيناك في نصف إغفاءة، فأنت غير مقتنع بالموت الذي فاجأك؛ ولا زلت متشبثا بالحياة على الرغم من الانسحاب الظاهري الذي أبديته في حزيران الماضي.
في حينها لم أشأ أن اتعب قلبك ولم أقوى أصلا على مشاكستك فقد بدوت ممدوحا آخر، تمردت بصمت مجلجل على معاملة القدر؛ ولم تشأ مناقشته بالظلم الذي وقع، لكتك جادلته بأسلوب آخر في مصيرك الذي اختاره لك، فأدرت ظهرك بهدوء لممدوح العنيد المناكف؛ وأخرجت عنيدا آخر لا يجادل بالحياة أو الموت بعد أن أصبحا سيان، لم تعد المقاومة كطبع نمطي يميزك، ولكنك بقيت شجاعا باستسلامك لإرادة القدر؛ ممزوجة بلا مبالاة واضحة بخياراته، أو ربما أردت ان ترد له الصاع باثنين، بأن لا تقاومه أصلا ولا تكترث أصلا به؛ لتشعره بأنه لم يجرك الى ميدان لا تريد الصراع على جبهته، ولا تتقن فنونه وصبره، فهو لم يخلق لحبك غير المشروط للحياة.
لم يهن عليك أن تقر بالمرض، لأنك لا تستطيع الإقرار بضعفك، فأبت نفسك القوية أن تعترف بهزالها، وعندما تحدثت تحت الحاحي عن الداء؛ استخدمت ضمير الغائب لتقديم الجسد المنهك بالمرض وتداعياته، عرضت الوضع بموضوعية وكأنك تتحدث عن الصراع بين قوى الخير والشر، أفردت الحالة كفكرة؛ أوكأنها بحث علمي تقيمه بتجرد ولا علاقة لك به، أما ممدوح الذي أعرفه فغاب وراء غلالة من التعالي والكبرياء، في حالة قرار ذاتي لا تريد لأحد ان يشاركك به أو يأخذه عنك.
بعيدا عن الموت أحب أن اتذكرك.. لكن صورتك تجمدت في مخيلتي كما بدت في المرض اللئيم، ولطردها وإبعادها لا بد من تفريغها، ولا زالت صوتك الضعيف يخترق صمت موتك، ويؤنبني ضميري على جزئيات حديثنا الأخير المتقطع بإغفاءاتك، وقد سألنك عن قصدك لحظة سألك صديقنا الراحل عن رأيك بي يوم قدمني اليك.." تبدو كطفلة حالمة..ابحث عن غيرها".. "مواصفات جيدة لزوجة المستقبل"؛ أجابك "خالد" متقمصا شخصية ذكورية.. فصادقت على رأيه ضاحكا بعبثك المعتاد في هذه المناسبات، وكليكما كان يقرأ مفاهيم تلك المرحلة؛ بصدد القدرة على تحمل أعباء النضال وظروفه آنذاك، ومنطلقات ومواصفات تعجيزية لتماسك وصلابة الشخصية النضالية.. يوم ودعتك مؤخرا ذكرتك بجملتك تلك عاتبة ومحاسبة بأثر رجعي، وبأني وإن ودع عمري طفولته دون مشورتي، فقد أبقيت على بعض الأحلام الواقعية، وكنت أدعي الفهلوة لاستفزاز ممدوح القديم وجرك الى مساحة أمسك بناصيتها ، لأصل الى هدفي المكشوف؛ وأصل معك الى نقاش أدفعك به الى التفاعل مع حالتك الجديدة؛ ونتحاور حول حدود تبدل الانماط السلوكية للبشر، وعن معاني القوة والضعف، فأومأت برأسك موافقا ومختصرا؛ مع اشراقة حزن ألمعت عيونك الذابلة اسقطت بعضا من قناع الكبرياء، "المهم أن لا تكون أحلامنا يا ريما كلها كوابيس"، وأنهيت النقاش في مساحتي؛ وجررتني الى حوار كنت به الأقوى.
ممدوح نوفل قائد ومناضل وكاتب ومحلل سياسي فلسطيني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ??مجلس النواب الفرنسي يعلق عضوية نائب يساري لرفعه العلم الفل


.. الشرطة الإسرائيلية تفرق المتظاهرين بالقوة في تل أبيب




.. مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في تل أبيب وسط مطالبات بإسقاط


.. نقاش | كيف تنظر الفصائل الفلسطينية للمقترح الذي عرضه بايدن؟




.. نبيل بنعبد الله: انتخابات 2026 ستكون كارثية إذا لم يتم إصلاح