الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقوق الإنسان الجديدة

طارق الهوا

2021 / 3 / 9
المجتمع المدني


حقوق الانسان المعترف بها عالميا والتي تعتبر "أساسية"، ووردت في إعلان الأمم المتحدة لحقوق الانسان، والمعهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والمعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، هي: الحق في تقرير المصير، والحق في الحرية، والحق في مراعاة الأصول القانونية، والحق في حرية الحركة، والحق في حرية الفكر، والحق في حرية الدين، والحق في حرية التعبير، والحق في التجمع السلمي، والحق في تكوين الجمعيات.
هذه الحقوق "الأساسية" كانت ثمرة عَلمانية الغرب وتقدمه وتفوقه واعترافه بحقوق الآخر، نتيجة لصراع طويل خاضته البشرية على ميادين مختلفة، أخطرها عبودية الإنسان للإنسان جسدياً وفكرياً وعقائدياً، وكان هدف إعلان هذه الحقوق حياة أفضل وأرقى لكرامة واحترام إنسانية الإنسان. لكن يبدو أن الولايات المتحدة والغرب اليوم قد أداروا ظهرهم لبعض هذه الحقوق نتيجة مصالحهم السياسية، ومنها الاعتراف بوطن موجود أصلا للشعب الكردي العريق في التاريخ، الذي يبلغ تعداده حوالي 45.6 مليون نسمة حسب إحصاءات 2016، بالإضافة إلى تجاهل مساندة حقوق حرية الدين، خصوصاً المسيحية المستهدفة عقائدياً وجهادياً في مناطق كثيرة في العالم.
أدار الغرب الذي بدأ يترهل ظهره لحقوق "أساسية" لملايين البشر، وبدأ في التسويق لحق "فردي" غير أساسي هو حق أقليات مجهولي الهوية الجنسية في فرض معاييرهم وقواعدهم "الخاصة" على سكان الكوكب.
رفض كل رؤساء أميركا تبني هذا الحق الذي تبنته بعض الدول الغربية، حتى جاء حسين أوباما وجعله من أولوياته وروج له، لدرجة أنه شجّع على التحول الجنسي علانية نوّه بشجاعة المتحولين، وجعل لأول مرة في التاريخ التضييق على مثليي الجنس أو اضطهادهم أحد أسباب اللجوء إلى الولايات المتحدة، لكن دونالد ترامب تجاهل دعم هذا الحق "الفردي" وأعاده إلى مساره الطبيعي بين كل رؤساء أميركا، وبوصول حسين/بادين إلى الرئاسة عاد هذا الحق "الفردي" بقوة إلى الواجهة، والخشية أن ما سيصبح أولوية أميركية، سيصبح بعد فترة أولوية في معظم دول العالم، خاصة في البلدان المترددة في أوروبا، والبلدان المعتمِدة على حماية ومعونات الولايات المتحدة المالية والعسكرية.
إدراة حسين/بايدن تلعب لعبة قانونية خطيرة لأن تصنيف حق ما بأنه "أساسي" يستدعي اختبارات قانونية محددة تستخدمها المحاكم لتحديد الظروف المقيدة التي قد تحد بموجبها حكومة الولايات المتحدة الفيدرالية وحكومات الولايات المختلفة من هذه الحقوق.
في مثل هذه السياقات القانونية، تحدد المحاكم ما إذا كانت الحقوق "أساسية" من خلال فحص الأسس التاريخية لتلك الحقوق وعن طريق تحديد ما إذا كانت حمايتها جزءا من تقليد قديم. قد تضمن الولايات "الفردية" حقوقاً أخرى تعتبرها "أساسية". بمعنى أن الولايات قد تضيفها إلى الحقوق الأساسية ولكن لا يمكنها أبداً أن تقلل أو تنتهك الحقوق الأساسية من خلال العمليات التشريعية.
ستكون هناك معارك في المحاكم والمنتديات القانونية في الولايات لفرض معايير فئة مجهولي الجنس على الآخرين، ولتغيير تعريف الزواج في الولايات المتحدة التي سيتبعها الغرب باعتبارها رائدة الحريات.
ولأن هذا الامر قد يستغرق وقتاً وقد يُرفض في المحكمة العُليا في واشنطن لوجود قضاة محافظين فيها أكثر من غير المحافظين، جعلت إدارة حسين/بايدن من بين أولويات سياستها الخارجية الترويج لمعايير المثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية، وأصدر وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن تعليماته برفع علم هذه التوليفة (علم قوس القزح) بجورا علم الدولة على السفارات الأميركية وبرر الأمر: "إننا نشهد زيادة في العنف ضد المثليين في جميع أنحاء العالم. أعتقد أن الولايات المتحدة تلعب الدور الذي يجب أن تلعبه في الدعم والدفاع عن المثليين، وهذا ما سوف تتولاه وزارتنا فورا".
كما بوشر بدء تنفيذ توّجه إدراة حسين/بايدن داخلياً بيد حديدية، وبعيداً عن اجراءات المحاكم الطويلة وتحسباً لرفضها في المحكمة العُليا، فضربت عرض الحائط أولا بحق "حرية التعبير" وهو حق "أساسي" لا يرقى أبداً للحق "الفردي"، وكانت أولى ثمار فوضى "التغيير" أن جامعة ولاية نيويورك فصلت الطالب وين ستيفنز، بعدما نشر مقاطع فيديو على "إنستغرام" ذكر فيها أن "الرجل رجل والمرأة امرأة. الرجل ليس امرأة والمرأة ليست رجلا". وحسب عميد كلية التربية فإن موقف الطالب يخالف قانون الولاية بشأن الكرامة لجميع الطلاب. وكتب العميد في رسالته إلى وين ستيفنز بخصوص فصله من الجامعة: "إن ذلك (ما قاله على إنستغرام) يشكك في قدرة الحفاظ على بيئة تحمي الحياة الصحية العقلانية والعاطفية لجميع الطلاب".
تم إرسال نسخة من رسالة فصل ستيفنز بالبريد الإلكتروني إلى جميع طلاب وموظفي الجامعة، ويتلقى ستيفنز تهديدات من أصحاب الكرامة وأنصار الحياة الصحيّة العقلانية والعاطفية، ولن يعود إلى الدراسة إلا بعد إزالة الفيديو من شبكة التواصل الاجتماعي، وحضور دورات تدريبية خاصة لإعادة التربية. إلاّ أن الشاب رفض "إعادة التربية هذه".
ما حدث لوين ستيفنز سيحدث لأي طالب أو مواطن أميركي، خلال فترة إدارة حسين/بايدن، يعتقد أو يتجرأ ويقول علانية "الرجل رجل والمرأة امرأة، والمرأة ليس رجلا والرجل ليس إمرأة". فهل سنواجه في أميركا محاكم تفتيش تُحاكم الموظف وتفصل الطالب وتطارد القانونيين وتصادر الكتب وتحارب المفكرين الذين يؤمنون بما خلقته الأرض ومعترف به لتجانسه مع قوانينها، ويرفضون فوضى "تغيير" حسين/بايدن.
من المعروف أن أي كاريكاتور أو فيلم أو رأي ضد تعاليم الاسلام وأقوال رسوله تسببت في مظاهرات عنيفة وإغتيالات وحرق سفارات أميركا أو حصارها، وتهديد بقتل أو قتل من ابتكرها، فماذا سيحدث لو استخدمت الولايات المتحدة "انتهاك حقوق مجهولي الجنس" كوسيلة ضغط على الدول الإسلامية لتمرير صفقات سياسية أو حماية نظام من السقوط؟
هل سيكون على النظم الإسلامية المؤيَدة من الولايات المتحدة قمع مقاومة المسلمين لرؤية حسين/بايدن للعلاقات الجنسية والزواج وحرية التحول الجنسي تماشياً مع فلسفة very interesting الأميركية وليس ضرورة أحياناً؟ هل سيقبل الأزهر وملالي طهران وطالبان وجماعة بوكو حرام تجاهل ما ورد في القرآن والأحاديث واستحداث مادة "التسامح مع المثليين" والترخيص لأي مأذون بعقد زواجهم أو زواجهن؟ هل تغيّر الدول الإسلامية مناهج تعليمها لتأهيل تلامذتها بعد غسل أدمغتهم بواسطة فقه حسين/بايدن للتفكير في تغيير جنسهم أو توجههم الجنسي؟
الأدهى من ذلك هل تتبنى الولايات المتحدة مرشحاً متحولا أو مثلي أو مزدوج الرغبة الجنسية لمساعدته في الوصول إلى حكم بلد إسلامي؟ وهل سيصمت الشارع الإسلامي؟
لا يستطيع أي متحضر إنكار حق المتحولين جنسيا والمثليين وذوي الميول المزدوجة في العيش بدون تهديد، لكن منطق قوانين الحياة يقول بعدم معقولية تغيير تعريف الزواج أو السماح لهم بالزواج والتمتع بنفس حقوق رجل وامرأة متزوجين، لأن ذلك ضد قانون ثنائية الطبيعة وهو مصدر الحياة وضد الحقوق الإنسانية الأساسية، وعكس كل أعراف وثقافات الحضارات.
ما يريد حسين/بايدن فرضه على أميركا والعالم يستحيل أن يكون حق من حقوق الإنسان الأساسية لأنه أمر فردي بحت وأصحابه يعرفون تماماً أنه خطأ، ثم أنه لن يُصلح أحوال البشرية بل سيؤدي إلى المزيد من الترهل ونشر الامراض الجسدية والسلوكية التي ستقوض المجتمعات والدول الغربية، فعندما تصبح الأفكار القومية سببا لإنقسام المجتمع ينهار.
قوتان عظيمتان تعملان بقوة وتتربصان سقوط الحضارة الغربية؛ الصين والمتأسلمون. كلاهما نظام حديدي يسحق ما أمامه، والمؤكد أن تفوز الصين بحكم العالم لأسباب صناعية واقتصادية وتقنية وعسكرية ومالية ومعلوماتية ومركزية صناعة القرار، إضافة إلى امتلاك مفاتيح صناعة الوباء والدواء والحروب السيبرانية، ولأن ما يملكه المأسلمون سينهار قريباً بتقدم العلم ونشر المعرفة عالمياً في أي بيت، ولن يستطيعون بالتالي حكم العالم كما حكموا أجزاءً كبيرة منه خلال 14 قرن ونصف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بكين تفرض قواعد جديدة في -بحر الصين الجنوبي-.. واعتقال كل من


.. المتحدث باسم اليونيسيف يروي تفاصيل استهداف الاحتلال أطفال غز




.. مأساة إنسانية في غزة.. أكثر من 37 ألف قتيل ونصف مليون تُحاصر


.. مسؤول إسرائيلي لـ-أكسيوس-: حماس رفضت مقترح بايدن لتبادل الأس




.. سرايا القدس: لا نعلم إن كانت المعاملة الطيبة مع الأسرى ستستم