الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شكرا للقلوب الرحيمة الراحمة لمواجهة القوتين الناعمة والغاشمة !!

احمد الحاج

2021 / 3 / 9
المجتمع المدني


سلال التكافل الاجتماعي
مساهمة طيبة غاية في الانسانية ظهرت في العراق قبل أيام قلائل بالتزامن مع حظر التجوال الاخير، المطلوب تشجيعها واسنادها وتعميمها حتى تصيرعرفا مباركا وسنة حسنة بين الناس من زاخو الى الفاو ...!
المشروع ببساطة عبارة عن وضع سلال أمام محال الخضار والاسواق التجارية والمحال الغذائية مكتوب عليها " ضع بعضا من ما تتبضع به هاهنا لمساعدة العوائل المتعففة " ليضع ما يجود به الخيرون بعضا مما يشترونه داخلها فتكون بمثابة مساعدة للعوائل الفقيرة وما اكثرها حاليا في العراق بظل ظروف الحجر الصحي وحظر التجوال وارتفاع اسعار صرف الدولار وانخفاض قيمة الدينار و- غياب الحصة التموينية - وارتفاع بدلات الايجار وما رافقها من ركود وتضخم وبطالة خانقة ، لتكون بمثابة سنة حسنة من سنن التكافل الاجتماعي بين شرائح المجتمع كافة ومن غير مَن ولا اذى ولارياء ريثما ينجلي غبار الازمات المتلاحقة التي اصابت العوائل العراقية الفقيرة بمقتل !
.................
المشردون وأطفال الشوارع بحاجة الى قلوب رحيمة وأكف حانية !
اكتب هذه السطور حتى لايحرقهم الواقع الاليم كما أحرق"بائعة الكبريت" من قبل واقول إن
اطفال الشوارع ، أو"الاطفال المشردون " هو مصطلح يطلق على أطفال من كلا الجنسين بعضهم دون سن التمييز وبعضهم في سن المراهقة ولما يبلغوا الـ 18 عاما بعد ، اطفال بعمر الورود إما أنهم قد تشردوا تشردا كليا مع عوائلهم بسبب الكوارث الطبيعية والحروب الدولية أو الاهلية والمجاعات والنكبات التي عصفت بمناطقهم فصاروا يفترشون الارض ويلتحفون السماء ، أو انهم اضطروا الى سكنى العشوائيات وبيوت الصفيح والطين والهياكل والمقابر والابنية المنهارة وخيام النازحين والمعسكرات المهجورة ومناطق التجاوز ، ونحوها ...وإما انهم متشردون جزئيا ، بمعنى ان يخرج الطفل - ذكرا كان أم انثى - من المنزل المتداعي اسريا وعاطفيا ومعنويا وماديا الى الشارع ليتسكع على الارصفة وفي المقاهي والحارات حتى ساعة متأخرة من الليل ومن ثم يعود الى ما يسمى " منزله " وما هو بمنزل ولا يحزنون،انه وفي حقيقة الامر اقرب ما يكون الى بيت العنكبوت حيث الكل يأكل الكل خلف جدارنه الايلة للسقوط وتحت سقفه المنهار بما لايقيهم من برد ولا يحميهم من حر ، والكل يظلم الكل ، الكل يقسو على الكل ، يعود الطفل المشرد الى هذا -المأوى - لينام فقط حتى من دون عشاء ، بل ويحرص اشد الحرص في بعض الاحيان على عدم ايقاظ اي من نزلائه وان كانوا من اشقائه وشقيقاته خشية ان يتعرض الى الضرب والاهانة والشتيمة والعراك وربما - الى اشياء اخرى خادشة للحياء حتى من اقرب المقربين اليه - هذا البيت العنكبوتي لا مكان فيه للرحمة ولا للتراحم الا مارحم ربك ، حيث لاعطف ولا حنان ، حيث زوج أم عاطل وكسول مصاب بالاكتئاب وقاس جدا ، حيث زوجة أب شرسة معقدة نفسيا هي اقرب الى الجلادين والمعذبين والساديين منها الى الادميين ...حيث اب مدمن على الخمور والمخدرات لايدري ، ولا يريد ان يدري ما حل ويحل بالذكور ولا بالبنات ويكاد يكون عبارة عن حطام بشري متبلد المشاعر والاحاسيس ...حيث أم فوضوية وعبثية سليطة اللسان لا رابط يجمعها بأولادها وبناتها قط ، قد تكون مطلقة، ارملة ، وحتى عزباء وبعض من تعولهم هم ثمرة علاقات ونزوات عابرة ومشبوهة ..او عائلة فقدت معيلها الوحيد بمرض عضال اقعده عن الحركة والعمل كليا ، او بوفاة هذاالمعيل من غير تقاعد ولا رعاية اجتماعية ولاسكن ولا تعليم ولا تربية ولا كفالة ولامساندة اجتماعية تذكر، فتفككت العائلة وتشرد ابناؤها وباتوا شذرا مذرا كل منهم يبحث عن لقمة عيشه بنفسه غير أبه بالاخرين وسط هذا المجتمتع مدلهم الخطوب ، وقلما تجد عائلة تضم عددا كبيرا من الاطفال المشردين خارج هذه الدوامة القاتمة وكأنها فوهة بركان وثقب اسود،وهناك ما يعرف بالتشرد الكلي الانفرادي ، بمعنى ان يهرب الطفل نتيجة المعاملة القاسية من احد الابوين او كليهما ، او من زوجة الاب ، او من زوج الام ، وقد يطرد من المنزل بكنف هذه العوائل والاسر المفككة الفقيرة المعدمة ، ولايعود الى منزله ابدا فيعيش حياته كلها في الشوارع وهنا واذا ما كان حظه عاثرا فستتلقفه عصابات الجريمة المنظمة بأنواعها ، منهم من تتلقفه عصابات الاتجار بالمخدرات للترويج والتعاطي ، أو عصابات التسول ، او عصابات النشل والسرقة ، او عصابات الاتجار بالبشر فتحيل الفتيات الجميلات والذكور الوسيمين منهم الى مواخير البغاء والدعارة ..فيما تستخدم الاطفال المعاقين والمشوهين في الكدية مقابل تأمين السكن والمأكل والمشرب ..كذلك الاطفال اقوياء البنية فأنهم يتحولون على يد هذه العصابات الى النشل والسرقة وربما القتل والارهاب ايضا ..وقسم منهم يتحول الى - قطع غيار - على ايدي عصابات الاتجار بالاعضاء البشرية !!
الى وقت قريب كنت اظن واهما بأن مثل هذه الحوادث نادرة الوقوع بإمكانك ان تشاهدها في احد الافلام الهندية مصحوبة بالاغاني والموسيقى الجميلة ..او في بعض الافلام العربية..الا انك وحين تسير في الشوارع العربية والعراقية والشرق اوسطية اليوم ويقع بصرك وعلى مدار الساعة على مئات الاطفال المتسكعين في الشوارع بعيدا عن المدارس والمنازل وفي اي وقت من اوقات الليل والنهار، منهم من يتسول عند الاشارات الضوئية ، ومنهم من يبيع المناديل الورقية امام المطاعم والمقاهي والكافيهات،ومنهم يبيع الشاي او العلكة او السجائر في المتنزهات والمولات وبعضهم امام الكابريهات والنوادي الليلية والحانات وفي ساعات متاخرة من الليل ،منهم من ينام على الرصيف ، لاتملك الا ان تحوقل وتسترجع وتتأسف ليس على حال تلكم الضحايا البشرية التي تعاني الاهمال والتشرد والبؤس والفاقة فحسب بغياب اية خطط وبرامج رصينة لإيوائهم وكفالتهم واحتضانهم وتعليمهم ..لا ..وانما على حال المجتمع الذي ظلمهم كذلك !
عندما كتب الاديب الدنماركي الشهير هانز كريستيان اندرسن ، رائعته العالمية " بائعة الكبريت " وختمها بموت الطفلة الصغيرة من شدة البرد والجوع والتي كانت تخشى من العودة الى منزلها خشية ان تعاقبها زوجة ابيها كونها لم تبع ولا قطعة كبريت واحدة فيما لم يتصدق عليها احد لمساعدتها ولم يشتر احد منها بضاعتها ليفسح لها المجال واسعا ويمنحها جرعة أمل ويشجعها على العودة الى المنزل ولو لم يكن محتاجا للكبريت اساسا ..اضطرها الى ان تشعل اعواد ثقابها واحدة تلو الاخرى لتحظى بدفئها ولو لثوان معدودة ، الا انها ماتت بعد انطفاء عود الثقاب الاخير من البرد ولسان حالها يلعن المجتمع القاسي وكل طغاة وجبابرة الارض وكل ساكت عن قول الحق لكونه واحدا من الشياطين الخرس ، اقول عندما كتب كريستيان هذه الرائعة وختمها بتلك النهاية المأساوية انما كان يريد لفت الانظار الى- اطفال الشوارع ، الى الاطفال المشردين ، الى الاطفال المسحوقين - والى الظلم المجتمعي المستشري ايضا وقد اثر فعلا في طول اوربا وعرضها فيما بعد ..الا ان محاولات ادبية حديثة حاولت ان تضع نهاية سعيدة للطفلة ضمن سياق النص برغم انتهاك حق الكاتب والتجاوز على عمله الادبي ، تمثلت بكفالتها من قبل اسرة ما ..وهذه النهاية السعيدة وان كانت جميلة ومريحة للمتلقي ولاشك ، الا انها افقدت القصة عنصر الاثارة و- العصف الذهني - المطلوب منها، اذ ان النهايات الادبية السعيدة غالبا ما تدعو الى الدعة والاستكانة والاسترخاء والرضا ، فيما المطلوب هو اشعار المتلقي بأنه - مذنب - وانه " واحد ممن اسهم بهلاك بائعة الكبريت " اشعار البخيل انه واحد من - قتلة بائعة الكبريت ببخله - اشعار المحتكر بانه جلاد لبائعة الكبريت بإحتكاره ، اشعار الحاكم الظالم بانه - صنم بلا مشاعر اسهم بقتل كل بائعات الحلوى والكبريت في طول البلاد التي يحكمها وعرضها - اشعار الاثرياء والتجار والرأسماليين ورجال الدين بأنهم كلهم مقصرون في لفت الانتباه الى هذه الشرائح المسحوقة والدعوة الى انقاذها ، إشعار زوجة الاب غير الحانية ببشاعتها وقسوتها وساديتها ..اشعار والد الطفلة الجبان بانه ماسيوشي بإمتياز لايحرك ساكنا ساعة تظلم ابنته اليتيمة امام ناظريه خوفا من - الوحش البشري - الذي اقترن به خلفا لزوجته المتوفاة ..كان لابد من نهاية مأساوية لقصة غايتها - الاصلاح والتغيير المجتمعي - كتلك التي رسمها اندرسون لبائعة الكبريت اولا ، لأنها الحقيقة المرة التي يحاول المجتمع القفز عليها وتجاهلها مغمضا عينيه ..وثانيا لأن العصف الذهني هو الذي سيجعل المتلقي في حالة من الهياج العاطفي والوجداني الذي لن تسكن ريحه الهوجاء سوى بكفالة طفلة مشردة مظلومة كبائعة الكبريت تلك قبل ان تلقى نهاية كنهايتها المفجعة ولات حين مندم ..لا ان تدع المتلقي يخرج من سياق النص مرتاح الضمير ليغمض عينيه على الوسادة وينام ملء جفنيه عن شواردها ..بينما يسهر الخلق جراها ويختصم ..كما يقول المتنبي ..
حتى الان افضل من اسهم بإنقاذ المشردين واطفال الشوارع في العراق ومن دون منازع هو الناشط المدني " هشام الذهبي " الذي بدأ مشروعه داخل منزله الصغير يوم كان يكفل اطفال الشوارع ويشرف على تربيتهم وايوائهم واطعامهم وعلاجهم وتعليمهم حتى زادت اعداد المكفولين لديه وكبر مشروعه وصار مؤسسة كاملة يشار لها بالبنان وتوسعت لترعى المسنين ايضا ..وقد زوج الذهبي بعض ابنائه فيما اسهم بتخريج الكثير منهم في المعاهد والجامعات ونمى مواهبهم ،فجر طاقاتهم ،صقل ابداعاتهم ،اخذ بأياديهم الى بر الامان ، فصار مضربا للامثال وانموذجا يحتذى حذوه على مستوى العراق والوطن العربي ، الا انه و الحق يقال بأن مؤسسة ومشروع الذهبي ليس بإمكانها سوى احتضان عدد قليل ونزر يسير ومحدد من المشردين واطفال الشوارع فيما سيظل عشرات ان لم يكن مئات الالوف منهم خارج دائرة الرعاية والكفالة والحنان والتربية والتعليم ..اطفال مشردون ، الرصيف مآوهم ، والسماء لحافهم ، وحتما ولزاما ان يتم افتتاح دار كبيرة أو عدة دور لإيواء الاطفال المشردين في كل محافظة ومدينة عراقية تدار بأيد أمينة وكفوءة ونزيهة من اصحاب القلوب الرحيمة الراحمة والخبرات المهنية والتربوية المتراكمة .اودعناكم اغاتي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقررة الأمم المتحدة تحذر من تهديد السياسات الإسرائيلية لوجود


.. تعرف إلى أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023




.. طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة


.. تفاعلكم الحلقة كاملة | عنف واعتقالات في مظاهرات طلابية في أم




.. كل يوم - خالد أبو بكر يعلق على إشادة مقررة الأمم المتحدة بت