الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوضاع المرأة العربية بين ضعف تدخلاتها , واستشراف المستقبل .

حسن ابراهيمي

2021 / 3 / 13
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


في سياق رصد بعض المتغيرات التي تعرفها قضية المرأة العربية , تأتي هذه المقالة من أجل وضع الإصبع على جرح عميق امتد عبر التاريخ , ويتعلق الأمر بقضية المرأة في إطار السيرورة التاريخية للحركة النسائية في بعض الدول العربية , وما عرفته من تطور كان نتيجة تدخلها , ونضالها ضد الهينة الذكورية .
معنى هذا أن هذا التطور عرف مدا وجزرا صاحبه تحقيق مكاسب جزئية مست أوضاعها الاقتصادية , الاجتماعية , الثقافية ,والسياسية , عبر ديناميكية , ومعارك خاضتها ضد هذه الهيمنة منذ الانقلاب الذي عرفه التاريخ بظهور المجتمعات الذكورية بعدما كان للمرأة وضع اعتباري مكنها من ممارسة مجموعة من الحقوق فقدتها فيما بعد , أي من الانتقال من المجتمع الأمومي إلى المجتمع الذكوري .
إن هذا الانتقال وما عرفه تاريخه من معاناة خاصة في ظل ظهور الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج ,وتطور النظام الرأسمالي , كل ذلك ساهم في تسليعها , وتبضيعها ,حيث اصبحت منتوجا تهافتت عليه مختلف الشركات , وسوقته في أسواق عالمية , وكان لذلك نتائج مهمة من بينها أنها جنت أرباحا خاصة بعد تدخل هذه الشركات لتطوير وسائل التسويق عبر إشهارات كان فيها جسد المرأة موضوعا للإثارة .
إن هذا التطور لا يجعلنا نغفل بعض الظواهر التي عرفتها بعض المجتمعات عبر السيرورة التاريخية لقضية المرأة بما في ذلك ما اصطلح عليه بوأد البنات كظاهرة سادت في المجتمع القبلي في العصر الجاهلي ,ومعاناتها في ظل سيادة أعراف , وتقاليد قبلية أساءت للمرأة العربية بل شيئتها أحيانا .
كما لا تفوتنا الفرصة للإشارة باقتضاب إلى معاناة المرأة في العصر الأموي , والعصر العباسي , وما تلى ذلك من معاناة جسدتها مجموعة من القوانين كرست التمييز , حيث لم تنصف المرأة , وظلت مجموعة من الأعراف مصدر قوانين مجحفة في حق المرأة إلى اليوم .
لا ينبغي ان نفهم من خلال هذه التوطئة انه ينبغي فهم الحاضر من خلال الماضي , بقدر ما نود فقط تسليط الضوء على البعض من جوانب قضية المرأة العربية من خلال الإشارة إلى بعض الأزمنة التاريخية , وما تضمنته بعض الوقائع , والاحداث التاريخية من أزمات انعكست سلبا على قضيتها , وتمظهرت هذه الأزمات في علاقات اجتماعية , تبدت في علاقة الرجل مع المرأة , وكيف ساهمت منظومة قيم المجتمع في إنتاج وعي اتجاه هذه المرأة بل تبدت هذه العلاقات من خلال وعي اكتسبته المرأة نفسها اتجاه نفسها, وما نجم عن ذلك من تنميط هذا الوعي في قوالب جاهزة تعيد انتاج نفسها في سيرورة التفاعل بين مختلف العلاقات ,وفي ظل بنى تقليدية حافظت على نفسها إلى اليوم .
في ظل هذا الشرط التاريخي نرصد العنفين المادي , والرمزي الذي مورس في حق المرأة تاريخيا بفعل الهيمنة الذكورية التي كرسها تطور النظام الرأسمالي , هذا العنف مورس على المرأة أحيانا بشكل مباشر , لكنه مورس عليها ايضا بشكل غير مباشر .
ولعل هذه التوطئة تدفعنا إلى استحضار ماتعاني منه المرأة من عنفين مادي , ورمزي مباشرين في بعض الدول العربية كالعراق , سوريا , و اليمن , وما تتعرض له مثيلتها من عنفين مادي ورمزي غير مباشرين في بعض الدول العربية الاخرى كمصر , تونس , والأردن .
هذا ,وإذا كان من بين نتائج هذا الوضع اغتيال بعض النساء , تشريدهن ,وتهجيرهن في بعض الدول , فإن من بين نتائجه تجويعهن في دول أخرى , وتكريس التميز بين الجنسين في إطار مجتمعات تتوق إلى الديموقراطية , وتحقيق المساواة .
معنى هذا أن هذا الوضع يكرس دونيتها بحرمانها من الشغل , وما ينجم عن ذلك في الاستمرار في تفقيرها , ومنعها من الانخراط في علاقات وفقا لقاعدة مادية تمكنها من النجاح فيها كعلاقة الزواج أحيانا , وما يترتب عن ذلك من منعها من تحيق الشرط الانساني .
في نفس السياق فإن المرأة في هذه الدول على الرغم من التقدم الذي حققته بعض الحكومات فيما يتعلق بتمدرسها , فإنها بسبب السياسات التعليمية في بعض الدول مازال الحق في تعليمها يطرح العديد من المشاكل , بعدم تمكين البعض منهن من الولوج إلى المدرسة لأسباب مختلفة منها ما يتعلق بعدم تدخل الدولة لتوفير البنيات التحتية كالمدارس , ومنها ما يتعلق بالفقر الذي تعاني منه بعض الأسر الشيء الذي يمنعها تمدرسها , وما يترتب عن ذلك من منعها بشكل من الاشكال من اكتساب معارف تمكنها من الانخراط في المجتمع كامرأة منتجة .
من جهة أخرى تعاني المرأة من منعها من الاستفادة من حقها في الخدمات الصحية مجانا بسبب ضعف هذه الخدمات في هذه الدول بسبب عدم تواجد المستشفيات في المناطق النائية , وعدم قدرة البعض من هذه الدول على توفير الاطباء المختصين في بعض المناطق بسبب ضعف الاعتماد الذي يرصد سنويا لهذا القطاع .
ولهذا السبب سجلت بعض وسائل الاعلام , ورصدت مشاكل مختلفة كان من بينها تسجيل وفيات في بعض الدول قأ قصى حد يمكن أن يترتب عن ضعف منظومة الصحة فيها. .
أيضا تجدر الاشارة إلى عدم تمكين المرأة من حقها في السكن اللائق , وما يترتب
عن ذلك من تفاقم المشاكل ذات الصلة بهذا الجانب .
هذا وعلى الرغم من التطور الذي عرفته الحركة النسائية في هذه الدول من حيث ارتفاع عدد المنظمات التي تتدخل من أجل الدفاع عن حق المرأة , إلا ان تدخلها ما زال ضعيفا ,ولا يمكنها من تحقيق انتظارات النساء في مجتمعات متخلفة ما زالت تعاني من ارتفاع نسبة الامية , والجهل مما يعرقل ضعف تدخلها , ويضعفه , ويشكل عاملا من بين العوامل التي تمنعها من ممارسة الضغط على حكوماتها للحفاظ على المكتسبات التي تحققت بفعل السيرورة التاريخية لتدخل المرأة نفسها ,ونضالها ضد الهيمنة الذكورية من اجل تحقيق المساواة , يضاف إلى ذلك ضعف تدخلها في اليسار ,وعدم قدرتها على ممارسة التأثير, والضغط عليه , ودفعه للضغط على حكوماتها لتحقيق مكاسب أخرى , بل تراجع اليسار نفسه فيما يتعلق بتنظيم ,وتأطير الشعوب العربية بشكل عام , مما يفقد ها القدرة على التدخل بل التخلي عن مكتسبات تحققت لصالحها عبر امتداد التاريخ .
لهذا ما زال أمام المرأة العربية مشوار طويل , كما انه ملقى على عاتقها العديد من المهام لابد من إنجازها من أجل التغلب على انسداد الأفق , وتغيير العديد من القوانين لصالحها في أطار النضال الديموقراطي التدريجي من أجل تحقيق المساواة في هذه المجتمعات , إذ عليها المزيد من التكتل , ونشر الوعي في صفوف النساء بالانخراط في جبهة عربية إلى جانب الرجل من أجل القضاء على التمييز ,وتحقيق أفق واعد يستجيب لتطلعات المرأة , ويحقق كرامتها , ويحقق المساواة في هذه المجتمعات . .
,








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهادات لأسرى محررين تعكس سوء الأوضاع في السجون والمعتقلات ال


.. الإعلامية دانيا جمال




.. الناشطة المدنية ورئيسة مجلس إدارة منظمة هيروديت للتنمية المس


.. رئيسة منظمة مراس للتنمية بسمة الورفلي




.. لوحة الرحلة الأخيرة