الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة سيدة الديمقراطية والحريات

صليبا جبرا طويل

2021 / 3 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الثورة لا تعني فقط تحطيم القيود التي تكبل الجسد، بل العقل والروح ايضا. ما لم تحرروا ذاتكم ستبقون عبيد مضطربين تملؤكم الاوهام في الحياة، للموت صيرورتكم اقرب.



أبدأ مقالي بطرح السؤال الآتي: "هل المعرفة خطيئة؟ أم الجهل خطيئة؟ ". اعداء المعرفة حتما سيناصرون الجهل ويثورون، لان فضاء عملهم يكون اكثر اتساعا ورحابة، يحتاج الى جهد اقل لبسط سيطرتهم على اتباعهم، فتتم غاياتهم المشبوهة برتابة مملة بليدة. مناصري المعرفة حتما هم ايضا سيثورون، يحاربون الجهل بقوة، فضاء عملهم يحتاج لجهود جبارة، واصرار، ومثابرة على تغيير المجتمع ثقافيا، وفكريا، واجتماعيا، وسياسيا... الخ من اجل استنهاضه. العنف قد يبرز بين الطرفين المتناقضين ، اغلب الاحيان يكون العنف ردا غير مبرر، بسبب تغيب الحكمة والمنطق. أُم الخطايا تجهيل المعرفة، تفريغها من مضمونها أُم الموبقات. لذلك يحتاج البشر الى سلسلة من الثورات دائمة الحركة والتجدد، مستمرة لا تتوقف، تنتقل من جيل لأخر، الثورة التي لا تدفع الى التغير هزيمة للجميع، وثوارها اشبه بفزعات منسية في الحقول، عوضا عن ابطال يقاتلون في ميادين الحياة.

الانسان يعيش حياته من خلال سلوكه النابع من تفكيره، تفكير يتأرجح بين بدائية الحياة وعصريتها، المعاصرة لا يمكن استيعابها بشكل دقيق، ما لم ندرك بأنها لا تلزمنا بالتطور العلمي ومنتجاته الاستهلاكية فقط، بل بثقافة منفتحة على كل الثقافات المختلفة المنتشرة في كل زاوية من زوايا الارض، الخوف من الانفتاح معناه هشاشة ثقافتنا وضحالتها، الانكماش الثقافي دليل عجز فكري يخلوا من ابداع، البعض يرى المستقبل صورة قاتمة ضبابية قادمة من الماضي، أؤكد بان ليس كل ما وصلنا من الماضي رديء. معظمنا يعلم أن الحدود بين الدول مجرد خطوط، لا وجود لها في الواقع الا على صفحات كتب الجغرافيا، العالم منفتح على ذاته لا يمكن الهروب من هذه الحقيقة، ولا يمكن تجاهلها. فالتطور المطلوب يأتي كمحصلة ثورية تهدف الى تغير اسلوب الفكر والحياة، والا انهزم الانسان داخليا. الاستهتار بالتغييرات الثورية لا مكان له الا في عقول البسطاء ومتحجري الفكر، الذين لا يعترفون بقدرة الوسائل الاعلامية، والشبكات الاجتماعية الالكترونية المتسارعة على مناقشة الوقائع واظهار الحقائق، بالرغم انها سلاح ذو حدين يحمل نقائض تحتاج الى تمحيص وتفسير.

اينما كنت تعيش، في دولة متحضرة أو في دولة تحتضر، فانت تحتاج الى ثورة دائمة، ثورة تعيش في ذاتها المتحررة من عبث الفكر المهيمن للسلطات الحاكمة، واسلوب المعيشة المستخف بفلسفة الحياة . فالنزاعات البشرية، لن تنتهي ما دام هناك طبقات، واقتصاديات، ومناصب، ومسميات، واختلافات...الخ، لذلك سيبقى الرد دائما " ثورة " . القوى المهيمنة (الدول العظمى) هي المدبرة لمعظم الامور في العالم، ان لم يكن كلها، في اوطانكم احذروا هذه القوى المارقة، والسلطات التابعة لها، فما اكثر اكاذيبها ومنوراتها وحججها وتفسيراتها، كل ما يعنيها ذاتها، مصالحها فوق كل الاخلاقيات، مفرداتها، وافعالها تعمل على حفر قبورنا بنعومة.

دائما هناك مشهد، صور، اشخاص، مكان وزمان. كلها تصنع الحدث المهم، الاقوياء يقررون من هو مذنب ومن هو بريء، في مجتمعات الفكر القبلي، والديني، والايديولوجيات القمعية التي تسيطر عليها تخلق الحوافز للانحدار وعدم انسجام المجتمع، يعني اطلاق المارد من قمقمه، وبدا عملية الانفجار، ليتدحرج بعدها المجتمع وينزلق بالتالي الوطن كله، النتيجة هي سقوط الجميع في هوة سحيقة، بها ومعها يصبح الموت والخراب والدمار سادت الموقف، فتموت الانسانية في الانسان، لينموا بعدها نظام اكثر سطوة، ودموية يبني ذاته على آلام المواطنين. العنف يعيد خلق نظام اشد قهرا وسطوة. هذه الدول الوليدة الناتجة من تدخل الغرباء لا تبنى على سواعد وفكر مواطنيها، لكنها تبنى مسنودة على اكتاف من قام بدعمها، للأسف عالم اليوم لا يبنى من داخله بل تبنيه مصالح السياسات الخارجية للدول القوية.

الصدمة، هي وقوع مصيبة لم نكن مستعدين لها، تأتي فجأة ، وتترك فينا جروح لا تندمل، أسوئها التي تأتي من مراكز الامن والنظام والقانون في الدولة . جاهزية الدولة تكمن في منع كل ما من شأنه ان يوصل المواطنين الى هكذا مأزق. الكراهية المتنامية بين الحاكم والمحكوم، وبين الاختلافات المتنوعة في المجتمع، تستنزف طاقات الانسان اكثر مما يفعل الاحترام والود والحب. لذلك يسقط المجتمع في دائرة العنف. انها ثورة اصحاب حقوق منقوصة مغيبة، امام من لا يقدر الواجبات المقدمة بالكامل، ثورة ضد الانظمة التي لا تساند كرامة الانسان وحرياته. عندما يقع المحظور، تتدخل دول خارجية تشارك النظام في استئصاله، تدخلها يناسب مصالحها. الاخطاء لا تصحح بالموت، فلو أمكن الانسان ان يعود من الموت لغير رائيه، وقال الصواب، افتراض كهذا يعني فشل بعض البشر فهمهم لقيمة الحياة ومعناها الازلي في ان يحيوها بحرية وبكرامة.

الديمقراطية شُوه تعريفها وممارستها، الثورات لم تنتهي، العناصر الملهمة المثيرة لها لم تتغير عبر الزمن، المستضعفون كثر. ثورات ناضجة تخلق التغيير هو ما يحتاجه البشر،. ثورات لا تعيد انتاج أو استنساخ أنظمة قديمة، ثورات على كل الايديولوجيات التي تعسكر في العقول وفي النفوس، اهمها تلك الدول التي تخنق شعوبها باسم الدين، الدين له هدف سامي عالمي واحد، وان اختلفت الاديان فان الاعمدة التي تقوم عليها هي المحبة والتسامح والسلام، وما يتعداها صنيع بشر. كما ان الانسياق وراء كل تحليل يقود الى فهم مغلوط يرتد على افعالنا كبشر. ما لم يقم المثقفون بالثورات، مثقفون ذوي انتماءات انسانية وطنية حرة لا تسيطر عليها روح المصلحة، بل روح الجماعة، سيستمر دوام البؤس. تخلف الفكر بضاعة نصنعها ونؤمن بصدقها، دون اخضاعها لمنطق أو عقل يناسب الزمان الذي نعيشه. للحريات وللديمقراطية معاني وصور، أن كانت محتوياتها غير واضحة، فأنها تخفي ورائها أفعال خسيسة نذلة. لذلك نحتاج الى ثورة على كل من يجعل من الدين والمال وحياة البشر وحرياتهم رهينة بين يدي الديكتاتور. الثورات التي حدثت في الماضي ما زلنا نعيش ظروفها وصعوباتها علينا ان لا ننسى ان صور الفقر والجهل والمرض في الماضي يختلف عنه اليوم، لكنها موجودة ترقص امام اعيننا مهددة بالانفجار على كل من تسبب ببؤسها.

الثورة التي تبعث الخوف والكراهية والاحقاد والالم والموت بين جماهيرها، هي ثورة مستوردة ليست ثورة شعب، بل ثورة مصنعة معلبة خارج الوطن، تهدف التي تدمير وحرق الارض والانسان، هكذا ثورات تقيؤاها. ...... اخي الانسان عندما تنظر في المرآة فأنك تركز لترى ذاتك المتجسدة، وليس روحك العظيمة، لذلك اطلب منك، وكلي رجاء وأمل ان تحطم المرآة لتطلق روحك العظيمة وتعلنها ثورة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إليكم مواعيد القداسات في أسبوع الآلام للمسيحيين الذين يتّبعو


.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم




.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah