الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البكالوريوس والإجازة.. وجهان لعملة واحدة

انيس منون

2021 / 3 / 15
التربية والتعليم والبحث العلمي


كثر النقاش في الاوساط الاكاديمية عموما والجامعية خصوصا حول النظام الجديد الذي سيتم اعتماده بالجامعات المغربية بداية الموسم الجامعي المقبل، بعد ان تم تمديد اعتماد نظام الاجازة سنة اضافية بشكل استثنائي. فبعد المصادقة على قانون الاطار 51-17 المتعلق باصلاح المنظومة التعليمية بالمغرب تلاه مباشرة الاعلان عن اعتماد النظام الانجلوساكسوني عوض الفرنسي والذي اصدرت الوزارة الوصية بهذا الشأن بضع كتيبات تشرح سيرورة الامور وفق هذا النظام الجديد وعقدت اجتماعات مع هيئات مختلفة (والتي اغلبها ليس لها اي علاقة مباشرة بالتعليم الجامعي ولا بكيفية اشتغاله) لكن كل هذا لم يوضح الصورة للمتتبعين للشأن التربوي والمعنيين المباشرين بهذا الأمر (أساتذة-طلبة-تلاميذ) ولا تزال لحد الساعة الرؤية غير واضحة حول كيفية تنزيل هذا النظام وما هي اوجه الاختلاف بينه وبين نظام الاجازة؟ كيف سيحسن من جودة ومردودية التعليم الجامعي العالي؟؟
لعل السبب الرئيسي لطرح كل هذه التساؤلات هو غياب شبه تام للمعطيات حوص هذا النظام (اللهم بعض الخطوط العريضة التي نشرتها الوزارة في كتيباتها او اجتهد عمداء بعض الكليات في شرحها او بالأحرة تأويلها) ما يجعل التفرقة بينه وبين نظام الإجازة لا تتجاوز التفرقة السطحية المتجلية في عدد سنوات الدراسة، عدد الوحدات التعليمية والتركيز بشكل أكبر على اكتساب اللغات والمهارات الشخصية أو المعلوماتية الخ.. لتبقى جملا جوفاء دون متحوى يقدم اجابات لواقع مشاكل التعليم العالي خصوصا. ما يفترض ان المنطلقات والاسباب وراء اعتماد هذا النظام الجديد/المجهول لم تنبع من دراسة موضوعية للجامعة العامة والطالب المغربي بشكل خاص بل من تقارير واملاءات فوقية/خارجية تهدف اهدافا اخرى بدرجة اولى وهو ما سيكون موضوع مقال في المستقبل.

من الناحية البيداغوجية البحتة فان تمديد فترة التكوين سنة اضافية لا يعني بالضرورة ان المكتسبات المعرفية ستزداد لا كما ولا كيفا، فانطلاقا من الوثائق المنشورة من طرف الوزارة يظهر جليا انه ستتم التضحية بوحدات معرفية معينة لصالح وحدات اللغة والمهارات الشخصية، في حين سيتم التركيز على وحدات التخصص حسب الشعبة والمسار الذي سيختاره الطالب الوافد الجديد على المؤسسة ولعل التعليل الذي دفع لمثل هكذا تغيير هو ملائمة متطلبات سوق الشغل الوطنية والدولية، الأمر الذي يجعل سؤالا جوهريا يطرح نفسه بالخط العريض: ما هي مهمة التعليم الجامعي؟ هل هي مهمة تكوين ذات واعية ناقدة باحثة في مجال معين؟ ام اضحت الجامعة ورشة تكوين يد عاملة وموظفين متخصصين في بضعة مهام يومية ولا يعرفون غيرها شيئا؟ انطلاقا من هذا السؤال بالذات يفهم كيف يتم اعتبار الجامعة وسيلة انتاج يد عاملة رخيصة الأجر عقيمة الابداع والنقد وهو ما تثبته التغييرات التي ستطرأ على شعبتي العلوم القانونية والاقتصادية والسياسية.. حيث سيتخرج الطالب ويحمل شهادة بكالوريوس في المهن القانونية والقضائية مثلا، او في تخصص قانون الاعمال ليشغل وظيفة محددة المهام مسبقا. وطلبة العلوم الاقتصادية والسياسية لن يكونو افضل حالا، فعوض خريج علوم اقتصادية تخصص علوم التدبير سيتخرج الطالب في الدراسات البنكية ودراسات التأمين -حاله كحال من تخرج في اجازة مهنية، ليكون الفرق اسم الدبلوم، لا أقل ولا أكثر.-. هكذا اذا سيتم اختزال العلوم (اعتمدنا الأمثلة التي قدمتها الوزارة في وثائقها، بالنسبة للعلوم الطبيعية فلم يتم ذكرها اطلاقا) ومناهجها النقدية في بضع وحدات يتم تلقينها مع اهمال تام للوحدات المعرفية الخاصة بمناهج البحث العلمي وقواعده (هذا الامر ينطبق على نظام الاجازة كذلك).
ان ازمة التعليم العالي العمومي والجامعات العمومية مشكل اعمق بكثير من ان يتم اصلاحه عبر استبدال نظام بآخر كونها نتيجة عدة عوامل متضاربة فيما بينها (نمطية التعليم القائمة على التلقين والحفظ - غياب البنية التحتية - انعدام تام للحس النقدي في المقررات التعليمية...) فحتى قبل تنزيله، ان البكالوريوس محكوم عليه بالفشل كسابقيه من النظم التي يتم اعتمادها بشكل لا يتوافق وواقع التعليم العمومي المغربي. الأكثر من ذلك انه سيساهم في تكريس عيوب ونواقص نظام الاجازة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: الرجل الآلي الشهير -غريندايزر- يحل ضيفا على عاصمة


.. فيديو: وفاة -روح- في أسبوعها الثلاثين بعد إخراجها من رحم أم




.. وثقته كاميرا.. فيديو يُظهر إعصارًا عنيفًا يعبر الطريق السريع


.. جنوب لبنان.. الطائرات الإسرائيلية تشن غاراتها على بلدة شبعا




.. تمثال جورج واشنطن يحمل العلم الفلسطيني في حرم الجامعة