الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا لا يجب ان يدخل رجال الدين المسلمين للمحاكم الاتحادية العليا في العراق

سوزان امين
ناشطة مدنية

(Sozana Amin)

2021 / 3 / 20
المجتمع المدني


ان محاولة اقحام رجال الدين المسلمين عدا انها اجندات سياسية تهدف الى تعميق الطائفية وزيادة الهوة بين فصائل الشعب العراقي المتنوعة , خاصة بعد المطالبات الجماهيرية بابعاد الطائفية عن البرلمان وعن الحكم منذ اندلاع الهبة الشبابية في تشرين 2019 . كانت هي محاولة للاحزاب الطائفية للالتفاف مرة اخرى لبسط هيمنتها وتوطيد ركائزها , وهذه المرة حاولت الدخول من خلال سلطة القضاء الذي وان كان قد طاله الفساد ايضا غير انه باي حال من الاحوال يدعى "سلطة قضائية مستقلة ". فمحاولة اقحام رجال الدين المسلمين من المذاهب المختلفة في سلطة القضاء كانت محاولة يائسة لتشتيت الشعب العراقي وتهميش كل مكوناته بطوائفه واديانه وقومياته المتعددة , فالشارع العراقي كشف امرهم ولم يعد ينطلي عليهم لعبة المحاصصة الطائفة التي تعفنت وفاحت رائحتها الكريهة فصار ولوج رجال الدين في المحكمة الاتحادية العليا أمراًمرفوضاً من كل اطياف الشعب العراقي جملة وتفصيلا لانها محجفة بحق كل المواطنين العراقيين من سائرالاديان والطوائف والقوميات .

ان احزاب اليسار والمنظمات النسوية ومنظمات المجتمع المدني تسعى منذ عقود الى بناء مجتمع مدني على اساس المواطنة لان المجتمع العراقي متعدد المكونات والاديان والطوائف والقوميات , وعلى هذا الاساس يجب ان يكون هناك قانون مدني موحد لكل العراقيين ولكلا الجنسين , بحيث يكون جميع المواطنين متساويين امام القضاء وتسري عليهم نفس القونين . ومن هنا يصبح فصل الدين ضرورة ملحة عن كل سلطات الدولة السياسية والقضائية ويتوجب تعيين قاضيات مستقلات ومتخصصات في حقوق المراة والطفل أو باحثين وباحثات اجتماعيين متخصصين/ات بحقوق الانسان والطفولة لمراجعة وتعديل قوانين الاحوال المدنية وسن وتشريع قوانين جديدة تحمي المراة الطفل وابعاد رجال دين لم يقرأو سوى كتب اكل منها الدهر وشرب , كتب تضفي عليها طابع الذكورية وتصف المراة بالقاصر والعورة وعليها واجب الطاعة والتبعية الكاملة للزوج .

فالمراة في المجتمع العراقي لم تعد قاصرا فهي تتمتع باقتصاد خاص بها وتعليم ومكانة اجتماعية . نريد ارساء قوانين تكرس حقوق المراة ومساواتها بالرجل وحقوق الاطفال , نريد تغيير كل القوانين التي تكرس دونية المراة الى قوانين اكثر مدنية ومساواتية وبوجود رجال دين في المحكمة العاليا سيكون مستحيلا تغييرأي شيء . فتشريع القوانين من خلال كتاب الدين الاوحد القران الكريم وكتب الشريعة والفقه الاسلامي هو اسلمة للمجتمع وتمهيد لتاسيس دولة ولاية الفقيه المرفوضة لدى الشارع العراقي الذي صار يفهم مآرب الطائفيين . كما ان القوانين التي سياتي بها رجال الدين لن تكون بافضل وارحم من القوانين الحالية الغير منصفة بحق المراة والطفولة , ابتداءا من قانون تعدد الزوجات وقانون حضانة الاطفال (المادة 57) وقانون تاديب الزوج لزوجته واطفاله (المادة 41) وقوانين العنف الاخرى مثل عقوبة قتل النساء بدافع غسل العار والعنف المنزلي بحق المراة والاطفال وقانون زواج القاصرات والفصل في قضايا التحرش بالمراة وقضايا الاغتصاب , كلها قوانين رجعية وغير منصفة للمراة والطفل بوضعها الحالي , وهناك عمل مدني من المنظمات في الداخل والخارج تسعى لتغييرها وجعلها اكثر انسانية ومنسجمة مع العصر ومع الحاجات الراهنة للمراة والطفل وبما يضمن لهم حقوقهم وفرص تقدمهم وبالتالي هذا هو تقدم للمحتمع . افساح المجال لرجال الدين للتشريع والفصل في هذه القضايا يعني المزيد من تكريس الاجحاف والظلم الجاري على المراة والطفولة.

ان ولوج رجال الدين في القضاء وفي مفاصل الدولة الاخرى تبعاتها خطيرة على المجتمع , فهم لا ياتوا الى المحاكم الاتحادية وايديهم في جيوبهم , بل سياتون وهم يتأبطون كتب التشريع والفقه التابعة لمذاهبهم . الكتب التي لم يقرأون سواها وهم اساسا غير مهتمين بقوانين التمدن والمواطنة وهنا يكمن الخطر , حلولهم للقضايا الاحوال المدنية سيستلهمونها من اوراق مصفرة لكتب اكلها العث , وقد يشرعون منها قانون زواج الرضيعة والقاصرات والتمتع بالصغيرات باللمس والمفاخذة ... الخ من القوانين المريعة التي تعد جريمة يحاسب عليها القانون في الكثير من الدول المتمدنة .

وحاليا هناك جائحة تسمى بـ "جائحة الظل" الى جانب جائحة الكورونا فالباحثون والمدافعون عن الأطفال يعتقدون أن آثار فيروس كورونا ستضيف 13 مليون زوجة قاصرة في جميع أنحاء العالم ، مما يؤدي إلى تخلي عشرة ملايين فتاة اخرى عن دراستهن الثانوية . هذا عدا الاثار الصحية الناجمة على الفتيات. يقف زواج الأطفال عائقا امام تعليم الفتيات ، اضافة الى المخاطر الصحية والاجتماعية الناجمة عنها من تعنيف وحالات طلاق وتشريد اطفال .
ورغم ان زواج القاصرات ممنوع وفقا للقانون في الكثير من الدول العربية غيرانه ازداد بشكل ملحوظ خارج المحاكم في ظل جاحة الكورونا , فما بالكم لو أصبح قانونأ بنص واضع وفقا للشريعة الفلانية من المذهب العلّاني .

هناك ايضا مسالة اخرى ينص عليها الدستور الحالي وهي مسالة الاسلام دين الدولة الرسمي وهذا ايضا موضوع يجب تغييره , لا يُفهم لماذا يجب ان يكون هناك دين رسمي للدولة ؟ ولماذا يجب ان يكون الاسلام تحديداً ونحن نعرف ان الاسلام له اكثرمن طائفة ومذهب ؟ فهذا الامر ماهو إلا وسيلة للهيمنة وتهميش الناس من باقي الاديان وجعلهم اقليات لا راعتبار لهم . فالدين هو معتقد شخصي للانسان , لذاته , لسلامه الداخلي وعلاقته بربه وبما انه مقدس لايجوز المساس به عند المعتقدين به فالافضل له ان يبقى بعيدا عن الدولة وخاصة عن القضاء وقوانينه التي تحتاج الى تعديل مستمر وتغيير في مفاصله بما يتماشى مع الاحتياجات الآنية للمجتمع لذلك يجب ان يكون بعيد كليا عن كل السلطات . كما انه لايمكن ايضا ان يطبق كل جماعة تعليمات دينه على مجموعته فهذا يعمق الهوة بين مكونات الشعب العراقي وما يترتب عليه من تمييز وتهميش اكثر للاقليات والغاء لمفهوم المواطنة , هذا بالاضافة الى انها تؤدي الى اشكاليات كبيرة , فاذا فرضنا ان شخصين من ديانتين مختلفنين تحابا وارادا الارتباط ببعضهما , فاي دين وأي شريعة وأي مذهب سيوافق على ذلك دون وضع شروط وعوائق أمام هذا الارتباط ؟ إذاً هنا يتجلى ضرورة واهمية سن قوانين مدنية في مجتمع متعدد الاطياف والخلفيات الدينية . باختصار نحن نريد ان نبني عراق متمدن مزدهر ينعم فيه جميع الناس بالحقوق والحرية بشكل متكافيء ودون اي نوع من التمييز فالحرية والمساواة هي اساس ازدهار المجتمعات وتقدمها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تفرج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين عند حاجز عوفر


.. الأونروا تحذر... المساعدات زادت ولكنها غير كافية| #غرفة_الأخ




.. الأمم المتحدة.. تدخل الشرطة في الجامعات الأميركية غير مناسب|


.. تهديد جاد.. مخاوف إسرائيلية من إصدار المحكمة الجنائية الدولي




.. سورية تكرس عملها لحماية النازحين واللاجئين من اعتداءات محتمل