الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انجاز المصالحة الوطنية أولى من المهرجانات الصاخبة .

يوسف حمك

2021 / 3 / 22
القضية الكردية


المآسي و المواجع في أغوار نفوس الكرد – مكتملٌ نضجها – لعنتها تلاحقهم منذ الأزل .
و الزمن صادقٌ بوعده ، للحرص على إيذائهم في كل العصور .
و الغدر قطع على ذمته عهداً ، بعد إبرام عقدٍ مع الطواغيت و الأشرار في كل الأصقاع ، ألا يهجرهم في قضاياهم الجوهرية ، كما نقل الشجون إلى قلوبهم .
و صفعة الخذلان على وجوههم في تتابعٍ بلا انقطاعٍ . و كلما لاح لهم بريق أملٍ مختمرٍ ، أوشك بالانفلاق في عقر انتظارهم الطويل ، بادروا لضرب عنقه بمقصلة وأد الأحلام ، فينحدر المبتغى صوب الفناء .

و لأن الوجوه المندثرة بملاءة المكر تسقط أقنعتها ، فور إلحاح المصالح ، فإن الآمال المنتظرة قدومها تطير في مهب الريح ، كلحظةٍ عابرةٍ تمر بعجالةٍ ، و في المسائل الحاسمة تتراجع خلفك متنصلةً بوعودها . فيبقى حق الكرد الراسخ في قلب التاريخ رجوعه مؤجلاً .

أزمة وعيٍّ - غير قادرةٍ على تجاوز نرجسية رموزهم - مجبولةٌ بثقافةٍ ماضويةٍ ، مشحونةٌ بقوةٍ خارجيةٍ . و وجوه سياسييهم تتوارى خلف قناع الوطنية متاجرةً بالقضية و بيعها بدمٍ باردٍ ، مع استعدادها لارتكاب أبشع الجرائم تجاه شعوبها ، و الإفراط في القسوة ، و استبدال الضمير بالخسة و الدناءة .

انقسامٌ حادٌ بين الأطراف السياسية أثقل كاهل الشعب ، و خلافاتٌ عميقةٌ بين القادة استنفدت صبر أبناء الوطن . فكان التشرذم القاتل ، و التشتت المميت ، و التباعد الهالك .
و ناهيك عن الصراع بين أعضاء الحزب الواحد . فحدوث انشقاقاتٍ لهشاشة الترابط الداخليِّ ، و رخاوة الحس المشترك ، و انعدام الديموقراطية ، و هيمنة الرجل الأول في الحزب .
إضافةً للاقتتال بين الأجنحة العسكرية المتناحرة على السلطة و المال و توسيع النفوذ ، كما النظرة الأحادية للقضايا ، و تقديس رؤية الذات ، فتهميش كل ماهو مخالفٌ و اجتثاث الآخر .

ففي خضم الملمات هذه ، و التصدعات بين أطراف الحركة الكردية ، مبادراتٌ دوليةٌ غير جادةٍ تجري للتقارب بين أحزابها ، و التوافق على الثوابت منذ أمدٍ طويلٍ ، و في مناخٍ متوترٍ للغاية .
المباحثات تسير بخطى السلحفاة ، مردودها بعكس النتائج المرجوة .

( الثقة غائبةٌ … و النوايا للمكيدة ناصبةٌ و للطرف المقابل مبتزةٌ … المحاصصة الحزبية أعظم عائقٍ … الدافع الوطنيُّ في قلوبهم ليس له حضورٌ …. و الإملاءات الخارجية لها حصة الأسد … )
بعض المتضررين من التحقيق الوحدة يعقدون العزم على تدمير الثقة و اختلاق العوائق و القلاقل .
و كلما لاح في الأفق شعاع أملٍ ، سارعوا إلى إخماده و الإطاحة بأيِّ تقاربٍ .

تناحر الأطراف المتحاورة سموم خلافاتها تكتم أنفاس الجماهير ، و فشل ممثليها في التفاوض تعصر انفوسهم ، تشنجاتها التقليدية استهتارٌ بالوطن و تقويضٌ لجدية المباحثات ، و الصراع على الموارد المادية و الثروات يدك بنيان العملية التفاوضية ، و إرضاء بعض القوى الإقليمية و الدولية للمفاوضين أولى من بذل المساعي الفعلية لتوحيد الصف الكرديِّ و تحقيق رغبات الجماهير و إيجاد مخرجٍ من الانقسام المقيت .

فجوةٌ عميقةٌ بين مصالح الشعب التي تندرج في لائحة الوفاق و التضامن ، و بين مصالح القادة التي تكمن في التنافر و التشرذم و كبح نفوذ الطرف الآخر ، فالتركيز على الفئوية و الحزبية .

لذا فخيار أبناء الشعب هو تنظيم مسيراتٍ شعبيةٍ حاشدةٍ ، و اعتصاماتٍ ضاغطةٍ على المسؤولين و الرجوع من خلفهم . فصرخات الاحتجاج و التمرد على قادتهم أولى من الاحتفالات الصاخبة ، كما رفع الأصوات الغاضبة عالياً أفضل من الأغاني و حلقات الرقص و التصفيق لأصحاب الشعارات الطنانة .
فتصريحاتهم الخلبية ضاق عليها الوقت ، و لم تعد لجرعات الأمل ذي التركيز العالي أي مفعولٍ .
و الوحدة المنشودة مازالت في دائرة الشعارات تراوح مكانها .
و الجماهير تريد من قادتها أفعالاً ، و لا ترغب سماع عقم خطاباتهم أو القفز فوق خلافاتهم دون تسويتها .

و الطامة الكبرى تكمن في أن الكثيرين من المطبلين غائبون عن الوعي لإفراط حديثم عن المنجزات المزعومة ، و بعض المعجبين مأجورون يقبضون ثمن تصفيقهم . و البعض الآخر يقفون في المنتصف لا يخرجون من صمتهم .
ولا أحد من هؤلاء أو قادتهم يتحمل المسؤولية الفعلية ، أو يأخذ أقواله على محمل الجد .
فكل نوروزٍ و أنتم مطالبون بعدم الجري خلف القادة بعيونٍ مغمضةٍ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل


.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون




.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة


.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟




.. اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط