الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كارل بوبر (1902- 1994)

غازي الصوراني
مفكر وباحث فلسطيني

2021 / 3 / 22
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع



" فيلسوف نمساوي- إنكليزي متخصص في فلسفة العلوم. عمل مدرساً في كلية لندن للاقتصاد. يعتبر كارل بوبر أحد أهم وأغزر المؤلفين في فلسفة العلم في القرن العشرين، كما كتب بشكل موسع عن الفلسفة الاجتماعية والسياسية، والداه يهوديان بالأصل لكنهما تحولا للديانة المسيحية، إلا أن بوبر يصف نفسه باللا أدري، درس الرياضيات، التاريخ، علم النفس، الفيزياء، الموسيقى، الفلسفة وعلوم التربية.
كتاب بوبر "منطق الاكتشاف العلمي" (1934 – الترجمة الإنجليزية في عام 1959) "هو نص أساسي في فلسفة العلم. وهو على علاقة وثيقة، لكنها نقدية بالتجريبية – الحسية المنطقية، وهو مستمد من التقليد التجريبي – الحسي الذي يرجع إلى الفيلسوف لوك، ويتطلب هذا الموقف التجريبي – الحسي صياغة واضحة للادعاءات، واختباراً قوياً لها بغية تعزيز نمو المعرفة.
وظف بوبر نفسه مصطلح المذهب العقلي النقدي للإشارة إلى نظريته، لكنه قال: نحن نستطيع ذلك باستعمال منهج الاختبار الاستنباطي. وهذا يتضمن أن تختبر الفرضيات أولاً تجريبياً – حسياً بعد اقتراحها، وهكذا يجب تمييز السؤال عن كيفية وصولنا إلى فرضية هي مسألة بسيكولوجية، مسألة يمكن توضيحها بالبحث التجريبي – الحسي، نشير هنا إلى ما كان يهم الوضعيين المنطقيين كثيراً هو أن يميزوا تمييزاً واضحاً بين العلم والميتافيزيقا، وعَرَّفوا ذلك بأنه تمييز بين ما يمكن التحقق منه وما لا يمكن التحقق منه، كذلك هو تمييز بين ما له معنى معرفي وما ليس له معنى معرفي، والنقطة المركزية عند بوبر تمثلت في نفيه إمكانية التحقق من الفرضيات والنظريات العلمية، فقد رأى أن إمكانية التكذيب، لا إمكانية التحقق، هي معيار العلم"([1]).
كان بوبر مهتماً "بالتمييز بين العلم والميتافيزيقا، وعرفه بالتمييز بين ما يمكن تكذيبه تجريبياً – حسياً وما لا يمكن تكذيبه، أي: بمقدار ما تكون النظرية مما لا يمكن تكذيبه تكون نظرية غير علمية برأي بوبر، غير أنه لم يدع أن هذا التمييز هو، في الوقت نفسه، تمييز بين ما له معنى معرفي وما ليس له معنى معرفي. وهنا لم يكن بوبر مشاركاً بوجهة نظر الوضعية المنطقية. غير أنه في الوقت نفسه أضاف قائلاً إنه "يعتقد أن نقاشاً معقولاً يمكن حصوله دائماً بين الفرقاء المهتمين بالحقيقة، والمستعدين لأن يسمع واحدهم الآخر"، فقد "وظف بوبر مصطلح "المذهب العقلي النقدي" للإشارة إلى موقفه الخاص وبعلاقته بالتأكيد الذي وضعه للنقاش العقلي وللعقل في ما يتصل بالشؤون العلمية والعملية كليهما، ورأى أن المسألة هي مسألة الحفاظ على اختبار مفتوح نتحدى فيه التكذيب الذي يقول به معارضون يمكنهم أن يفندوا مزاعمنا، وهو موقف معناه أننا لا نناقش بغية "الفوز" وإنما بقصد التعلم، ونظل منفتحين على إمكانية أن يكون الخصم محقاً ويكون موقفنا الخاص خاطئاً، ولدينا ثقة بالاستعمال المشترك للعقل كمساعد للفريقين، ذلكم هو المذهب العقلي عند بوبر الذي يعتمد على ممارسة العقل في نقاش مفتوح"([2]).
في هذا السياق، يقول مؤلفا "تاريخ الفكر الغربي": "ليست منهجية وإبستيمولوجيا بوبر وحدهما المترابطتتين. فهما مرتبطتان بنظريته السياسية، أيضاً، أي: لكي نكتشف الأخطاء علينا أن نشارك في المناقشة الحرة، وللمشاركة في المناقشة الحرة يجب أن تكون لدينا مؤسسات وتقاليد تمكن من ذلك، أي يجب أن يكون لدينا مجتمع مشكل وفقاً لروح العلم. واعتبر بوبر المجتمع الليبرالي المنفتح هو ذلك المجتمع، ففي نظرته إلى العلم، وبكيفية تشكيل ذلك المجتمع، شارك بوبر في النقاش السياسي، كما حصل، على سبيل المثال، في عمله المؤلف من مجلدين والذي عنوانه المجتمع المنفتح واعداؤه (1945)، وهاجم فيه أفلاطون وهيغل وماركس "لافتقارهم إلى الاهتمام بالتعزيز المنفتح والتدريجي للمعرفة والليبرالية التي يفترضها، حيث راى أن هؤلاء الفلاسفة بنوا عقائدهم على أساس واهٍ، وبنوا على أساس ذلك التعصب العقيدي الواهي نظرية في المجتمع تضر بالنقاش وبالتطور الذي يتقدم بالمعرفة. وبذلك كان بوبر مناصراً للتساهل والليبرالية"([3]).
أما كتاب بوبر فقر المذهب التاريخي (1957) فقد كان مكرساً لـ"ذكرى الرجال والنساء الذين لا حصر لهم ومن جميع المذاهب أو الأمم أو الأعراف الذين سقطوا ضحايا المعتقد الفاشي والشيوعي بقوانين المصير التاريخي الصارمة"، ويهاجم هذا الكتاب الأطروحة التي تقول إننا نستطيع أن نتنبأ عن المجتمع ككل، وهي الأطروحة التي أطلق عليها اسم المذهب التاريخي.
وقد أجمل بوبر حجته الأساسية في المقدمة بما يأتي([4]):
1.    مجرى التاريخ الإنساني يتأثر بقوة بنمو المعرفة الإنسانية، ويجب قبول صدق هذه المقدمة المنطقية حتى من قبل الذين يعتبرون أفكارنا، بما فيها أفكارنا العلمية، مجرد نتاج ثانوي لتطورات مادية من نوع أو آخر.
2.    نحن لا نستطيع أن نتنبأ، بمناهج عقلية أو علمية، بالنمو المستقبلي لمعرفتنا العلمية (ويمكن البرهان المنطقي على هذا التأكيد بواسطة الاعتبارات المخطوطة أدناه).
3.    لذلك لا نستطيع أن نتنبأ المجرى المستقبلي للتاريخ الإنساني.
4.    وهذا معناه أن علينا رفض إمكانية وجود تاريخ نظري، أي وجود علم اجتماعي تاريخي نظير علم الفيزياء النظري، إذ لا يمكن وجود نظرية علمية في التنبؤ التاريخي.
5.    لذلك، فإن تصور الهدف الأساسي للمناهج التاريخية .. مغلوط، ويسقط المذهب التاريخي.
إن "الحجة لا ترفض إمكانية كل نوع من التنبؤ الاجتماعي، بل على خلاف ذلك: إنها منسجمة تماماً مع إمكانية اختبار النظريات الاجتماعية – مثلاً النظريات الاقتصادية من طريق التنبؤ بأن تطورات معينة ستحدث في ظل شروط معينة، فهي لا تدحض إلا إمكانية التنبؤ بتطورات تاريخية بالمقدار الذي تتأثر فيه بنمو المعرفة، لذا، نقول إن بوبر لا ينكر أننا نستطيع التنبؤ بعمليات جزئية. وإنما بخلاف ذلك، فقد رأى أن من واجبنا تكوين فرضيات عن المستقبل: نختبرها، ونتعلم من النتيجة، ونعدل الفرضيات، ونتعلم من النتيجة من جديد، وهكذا، وبكلمات أخرى نقول إنه طبق السمات المركزية لفلسفته العلمية على فلسفته السياسية. وكانت النتيجة الحاصلة مذهباً إصلاحياً علمياً تجريبياً متدرجاً"([5]).
 


([1]) غنارسكيربك و نلز غيلجي – تاريخ الفكر الغربي .. من اليونان القديمة إلى القرن العشرين – ترجمة: د.حيدر حاج إسماعيل – مركز دراسات الوحدة العربية – الطبعة الأولى ، بيروت، نيسان (ابريل) 2012 - ص 885
([2]) المرجع نفسه - ص 887
([3]) المرجع نفسه - ص 888
([4]) المرجع نفسه - ص 889
([5]) المرجع نفسه - ص 890








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - prediction not prophecy
منير كريم ( 2021 / 3 / 22 - 15:32 )
تحية للاستاذ المحترم
ادخل كارل بوبر مبدأ قابلية التخطيء للتمييز بين العلم والعلم الزائف وذلك لاستبعاد الماركسية والفرويدية والتنجيم وغيرها من دائرة العلم , والقابلية للتخطيء هي امكانية نقض اسس الظرية كما هو الحال بتخطيء نظرية الاثير ونظرية طبيعة الضوء الجسيمية او الموجية وغيرها بينما العلوم الزائفة لاتقبل تخطيء اسسها فهي فرضيات مطلقة
انتقد بوبر التاريخانية وهي تصور وجود قوانين موضوعية تحكم تطور التاريخ والمجتمع والتنبوء بالمستقبل , التطور الاجتماعي يعتمد على الانجازات العلمية والتكنلوجية ودور المثقفين لكننا لانستطيع التنبؤ بالاكتشافات العلمية والتكنلوجية في المستقبل لذلك لاننستطيع التنبؤ بالمستقبل مقابل هذا نستطيع التوقع لاجال قصيرة لبعض الظواهر بدلا من التنبؤ
شكرا جزيلا لك


2 - ديماغوغية ومخاتلة ولاعلمية بوبر
طلال الربيعي ( 2021 / 3 / 22 - 23:29 )

الاستاذ العزيز غازي الصوراني
للأسف مقالك يبدو وكأنه يتفق مع مساواة بوبر الخاطئة بين العلم ومنهجيته, وكأن هناك منهجية واحدة للعلم, منهجية التكذيب البوبرية. ان بوبر هو احد زعماء استبداد المنهجية وعدو لدود للتعددية المنهجية.
Journal of East -West Thought
THE TYRANNY OF METHOD: A PRAGMATIC
DEFENSE OF PHILOSOPHICAL PLURALISM
Vincent M. Colapietro
http://www.cpp.edu/~jet/Documents/JET/Jet2/Colapietro7-24.pd

وعن كتاب بوبر المجتمع المفتوح (على مصراعيه!) يقول
John Horgan
مؤلف كتاب
Mind-Body Problems: Science, Subjectivity & Who We
https://mindbodyproblems.com/

Everyone said this opponent of dogmatism was almost pathologically dogmatic.
There was an old joke about Popper: The Open Society and its Enemies should have been titled The Open Society by One of its Enemies.

-قال الجميع إن خصم العقائد كان تقريبا عقائديًا بشكل مرضي-
pathological.
كان هناك نكتة قديمة عن بوبر: المجتمع المفتوح وأعداؤه كان ينبغي أن يكونوا بعنوان المجتمع المفتوح لأحد أعدائه-

يتبع


3 - ديماغوغية ومخاتلة ولاعلمية بوبر
طلال الربيعي ( 2021 / 3 / 22 - 23:30 )

واتباع -المجتمع المفتوح- عندنا لا يعلمون ولا يريدون ان يعلموا, فهم صم عمي بكم لا يفقهون, ان مجلة الرأسمالية العالمية نفسها
Economist
في تأبينها لبوبر اعلنت عَلَى الْمَلَإِ ان بوبر كان على خطأ
When Popper died two years later, the Economist hailed him as having been “the best-known and most widely read of living philosophers.” But the obituary noted that Popper’s treatment of induction, the basis of his falsification scheme, had been rejected by later philosophers. “According to his own theories, Popper should have welcomed this fact,” the Economist noted, “but he could not bring himself to do so. The irony is that, here, Popper could not admit he was wrong.”
يتبع


4 - ديماغوغية ومخاتلة ولاعلمية بوبر
طلال الربيعي ( 2021 / 3 / 22 - 23:31 )

The End of Science
https://books.google.at/books?id=81U4DgAAQBAJ&pg=PT67&lpg=PT67&dq=Economist+%E2%80%9Cbut+he+could+not+bring+himself+to+do+so.+The+irony+is+that,+here,+Popper+could+not+admit+he+was+wron&source=bl&ots=uxU-nIuPHE&sig=ACfU3U2HrtLMBHbGlmunkeibbvPlOB9DzA&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwiK1eH2or7tAhVxMOwKHT1gCZ4Q6AEwAHoECAEQAg#v=onepage&q=Economist%20%E2%80%9Cbut%20he%20could%20not%20bring%20himself%20to%20do%20so.%20The%20irony%20is%20that%2C%20here%2C%20Popper%20could%20not%20admit%20he%20was%20wron&f=false
فمن نحن لنكّذب تكذيب مجلة الرأسمالية العالمية لتكذيب بوبر!؟ ولكن أليس عدم اعتراف بوبر بخطأه ينزع صفة العلمية عنه ليصبح شخصا ديماغوغيا ومخاتلا يتلبس لباس العلم او فلسفته؟

مع وافر المودة والاحترام

اخر الافلام

.. المكسيك: 100 مليون ناخب يختارون أول رئيسة في تاريخ البلاد


.. فاجأت العروس ونقر أحدها ضيفًا.. طيور بطريق تقتحم حفل زفاف أم




.. إليكم ما نعلمه عن ردود حماس وإسرائيل على الاتفاق المطروح لوق


.. عقبات قد تعترض مسار المقترح الذي أعلن عنه بايدن لوقف الحرب ف




.. حملات الدفاع عن ترامب تتزايد بعد إدانته في قضية شراء الصمت