الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مدراك وازمة المجتمع المدني الثقافي في العراق

توفيق التميمي
كاتب وباحث في شؤون التاريخ والذاكرة العراقية

(Tawfiktemimy)

2006 / 7 / 30
المجتمع المدني


أعتقد من الواجب ان نهتف ونبارك في جهود مؤسسة مدينة ثقافية ما زالت تصمم على المضي في رسالتها التنويرية.. ومشاكساتها المعرفية.. وتحريك الساكن في المشهد الثقافي والمعرفي.. الذي يحاول ان يرسم ملامحه ويحدد اهدافه ووظائفه في لجة واقع مدجج بالاحتقانات وملغوم بالاحترابات الطائفية والهوس الشاذ للقتل المجاني.
نعم من حقنا ان نهتف لمؤسسة (مدارك) في ما تقوم به من خطوات فاعلة برغم محدودية التأثير وصعوبة الخيار.. مخاضات صعبة في اصدار مجلتها (مدارك) ندوات فكرية ومعرفية محاورها تتصل مباشرة بهموم الواقع وتستشرف الممكنات والبدائل لتغييره او تبديله.. اصطفاف يستحق الثناء والاطراء لمجموعة من الشباب المثقفين والعاملين في حقول البحث المعرفي مع اساتذة اكاديميين في محاولة نبيلة لصناعة دور ثقافي وتأسيس وعي يسهم في تبديد التباس الواقع وضبابية الصورة اليومية للمشهد السياسي.. خطاب يصر على اشاعة روح التسامح واحترام الآخر ومحاولة مد الجسور المشتركة بالحوار والكلام الطيب وانفتاحات الثقافات الوطنية على بعضها البعض ويدرك العاملون في مدارك.. ان مهمات من هذا النوع وفي مثل هذه المرحلة التأريخية الملتبسة.. لا يمكن ان تنجزها مؤسسةكمؤسستهم متواضعة في امكاناتها المالية ويزيد في صعوبة مهمتها جعجعة الاسلحة وتصاعد غبار الموت وغياب العقل وروح التسامح.. وسبات القتل الطائفي المحموم.
تدرك مدارك كغيرها من المؤسسات الثقافية المدنية الاخرى ان نجاح مشروعها المعرفي وتحقيق مهماتها الوطنية وبقائه نابضا وفعالا في رسم مستقبل الوطن وتجاوز محنته الراهنة. يتوقف على ان يترفع المثقفون ( والعاملون في مدارك جزء مهم من نسيج الثقافة الوطنية العراقية الجديدة بعد التغيير) على واقع التشظي السياسي والاستقطاب الحزبي والطائفي.. وينأى عن الاتكاء على احدى المرجعيات السياسية التي قد تؤثر على حيادية النهج الفكري وموضوعية البحث المعرفي لمثل هذه المؤسسات التي عادة ما تبحث في اكثر القضايا والموضوعات اثارة للخلاف والتقاطع والحساسيات.. بموضعية العلم ونهج المعرفة دون سواهما من المعايير او الاعتبارات. وكل ما ذكرناه من معوقات هي صعوبات واقعية قد تهدد المشروع الثقافي بالافلاس او الانضواء تحت مسميات المشروع السياسي وتهرئته الحاصلة. ومدارك واعية لهذه المخاطر وبتخليصه من هذه المخاوف.. وهي تخطو خطواتها المتعاقبة بمخاضات عسيرة لتحقيق رسالتها الثقافية والمدنية الوظيفية. ومن هنا جاء محور العدد الثالث لمجلة (مدارك).. (العنف) تلك الآفة السرطانية التي باتت تهدد عملية التغيير السياسي للدكتاتورية كما تهدد حياتنا الامنة ومستقبل اجيالنا.. وحريتنا الموعودة والمؤجلة.
فاختيار الملفات الساخنة والصميمية هو احد الخيارات التي تجعل مدارك وغيرها امام مسؤولية تأريخية في الاستجابة المباشرة لسخونة الواقع وعدم الجنوح في الموضوعات التي تقيم سدودا منيعة ما بين الثقافة والمجتمع.
والدرس الأخير الذي يمكن الافادة منه في ملف (العنف).. هو الايمان بقدرة المثقف والمفكر على القيام بوظيفته باستشراف الحلول الممكنة لأزمة الواقع على ضوء رؤيته النافذة وبصيرته الثاقبة.. مهما كان هذا الواقع ظلاميا والافق مسدودا.. وثقة الآخرين به معدومة..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمم المتحدة: نحو نصف مليون من أهالي قطاع غزة يواجهون جوعا


.. شبح المجاعة.. نصف مليون شخص يعانون الجوع الكارثي | #غرفة_الأ




.. الجنائية الدولية.. مذكرتا اعتقال بحق مسؤولَين روسيين | #غرفة


.. خطر المجاعة لا يزال قائما في أنحاء قطاع غزة




.. ما الأسباب وراء تصاعد الجدل في مصر بشأن اللاجئين السودانيين؟